شعر وأدب واندية ادبيه
2025/05/17 | 0 | 682
مَسٌّ مِنْ حُبٍّ
للشاعر: السيد عبد الله العبد المحسن
( بريد الشبكة )
يصعبُ تصورُ حالَ الممسوسِ بالحبِ، ويصعبُ أكثر تصويرُهُ. فكيف لفاقدِ رئتيهِ أن يتنفسَ لأنَّهُ يمتلكُ صدراً؟
هكذا هو حالُ الشعرِ في حالةِ أخي الأستاذ كاظم الخليفة في فقدهِ شريكةِ النبضِ والنفسِ والحياةِ السيدة وردة السيد باقر الشخص
قـوموا إلـى هـذا "الأنـا" وتحسَّسوا
وتــفـقَّـدوا إنْ كــــانَ فــــيَّ تـنـفـسُ
وتــأمـلـوا طــيـنـي.. أعــــادَ بـنـفـخةٍ
مــن روحِـهـا فــي قـبرِها وتـلمَّسوا
عـودوا بـها وارمـوا قميصَها ظلمتي
يــرتــدُّ عــمـريَ مـبـصـراً لا يُـغـمَـسُ
عـــودوا بـيـوسـفَ فـالـحياةُ ضـريـرةٌ
والـشِّـعرُ أبـكـمُ والـمـهلهلُ أخــرسُ
يــــا صــبـرَ أيـــوبَ الـمـعـالجَ حــزنِـهِ
هــلْ لــي بـصبرٍ لا يـموتُ ويـفطسُ
جــيـشٌ يـرافـقُ مـقـلتيَ فـيـا تــرى
طـــرفٌ تُـشـقِّـقهُ الــدُّمـوعُ أيـنـعسُ
صــدري يُـحـاصرُهُ الـوجيبُ وحـسرةٌ
تـجـثو عـلـى صــدرٍ يـفـورُ وتـدهـسُ
حــزنـي عــرمـرمُ والـنَّـحيبُ فـيـالقٌ
وأنــــا وحــيـدٌ والـشَّـجـى مـتـمـرِّسُ
وأنـــا خــريـفٌ قـشَّـرتـني عــواصـفٌ
هـــوجٌ يـعـاضـدُها الـيـبـابُ الأتـعـسُ
وأنـــــا غــريــبٌ والــتَّـذكـرُ وحــشــةٌ
فـبـمـا أغــيـبُ وطـيـفُـها يـتـجـسَّسُ
أأروغُ عــــنْ بــثِّــي بـصـمـتِ تـجـلُّـدٍ
والآهُ فــــي ثــغـري أنـــا تـتـفـلسفُ
أفـلستُ مـن وجـدي وجـئتُ مـبعثراً
مـتسائلاً عـنّي: أ قـلبيَّ مـفلسُ..؟!
وأقــــومُ لــلـذِّكـرى لأنــثــرَ طـعـمَـها
ورداً ولـــكــنَّ الــمـصـائـبَ تــكــنـسُ
وأُخـــاتــلُ الأيـــــامَ حــيــنَ أخــالُـهـا
قـــصــراً ولـــكــنَّ الــقـبـورَ تُــنـكِّـسُ
وأظــــنُّ أنَّــنــي لـلـسـلـوِّ مُــكَـرِّسـاً
لــكـنَّـمـا غـــمِّــي الــــذي يــتـكـرَّسُ
نـــارٌ تــوقَّـدُ فــي حـشـايَ ولـيـتني
أُشـــوى بــهـا لا أنَّ نـــاريَ تـفـقـسُ
هــــذا الـجـحـيـمُ وذكــرُهــا مــتـكـرِّرٌ
وأنـــا أُكــرَّرُ فــي الـعـذابِ وأُحـبـسُ
باللهِ هــلْ هــذا الأديــمُ مـواجعي؟!
أمْ أنَّــنـي دمــعٌ وحـزنـيَ مَـلـبسُ؟!
هـــلْ أنَّـنـي حــيٌّ أعـيـشُ بـزفـرةٍ؟
أمْ انَّ الجوى موتٌ وفقدَها مَرْمَسُ؟
أنـفـقـتُـها عــمــراً أشــــاحَ بــوردِهــا
عــنـي بـأظـلمِ مــا يـجـورُ الـنَّـرجسُ
كــمــدٌ تــفـرعـنَ واســتـرقَّ حـنـانـنا
وعــلـى الــفـؤادِ بـجـورِهِ يـتـغطرسُ
وجـعٌ تـمرَّسَ فـي انـتهاكِ لـواعجي
كــبــداً يـلـوكُـها بـالـفـراقِ ويــهـرسُ
آهٌ تـــفـــورُ بــنــارِهــا، وســعــيـرُهـا
فـي شـهقتي حـممٌ تُـذيبُ وترمسُ
ويــضـجُّ بــي صـمـتٌ مـقـيتٌ أهــوجٌ
يـجتاحُني فـالشَّوقُ بـعدها مُخرِسُ
ويـقـولُ دمـعـي مـا يـشاءُ ومـا أشـا
فـالـدمعُ أفـصـحُ مَــنْ يـبوحُ ويـنبسُ
ويـسـيـرُ بـــي عــمـرٌ كـئـيـبٌ أعــرجٌ
وحـدي ويـخطفني الـحنينُ ويحبسُ
يــــا مــبـحـراً قــــلْ لـلـمـوانـئ أنَّــنـا
تـهنا ولـمْ يُـهدى الـشَّواطئَ نـورسُ
مِــنْ أي ذكــرى قــدْ أعــودُ ولـيـتني
أرســــو ومــوجـي لا أراهُ يــؤسِّـسُ
يــا وردةً فــي بـيـتِ قـلـبي عـطرُها
وشـذاهـا أضــوعُ مــا يـفوحُ وأنـفَسُ
مـــــا لـلـقـبـورِ ووردةٍ يُــرمــى بــهــا
فـي بـطنِها ولـها الـرِّياضُ تهندَّسُ؟!
فــي "مـزهـرياتِ" الـجـمالِ وقـوفُها
ومـيـاسُها مــسٌّ لـروحـي ومـلمسُ
أيـضـمُّـهـا ثــقــلُ الــثَّــرى ويـدسُّـهـا
لِـيـبـورَ بـسـتـاني الأنـيـقُ الأقــدسُ
يـــا أخـضـرَ الآيــاتِ فــوقَ حـديـقتي
مــــاذا سـيـنـبتُ إذ ذوتْ أو يـــدرسُ
مِـــنْ غـيـرِهـا كــلُّ الـحـدائقِ قـفـرةٌ
ومــقـابـرٌ فــيـهـا الــخـرابُ مــكـدَّسُ
مَـنْ غـيرُها يـسقي الـزهورَ حـكايةً
لـلـحـلمِ تـنـهـضُ بـالـبـذورِ وتــغـرسُ
جـمـرٌ عـلـى قـلـبي يـفـيقُ بـذكرِها
مــا هــبَّ بــي شــوقٌ لـهـا يـتنفسُ
مـتـوجِّـساً مِــنْ كــلِّ طـيـفٍ سـاهـرٍ
وخــواطــرٍ فـــي يـقـظـةٍ لا تـنـعـسُ
مــا لــي ولـلـموتِ الـعَـجولِ أبـادني
لـم يُـبقِ لـي مـن بـعدِها مـا يـؤنسُ
كــمــداً عـلـيـهـا أمــاتـنـي وأدامَــهـا
مَـلِكاً عـلى عـرشِ المشاعرِ يجلسُ
