2025/11/16 | 0 | 93
القراءة في رواية متعب وأمشي
حين كان.. الحلم هو الطريق - للمؤلف/ أحمد باقر الطويل. الطبعة الاولى :447 1هـ
تصفّحتُ الرواية التي عبّرت عن المؤلف وحياته الشخصية، وما مرّ به منذ سنواته الأولى في حي الرفعة الشمالية بالهفوف، في الأحساء الحبيبة. وقد عرض الكاتب كيف تغلّب على كثير من المنعطفات في حياته، وكيف كافح من أجل الدراسة من خلال الأعمال البسيطة، رغم شدة الحالة الاجتماعية وقلة ذات اليد، متسلحًا بالوعي والدافع الأساسي للحصول على التعليم، ورغبةً في نيل وسام الشرف بشهادةٍ عالية، تمكّنه من الوصول إلى منصب مرموق وقدرة مالية، وتتيح له خدمة أهله ووطنه.
وتنقّل بين المهن: الحدادة، النجارة، والخياطة، وكأنه يبحث عن خبرة ومهنة تكون قريبة من شخصيته وقدراته، وتنسجم مع الشهادة العلمية التي يطمح إلى الحصول عليها.
1- وفي الفصل الرابع: عبّر عن الحلم، مشيرًا إلى أنه حين تتقاطع الحياة مع العلم، يكون الإنسان كمن يدرس وهو يعيد تربية نفسه وتشكيلها من جديد.
النص كما ورد في الفصل الرابع:
مكافأة الحلم.. وثمن القرار
سؤال واحد ظلّ يراودني لأيام، يشغل عقلي كلما جلست وحدي:
هل التحق بالمدرسة المتوسطة الحديثة.. أم أكتفي بالمدرسة العادية مثل بقية زملائي؟
لكن هذا السؤال لم يكن بسيطاً كما يبدو، كان في الحقيقة مفترق طريق قد يغير مجرى حياتي.
في تلك الأيام.. كانت المتوسطة الحديثة مدرسة من نوع خاص، نادرة، لا يوجد منها إلا ثلاث في المملكة كلها واحدة في الرياض وأخرى في مكة، والثالثة في الأحساء، الهفوف.
لم تكن مجرد مدرسة؛ بل كانت مشروعًا وطنيا لإعداد جيل جديد.
شباب يعرفون كيف يمسكون القلم، والمطرقة معا، يتحدثون بالعلم ويشتغلون بالحرفة.
نفس المواد التي تُدرّس في المدارس العادية كانت تدرس هناك.
لكنها لم تتوقف عنده، فكانت هناك دروس إضافية تدرس بكل حماس: الزراعة، الكهرباء، النجارة، الرسم الهندسي، التطبيق المهني التفسير الثقافة الإسلامية.
وكأنهم يجهزونك للحياة، لا للامتحانات فقط٠
والأهم؟ مكافأة شهرية 300 ريال.
نعم.. مبلغ لم يكن يستهان به آنذاك.
مكافأة تشجيعية تمنحها الدولة لمن قرر أن يخوض هذا النوع من التعليم الذي يجمع بين الفكر واليد، العلم والعمل.
بالنسبة لي، لم يكن القرار ترفًا.
عدد أفراد الأسرة ارتفع، صرنا سبعة أولاد وأربع بنات، عشرة إخوة تحت سقف واحد.. والدي ووالدتي يسابقان الأيام لتوفير لقمة العيش.
فکرت: سأتعلم، وأتقن حرفة، وأتلقى مكافأة شهرية تساعد البيت لم لا.
هكذا كان القرار: التحقت بالمدرسة المتوسطة الحديثة، وكان ذلك في بدايات عام 1977م، ومن أول يوم شعرت أننى في المكان الصحيح.
تعلمت النجارة بيدي لمست أسلاك الكهرباء وفهمت أسرارها، رسمت مخططات هندسية زرعت بيدي حديقة صغيرة.. ولم أنس الكتب والواجبات، فقد كنت من الأوائل.
وكان الأجمل أن بعض أبناء عمتي وعمي وأصدقاء الطفولة، كانوا معي.
وجودهم جعل الرحلة أكثر دفئًا، أكثر حيوية، أكثر احتمالا.
لكن كما الحياة لا تسير دائما في خط مستقيم جاء المنعطف.
عام 1978م، بداية الصف الثاني متوسط، قرر والدي الانتقال إلى الدمام بحثا عن فرص أفضل.
هنا بدأت الأزمة.. لا توجد متوسطة حديثة في الدمام!.
لا يحولون طالباً من هذا النوع من المدارس إلى المتوسطة العادية.
الخيار أمامي كان مرا: إما أذهب مع عائلتي إلى الدمام وأعيد السنة من جديد من الصف الأول المتوسط، أو أبقى وحدي في الأحساء بعيدا عن والدي ووالدتي وإخوتي لأكمل مشواري الدراسي. القرار لم يكن سهلا.. لا علي، ولا على والدي.
هل أتمسك بحلمي.. أم أتمسك بأهلي؟
ما الذي قررناه؟
2- وفي الفصل السابع: لخّص ما مرّ به من انتقالٍ إلى شركة أرامكو، حيث بدأت حياته تتغيّر، وبدأت خطواته تتجه نحو المستقبل الذي انفتح فيه باب الرزق والعمل والدراسة.
النص كما ورد الفصل السابع:
الخطوة التي لم تكن في الحسبان
1 ديسمبر 1979م.
دخلت بوابة أرامكو في الظهران كمن يدخل بوابة المستقبل، كنت أظن أنني سأتجه مباشرة إلى المدرسة، إلى قاعات الدراسة، إلى بداية الحلم الأكاديمي الذي طالما رسمته في خيالي.
لكن ما حدث كان صدمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
أوصلني السائق إلى "مبنى مركز تطوير الكفاءات السعودية"، وهناك سلّمني إلى أحد الموظفين المسؤولين، توقعت أن يوجهني إلى المدرسة التي طالما سمعت عنها " مركز التدريب الصناعي ITC "، لكن فجأة.. قال:
اذهب إلى ورشة صيانة التكييف (AC Service Workshop) تجمدت الكلمات في حلقي.
نظرت له غير مصدق: "لكن.. أنا جاي أدرس، أنا على اتفاق مع موظف التوظيف في الدمام، مو جاي أشتغل في ورشة "!
ازداد توتري، وتسارعت أنفاسي، لم يكن هذا ضمن الخطة، في خضم انفعالي لاحظ الرجل ارتباكي، فابتسم وربت على كتفي، وقال ضاحكا:
" اهدأ يا بني، نحن على الاتفاق، فقط ننتظر حتى يتم تجهيز دفعتك الجديدة في فبراير، أنت الآن تعتبر طالب صيف تشتغل في الورشة لمدة شهرين، تستلم مكافأة، وتحتك بالموظفين اللي يتحدثون إنجليزي...وتدخل المدرسة وأنت جاهز".
كان وقع كلماته مثل نسمة باردة في ظهر يوم قائط.
شعرت براحة، ابتسمت.. بل ابتسمت من أعماقي.
خرجت من المبنى باتجاه الورشة، وهناك قابلت أول مشرف لي في أرامكو "روني"، سوبر فايزر هندي الجنسية، استقبلني بحفاوة، وعرفني على بقية العاملين من سعوديين وفلبينيين.
قال لي: " غدًا تعال الساعة السابعة صباحًا، لا تلبس ثوب، فقط بنطلون وقميص، وستبدأ رحلة جديدة معنا".
رجعت في باص أرامكو للبيت، وكأني أملك الدنيا بين يدي.
حكيت لوالدي؛ فرح، بل كاد يطير من الفرح.
ختامًا:
•كتبت هذه الرواية لمن يشبهوني...للذين ولدوا في بيوت بسيطة بين الحنين، والحرمان.
•للذين صنعوا من البدايات المتعثرة سلالم صعود
•للذين مشوا حين تعب الجميع من المشي.
• اقرأ.. وابق على الطريق. لأن المتعب، حين كان الحلم هو الطريق.. يصل.
جديد الموقع
- 2025-11-16 على ثلاث ركائز الثَّرَاءُ التُّرَاثِيُّ في نصوص شعراء شباب عكاظ .
- 2025-11-16 افراح البطيان والبحراني بالهفوف
- 2025-11-16 الاستشارية الدكتورة سارة الريفي : نسب الشفاء من سرطان الثدي قد تصل إلى 99% عند التشخيص المبكر
- 2025-11-16 القراءة في كتاب تقنيات الخيال العلمي
- 2025-11-16 بيني وبين المعتزلة والأشاعرة
- 2025-11-16 الملا يدشن مشروع كساء بمركز بر حي الملك فهد
- 2025-11-16 الدوبامين يجعل الناس أطول صبرًا وأقل اندفاعيةً وأقوى على مقاومة الإغراءات الآنية
- 2025-11-15 الحربي هنأ القيادة على الإنجاز المشرف يعانق فضية التضامن الإسلامي
- 2025-11-15 جنا معشي تتألق بالذهبية في SGiE 2025 بنظام ذكي لمعالجة المياه الرمادية
- 2025-11-15 ٥ مواهب قدساوية ضمن قائمة أخضر الشابات تحت ٢٠ عام