2025/09/06 | 0 | 619
(سننسى كلمةَ أَحْ)
صبراً صبراً، فإنَّ الشتاء سيأتي
سننسى الحرَّ، سننسى الرطوبة
سننسى حينَ نُمسكُ مقْوَدَ السيَّارةِ كلمةَ أَحْ
أحلى مِنْ ذلكَ حينَ ننسى كُلَّ ما يُعَكِّرُ أمزجتَنا
حينَ ننسى الكلماتِ التي لا حرارةَ فيها ولا دفء
الكلماتِ المتكلِّسةَ الباردةَ المُمِلَّة
الكلماتِ التي ترتدي قناعَ الشِّعْرِ في حفلةٍ تَنكُّرِيَّة
تفعلُ ذلكَ كي تحظى بإعجابٍ وتصفيقٍ باردينِ مثلها
لكنَّنا ننساها كما ننسى الحرَّ، ننسى الرطوبة
نُنشدُ القصائدَ التي تُلبِّي رغباتِنا
تصيرُ أحرُفُها كُلُّها فاكهةَ شتاء
كمِثْلِ لمعتْ نارُهمْ وقد عسعسَ الليلُ وملّ الحادي وتاهَ الدليلُ
وبمثْلِها ننتشي ونشدو
فوجنةُ الوجهِ وردٌ
وحبَّةُ الخالِ عنبرْ
هكذا نحن ننسى، نتذوَّقُ نعمةَ النسيان
ننسى الشِّعْرِيَّةَ التي أصابتْ عواطفَنا بالجفاف
أصابتْنا نحن الشعراءَ قبلَ أن تُصيبَ الناس
كُنَّا تحتَ خَدَرِ الهبَّاتِ نُسجِّلُ حضورَ غيابِنا
كُنَّا نُصعِّرُ خدودَنا لابنِ زيدونَ ولنونيَّتِه
ولابنِ خُزاعةَ حينَ يُبادلُ القهقهةَ بالبكاءِ
قهقهةَ المشيبِ برأسِهِ المُثقَلِ بالشِّعْر
كُنَّا نَسخرُ مِنْ حداءِ حادي العيس
ومِمَّن يأمرُ الواقفينَ على الأطلالِ بالجلوس
حتى مِنْهُ ولا نعبأُ بجنوحِهِ للتجديد
كُنَّا نحن ولا أحدَ سوانا في الوجود
لكنَّنا كُنَّا وكان فعلٌ ماضٍ ناقص
نسيناهُ كما نسينا النقصَ الذي يكرهُهُ الخلْقُ فينا
نسيناهُ حتى عُدنا نلمحُ في أعينِ الناسِ شموخَنا
شموخَ كلماتِنا التي يمسحُ على أحرفِها ابنُ زُريق
وصاحبُ يا ظبيةَ البانِ أيضاً
والناسُ الذين صارتْ دقَّاتُ قلوبِهم تسحرُنا
تُعلِّمُنا إيقاعاً نُبدعُ مِنْ خلالِهِ كُلَّ قصائدِنا
كُلَّ قصائدِنا التي لها طعمُ الحياةِ، طعمُ التألُّقِ، طعمُ الوجدان
فنحن هُمْ وهُمْ نحن الآن
شُكراً للنسيان.
