2025/09/03 | 0 | 645
(قصيدتُكَ لا تُغَنَّى يا للأسف)
كيف تجرؤُ على ركوبِ هَبَّةٍ انطفأتْ نارُها
حتى حرارةُ قاعِ قدْرِها اختفتْ بعدما انطفأتِ النار
حتى مَنْ أجَّجوها صاروا في خبرِ كان
كانوا يكتبون النصوصَ التي لا لسانَ لها ولا قلب
وكانوا يشمئزُّون مِنَ القصيدةِ إذا حفظها بلبلُ النخيل
إذا غَرَّدَ إيقاعَها وغَرَّدَ معهُ الأطفال
إذا قال الحاضرون لمنشِدِها أعِدْ
إذا جعلتْها حنجرةُ المُغنِّي أغنيةَ الناسِ المفضَّلَة
كانوا يشمئزُّون مِنَ القصيدةِ التي تشمئزُّ منها إلى الآن
فما زلتَ تقتلُ نفْسَكَ ليكونَ نصُّكَ بعيداً عنها
وما زلتَ تمشي في الأرضِ مرحاً بينَ الناس
تختالُ حتى كأنَّكَ خرقتَ الأرضَ أو بلغتَ الجبالَ طولا
لا لشيءٍ إلا لاستصحابِ ركوبِ هَبَّةٍ آفلة
أفلا تكونُ كإبراهيمَ الذي لا يُحبُّ الآفلين
أفلا تعودُ إلى روحِكَ المختطفةِ مِمَّن لمْ يعودوا موجودين
مِمَّنْ لا مكانَ لهم الآنَ إلا في مُخيّلتِك
إلا في غرفِ الربائدِ المحنَّطةِ كالمومياء
أفلا تُداوي عِلَّتَكَ مِنَ استصحابِ العَدَم
أفلا تَضَعُ جُرْأتَكَ في محلِّها قبلَ فواتِ الأوان
قبلَ أن تلتفَّ الساقُ بالساقِ، قبلَ ألا تقوى على النطقِ بحرف
فلا عيبَ في تركِ هَبَّةٍ صرفتَ ثُلثي عمرِكَ فيها
ولا عيبَ في إقلاعِكَ عن التعلُّقِ بدواوينِكَ التي صار لها رَفٌّ في الرَّبِيدة
أفلمْ تتلفْ نصوصاً لكَ عالجتَها بالتنقيحِ فلمْ تُفلحْ بالمعالجة
أفلا تجعلُ هذه مِنْ تلكَ وتقتلُ تعلُّقكَ الذي يقتلُكَ ببطء
عُدْ إلى نفْسِكَ إلى بلبلِ شيشيَّتِكِ إلى بلبلِ غرَّتِكَ إلى بلبلِ خلاصتِك
وفي بلبلِ خلاصتِكَ يكمنُ خلاصُك فعدْ إليهِ وامسحْ على رأسِه
أنشدْهُ قصيدتَكَ التي يُحبُّها لحبِّ الناسِ لها
فهو لا يُغرِّدُ لمن شاركوهُ في الوجود إلا بما يُحبُّون
هو بلبلٌ ولكنَّ في اختيارِهِ حكمة
فتعلَّمْ منهُ الحكمةَ قبلَ فواتِ الأوان
وقلْ قصيدتَكَ الحيَّةَ الخالدة
قصيدتَكَ التي يُغرِّدُ البلبلُ أحرفَها
قصيدتَكَ التي تبقى حيَّةً خالدة
حيَّةً خالدةً بها دائماً ينتشي
وبها دائماً وأبَدَاً يشدو الإنسان.
