2012/05/06 | 0 | 2422
الفرق بين فوق وتحت المنبر
فإما أن يثمروا بالعطاء للقيم بعد أن غمرتهم بشئابيبها وغسلت أفئدتهم بطهرها أو تنمسح ذاكرتهم بعد خروجهم من هذا العالم الروحاني إلى الهم اليومي ويعودوا لما كانوا فيه في معالجة أهدافهم القريبة وشئون الكد لتوفير حيات الجسد ومتطلباته.
ولكن ما شأن الذي ارتقى هذا المنبر بعد ذلك هل ينتهي دوره على هذا المشهد فحسب ؟
هل تتحكم المسافة بين أعلى المنبر وأسفله في شخصية الخطيب كذلك؟
هل في المسافة بين أعلى وأدنا المنبر فاصل يفلق بين شخصية الخطيب وتكون برزخا يمنع القيم في الأعلى أن تتجوز إلى التموضع في شخصيته حين يقفل راجعا عبر درجات المنبر إلى أديم الأرض ؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ }(2)
إن حرارة الشد للقيم التي عادة ما يلقيها الخطيب من ألأعلى وعنفوان الروح والإقدام ألأدبيي في صياغة النماذج الرائعة وجلب الشواهد التاريخية الفاضلة وإذكاء شيم النخوة وكهربة مساحة المجلس بجاذبية الحقيقة وعنفوان الفتوة والشجاعة تتطلب أن يكون هناك لها قدم ثابتة في نفوس المستمعين فضلا عن الملقي والذي لن يفلح في ذلك كله إلا إذا كان قوله من القلب إلى القلب ’فما بال هناك من يرصد من نكوص في سلوك مرتادي أسطح المنابر حين ما تكون أقدامهم على سطح ألأرض ؟
إذا كان هناك من عملية لمعالجة ما يصيب المجتمع من أفات اجتماعية فيجب أن تمارس هذه العملية بيد بيضاء طاهرة من جراثيم ما تعالجه من آفة , ولن تتعقم جروح هذا المجتمع إذا كان من يمارس دور المعالج يعاني من العلة ذاتها (طبيب يداوي الناس وهو عليل) إذا أي جدوى من أن يتسلق أعواد المنابر نماذج من مزدوجي الشخصية وجامعي المتناقضات الذين جعلوا فوق المنبر لله وتحت المنبر لأهوائهم ومجاملاتهم وقضاء حاجاتهم الشخصية ؟
الواقع أن مثل هذه الحالة موضوع ترصده الجماهير ولكن قد تتوهمه بأنه دور طبيعي في سلوك الخطباء , وقد تضعه في مقياس أللابدية من حيث حسن ضنها بالمرشدين وأهل الدين ولكن هناك من يتحسس هذا الخلل ويحتسبه منقصة في الحالة الدينية بعمومها بل قد يعده دليل على أن الشعارات المرفوعة هي شعارات كلامية من ورائها مصالح خاصة واستغلال لعموم الجمهور باسم الدين والقبض على إرادة الناس بقدسية ألامتثال العقائدي وقيود الطاعة العبادية.
ماذا بعد ذلك ماذا بعد أن توجهت ألأنظار إلى أعلى المنبر هل يرتقي المنبر بعد ذلك من يخالف قوله فعله؟
لمذا نتركهم يحولون المنبر إلى ظاهرة أجنية عن واقع الحياة يقال فوقه حلو القول ويمارس تحته مر الفعل؟
لقد كشرت عن أنيابها ذئاب المصالح وصارت تلتهم ثقة الجمهور في كل مرة أواقعة كشف أمام عيون العامة حتى بدى المشهد في الساحة على أنه حراك مصلحي أجوف يخترم الواقعية ويبعد عن نور الحقيقة إلى دهاليز الريب , والخوف أن تتعدى الشكوك إلى صميم وجود الدين نفسه في نفوس العامة بل هناك من أهل العلم من أوغل الشك وركن إلى مسائلة الثوابت وبعضهم قد بالغ ونسف المشهور وقاس بعقله ما لا يقاس من وقائع نقلية بحته وصاغ المعقول في التاريخ بقياس معقول يومه وأنه !
لله در الناس كيف يستقبلون تلك المعلومات المتضاربة والمتعاكسة ألاتجاه ولمن يطمئنون بعد ذلك الفيضان والتطاير للكتب والمقالات والأقوال!
(كل يدعي وصلا بليلى 00000000000000وليلى لا تقر لهم بذاكا) على أن ليلى سوف تتبين بعد إنبجاس الدموع من العيون ولكننا لن نتبين ذلك بنفس الطريقة فكل عيون الخطباء تنبجس دموعا فوق المنابر ولكن بعضهم بعد أن يكونون تحت المنابر يختلفون فدموعهم فوق المنبر تبكي الحق والصدق أما تحت المنبر فلعابهم يسيل على المصالح الخاصة.
هذه الحالة ليست بدعا من التاريخ وما نتوجع منه ألان إنما هو امتدادا لما قبله من معاناة ولذلك كانت فائدة قراءة التاريخ ومن أجل ذلك تقص القصص وتذكر العبر وعلى ذلك إذا رأينا من يسوئه ذكر وقائع الماضين فلا بد أنه مبتلى ببلائهم وملوث بسلبياتهم فيستخدم ما يدلس به من أحاديث يبترها أو آيات يتأولها ويحاول أن يعفو ما سلف (عفا الله عن ما سلف) ويدفنه وكأن التقادم مدعاة للمغفرة ومعفاة عن الجريرة وهذا ما يتصادم مباشرة مع ألأيمان بالعدل الإلاهي , فالأيمان بالعدل ينقصه أن تساوي بين الظالم والمظلوم فتترضى عليهما وتتوقع أن يكونا في الجنة أخوان على سرر متقابلين , {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }(1) هذا هو العدل يأمر به خالقنا جل وعلى وبدون العدل تتحطم القيم كافة وتفقد معناها ويصبح وجودنا لهو حاشا لله أن يكون ذلك.
هناك من يدعي الديمقراطية ويتشدق بالعدالة في إذاعاته وفضائياته وهو يفعل قوانين محاكم التفتيش بعد ذلك تماما فوق المنبر ألأعلامي يمطر الناس من كلمات الحرية والديمقراطية والعدالة وتحت المنبر وفي واقعه العملي يدستر قوانين محاكم التفتيش ويقيد حركة التاريخ حسب ظنه واطمئنانه المختل بعشق شخصية تاريخية معينه ومحاولا تجريم من يكشف جرائمها وما فعلته من مصائب وما سفكته من دم حرام المشكلة أن هذه القوانين والقرارات لم تحصل على أي غطاء من الدين غير ما يتشدق به حراس المصالح الطائفية وكسبة الربح الحرام من المنفرين عن الدين والمشوهين لوجه الإسلام من عشاق الإرهاب بأنواعه .
نعم فعند المصالح تعمى عيون العدل وتكسف شمس الحقيقة, فلنرجع للهمس الأولى ونفتح من معانيها كوة نعاين منها تجربة من فوق المنبر وما تحته هناك نموذج متكرر يحدث أن يأمر من فوق المنبر بالعدل ويدعو بفعل الخيرات ويحث لترك المنكرات وحين ما ينزل يرجع خلف موضوعه ما قبل صعود المنبر في ملاطفة ومجاملة أشخاص مجاهرين بمعصيتهم من اغتصاب لحقوق الغير أو التعامل بالربا وغيره من أنواع الذنوب وحين يرصد أحدهم فعله ويطالبه بالوقوف المنصف مع الحق يبرر فعله بخصوصية الموضوع أو الركون للأحكام الثانوية ويعطي الرخصة للمفسدة فيجعل من نفسه مطية لتمرير حكم بالبراءة لهذا الظالم ويكثر السواد على المظلوم متناسيا لما كان يقوله ويبثه من فوق المنبر !
العجب في ما كان يقوله ويحث عليه فوق المنبر من الوقوف في وجه الظالمين ونصرة المظلومين والتصبر في ذات الله ولو ضد الأقربين ولو في فوات المصلحة الخاصة,فيضن من يسمعه بأنه ممتشق لصارم العدل والحق ليجتث به ظلم الزيغ وانه ممتلئ فتوة وشجاعة وإذا هو تحت المنبر ذلك الكسير أما رغبة المصلحة والملتقم شفاهه بالصمت والسكوت وقد يصل إلى ابعد من ذلك فيمجد في أصحاب الظلم ليتسول منهم بعض من مصلحة وبذلك يخرج من التعامل المشروع إلى دائرة النفاق حين يشخص خطئا موضوع إباحة الحرام كضرورة موضوعية.
وأكثر من يكون تحت مجهر الانكشاف ذلك الذي يذكر بمظلومية أهل بيت الرسالة صلى الله على نبينا وعليهم أجمعين ثم يتماها مع ظالميهم فيستنكر لعن الظالمين ويكافح في ستر علامات الظلم ووقائع الجور بالترضي عن سفاحين ومجرمي التاريخ بدعوى التقادم وتغير الزمان, فيكون فعلة في بون واسع عن شعار الانتماء لأهل البيت الذي لم يركب هذا المنبر لولا قضيتهم ولم تعرف له هوية من دونهم فأي فجاجة بعد ذلك أن تخالج مشاعر المتسترين عن شعاع حقيقة أهل البيت من يهوون البديل وتداخلهم خلجات البغض والعقد على مدار الحق المتجسد بأهل بيت النبوة فذلك غير غريب عنهم ولكن أن يشاطرهم جزء من نفس المشاعر الكاذبة من يستظل بلواء أهل البيت فذلك الغريب حقا , إذ كيف نربط بين تلك السلوكية في الواقع مع ماهية التشيع لأهل البيت الشريف وكيف يتحمل كيان يتصف بحب أهل البيت مع حب أعدائهم في نفس الوقت كيف أن نوفق بين حبيين غير متجانسين حب الخير وحب الشر في قلب واحد أليست هذه هرطقة وتخريف ؟
ألاستكانة لمطلق المصالح وعد كل ضرورة باب لركوب المحظور مصيبة ما بعدها مصيبة , حيث تقنن أللا معقول أسلوبا في سير أصحاب العقول فإما أن يكونون بلا عقول أو أن يكون العقل في إجازة من الحكم في التقنين العبثي؟
حتى أن من الشاذ والمعيب أن تكون هنالك المكايل المختلفة في كيل نفس الأمر وقياس ذات الموضوع وإن من كان هذا ديدنه يكون متهما في ميلة وتفضيله وجنوحه إلى الظلم أوسعيه لمصلحته الخاصة, فتوحيد المقاييس دلالة على تمكن العقل من عرش الإرادة ولخبطتها دلالة على العكس تماما مهما ضن بصاحبها عقلا وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } (3) وبعد ذلك لا نستطيع أن نصنف أصحاب هذه العقليات والسلوكيات إلا بنوع من الوصف بالذم والتخطيء ولا ننتظر لقولهم من فوق المنبر إلا بما يفعلونه تحت المنبر تفسيرا وبيان لما يقولون ,فهل يتحرر المنبر يوما من نير تلكم الفئة الغير متجانسة مع ذاتها بمجرد ما تغير موقعها بين فوق أو تحت المنبر
جديد الموقع
- 2025-01-14 أسرة المهناء بالمطيرفي تحتفي بزفاف ابناء الحاج "جواد " تهانينا
- 2025-01-14 " المؤرخ وتدوين تاريخ الأحساء الموسوعي "
- 2025-01-14 أسباب الإخفاق في الإلتزام بقرارات العام الجديد
- 2025-01-14 هل بإمكان الجزر أن ينظم نسبة السكر في الدم؟
- 2025-01-14 محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية التي تجري في اللاوعي وتشكل انفعالاتنا وقراراتنا وسلوكنا
- 2025-01-13 تنظيم علاقة الإنسان بريه
- 2025-01-12 إل جي تطلق متجرها الرائد في المملكة العربية السعودية بحفل افتتاح كبير
- 2025-01-12 البلادي يشدو بشدة القافلة في أمسية غناء البادية في ختام "معرض الإبل عبر العصور"
- 2025-01-12 7 شعراء يؤثّثون سادس أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي
- 2025-01-12 تحت شعار تمرنا من خير واحتنا سمو أمير الشرقية يرعى انطلاقة النسخة العاشرة من مهرجان تمور الأحساء المصنّعة