2025/08/16 | 0 | 652
(الناسُ يتلقَّونَ توبةَ الشاعرِ بالرضا والقبول)
ما هو بقَدَرِكَ أن تستمرَّ على ما طُبِّعتَ عليه
على ما طُبِّعتَ عليهِ لا على طبعِك
ما هو بقَدَرِكَ أن تُخالِفَ هواكَ الشِّعريَّ، هواكَ الإبداعي
وما هو بقَدَرِكَ أن تُختَطَفَ مِنْ دقَّاتِ قلبِك
مِنَ اتِّكائِكَ على صخرةِ التّوبادِ حيثُ مُلتقَى ليلى وقيس
مِنْ تغنِّيكَ بغمَّازةِ ليلى إذا ابتسمتْ
وبالبدرِ يمكثُ طويلاً ليُضيءَ طريقَكَ إليها
وما هو بقَدَرِكَ أن تَئِدَ اللغةَ الشفَّافةَ الفذَّة
لُغَتَكَ التي تَصْلحُ للبهجةِ للتأوُّهِ للترجيع
لُغَتَكَ التي تُغري حنجرةَ المُغنِّي بها
لُغَتَكَ التي يترنَّمُ بها حادي العِيس
لُغَتَكَ التي كُلَّما أرادت الظهورَ أخفيتَها
كُلَّما حاولتِ النطقَ على صفحةِ القصيدةِ كتَمتَها
كُلُّ هذا لأجلِ أن تواكبَ نَزْعَةَ التعميةِ، نَزعَةَ الغموض
نزعةَ الغموضِ الخطابيِّ التقريريِّ الخدَّاعِ الخاوي
كُلُّ هذا لأجلِ أن يكون لكَ صِيتٌ لدى عشرةِ أنفار
لدى مَنْ لا يعرفونَ الطريقَ إلى جَبَلِ التّوباد
لدى مَنْ جَمَّدوا قلوبَهم استجابةً لِهَبَّاتِ خيالٍ علمي
طموحاً بأن يُذابَ تجميدُها لتدُقَّ بعد قرون
أملاً بأن يكون للغتِها الشِّعْريةِ قبولٌ لدى الكائنات
فها أنتَ قد ضيَّعتَ نفسكَ في الهرولةِ خلفَهم
ضيَّعْتَ لُغَتَكَ الشِّعْريَّةَ في اتِّباعِ هَبَّاتٍ لا تخلدُ لا تدوم
لكنَّك تستطيعُ الاستئنافَ ما دمتَ حيّاً
ما دامتْ روحُكَ فيكَ فعدْ إليها
إلى الحياةِ التي حرمتَ نفْسَكَ منها طويلاً
إلى قلبِكَ إلى ليلى إلى التّوباد
كُنْ شاعراً جديداً مِنَ الآنَ وانطلقْ
فبابُ التوبةِ الجماليَّةِ مفتوحٌ لا يُغلَقُ لا يُغلَق
والناسُ يتلقَّونَ توبةَ الشاعرِ بالرضا والقبول
برحابةِ صدرٍ يتلقَّونها
وبلهفةٍ ينتظرونه هناكَ، هناك
هناكَ عندَ صخرةِ التّوبادِ حيثُ مُلتقَاهما
حيثُ يكونُ للكلماتِ قلب
وهناكَ يكونُ للشِّعْرِ فؤاد.
