2025/11/15 | 0 | 64
القراءة ومتلازمة ستندال
في عام 1817م زار الكاتب الفرنسي ستندال مدينة فلورنسا الإيطالية ودخل كنيستها الشهيرة سانتا كروتشي التي كانت مليئة باللوحات والأعمال الفنية الجميلة لكل من مايكل أنجلو وجيوتو دي بوندوني، فأصيب من شدة إعجابه ودهشته بدوخة كادت تسقطه أرضًا وصفها بقوله: كنت في حالة من الانفعال الغامر أمام جمال الفن، وكأنني أتنفس بشدة، لدرجة كنت فيها خائفًا من السقوط. وتعد هذه الجملة أول توصيف أدبي لهذه الحالة.
فما هي هذه المتلازمة؟ وكيف تؤثر فيمن يصاب بها؟
هي حالة نفسجسدية نادرة تصيب بعض الأشخاص الذين يتعرضون للجمال القوي أو الساحر، سواء كان في الفن أو في الأدب، ما يفوق قدرتهم على التحمل. ومن الأعراض التي تظهر على المصاب بها التعرق، وضيق التنفس، والدوار، وتسارع ضربات القلب، ونوبات من النشوة أو الارتباك العاطفي، وربما فقدان الإحساس بالوقت لفترة ما. وقد تأخذ أشكالًا أخرى كالهلوسة والضحك أو البكاء الهستيريين لدى البعض.
وحينما أصيب ستندال- واسمه الحقيقي ماري هنري بيل (1783-1842) - بهذه الحالة لم يطلق عليها اسمًا، حتى عام 1979 حينما لاحظت طبيبة إيطالية (غرازييلا ماغيريني) أن مئات من السياح الذين يزورون فلورنسا كانوا يصابون بنفس هذه الأعراض بعد مشاهدة الفنون فيها، فأطلقت على الحالة هذا الاسم.
ولا تعد هذه المتلازمة (Stendhal Syndrome) مرضًا بالمعنى المعروف، بل ظاهرة نفسية تصنف على أنها اضطراب عاطفي حاد يحدث في بعض المواقف نتيجة دهشة الجمال والروعة التي يواجهها الشخص فلا يتحملها جسمه فضلًا عن عقله، أو أنها نتيجة صدمة ثقافية مفاجئة. ولذلك فإنها ربما لا تحتاج إلى علاج دائم، بل مجرد راحة واحتواء نفسي وربما شرب قليل من الماء. كما أن الإصابة بها تتفاوت من شخص لآخر حسب حساسية كل شخص للجمال والفن والأدب.
ورغم أن هذه المتلازمة أكثر شيوعًا مع الفنون البصرية كاللوحات الفنية، فإنها يمكن أن تصيب المنغمسين في القراءة فيصابون ببعض أعراضها؛ كالشعور بالدوخة وفقدان الشعور بالوقت من شدة جمال النص، وقد يزداد التأثر فيَصِل إلى الرعشة والبكاء، كما يحدث أحيانًا لمن يشاهد بعض لقطات الأفلام، وقد يقتصر على مجرد الانتشاء من النص أو العجز عن مواصلة القراءة من فرط التأثر.
أما عن نوعيات النصوص التي قد تصيب القارئ بهذه المتلازمة فقد تكون القصائد الجميلة أو الروايات عميقة التأثير أو بعض النصوص الدينية، كالأدعية وغيرها. وقد تزداد هذه الحالة عند طول مدة القراءة، وحال كون القارئ مرهف الحس. ولعل الفارق في التأثر بين الفنون البصرية والنصوص الأدبية هو أنه فوري في الأولى وتراكمي وتدريجي في الثانية، وقد يتطلب خلفية ثقافية عالية وانغماسًا فيها لمدة. ويشير هذا التأثير للنصوص على القارئ إلى السلطة التي يمكن أن تحوزها على النفوس حينما تكون عظيمة، فلا تكتفي بملامسة مشاعر القراء بل تتعداها إلى أجسامهم.
جديد الموقع
- 2025-11-15 الحربي هنأ القيادة على الإنجاز المشرف يعانق فضية التضامن الإسلامي
- 2025-11-15 جنا معشي تتألق بالذهبية في SGiE 2025 بنظام ذكي لمعالجة المياه الرمادية
- 2025-11-15 ٥ مواهب قدساوية ضمن قائمة أخضر الشابات تحت ٢٠ عام
- 2025-11-15 في جازان.. علماء وخبراء دوليين ورؤساء شركات كبرى لمناقشة مستقبل صناعة الكيمياء وتقنيات المختبرات
- 2025-11-15 بشراكة مع جامعة جازان.. انطلاق المؤتمر والمعرض الدولي لـ "LabTech" تحت شعار "الابتكار في تقنيات المختبرات" الاثنين المقبل
- 2025-11-15 قوافي يحتفي بصاحب العقد المضيء
- 2025-11-15 افراح العبود والصباح تهانينا
- 2025-11-15 أفراح الملفي والحميدي تهانينا
- 2025-11-15 ما الذي يمنع الإنسان العربي من التطور؟
- 2025-11-13 عناوين روايات تتحول إلى مصطلحات شائعة