2025/01/21 | 0 | 43
التحولات العامة انعكست على قصيدة النثر في السعودية - محمد الحرز لـالعرب: الحراك الثقافي السعودي لا يمكن وصفه سوى بالسهم المنطلق.
العرب
مثّل جيل التسعينات تغييرا في الشعر السعودي، إذ تمرد هؤلاء على القصيدة الكلاسيكية، وتمكنوا من كتابة تجارب مختلفة ما انفكت تتطور بالتراكم، لذا صرنا اليوم نتحدث عن قصيدة نثر لها بصمتها وحضورها القويان في المشهد الثقافي السعودي، ومن رموز هذه القصيدة الشاعر والناقد محمد الحرز الذي كان لـ"العرب" معه هذا الحوار حول جوانب مهمة في تجربته.
تحتل تجربة محمد الحرز شاعرا وناقدا موقعا بارزا في المشهد الشعري السعودي وخاصة مشهد قصيدة النثر، ليس فقط باعتباره أحد شعرائها المتفردين، ولكن أيضا باعتباره من أبرز متابعيها نقديا، وذلك جنبا إلى جنب اشتغالاته النقدية الأخرى التي تخص المشهد الثقافي بالمملكة العربية السعودية، ورصد التحولات التي تمر بها ثقافيا وفكريا وأدبيا.
التجربة الشعرية
ترجمت نصوص الحرز الشعرية إلى الإنجليزية والفرنسية، وشارك في العديد من الأمسيات والندوات والمؤتمرات الأدبية والفكرية داخل وخارج المملكة. من دواوينه الشعرية “غيابك ترك دراجته الهوائية على الباب” و”قصيدة مضيئة بمجاز واحد”، و”أحمل مسدسي وأتبع الليل”، و”قميص بذكريات معطوبة” مختارات، و”أسمال لا تتذكر دم الفريسة”، أما كتبه النقدية والفكرية فمنها “القصيدة وتحولات مفهوم الكتابة”، و”الحجر والظلال” – الشعر والسرد في مختبر القراءة”، و”ضد الطمأنينة – محاولة في بناء الذات الناقدة”.
انطلاقا من تكوينه المعرفي والثقافي الذي أحاط بنشأته وشكل توجهه نحو كتابة الشعر، يقول الحرز “هناك مرحلتان في حياتي تشكلان النواة الصلبة التي ترسخت فوقها لاحقا تجربتي الثقافية والشعرية. الأولى هي لصيقة مرحلة الطفولة والتي امتازت بكونها أتاحت لطفل لم يتجاوز السابعة من عمره أن يرافق عائلته للسفر عبر البحر على ضفاف الخليج من مدينته الأحساء إلى مدينة المحرق بالبحرين حيث تسكن والدته. هذه الرفقة مكّنته أن يعقد صداقة متينة مع عوالم البحر، بكامل أحاسيسه وعواطفه وإدراكاته. وهذا ما تبين لي لاحقا عندما تتبعت مصادر مخيلتي الإبداعية.”
ويتابع “أما المرحلة الأخرى وهي المرحلة التي كانت في طور المراهقة وهي مرحلة المصادفات الحياتية الجميلة كما يحلو لي أن أسمّيها، لأن الحياة أعطتني شخصية فذّة كجدي لأبي، فقد كان مولعا بالكتب التراثية الأدبية والتاريخية، بالإضافة إلى ولعه بالسفر بحكم اشتغاله بالتجارة. كتب من قبيل ألف ليلة وليلة، وسيرة أبي زيد
الهلال وعنترة بن شداد.. إلخ، الذي كان يحضرها معه مع كل سفرة، لم تكن سوى الشرارة الأولى التي قادتني إلى عالم الثقافة والأدب.” وعن الشعراء الذين شكلت تأثيراتهم دورا في رؤيته الشعرية، يوضح “لا أزعم أن ثمة شاعرا بعينه يمكن أن يرمي ظلاله على كامل التجربة،
فقد تأسست تجربتي على قراءة كل ما يقع تحت يدي من دواوين الشعراء سواء الذين كانوا مقررين علينا أثناء الدراسة بمختلف مراحلها، كشعراء المعلقات وشعراء العصور اللاحقة أو شعراء عصر النهضة، ولا حاجة إلى ذكر أسماء كونهم معروفين. لكن حينما تعرفت على شعراء الحداثة – في الجانب الأوروبي والعربي – وعوالمهم الثقافية والفكرية والأدبية أدركت أن الشعر يكمن هنا في لحظته الراهنة، وهناك طابور من الأسماء الذين قرأتهم بحب وتأثرت بهم: بودلير ورامبو وينيس روتسوس، وإليوت وإزرا باوند وباول تسيلان وغلفك وآخرين عدا عن الشعراء العرب وبالخصوص السورياليين مثل جويس منصور وفاضل العزاوي.. إلخ.”
ويضيف “ربما في هذا الإطار تكون رؤيتي الشعرية ارتبطت بالحداثة من العمق. لكن في مراحل تطوري الشعري لم يكن أسلوبي التعبيري بتراكيبه وأفكاره ومجازاته انتقل فجأة إلى تلك الرؤية كما تمثلتها وعيا وإدراكا، إنما تخللت ذلك شوائب وترسبات لم تتخلص منها قصيدتي إلا في مرحلة النضوج التي ظهرت في دواويني المتأخرة.”
بعد ديوانيه “رجل يشبهني” و”أخف من الريش أعمق من الألم” كانت دراسته عن شعرية الكتابة والجسد وكانت هذه الدراسة مواكبة لتجليات واضحة للجسد في القصيدة العربية خاصة قصيدة النثر. لذا كان لا بد للتعرف على كيفية قراءته لتجليات الجسد في القصيدة العربية الآن هل لاتزال بنفس زخمها منذ 20 عاما.
يقول الحرز “ما زلت أردد منذ وضعت هذا الكتاب أن تحرير الشعرية العربية وانفكاكها من الموروث ذاته هو تحرير الجسد العربي من ثقل حمولاته الثقافية والتي أنزلها الخطاب منزلة القيم المقدسة، وما أعنيه بتحرير الجسد ليس الاغتراب عن الهوية التراثية وإنما وضعه ورؤيته في سياقه التاريخي ضمن رؤية لا تتجاوز المستقبل ولا تمكث في الماضي، بل ترى الشعر باعتباره لغة كونية تبدأ من الجسد كحضور طاغ في الشعرية الراهنة كتجربة حسية في الوجود، وهذا ما لم تكتمل معالمه ونضوجه في الشعرية العربية كما أظن.”
رؤى جديدة
بعد هذه الدراسة تواصلت دواوين الحرز الشعرية بالتبادل مع الاشتغال بنقد الحركة الشعرية، عن تأثير تجربته النقدية على تجربته الشعرية، يشير الحرز “ربما أفادتني من جهة كوني أصبحت أكثر ترددا وخوفا أيضا فيما أكتبه من نصوص أن أسميها شعرا، مرات كثيرة أحاول أن أقنع نفسي أن ما أكتبه له أهمية شعرية على خارطة الشعر. لكن دائما ما أفشل في هذه المهمة، ولا ينقذني من هذه الحالة سوى بعض الأصدقاء الشعراء القريبين من القلب هم من يمنحونني الثقة فيما أكتب.”
ويواصل “العجيب أنني ما زلت بعد هذه التجربة الطويلة نسبيا لا أركن إلى الاطمئنان في ما أكتبه إلا بالرجوع إلى قارئ أثق في ذائقته ومعرفته. يمكن هذه حالة لا تنطبق علي فقط، يمكن على شعراء آخرين كثر. لكن بالنسبة لي أربطها كثيرا بتورطي في خوضي النقد الأدبي بتنوع آلياته ومناهجه وأساليبه، وأيضا الاشتغال الدائم على نصوص الآخرين وتعالقك مع ذواتهم داخل النص يعطيك الإحساس بالموقف ذاته مع نصوصك.”
ويضيف الحرز “انجذابي لكتابة أي نص شعري خاضع لحالات مزاجية ترتبط عندي بتقلبات الحياة اليومية بجميع أبعادها الفنية والجسدية والآخرية، وكذلك حضور الذاكرة واستلهام التاريخ. لذلك مثل هذا الخضوع لا يتساوق مع فكرة العتبات، وإن كان اختياري للعناوين لا يخرج من سياق أجواء النصوص ولا من دلالته البعيدة التي تشير بطرف خفي للأسلوب الكامن خلف التجربة، وإن كان لا يتضح ذلك مثلما يتضح لو كان العمل الشعري يرتكز على ثيمة محددة تسيطر على أجواء العمل وتتمدد داخله. بالنسبة لي هذه المزاجية لا تعني الانفلات من السيطرة على الحالة ومن ثم الانفلات من السيطرة على النص. لكن استدعاء الحالة للكتابة ضرورة والأكثر ضرورة هو كيفية القبض على هذه الحالة حتى لا تنفلت من يديك؟ وهذا هو الوعي الشعري برمته.”
ويرى أن قصيدة النثر بالمملكة مرت بمراحل مختلفة، ولا يمكن في سؤال عابر استعراض كل تلك المراحل. لكن بصورة إجمالية يظن أن البداية الفعلية لها كانت عند جيل التسعينات. ومن يتتبع نصوص هذه المرحلة وتجارب الشعراء فيها يجد بعض السمات التي تميزها عما سبقها من تجارب وهو وعيها بالرؤية الشعرية التي تتبناها والتي ترتكز على مفهوم اللحظة الشعرية الراهنة المرتبطة بالحياة وقيمها في الحضارة المعاصرة، وهذه سمة يشترك في تبنيها الجميع على اختلاف مشاربهم الشعرية ومرجعياتهم ومؤثراتهم الفكرية والروحية والأدبية.
ويتابع الشاعر “طبعا هناك سمات أخرى وتطورات في الكتابة وتحولات في كتابة القصيدة النثرية تحت ضغوط التطورات الحاصلة في المشهد الثقافي والانفتاح الكبير على العالم على جميع الأصعدة والمجالات. لكن ليس هنا محل التفصيل فيه. وإذا ما تطرقنا إلى المتابعات الجادة حول تطورات الشعرية في المملكة فحسب متابعتي لا توجد سوى متابعات أكاديمية من خلال أطروحات رسائل عن الشاعر هذا أو الشاعر ذاك، إذ تجد التركيز على المنهج أكثر منه عن الظاهرة الشعرية وربطها بالمجتمع وتحولاته من العمق. وهذا في ظني لا يعطي صورة عن تطورات الشعرية بقدر ما يعطي وعيا بضرورة مواكبة التطور والتحول. لكنه لا يعطي تبريره المنطقي انطلاقا من دراسة الظواهر والتحليل والمقارنة من خلال شتى الفروع المعرفية الإنسانية المرتبطة بالمجتمع والثقافة والتاريخ.”
وعلى الرغم من إشاراته في إجاباته السابقة عما يكتنف المشهد الثقافي بالمملكة من حراك على جميع الصعد والمستويات، كان لا بد من تساؤل حول هذا الحراك، حيث يؤكد الحرز “هو حراك لا يمكن وصفه سوى بالسهم المنطلق ولا حدود لأفقه أو توقفه، والحافز الأكبر لهذا الانطلاق أن المملكة لها إمكاناتها الهائلة وطاقات أبنائها التي لا حد لها. لذلك قوة المشهد
الثقافي ومؤثراته التي تصل إلى خارج الحدود عربيا وعالميا سرها يكمن في قوة مؤسسات الدولة والتي تسير على رؤية موحدة”، مشددا على أن “ما يحكم هذه الروية إرادة صلبة انخرط فيها جميع أبناء المملكة صغارا وكبارا. ما أقوله رؤيا عامة للمشهد. لكن تفاصيله تحتاج إلى مقام آخر.”
جديد الموقع
- 2025-01-21 كيف تبعد النعاس أثناء القراءة؟
- 2025-01-21 مشروب كحولي واحد يوميًا كافٍ لزيادة خطر الإصابة بالسرطان - خبير في تأثير المشروبات الكحولية في الجسم يحلل تقريرًا جديدًا أصدرته الحكومة الأمريكية مؤخراً
- 2025-01-21 علي جادي .. احترافية تُبهر البروفيسور
- 2025-01-20 تعريف جديد للسمنة يهمش مؤشر كتلة الجسم والهدف هو التركيز على الصحة -مقاربة جديدة لتشخيص السمنة تأخذ في الاعتبار مدى تأثير دهون الجسم الزائدة في الجسم.
- 2025-01-19 أفراح البجحان والعبيد تهانينا
- 2025-01-19 جلسة حوارية تناقش مستقبل الإعلام الرياضي بالاحساء مع مدير القنوات السعودية الرياضية
- 2025-01-19 سمو محافظ الأحساء يرعى توقيع عدد من مذكرات الشراكة لخدمة المجتمع بين أمانة الأحساء وعدد من القطاعات
- 2025-01-19 سمو محافظ الاحساء يتقدم اكثر من 14 الف متسابق ومتسابقة في سباق (الحسا تركض) 2025 ويتوج الفائزين
- 2025-01-18 افراح بوخمسين يحتفلان بزواج باسل في قاعة الاحساء
- 2025-01-18 افراح اليوسف والجاسم في قاعة رويال الملكية بالهفوف