2025/10/10 | 0 | 819
(شعراء نوعيُّون)
ما زال البحرُ يَتقبَّلُ الأسئلةَ ولا زال
مازال يُعلِّمُنا دروساً في فنِّ الإصغاء
مازالت أمواجُهُ تقولُ لواحدِنا اسألْ
وتقولُ لنا كُلِّنا اسألوا
وما زلنا أنا أو أنتم نسألُ البحر
نسألُهُ ولا نريدُ الإجابةَ منهُ، ولذلك نسألُهُ
وهو بدورِهِ يُنفِّذُ ما نرغبُ فلا يُجيب
هو ليس كذاك الذي قفزَ بعصا زانِه فجاء بنظريَّةِ المُثُل
وبقفزةٍ واحدةٍ أجابَ عن أسئلةِ النشأةِ، أسئلةِ الوجود
فليتهُ قد تعلَّمَ مِنْ حكمةِ البحر
ليتهُ لم ينشغلْ بإجاباتٍ شغلت الناسَ عن تأمُّلاتِهِم العفوية
وليت الشعراءَ كُلَّهم عفويُّون بتأمُّلاتِهم
ليتهم يرمون إملاءاتِ النُقَّادِ السوداويينَ وراءَ ظهورِهم
فكم شاعرٍ راحَ ضحيَّتَها
وكم شاعرٍ لجأَ إلى البحرِ فتعمَّقَت شِعْرِيَّتُه
فلا أدريَّةُ البحرِ أصدقُ مِنْ أقلامِ نُقَّادٍ سوداويينَ أُحاديِّين
أصدقُ مِنْ عصا الزانةِ لدى فيلسوفِ المُثُل
سلوا صاحبَ الطلاسمِ عن ضحكاتِ أمواجِ البحر
عن قولِها لهُ لستُ أدري
سلوا قلوبَكم التي في صدورِكم عن الصدق
صدقِ النُقَّادِ، صدقِ الفلاسفةِ، صدقِ أمواجِ البحر
وسلوا أنفسَكم مع مَنْ تكونون مِنَ المتقوِّلين
وممَّا يُقالُ بوعيٍ وبلا وعي
مع العقولِ الطوليَّةِ أم مع الجوهرِ الفردِ الذي لا يتجزَّأ
أم مع شِعْرِيَّاتِ النقدِ التي تُهلكُ كُلَّ شاعرٍ فيها يغوص
تقتلُ عفويَّتَهُ قتلاً قتلاً
كي لا تُسْمَعَ موسيقى لُججِ البحرِ في قوافيه
فموسيقى لُجَجِ البحرِ تُزعجُ الفلاسفةَ الأدريينَ جدّاً
الأدريِّينَ بلا سقفٍ بلا حدودٍ في تخيلاتِهم
في أماليهِم التي يظنُّونَها وحياً يُوحى
وموسيقى لُجَجِ البحرِ تُزعجُ النُقَّادَ الذين هم على شاكلتِهِم
الذين يعرفون كُلَّ شيءٍ عن أيِّ شيء
والذين لا يعبأُ بهم الشعراءُ النوعيُّون.
