2024/04/04 | 0 | 1246
شذرات سردية تأتلف في كنف رمضان.
اليمامة
(١) رمضان في سردنا السعودي، نمط الحالي ومأمول المستقبل:
من فرادة شهر رمضان عندما يتناوله السرد كموضوع، أنه لا يتماس معه - في الأغلب - إلا بجزئية بسيطة تنطق بها أصوات طفولية بذكريات الحنين. ذلك على الرغم من تغيير هذا الشهر للكثير من الممارسات اليومية في العادات والنمط المعيشي مقارنة بباقي أشهر العام الإحدى عشر.
فرمضان شهر مكثف في أحداثه، ومادة غنية بانعكاسها على أسلوب الحياة، وعلى العالم الداخلي للفرد، وبهذا يغدو مغرياً للكشف عن أبعاده الجمالية. لكن واقعنا السردي في أغلبه لا يقول ذلك، ويكتفي بإشارات ونتف من حكايا يمر بها “عرضاً”، وليس موضوعا رئيسياً يتمدد على المتن الحكائي. فهل خصوصية رمضان في “العقل الجمعي” هي نوستالوجية تذهب باتجاه الماضي، وتبتعد عن الحاضر، وهي من أوحت للسارد بذلك؛ بدلالة الحضور المكثف للمسلسلات التاريخية التليفزيونية التي تختار شهر رمضان لكي تنطلق في لياليه؟
*******
(٢) “حروف عصية على الكشط”:
والدتي معلمة قرآن، مع وقف التنفيذ. اختطفها والدي قبل أن تحصل على إجازة الكفاية، التي تمنحها جدتها عادة للفتيات اللاتي يمهرن في القراءة خارج “المنهج”؛ ككتب الحديث والسيرة.
في هذه المرحلة المبكرة، حصلت والدتي على لقب “معلمة مبتدئة”، التي لا تخولها سوى مراقبة حركات الحروف ومخارج الأصوات للصبية الذين يتدربون على التلاوة: «باء كسرة بي / سين جزمة.. بِسْ / ميم كسرة مي.. بِسْمِ، ألف كسرة لام جزمة إلْ /لام شدّة نصبة لّا.. اللَّ.. بِسْمِ اللَّ / هاء كسرة هي.. اللهِ.. بِسْمِ اللهِ».
وحتى يعوضها الجد عن تعثر مسيرتها “العلمية”، أوصى بعض النساخ على كتابي “سيرة عنترة”، و”أبي زيد الهلالي”، هدية منه لها. ذلك قبل أن يهديها والدي نفس النسخ مطبوعة من بغداد.
وهكذا صارت الحكايات بالنسبة لنا - نحن أطفالها - بمثابة المكافئة التي نتطلع إليها، بشرط إنجازنا لفروضنا الدراسية.
أما الحكايات الشعبية المتوارثة، فقد كانت والدتي تنوع على متنها الحكائي تبعاً لسلوكنا في المنزل. فسندريلا، مثلاً، لا تحظى بحذائها الذهبي عندما لا تقوم أخواتي بمساعدتها في أعمال المنزل. ويتمزق بساط علاء الدين ولا يقوى على الطيران؛ ذلك في حالة عراكنا وشغبنا. ومن جانب آخر، تنهزم الشياطين، وتختفي الجنيات الشرسات في الحكايات، متى ما انضبط سلوكنا.
استوعبنا فيما بعد نحن، الأخوات والأخوة، هذا الرسالة من والدتي. ففي بعض الأحيان، كان الغاضب منا، يعيد سرد الحكاية ليصل إلى نهايات مبهجة، بدلاً من سوؤها، في حالة غضب الوالدة.
كبرنا، ووحدها حكايتنا نحن، وماضينا الشخصي، الذي وجدنا أنه لا يمكننا بأي حال من الأحوال تغييره أو المساس بأحداثه. فهو من الصلابة بحيث ما زال مؤثراً على مسيرة حياتنا، مهما رغبنا في اعادة تركيبه.
لذلك تبتكر المخيلة حكايا موازية، لآخر يشبهنا، وتمارس عليه رغبتها المضمرة في رسم هيئة حياة مشتهاة. ومن هنا يصبح السرد عالماً كبيراً، وفضاء واسعاً نمارس فيه التجريب، والاختبار أيضاً؛ لخيارات ممكنة.
*******
(٣) “انزياحة في خط الزمن”:
ككل رمضان.. ما يقطفه من ثمرات الصوم هو أن يتعزز حواره الداخلي.
فعندما يُحَيٌد رغباته الحسية ويعزلها عن مشهد حركته النهارية، يصبح كل شيء مجرداً وحتى الشخصيات التي يتعامل معها لا تتعدى كونها أشباح تقوم بوظائف محددة.. أكثر من ذلك، يصبح جسده آخراً في علاقته معه.
لهذا تكون الساعات القليلة بين صلاتي العصر والمغرب هي الأثيرة لديه. ففيها تخرج شخصيات تراثية من بُطُون الكتب وتتجسد أمام ناظريه!؟ وهذا العام صاحب منها شخصيتين ونسج خيوط من الود بينه وبين أبي حيان التوحيدي والجاحظ، حتى شعر أنه وهما يؤلفان حلقة واحدة من حلقات الدرس في المدرسة (النظامية) ببغداد.
بالطبع، تداخل الزمان والجغرافية لا يهمه في رحلته نحو التاريخ. فما هو منطقي لا يريده، لهذا يقطع أي حوار منذ بدايته عندما يتجه نحو علم الكلام أو الفلسفة، ويقبل منه ما كان متلبساً بأبيات شعرية أو مندساً في حكاية.
هذا اليوم، طال بضيفيه النقاش حتى أخذته غفوة بسيطة صحا على مجموعة من الأصوات المتداخلة: (البصائر والذخائر)، (عجينة السمبوسة لا تكفي)، (البيان والتبيان) ... ثم مناداة باسمه، وكلام لم يستطع تمييزه، اعقبته هزة وقف على أثرها وهو بكامل إفاقته:
- اسطوانة الغاز فارغة وسوف تتأخر وجبة الفطور...
جديد الموقع
- 2024-11-14 البلدية والإسكان والبريد السعودي سبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت التجارية
- 2024-11-14 السير الذاتية وتابوهات المجتمع
- 2024-11-14 في ديوان «هاجسُ الريح»لهاني الملحم.. ما نتوقعه من الشعر، وما تعد به القصيدة.
- 2024-11-14 يمثل الأحساء والمنطقة الشرقية في البطولة نادي وأكاديمية بادل بول إلى نهائيات دوري بارنز السعودي للبادل
- 2024-11-14 افراح الأجود و البجحان تهانينا
- 2024-11-13 هل يُطاع الله من حيث يُعصى؟
- 2024-11-13 سمو محافظ الأحساء يستقبل رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية للنقل باتحاد الغرف السعودية
- 2024-11-13 تحالف الأسودان ، خلاص الحسا وسكري القصيم
- 2024-11-13 زواج ثنائي "المجحد والعوض تهانبنا
- 2024-11-13 مركز الملك سلمان للإغاثة يشارك في معرض "واحة الإعلام" بالتزامن مع استضافة المملكة للقمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض