2011/11/08 | 0 | 2312
عاد الحج ولم يتمكن الحجيج
هل ترجع عمليات الحج الكثيرة إلى مقاييس التجارة البحتة؟
فيقع أمر شرعي واجب في شباك العرض والطلب , وتكون شعيرة إسلامية عظمى وفروض دينية عظيمة أسيرة للقدرة الشرائية لتذبذب العملة النقدية والمضاربات في البورصة؟
الواقع الحالي يرد بالإيجاب, فالوضع بالضبط كما هو ظاهر للعيان لاسيما أن أمر وجوب الحج لا يقع إلا بعد تحقق شرط ألاستطاعة ولذلك فسوف يكون صاحب النقد المتذبذب في مساحة سقوط التكليف ولن يشعر صاحب المصلحة التجارية بأي حرج أو مسؤلية تذكر في تدهور ألاستطاعة عند غيره من أخوانه ممن يتلمظ شوقا لزيارة بيت الله الحرام ولو لمرة واحدة في حياته.
إن أمر الحج والحجيج في القدم كان أوضح من ناحية ترتب التكليف أو عدمه وذلك لبطئ وسيلة النقل ووعورة الطريق وبعد المسافات ونسبية انعدام ألأمن في السفر والترحال, بعكسه اليوم فقط انسحب القرار البطيء واستبدل به السرعة في المتغير من نواحي عدة أولها وليس أخرها التقلب التجاري لقيمة النقل والسكن والزاد والسماح الأمني والقدرة ألاستيعابية للكم البشري في المناطق المقدسة ناهيك عن الشرط السياسي المفاجئ في وثوبه على العلاقات الدولية بين حين وأخر.
وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }الحج27 {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }الحج28
شهادة المنافع هنا قد تفسر بإدراج الوضع النقدي والعرف التجاري في عمليات الحج وجعل الربح بمقياس التجارة الحديثة سببا لترتب فرض الحج من البدء وما لو قصرت القدرة الشرائية عند الحاج صارت سببا لتأجيل الوجوب وانعدامه الوقتي حتى تتوفر القدرة في ما بعد, على أن ليشهدوا منافع لهم أتت بعد وجوب الحج وبعد أن يأتون على كل ضامر, فيقف المانع بما هو مسقط للوجوب في القدرة على الوصول وليس على القدرة في شهادة المنافع وفي هذا ما يلاحظ من الصعوبة بمكان ومن الحرج والعسر ما قد يوقع قطع استمرارية القدرة في شأن الزاد والراحلة في داخل المشاعر بل والقدرة في التحمل وعدم ترتب ألاستطاعة.
في هذه النظرة تلفتنا حالة شاخصة ومتواجدة بقوة حيث يكون السكن في الديار المقدسة بحد ذاته هو الثقل ألأكبر على ميزانية الحاج ومن العسر للحاج أن يبيت في العراء ليس بسبب شدة ألأحوال الجوية والتلوث البيئي فقط بل بأمر السلطات في ذلك القطر الشريف حيث يفرض على الحاج تأجير الخيام بصفة رسمية وقانونية ملزمة بعد أن كثرت الحوادث الأليمة في حالة ألافتراش في الطرقات في ما سبق مما يرجعنا للدائرة ألأولى في تأكيد شرط القدرة المستمر في تحمل أعباء الحج ليس في راحلة وزاد الوفود بل تبقى مستمرة حتى الرجوع إلى الوطن بما يضمن القدرة التامة في تحمل الأعباء الباهظة في ديار الحج من غلاء أسعار المسكن والراحلة مع النسبة العالية من الاحتكار على الناقل الوطني ومقاول الزاد الداخلي مع تزامن المرثونية العالمية في التصاعد العجيب للغلاء .
هذا مع وجود عنصر خير وبقدر جزئي وغير رئيسي ألا وهو ما يقوم به بعض أهل الخير من توزيع الوجبات المجانية والمياه المبردة بصورة غير نظامية وقد تعتريها الفوضوية بطريقة التوزيع وبصورة مؤسفة تشبه عمليه التصدق والمعونة ألإغاثية .
إن الحج مؤتمر إسلامي كبير يقام كل عام يعنون شكل التطور في ألأداء المدني لدى المسلمين ويكشف عن قدرتهم في مسابقة النجاح لصياغة أسلوب حضاري مشرف لعملية تفويج وإسكان وإطعام ثلاثة ملايين حاج اعتادت أن تراهم الديار المقدسة كل عام تقريبا , هذا تحدي صغير أما ما يفترض أن تستقبله تلك الديار في ألأيام المعدودات , فمن المعروف أن ثلاثة ملايين من 1.57 مليار(1) مسلم لا يساوي إلا 0,000191!!
وعلى هذا القدر لن يستطيع أكثر المسلمين من الحج مهما كانت قدرتهم الشرائية للزاد والراحلة فالمانع ألأول عدم قدرة الديار المقدسة في استيعابهم عدديا لذلك صار إلى تقنين الوفود للحج بهذا الحجم وفقط , ليبقى العدد ألأعظم من المسلمين ممن يتمنى الحج غير مستطيع بحسب عدم توفر الفرصة العددية. فهل فكر المسلمون بحل لهذه ألأحجية أن يمكنوا أخوانهم من الحج ولو لمرة واحدة في حياتهم الدنيوية؟
إذا كانت المشكلة هي مشكلة مكانية فهنا لابد من البحث عن حلها عند المهندس المدني المفوض بفتوى علماء الدين المسلمين ليحل لهم هذه الإشكالية الحاكمة للعدد, وقد قرأت في كتيب لأية الله ألأمام الشيرازي أعلى الله درجاته يتكلم في حل هذه المعضلة من قبل عقدين من الزمن عنوانه ليحج خمسون مليونا كل عام
(ولعل سؤالا يطرح هنا ليقول: كيف تستوعب تلك المشاهد المشرفة المحدودة هذا السيل من البشر؟
والجواب: إن الأمر غير محال بل ممكن بعد الالتفات إلى النقاط التالية:
1: فالمواقالحجيج.المرور منها فقط(3).
2: وإذا وسعنا المطارات ونقاط الدخول البرية والبحرية ويسرنا من الإجراءات ...
3: وإذا جعلنا المطاف طوابق متعددة، بحيث تستوعب العدد المذكور، وكذلك مقام إبراهيم (عليه السلام) (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) (4) حيث تجوز الصلاة خلف الكعبة عند المقام أو خلفه في مختلف الطوابق.
5: وأيضا إذا جعلنا كلا من المسعى وعرفات والمشعر ومنى طبقات، ولعل مما يسهل الأمر جواز الوقوف خارجها عند الاضطرار كما في النص(5).
6: وكذلك إذا جعلنا الجمرات طبقات، وتوفر الجمار في جميعها.
7: وإذا أوفرنا الشياه من مختلف البلاد، إضافة إلى إمكان توسعة تربية المواشي في البلد، ولو فرض عدم هذه الكثرة من الشياه (فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم )6).
8: وخاصة مع الروح الإسلامية التي يتمتع بها الحجاج حيث يختلط بعضهم ببعض كما شاهدته قبل نيف وأربعين سنة(7)، ويكون هناك وحدة عالمية، قال تعالى: (سواء العاكف فيه والباد )8).
9: والخيام ـ إن لم تبن مدن الحجاج ـ تضرب في أطراف البلدين المقدسين بقدر يستوعب الحجيج .
10: وتوفر وسائالهندسية والفتاوىقل الجميع، وهذا أمر ميسور في تقدم الصناعة والتجارة الحاصلة في العالم اليوم .
إضافة إلى لزوم التسهيل في أمور الحجاج ورفع القيود المصطنعة كالتأشيرة والجواز وما أشبه، كما كان أمر الحج قبل عهد الاستعمار.
ولا يستغرب من ذلك ففي زمان الإمام السجاد (عليه السلام) حج ما يزيد على 5/4 مليون، فكيف بهذا اليوم الذي تتمتع فيه الدولة بالإمكانات النفطية الكبيرة، وخاصة إذا اهتمت البلاد الإسلامية ـ خليجية وغيرها ـ في ذلك وساهمت في هذه المهمة التي قد لا يستوعب إيجادها أكثر من سنوات معدودات بسبب التقنية الحديثة، مضافا إلى المحسنين من تجار المسلمين وكفاءاتهم.
فإجراء هذا المشروع الحيوي ضروري، قال سبحانه: (ليشهدوا منافع لهم)(9) بما ينفع كل البشرية، والذي يحمل الهمة العالية لا تقف أمامه الحواجز والموانع (فان المرء يطير بهمته كما يطير الطائر بجناحيه) .. والله الموفق والمستعان. )(2)
هنالك ألأفكار الهندسية والفتاوى الشرعية في هذا ألاتجاه مما يساعدنا في التوجه إلى الخطوات المستقبلية المناسبة لحل مشكل ألأكثرية المسلمة الممنوعة مكانيا من التواجد حتى لو استطاعت أن تحقق القدرة في الزاد والراحلة .
ومن الناحية القدرة في الزاد والراحلة فيجب فك ألاحتكار المحلي وترك الديار المقدسة لتدخل عالمية السوق ألإسلامية وتكون مركزا إسلاميا لخدمات ومنافع جميع المسلمين وأرضا تحضن كل من يقصدها من معتنقي الشريعة ألإسلامية السمحاء , وعلينا أن نسارع في الحل فالوقت لا يسعنا فكل ما مر يوم ازدادت أعداد المسلمين ووجب أن نحقق لهم زيارة قبلتهم التي يتوجهون إليها خمس مرات في اليوم علي الأقل وأن يأدوا فريضة حجهم ولو حجة الصيرورة.
جديد الموقع
- 2025-01-14 أسرة المهناء بالمطيرفي تحتفي بزفاف ابناء الحاج "جواد " تهانينا
- 2025-01-14 " المؤرخ وتدوين تاريخ الأحساء الموسوعي "
- 2025-01-14 أسباب الإخفاق في الإلتزام بقرارات العام الجديد
- 2025-01-14 هل بإمكان الجزر أن ينظم نسبة السكر في الدم؟
- 2025-01-14 محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية التي تجري في اللاوعي وتشكل انفعالاتنا وقراراتنا وسلوكنا
- 2025-01-13 تنظيم علاقة الإنسان بريه
- 2025-01-12 إل جي تطلق متجرها الرائد في المملكة العربية السعودية بحفل افتتاح كبير
- 2025-01-12 البلادي يشدو بشدة القافلة في أمسية غناء البادية في ختام "معرض الإبل عبر العصور"
- 2025-01-12 7 شعراء يؤثّثون سادس أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي
- 2025-01-12 تحت شعار تمرنا من خير واحتنا سمو أمير الشرقية يرعى انطلاقة النسخة العاشرة من مهرجان تمور الأحساء المصنّعة