2025/08/22 | 0 | 612
(كسجعِ الكُهَّانِ صار هذا الشِّعْر)
لا قصيدةَ مِنْ قصائدِ النصِّ الأجدِّ تُدركُها
لا قصيدةَ مِنْها تُبصر
لا قصيدةَ ممَّا أعني تُدركُ الحقيقة
حقيقةَ الشِّعْرِ حقَّاً لا تُدركُها
فهي تهدفُ إلى أن تخلوَ مِنَ الوزن
وهي تُبالغُ حدَّ الغلوِّ في اصطيادِ الصورِ الغرائبيَّة
في اصطيادِ التشبيهاتِ التي يتنشَّأُ فيها الغموض
الغموضُ الأجوفُ الخالي مِنَ العمق
الغموضُ الناتجُ عن سيلِ الصورِ الغرائبيَّةِ المنهكة
عن سيلِ التشبيهاتِ الضحلةِ في مقاصدِها
هو بالضبطِ كسيلِ سجعِ الكُهَّان
كالنصوصِ المغاليةِ بإغراقِ نفسِها في وحلِ السَّجْع
هكذا فعلَ النصُّ الأجدُّ بنفسِه
كي يغرقَ في المستنقعِ الجديدِ القديم
فالمستنقعُ هو المستنقع
مستنقعُ المشغوفين بالسَّجعِ،
مستنقعُ المشغوفين بالصورِ الجنونيَّةِ الغرائبيَّة
حتى صار هذا النصُّ الأجدُّ كسجعِ الكُهَّان
كسجعِ الكُهَّانِ في قيمتِه
لا عيبَ في أصلِ السَّجعِ لا عيب
فهو قيمةٌ جماليَّةٌ يَتحلَّى بها النص
بموسيقاهُ الداخليّةِ يغتني
شرطَ أن يكون عفويّاً بلا مبالغةٍ بلا غلو
بلا تضييعٍ للأفكارِ التي هي لُبُّ النصِّ، لُبُّ القصيدة
كالنصِّ الأجدِّ الذي لا فكرةَ فيهِ تُلهبُ الروح
لا فكرةَ فيهِ تُؤَجِّجُ المشاعر
ولا موسيقى تُدهشُ الأسماعَ فيه
أعني الموسيقى التي تنسابُ مِنْ تآلفِ الحروف
والتي تجعلُ النصَّ مُحبَّبَاً إلى القلب
حتى الموسيقى هذهِ لا وجودَ فيه لها
حتى كأنَّهُ قد أخذَ على نفسِهِ أن يُسجِّلَ الرقمَ القياسيَّ في بلوغِ القبحيات
في الفكرةِ، في الموسيقى، في التأثيرِ في الجمهورِ، في الديمومة
كسجعِ الكُهَّانِ صار هذا الشِّعْرُ في مؤدَّاه
كشطحةِ درويشٍ يتصنَّعُها
كحياتِكَ التي ضاعت في اقترافِ نثيرتِها
في انتظارِ قلمٍ مكسورٍ يُروّجُها
فهي لا جناحَ لها بهِ تطير
ولا دهرَ يقبلُ أن يكونَ مِنْ رواتِها
وكذلك لا يقبلُ أن يكون مِنْ منشديها.
