مستوى السيروتونين المرتفع (1) قد يؤدي إلى تغيير في كيف يتعلم الناس من المعلومات السلبية، بالإضافة إلى تحسين كيفية استجابتهم لهذا النوع من المعلومات، وفقًا لدراسة (2) نُشرت في مجلة Nature Communications الرائدة.
وجدت الدراسة التي أجراها باحثون في قسم الطب النفسي بجامعة أكسفورد والمعهد الوطني لأبحاث الصحة والرعاية (NIHR) ومركز أكسفورد لأبحاث الطب البيولوجي الصحي (OH BRC) أن الذين لديهم مستويات مرتفعة من الـ سيروتونين لديهم حساسية منخفضة تجاه المخرجات العقابية [الربط بين السلوك والنتيجة والتي إما أن تكون مثبطة للسلوك غير المرغوب أو معززة للسلوك المرغوب] (3) (على سبيل المثال، خسارة أموال) دون التأثير بشكل معتبر على مستوى حساسيتهم تجاه نيل الثواب (المكافآت كربح أموال).
ووجدوا أن مستويات السيروتونين المرتفعة جعلت الناس أكثر قدرة على التحكم في سلوكياتهم، خاصة عندما يتعرضون إلى معلومات (أو أجواء) سلبية. وبينت الدراسة أيضًا أن مستويات السيروتونين المرتفعة أفادت أنواعًا مختلفة من الذاكرة [الذاكرة المكانية الإبصارية بأنواعها(5 ، 4)].
وقال مايكل كولويل Michael Colwell من قسم الطب النفسي بجامعة أكسفورد، والمؤلف الرئيس للدراسة: "هذه النتائج تسلط ضوءًا جديدًا على كيف يؤثر السيروتونين في السلوك البشري، خاصة في البيئات السلبية [مثل أجواء العمل السامة (السلبية) والصداقة السامة وديناميات العائلة السامة(7 . 6)"].
"نعتقد أن تأثير السيروتونين قد يزودنا بأفكار مهمة عن سبب الاكتئاب وعلاجه."
بدلاً من استخدام مضادات الاكتئاب التقليدية (SSRIs أو مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (8)) لاختبار نوع الاستجابات للمعلومات، استخدم الباحثون تقنية جديدة لاختبار تأثير السيروتونين، وذلك باستخدام وسيط إفراز السيروتونين الانتقائي، وهو دواء يستخدم حاليًا لعلاج نوع نادر من الصرع يدعى بـ متلازمة درافت [Dravet syndrome والتي كانت تُعرف سابقا باسم صرع الأطفال الرمعي الشديد(9)]. وبخلاف التقنيات التقليدية، فإن هذا الدواء الجديد يزيد بشكل مباشر من مستويات السيروتونين في دماغ الشخص.
وقالت البروفيسور كاثرين هارمر Catherine Harmer، أستاذ علم الأعصاب المعرفي في جامعة أكسفورد، ورئيس قسم علاجات الاكتئاب في مركز أكسفورد لأبحاث الطب البيولوجي الصحي: "على الرغم من ما يقرب من قرن من الدراسات، فإن فهمنا لكيفية تأثير السيروتونين في السلوك البشري ظل غير واضح ومثيرًا للجدل".
"وهذه الدراسة زوّدتنا ببعض المعلومات الجديدة والمثيرة حول دور السيروتونين في السلوك البشري. يبدو أن السيروتونين، المتورط في الاكتئاب وفي تأثير مضادات الاكتئاب، له دور أكبر في خفض الحساسية تجاه الأمور السلبية، ولا يرفع من مستوى الاستجابات للأشياء الإيجابية. غالبًا ما يُشار إلى السيروتونين باللغة الدارجة باسم "هرمون السعادة"(1)، ولكن ربما آن الأوان لأن نعتبره "الهرمون الذي ليس بذلك السوء."
وقالت البروفيسور سوزانا ميرفي Susannah Murphy، الأستاذ المشارك في جامعة أكسفورد: "بالتغيير المباشر لمستويات السيروتونين في الدماغ، تساعدنا هذه الدراسة على فهم بعض الوظائف الأساسية التي يلعبها هذه المادة الكيميائية (الهرمون) المهم في الدماغ في التجكم في السلوك البشري".
"تؤكد النتائج التي توصلنا إليها على الدور المركزي الذي يلعبه السيروتونين في العمليات المعرفية التي تتطلب جهدًا، مثل قدرتنا على كبح السلوكيات غير المرغوب فيها. هذه الدراسة تساعدنا أيضًا على فهم السبب الذي يجعل الأدوية، التي تغير مستويات السيروتونين، علاجات فعالة لعدة أمراض نفسية، بما فيها الاكتئاب والقلق واضطراب الوسواس القهري.