2012/12/29 | 0 | 6148
الإمام لا يغسله إلا إمام-2
أولاً: إن الإجماع – على فرض التسليم به – ليس في العقائد وإنما في الفقه ولا يعني أخذ الإجماع من أي أحد فهم يرون – الفقهاء - أن الإجماع المعتبر والذي يحسب له قيمة احتمالية من كانوا قريبين من عصر النصّ كفقهاء الغيبة الصغرى وأساطين الفقهاء وممّن لهم تميّز علمي كالشيخ الصدوق والمفيد والطوسي مثلا. أما ما كان من المتأخرين ومن بعدهم فما لم يكن الإجماع موجوداً في كلمات القدماء لا يكون له قيمة بحساب الاحتمال للكشف عن الحكم الشرعي هذا فيما يرتبط بالفقه لا العقيدة .
ومع ذلك تبقى هنا مشكلة وهي إجماعات السيد المرتضى والشيخ الطوسي، فكثيراً ما يدعي السيد المرتضى الإجماع ويخالفه الشيخ الطوسي بل يدعي الإجماع في قباله مع أنهما في زمن واحد، كما في مسألة حجية خبر الواحد، فقد ادعى السيد المرتضى أن إجماع الطائفة قائم على عدم الحجية، بينما ادّعى الشيخ الإجماع على حجيته وغير ذلك مما لا مجال لذكره هنا.
وعليه فلا ينبغي ادعاء أن هذه القضية أو تلك من الاجماع العقائدي، فهو مرفوض من قبل بعض العلماء في الفقه فضلاً عن العقائد.
ولو سلمنا بوجود إجماع في العقائد لما استطعنا إثبات كثير من القضايا بمعيار المتقدمين، وكمثال؛ فإن الشيخ الصدوق يقول – كرأي – بسهو المعصوم أو بإسهائه - ما شئت فعبر - وينكر ذلك الشيخ المفيد، والشيخ الصدوق يرى أن الأئمة يعلمون علم الغيب والشيخ المفيد ينكر. والانتقائية واللا موضوعية تفرض علينا أن نأخذ من هذا ما يوافق هوانا ومن ذاك أيضاً.
نعم هناك فرق بين الإجماع على وجوب المعرفة العقدية التي يكون العقل مدركاً لها – مثلاً – ونفس المسائل العقائدية والاعتقاد بها كعصمة النبي فتأمل.
ثانياً: إن هؤلاء الذين ادعوا الإجماع ليسوا من أصحابه في شيء فتدبر. بل إن أحد أفراد الإجماع - أو أحد ناقلي الإجماع المعتبرين – وهو الشيخ المفيد كان على خلاف ذلك في مسألة دفن الإمام الحسين فلو كانت تلك القضية مجمعاً عليها كما يقولون فلم يخالف؟! فهذه مخالفة تعدُّ هادمة للإجماع على فرض التسليم له طبعاً.
وقد يقال أنه –المفيد- كان ينقل من تاريخ الطبري وهو مؤرخ، ونقول: إن نقل الشيخ المفيد من هذا أو ذاك يعبر عن رأيه وما يتبناه وإلا لو كان يعتقد بخلافه ففيه نقض للغرض وإيقاع للشيعة في المفسدة العقائدية، مع علمه بأن كتابه هذا سيصل للناس من بعده فهو لم يؤلف لنفسه أو لجيله، وعالم كالشيخ المفيد ننزهه عن ذلك.
الروايات المثبتة لتغسيل غير الإمام للإمام:
إن الإمام زين العابدين عليه السلام نفسه قد غسلته أم ولد في رواية محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام: (إن علي بن الحسين عليه السلام أوصى أن تغسله أم ولد له إذا مات فغسلته) [1].
وقد أفتى بعض الفقهاء طبقاً لهذه الرواية بجواز تغسيل الأمة لسيدها منهم المحقق في المعتبر حيث قال: (حكم أم الولد حكم الزوجة، وقال أبو حنيفة لا يجوز لأنها عتقت بموته. لنا أن بعض علق الملك باقية وهو وجوب الكفن والمؤنة والعدة. ويؤيد ذلك ما رواه إسحاق بن عمار عن جعفر .... الرواية)[2].
وكذلك الحال في القواعد والبيان ومجمع البرهان بل عن ظاهر الأخير نفى الخلاف فيه بالنسبة للثاني أي تغسيله لها [3].
وهذه الرواية معتبرة من حيث الإسناد فمحمد بن أحمد بن يحيى الأشعري ثقة وطريقه إليه صحيح في المشيخة والفهرست، وهو يروي عن الحسن بن موسى الخشاب وهو حسن، والخشاب يروي عن غياث بن كلوب وقد وثقه الشيخ في عدته مع أنه عامي فتكون الرواية حسنة.
وقد رفض الاستدلال بها صاحب المدارك بناء على ما يتبناه من اعتبار الصحاح فقط. وليس هذا مبنانا [4].
وظاهر الرواية في أن أم ولد هي من غسلت الإمام وليس غيرها، ولكن عالم التأويلات والمعتقدات المكتسبة والموروثة من متأخري المتأخرين لم يترك حتى للفقهاء الكبار من مجال للتصديق بالرواية مع أن بعضهم أفتى على طبقها فصاحب الحدائق حاول تأويل هذه الرواية بحسب ما ينسجم معه مسلكه الإخباري من جهة وما يعتقده باطناً دون مناقشة هذه الروايات حيث قال:
(لا يخفى أن الرواية المذكورة لا تخلو من الاشكال لما تحقق عندنا من أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله فلا بد من تأويل الخبر المذكور أما بحمله على أن الوصية بذلك للتقية ودفع الضرر عن الإمام الباقر (عليه السلام) كما ذكره بعض مشايخنا أو بحملها على المعاونة كما يدل عليه ما في الفقه الرضوي حيث قال: "ونروي أن علي بن الحسين (عليه السلام) لما مات قال أبو جعفر (عليه السلام) لقد كنت أكره أن أنظر إلى عورتك في حياتك فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك، فأدخل يده وغسل جسده ثم دعا أم ولد له فأدخلت يدها فغسلت مراقه وكذلك فعلت أنا بأبي)[5].
وسار على أثره من جاء بعده من الأصوليين والإخباريين كصاحب الوسائل والعلامة المجلسي في البحار[6] وصاحب الجواهر حيث يرى أن رواية إسحاق بن عمار (لا تنافي ما دل على أن الصديق لا يغسله إلا صديق، لاحتمال إرادته إعانة الباقر (عليه السلام) في بعض الغسل وإن بعد، كما يشعر به مع تأييد للحكم ما عن الفقه الرضوي) [7]. بل إنها مخالفة لما دل على أن الإمام لا يغسله إلا إمام كما قال صاحب مستمسك العروة الوثقى والسيد الروحاني[8].
ومن الملاحظ - كما قلت في أبحاث سابقة - تأثُّر أصحاب النظر ببعضهم، فحينما يذهب جمع منهم إلى رأي معيّن، أو يذهب أحد الأساطين إلى رأي فإنَّ ذلك يُساهم في تبنِّي آخرين من أصحاب النظر لنفس ذلك الرأي، وذلك لوثوقهم بصوابيّة ما ذهب إليه ذلك الجمع من أهل النظر، أو انبهارهم بتلك الشخصية العلميّة المتميّزة أو تأثرهم بمبانيه نتيجة تتلمذهم عليه، حتى قال بعض الأعاظم: إنّ اتفاق ثلاثة وهم الشيخ الأنصاري، والسيد الكبير الشيرازي، والميرزا محمد تقي الشيرازي (رحمهم الله) يورث القطع بواقعيّة ما اتفقوا عليه.
بالإضافة إلى خشيتهم من مخالفة هذا الرأي السائد سواء في مخالفة الفقهاء السابق تلو السابق الذين يسلكون هذا المسلك حتى لو كانت الرواية تخالف مبناهم كما هو السيد الخوئي، أو مخالفة عوام الطلبة الذين لهم السلطة الأقوى على المرجعية حتى في فرض الآراء .
وعلى كل حال واضح أن تأويله – السيد البحراني ومن تبعه على ذلك- يستند على أمرين:
أولهما: دفع الضرر عن الإمام الباقر كما حكاه البحراني عن مشايخه وتبعه على ذلك المقلدين له.
ثانيهما: رواية الفقه الرضوي والتي كانت لتأويل القول بأنها بالمعاونة وأيده صاحب الوسائل.
وفيه: إن ما حكاه عن مشايخه ليس بحجة ولا يخرج عن كونه تأويل لا دلالة من الرواية على شيء منه. وأما الفقه الرضوي فهو منسوب إلى الإمام وليس بحجة يعول عليه والكلام فيه طويل ليس هذا مقامه.
وقد علق الشيخ الطوسي على هذه الرواية بأننا نقصرها على هذا المورد بأن أم ولد هي من غسلت الإمام السجاد عليه السلام كما قد أشار كذلك إلى الرواية السابقة لها – في الاستبصار- بأن تغسيل أمير المؤمنين لفاطمة وعيسى لأمه مريم مورد خاص حيث قال:
(لأن الوجه في هذين الخبرين أن نقصرهما عليهما عليهما السلام خاصة، ويكون الوجه في ذلك ما تضمنه الخبر الأول من أنه لم يكن هناك من يجوز أن يباشر فاطمة ومريم عليها السلام وكذلك القول في الخبر الثاني – يقصد خبر أم ولد - وإلا فالأصل ما ذكرناه) [9] .
روايات أخرى:
وهناك روايات أخرى تشير إلى أن هناك من غسل الإمام دون لاحقه وهي على مبنى الوثوق قد تكون قرينة على ذلك وإن كانت ضعيفة سنداً لعوامل متعددة وهي:
1-رواية الكافي المتقدمة عن يونس بن طلحة قال: قلت للرضا عليه السلام: إن الامام لا يغسله إلا الامام، فقال: أما تدرون من حضر يغسله قد حضره خير ممن غاب عنه: الذين حضروا يوسف في الجب حين غاب عنه أبواه وأهل بيته.
وقد أشرنا سابقاً إليها وهي ظاهرة في أن من غسل يوسف الصديق هم الملائكة، وليس أحد غير وهم – الملائكة – خير ممن غابوا عنه كما أشارت له الرواية. وقد استظهر هذا المعنى جملة من العلماء كالعلامة المجلسي في مرآة العقول، والفيض الكاشاني في الوافي والمازندراني في شرح أصول الكافي [10].
2-ما جاء في منتخب البصائر: معاوية بن حكيم عن إبراهيم بن أبي سمال قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام: إنا قد روينا عن أبي عبد الله عليه السلام أن الامام لا يغسله إلا الامام وقد بلغنا هذا الحديث، فما تقول فيه؟ فكتب إلي: إن الذي بلغك هو الحق، قال: فدخلت عليه بعد ذلك فقلت له: أبوك من غسله؟ ومن وليه؟ فقال: لعل الذين حضروه أفضل من الذين تخلفوا عنه، قلت: ومن هم؟ قال : حضروه الذين حضروا يوسف عليه السلام ملائكة الله ورحمته [11].
وعندما أورد العلامة المجلسي (أعلى الله مقامه) هاتين الروايتين قال: (لعل الخبرين محمولان على التقية إما من أهل السنة أو من نواقص العقول من الشيعة، مع أن كلا منهما صحيح في نفسه إذ الرحمة في الخبر الأول إشارة إلى الامام، وفي الخبر الثاني لم ينف صريحا حضور الإمام، وحضور الملائكة لا ينافي حضوره)[12].
فهو يعترف بصحتهما في نفسيهما، ومع ذلك يحتمل أنهما صدرا للتقية، ولكن كيف يثبت للعقول الشيعية الناقصة – كما هو نظره - هذه الفكرة وهو يبين أن من غستله الملائكة وليس الإمام، كما أنه على فرض صحة كلامه من عدم نفي الإمام صريحاً حضور الإمام، فكذلك الحال إثباته لا ظهور له فضلاً عن كونه صريحاً فلا أقل من التوقف من الاستشهاد بهذه الرواية على إثبات حضوره لعدم دلالتها ظاهراً على ذلك.
ولكنه في مرآة العقول قال: (ضعيف ولعل سؤال السائل أيضا مبني على الاعتراض أو رفع الشبهة في أمر الكاظم عليه السلام وغسله، وقوله: سنة موسى بن عمران، أي غسله وصيه في التيه، وحضر حين موته أو المراد أن الملائكة غسلوه كما هو المشهور في الكليم عليه السلام وظاهر الخبر الآتي) ثم أورد الخبر التالي.
(حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا البصري، قال: حدثنا محمد بن عمارة، عن أبيه، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أخبرني بوفاة موسى بن عمران (عليه السلام): فقال إنه لما أتاه أجله واستوفى مدته وانقطع أكله، أتاه ملك الموت، فقال له: السلام عليك يا كليم الله. فقال موسى: وعليك السلام، من أنت؟ فقال: أنا ملك الموت: قال: ما الذي جاء بك؟ قال: جئت لأقبض روحك: فقال له موسى (عليه السلام): من أين تقبض روحي؟ قال: من فمك، قال له موسى (عليه السلام) كيف وقد كلمت به ربي جل جلاله! قال: فمن يديك. قال: كيف وقد حملت بهما التوراة! قال: فمن رجليك. قال: كيف وقد وطئت بهما طور سيناء! قال: فمن عينيك؟ قال: كيف ولم تزل إلى ربي بالرجاء ممدودة! قال: فمن أذنيك. قال: كيف وقد سمعت بهما كلام ربي عز وجل! قال: فأوحى الله تبارك وتعالى إلى ملك الموت: لا تقبض روحه حتى يكون هو الذي يريد ذلك. وخرج ملك الموت، فمكث موسى (عليه السلام) ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك، ودعا يوشع بن نون، فأوصى إليه وأمره بكتمان أمره، وبأن يوصي بعده إلى من يقوم بالامر، وغاب موسى (عليه السلام) عن قومه، فمر في غيبته برجل وهو يحفر قبرا، فقال له: ألا أعينك على حفر هذا القبر؟ فقال له الرجل: بلى. فأعانه حتى حفر القبر وسوى اللحد، ثم اضطجع فيه موسى بن عمران (عليه السلام)، لينظر كيف هو، فكشف له عن الغطاء، فرأى مكانه من الجنة، فقال: يا رب، اقبضني إليك. فقبض ملك الموت روحه مكانه، ودفنه في القبر، وسوى عليه التراب، وكان الذي يحفر القبر ملكا في صورة آدمي، وكان ذلك في التيه، فصاح صائح من السماء: مات موسى كليم الله، فأي نفس لا تموت؟ فحدثني أبي، عن جدي، عن أبيه (عليهم السلام)، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سئل عن قبر موسى بن عمران (عليه السلام) أين هو؟ فقال: هو عند الطريق الأعظم، عند الكثيب الأحمر)[13].
وقد أورد الشيخ الصدوق هذه الرواية في علل الشرايع بسند معتبر [صحيح أو حسن على حسب المباني] وهو كذا: (حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله .... الرواية) [14].
ثم قال العلامة المجلسي بعد نقله رواية الصدوق في الأمالي: (ويحتمل أن يكون المراد بسنة موسى عليه السلام أنه غسله معصوم، فلا بد أن يغسل الإمام معصوم، وقيل: المراد تغسيل موسى بن عمران الشعيب عليهما السلام ولا يخفى ما فيه)[15].
فيوسف (ع) غسلته الملائكة، ومع أن هذه السنة سنة موسى كما جاء في الرواية ولكن الملائكة هي من غستله حسب الروايات، والإمام حضرته الملائكة ولا تلازم بين الإمامة والتغسيل كما عرفت وتعرف لاحقاً.
3-الكافي: الحسين بن محمد عن المعلى عن محمد بن جمهور عن أبي معمر قال: سألت الرضا عليه السلام عن الامام يغسله الامام؟ قال: سنة موسى بن عمران عليه السلام.
قال العلامة المجلسي: (لعله أيضا محمول على المصلحة، فان الظاهر من الاخبار أن موسى عليه السلام غسلته الملائكة، والمراد أنه كما غسل موسى المعصوم لا يغسل الامام إلا معصوم، مع أنه يحتمل أن يكون حضر يوشع لغسله عليهما السلام)[16].
وفيه: أنه لا دلالة ولا رواية دالة على تغسيل يوشع لموسى عليه كما عرفت من طريقة قبض روحه ودفنه في الروايات السابقة، فأين هي سنة موسى فيبقى ظهور أن الملائكة هي من غسلت موسى(ع) على حالها وحيث لا يوجد معارض فلنتزم بالظاهر.
ومن الغريب ما قاله المازندراني[17] من أن موسى غسله هارون وكأنه لم يلتفت إلا روايات الصدوق التي تنص على أن موسى غسلته الملائكة ودفنته، مع أنه من المعروف أن هارون هو وصي موسى (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) (29 – 32)طه، ولكن مات هارون النبي والوصي قبل موسى ففي تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام وذكر حديثا طويلا وذكر فيه (قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال: مات هارون قبل موسى عليهما السلام، وماتا جميعا في التيه)[18]. وقد عرفت الروايات السابقة التي نقلها الصدوق أن من دفن موسى هم الملائكة وليس فرداً آخر!!.
4 – ما جاء من الروايات في تغسيل الإمام الكاظم ودفنه وهي كما يلي:
أ-حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني[19] رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن صدقه العنبري قال: لما توفى أبو إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام جمع هارون الرشيد شيوخ الطالبية وبني العباس وساير أهل المملكة والحكام واحضر أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام فقال: هذا موسى بن جعفر قد مات حتف[20] انفه وما كان بيني وبينه ما استغفر الله منه في امره يعنى في قتله فانظروا إليه فدخلوا عليه سبعون رجلا من شيعته فنظروا إلى موسى بن جعفر عليهما السلام وليس به اثر جراحه ولا خنق وكان في رجله اثر الحناء فاخذه سليمان بن أبي جعفر فتولى غسله وتكفينه وتحفى[21] وتحسر جنازته[22].
وظاهر هذه الرواية بل صريحها أن سليمان بن أبي جعفر[23] هو من غسل الإمام الكاظم وليس هو الإمام الرضا، ويكفي أن نكتب تعليق الشيخ الصدوق على هذه الرواية كما جاء في أسفلها ولكن لكي يتضح كلامه نجعل ذلك كحوار بيننا وبينه؟ فنقول له: لماذا أوردت هذه الرواية في كتابك؟
فيجيب: إنما أوردت هذه الأخبار في هذا الكتاب ردا على الواقفية على موسى بن جعفر عليهما السلام فإنهم يزعمون أنه حي وينكرون إمامة الرضا عليه السلام وإمامة من بعده من الأئمة عليهم السلام وفي صحه وفاة موسى بن جعفر ابطال مذهبهم.
وما الذي أشكله الواقفية على الإمام والشيعة؟
فيجيب: ولهم هذه الأخبار كلام يقولون: ان الصادق عليه السلام قال: الامام لا يغسله إلا الامام ولو كان الرضا عليه السلام إماما كما ذكرتم لغسله وفي هذه الأخبار ان موسى عليه السلام غسله غيره ولا حجه لهم علينا في ذلك.
وهل تعترف أيها الشيخ الصدوق بأن الإمام الكاظم لم يغسله الإمام الرضا؟
فيجيب [نعم]: لأن الصادق عليه السلام إنما نهى ان يغسل الإمام إلا من يكون إماما فان دخل من يغسل الإمام في نهيه فغسله لم يبطل بذلك إمامة الإمام بعده ولم يقل عليه السلام: ان الإمام لا يكون إلا الذي يغسل من قبله من الأئمة عليهم السلام فبطل تعلقهم علينا بذلك...)[24] ثم إن الشيخ الصدوق قال إن الإمام الرضا يغسله من حيث يخفى !!
وليس في سند هذه الرواية من إشكال إلا في محمد بن صدقه العنبري[25] ولكنه حسب بعض المباني قد يوثق لأنهم لا يعتبرون بوصف الغلاة في ضعفهم فتكون الرواية معتبرة على بعض المباني لا مبنانا.
وقريب منها مما يؤيدها:
ب-ما عن إكمال الدين[26] وعيون أخبار الرضا (ع): ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن الحسن بن عبد الله الصيرفي، عن أبيه قال: توفي موسى بن جعفر عليه السلام في يدي السندي ابن شاهك، فحمل على نعش ونودي عليه هذا إمام الرافضة فاعرفوه. فلما اتي به مجلس الشرطة أقام أربعة نفر فنادوا ألا من أراد أن يرى الخبيث ابن الخبيث موسى بن جعفر فليخرج، وخرج سليمان بن أبي جعفر من قصره إلى الشط، فسمع الصياح والضوضاء فقال لولده وغلمانه: ما هذا؟ قالوا: السندي بن شاهك ينادي على موسى بن جعفر على نعش فقال لولده وغلمانه: يوشك أن يفعل هذا به في الجانب الغربي، فإذا عبر به فانزلوا مع غلمانكم فخذوه من أيديهم فإن مانعوكم فاضربوهم وخرقوا ما عليهم من السواد. فلما عبروا به نزلوا إليهم فأخذوه من أيديهم وضربوهم، وخرقوا عليهم سوادهم، ووضعوه في مفرق أربعة طرق وأقام المنادين ينادون ألا من أراد الطيب ابن الطيب موسى بن جعفر فليخرج، وحضر الخلق وغسل وحنط بحنوط فاخر، وكفنه بكفن فيه حبرة استعملت له
جديد الموقع
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد
- 2024-11-21 القراءة للكسالى
- 2024-11-21 القراءة واتباع الأحسن
- 2024-11-21 روايات أسامة المسلم بين جيلين.
- 2024-11-21 ( غرق في المجاز، مَجازٌ في الغرق ): قراءة في ديوان الشاعر جابر الجميعة
- 2024-11-20 الدكتور عبدالمنعم الحسين يدشن حملة التشجير الثالثة ببر الفيصلية