أثبتت دراسة جديدة بجامعة ييل أن نماذج التعلم الآلي لعمر الدماغ يمكن أن تكون بمثابة مؤشرات على مسار نمو دماغ الأطفال
يمر الدماغ البشري بتطور (بنمو) (1) كبير خلال الأشهر الأخيرة قبل الولادة وخلال السنة الأولى بعدها. بالرغم من أن الباحثين قد بدأوا في تتبع مسارات النمو [هو المسار المتعلق بمسار نموه الطبيعي أو المتوقع (2)] في هذه الفترة المبكرة، فإن المسارات الصحية للنمو لم تكن موجودة.
في دراسة جديدة، أثبت باحثون من جامعة ييل أن نماذج عمر الدماغ قد تكون مفيدة لتتبع نمو الدماغ الصحي وتحديد العوامل البيئية التي تؤثر في وتيرة نموه.
وكشف الباحثون أيضًا أن النمو السريع ليس أمرًا إيجابيًا على المستوى الشمولي.
بالنسبة للدراسة (3)، التي نُشرت في 26 نوفمبر 2024 في مجلة Nature Communications، استخدم الباحثون صورًا وظيفية لهيكلية الدماغ لأكثر من 600 رضيعًا وخديجًا صُورت بالرنين المغناطيسي (MRI) في المملكة المتحدة من مشروع الكونيتكوم البشري (4).
باستخدام الصور، قام الباحثون بتدريب نماذج التعلم الآلي للتنبؤ بعمر دماغ الرضيع باستخدام بيانات التصوير العصبي (تصوير الدماغ) (5).
"عادة، يتناول الباحثون بالدراسة عمر الدماغ إما من خلال بيانات تصوير التركيب البنائي (التصوير الهيكلي) أو التصوير الوظيفي (5)، ولكن هنا استخدمنا كليهما،"حسبما قال هويلي صن Huili Sun، المؤلف الرئيس للدراسة وطالب الدكتوراه في مختبر المؤلف الرئيس داستن شينوست Dustin Scheinost، الأستاذ المشارك في الأشعة والتصوير الطبي الحيوي في كلية الطب بجامعة ييل. "عمر الدماغ هو مفهوم غير مسبوق من حيث أخذ جميع بيانات الدماغ متعددة الخصائص (6) واختزالها في رقم واحد، ولكن ذو معنىً للشخص."
عند اختبار النماذج، وجد الباحثون أنهم قادرون على التنبؤ بدقة بأعمار الرضع سواء أكانت هذه التقديرات مبنية على بيانات من كامل الدماغ أم بيانات من شبكات عصبية معينة في الدماغ.
ومن هناك، قام الباحثون بدراسة فجوات عمر الدماغ – وهي الاختلافات بين السن الفعلي للرضيع والسن الذي توقعته النماذج بناءً على صور الدماغ. وقال الباحثون إن هذه الفجوات يمكن أن تكون بمثابة مؤشر على ما إذا كان دماغ الرضيع ينمو بسرعة أكثر أو ينمو ببطء أكثر مما ينبغي.
"رغبنا في أن نفهم نوع العوامل التي قد تؤثر في فجوات الدماغ العمرية." "بما أن صور الدماغ قد أُخدت من الرضع بعد وقت قصير من الولادة، فإن الكثير من العوامل البيئية التي قد تكون مؤثرة كان من الممكن أن يكون لها تأثير أثناء الحمل. لذلك أخذنا ديموغرافية (7) الأمهات وما إذا كان لها أي علاقة بفجوات عمر الدماغ في الاعتبار.
وشملت هذه الديموغرافيا سن الأم، ومستوى تعليمها، وتاريخ صحتها العقلية، وحالات صحتها البدنية، وتعاطيها للمخدرات. ووجد الباحثون أن عمر الأم كان له اقتران قوي، حيث تلازم عمر الأم عند الولادة بالعمر الهيكلي للدماغ الأكثر نضجًا عند الرضع المولودين بعد فترة حمل كاملة (8).
في حين قد يفترض المرء أن كون دماغ الرضيع أكثر نموًا مما هو متوقع، قد يكون حالة جيدة، فقد وجد الباحثون أن الأمر ليس كذلك دائمًا.
وقال صن: "لقد وجدنا أنه كلما بدا عمر دماغ الطفل أكبر في مرحلة الرضاعة (9)، كانت قدراته الإدراكية أفضل عند بلوغه مرحلة الدَّرْج (تمتد من عمر سنة إلى ثلاث سنوات، حسب التعريف)، ولكن قدرته على تنظيم سلوكه وانفعالاته كانت أكثر سوءً." "لذلك هناك مضار ومنافع لنمو الدماغ السريع، ومن المحتمل أن يكون اتِّباع المسار المعياري (أو المتوقع) هو الأفضل، وفقًا للنتائج التي توصلنا إليها".
للمضي قدمًا، يرغب الباحثون في دراسة مسار عمر الدماغ بشكل أوسع حتى مرحلة الرضاعة، بل وحتى مرحلة الطفولة الدارجة (السنة والثلاث سنوات) وفهم الدور الذي قد تلعبه الوراثة في الفجوات في عمر الدماغ بشكل أفضل. بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لأن البيانات من هذه الدراسة أُخذت في أوروبا، فسيكون إجراء دراسات مماثلة حول مسار نمو الدماغ لدى الأطفال من مناطق مختلفة ومن ثقافات مختلفة عالميًا إجراءً مهمًا، كما قال الباحثون.
"عمر الدماغ والفجوات في عمر الدماغ هي أداة قيمة لدراسة اضطرابات النمو العصبي عند الرضع والأطفال،" كما قال صن. "القدرة على التعرف على مسارات النمو المعيارية في حياة الطفل المبكرة ستساعد في التعرف على سبب انحراف الأفراد عن تلك المسارات ومتى تحدث، ويمكن أن تشير إلى كيفية التدخل ومتى يجب التدخل."