يقول الدكتور بن زونيكا Ben Zunic والدكتور برونوين ريد أوكونور Bronwyn Reid O'Connor من كلية سيدني للتعليم والعمل الاجتماعي إن العوامل الاجتماعية (1) والقوالب النمطية (2) وعدم الثقة [في القدرات للشخصية] هي من بين أسباب نقص تمثيل الفتيات في مادة الرياضيات المدرسية في الاختبارات الدولية، ويقترح الباحثان ثلاث استراتيجيات لتضييق الفجوة بين الطلاب والطالبات في هذه المادة.
كشف اختبار دولي كبير عن وجود فجوة مثيرة للقلق بين الطلاب والطالبات في مادة الرياضيات في المدارس الأسترالية.
في دراسة (3) الاتجاهات الدولية في الرياضيات والعلوم (TIMSS) (4) لعام 2023، كان أداء الطلاب في أستراليا أفضل بكثير من أداء الطالبات.
تفوق الطلاب في الصف الرابع الابتدائي على الطالبات بأعلى هامش على مستوى طلاب وطالبات من 58 دولة أخذوا اختبار TIMSS. نتيجة هذا الاختبار ليست أفضل بكثير بالنسبة لطلاب الصف الثاني المتوسط أيضًا - فقد احتلت أستراليا المرتبة الثانية عشرة من حيث الفجوة بين طلاب وطالبات الثاني متوسط من بين 42 دولة.
لكن هذه النتيجة لا تنطبق على مواد أخرى، مثل مادة القراءة والكتابة، حيث الفجوة بين الطلاب والطالبات كانت أضيق بكثير، أو زاد فيها عدد الطالبات على عدد الطلاب.
لماذا توجد فجوة؟
الباحثون من دول مختلفة كانوا على علم بوجود هذه الفجوة بين الطلاب والطالبات في مادة الرياضيات منذ عقود (5)، ويحاولون فهم سبب وجود هذه الفجوة وطريقة التخلص منها أو تضييقها (6).
وقد سبق أن أُشير سابقًا (7) إلى أن الطلاب أفضل في مادة الرياضيات من الطالبات. بيد أن هذه الفكرة قد دُحضت تمامًا، حيث لم تجد العديد من الدراسات (7) أي فرق بيولوجي ذي دلالة إحصائية بين الطلاب والطالبات في القدرة في مادة الرياضيات.
لكن الأرقام تبين باستمرار أن الفتيات أقل تمثيلًا (عددًا) في اختبارات مادة الرياضيات المتقدمة (8). على سبيل المثال، في مادتي الرياضيات الأكثر تقدما في السنتين الثاني ثانوي والثالث ثانوي في نيو ساوث ويلز، يفوق عدد الطلاب المسجلين في اختبار هاتين المادتين عدد الطالبات بنسبة 2 إلى 1 تقريبا.
الرياضيات مادة "مناسبة للطلاب"؟
تشير الدراسات إلى أن العوامل الاجتماعية والدوافع الفردية تلعب دورًا في الفجوة بين الطلاب والطالبات في الرياضيات (9).
وجدت الأبحاث أن القوالب النمطية تمثل مشكلة (10)، حيث يُنظر إلى الرياضيات على أنها "مادة مناسبة اكثر للطلاب". تبدأ هذه الأفكار في الظهور من سن مبكرة، حتى من سن الخامسة (11).
يمكن أن تؤثر هذه الصور النمطية سلبًا في تحفيز الطالبات (12) في مادة الرياضيات وعلى نجاعتهن الذاتية (إيمانهن بمدى قدراتهن على النجاح والوصول إلى الهدف (13))، مما يؤثر بعد ذلك في الأداء.
كما أن الطالبات أكثر احتمالًا للإصابة بقلق الرياضيات (14، 15)، والذي قد يكون بسبب عدم ثقتهن في قدراتهن الذاتية.
سبب آخر محتمل لهذه الفجوة هو أن الطالبات أنفسهن لا تهتم أن يُنظر إليهن على أنهن قديرات في مادة الرياضيات بالقدر الذي يهتم بذلك الطلاب. وقد قُرنت هذه بالاختلافات في مدى انخراطهن في المادة وبالتالي في أدائهن اللاحق (16).
ونظراً لمدى أهمية القدرات في مادة الرياضيات في أماكن العمل (الشركات والدوائر) اليوم وفي المستقبل، فإننا بحاجة إلى تغيير هذا الموقف السلبي تجاه أهمية المادة (17).
ماذا يمكننا أن نفعل؟
لسوء الحظ، لا توجد إجابات بسيطة على مثل هذا السؤال. ومع ذلك، نوصي بثلاث استراتيجيات للمساعدة في تضييق هذه الفجوة.
1. عاملوا الطلاب والطالبات بنفس المعاملة حين يتعلق الأمر بالرياضيات
هناك استعداد (18) متوقع لانخراط الطلاب في الرياضيات الصعبة أكثر من استعداد الطالبات. لو كان أولياء الأمور والمعلمون لا يتوقعون من الطالبات إلَّا مستويات أقل مما يتوقعونه من الطلاب، فإننا نعزز الصورة النمطية القائلة بأن مادة الرياضيات "مادة تناسب الطلاب أكثر مما تناسب الطالبات" (19). مجرد الاعتقاد بأن الطلاب أفضل في الرياضيات يمكن أن يؤدي إلى الإنحياز بشكل أكثر تجاه الذكور من قبل أولياء أمورهم ومعلميهم، وبالتالي صرف وقت أكثر أو الاهتمام بهم أكثر في مادة الرياضيات من اهتمامهم بالبنات (20). ويمكن ملاحظة ذلك أيضًا في سلوكياتهم حيث يعتقدون أنهم داعمون للبنات، وذلك في طمأنتهم لمن تجد منهن صعوبة في مادة الرياضيات، "كـ قولهم لها لا بأس إذا لم تكوني جيدة في هذه المادة"! [مما يستبطن حقيقة اعتقادهم بضعف قدرات الفتيات في الرياضيات]
2. تحدثوا مع الفتيات عن الرياضيات
المعروف من الناحية التاريخية عن الطالبات أن نجاعتهن الذاتية وثقتهن بأنفسهن في مادة الرياضيات متدنية كما يبدو من أدائهن الفعلي (21). وهذا يعني أنه من المحتمل أن يكون اعتقادهن في قدراتهن في الرياضيات غير دقيق. لذلك نحن بحاجة إلى أن نفهم مدى شعورهن بتقدمهن في المادة وأن نتأكد من فهمن لتقدمهن الحقيقي فيها.
3. الاستفادة من القدوات النسائية في الرياضيات
عندما ترى الفتيات أنفسهن ممثَلات في المهن التي تعتمد على الرياضيات بشكل مكثف - مثل المهندسات، وخبيرات الاكتواريات (22)، والكيميائيات، والاقتصاديات، وأخصائيات علم البيانات، والمهندسات المعماريات، ومطورات البرمجيات - فمن الأرجح أن يرين أهمية وقيمة مادة الرياضيات في أماكن العمل. ونحن نعلم أن هذا يمكن أن يكون مصدر إلهام للشابات (23).