2019/08/19 | 0 | 7521
الفكر الخليجي بمنطق المناطقية (1)
توارى الفكر الخليجي خلف دخان النفط حوالي نصف قرن بمنظور الآخرين، وقبلها كان محجوباً بضباب التعتيم، هل نتفق على مشاهداتنا عن صورة نمطية للخليجي بين مختلف التيارات القومية والليبرالية والإسلامية - ولم ندقق في اليسارية- .
الصورة النمطية لاتتجاوز الإطار الاقتصادي أو هو الغالب عليها، هناك ألفة شبه قصدية للإبقاء على هذا الإطار بمنظور العرب خصوصا بلاد مراكز التثقيف (مصر سورية العراق..) ربما هي نظرة استساغها الإعلام الإقليمي للحفاظ على عرش الإزدهار المحتكر إعلامياً دون أن تخفف من المنطق المناطقي شعارات القومية والإسلامية فوراء تلك الشعارات مناطقية راسخة، قسمت المنطقة العربية والإسلامية إلى قسمين : (مراكز /وأطراف)،
تماما كما هي بنية عقلية (العولمة) إنما هنا عولمة مفصلة على هياكل صغيرة قِطرية أو شخصانية.
لنبقى في منظور ثقافي :
قليلاً ما لفتت الأنظار صيحات فكرية ممن اشتهروا خارج الخليج، بلى هناك حضور لأعلام أدب وفقه إنما لم يخترقوا الضباب والحدود إلا في حالات استثنائية، من بين الحالات الإستثنائية الفن الكويتي عندما فرض وجوده بإصرار عنيد يسجل له في بعض الموارد.
أما على وجه العموم فالعصبية المناطقية كالقبلية لم تقتلعها من جذورها لاقومية ولا إسلامية وإن حدت من بروزها.
معاناة المثقفين من العصبية المناطقية
ضج المثقفون من العصبية المناطقية كما هي صيحة (معروف الرصافي) بقصيدة عنوانها التمصير الأدبي أتذكر منها :
من جور مصر على العروبة أنها
تتعمد التمصيرَ في آدابها.
فالشاعر المصري فيها فاضلٌ
وسواه مفضول وإن يك نابها.
كذلك موقف الفقيه المعاصر السيد (علي البغدادي)، -المنعزل حاليا لأسباب صحية وغيرها ! - يصرح في مؤلفاته كثيرا - رغم إسلاميته المتشددة - بأن الفقهاء العرب يتم تهميشهم منذ قرون لأسباب قومية حتى في كتب التراجم.
قال أبوهجر : لا أهتم بتوتر التظلم القومي شخصيا ولا أؤيده حذر تهمة القومية وحساسيتها إنما ينبغي رصد مبرراته .
اللافت أنه لم يكن هناك تتريك شديد فالأتراك هياكل سلطوية لاثقافية، إنما هل ننكر أيرنة التثقيف وعرقنته ثم لبننته؟..
الفكر الخليجي تبرعي
الفكر الخليجي طابعه اللافت أنه تبرعي وفكر وكالي، هذا ليس على صعيد الفكر الديني فقط، بل حتى القومي والليبرالي، المثقف العربي ينظر إلى الخليجي كممول وإلى المثقف الخليجي كمروج بالوكالة، بالطبع هنا أخلاقيات إسلامية وقومية يطبقها الخليجي إلتزاما بالأصول التربوية الوحدوية للأمة، هذا مهم شرعاً و أصلا، إنما هل يعني ذلك تذويب الكيان الخليجي، وإلغاء الشخصية الخليجية وكأنها أنانية ملعونة، لماذا لايتعامل الأشقاء المسلمون والعرب هكذا بالذوبان في الإسلامية أو العروبية؟ لماذا يتصاعد الخطاب الوحدوي فتلغي الأطراف خصوصياتها تجاوباً مع المراكز ثم لايبقى إلا الحصاد تقتطفه الثقافة المركزية ؟
ما الحل ؟
ثقافياً : الإنفصال ليس هو الحل، الحل الواقعي نلمح بوادره البسيطة من خلال عصرية شبكات التواصل مرئية ومسموعة فقد بينت وجود خطاب ثقافي خليجي مهم مؤثر حتى لولم يكن بعمق البحث العلمي المكتوب لأن الأكثرية سماعية، هناك محاضرات (متعوب عليها) وهناك كفاءة لتكوين خطاب ثقافي عبر البحوث، لذلك فإن الحل الجاد هو تنمية الكفاءة بتشجيعها، بعدم ترهيبها.
المثقف لابد أن يخطئ وأخطاء مثقف الأطراف ليست بحجم أخطاء مثقف مدن المراكز حتى الدينية منها فمن هناك تأتي إرشادات وتأتي شبهات، من هناك يأتي فكر إيماني وتشكيكي، المدن الدينية تعج بمتضادات الأفكار إنما يصل الخليج قصاصات لاتمثل حتى رؤية تيار وربما لاتمثل رؤية كاملة لمرجعية وفي بعضها اجتزاء وسوء ترجمة .
لذلك من الوهم تجفيف منابع الثقافة الوطنية للإبقاء على التمتع المريح بثقافة وافدة، بينما تلك المدن المركزية هي الأشد وطنية والأكثر اعتدادا بمنتجها الثقافي المحلي، حتى فيما بين مدنها.
هناك مبادرات مشجعة للثقافة الخليجية أو الوطنية إنما تنشط بحدود وبخجل بانتظار الانقاذ الرسمي والشعبي، ربما يجد البعض التثقيف الوطني منافياً للتربية الإسلامية في حين أنه لدى مدن المراكز الدينية أقوى من طبيعي ومن واجب، حتى ظهرت بوادر استغناء - من بعض الجهات - عن التمويل الخليجي لمشروعها الثقافي، إما لتحسن حالها الاقتصادي أو لإرادة الاستقلال عن تحكم الممول، وبين ذلك تبرز من بين فلتات الألسنة عبارات ذم للممولين بعد انقضاء مراحل الشكر الموقت.
يلاحظ ذلك في أكثر من بلد عربي أو مسلم، لاحظت شخصياً في أكثر من بلد شح الثناء على أي منجز خليجي ثقافي لعالم أو أديب أو ناقد بل عدم التعارف المعرفي، لنتذكر الناقد (الغذامي) تصاعد اسمه فترة ثم سرعان ما استبعده الإعلام الثقافي العربي، وقبل ذلك فقهاء بلاد البحرين التاريخية لم يظهر منهم إلا من فرض وجوده بقوة أو صراع كرموز لتيارات تراثية ساخنة على خط بلاد البحرين ونجد ..دون بلدان الخليج الأخرى.
إضافة إلى ضحالة المعلومات عن الخليج، والمثقف العربي في الغالب محدود المعلومات حتى عن العالم العربي لذلك هو قد يستقيها من مستشرقين أو رحالة أجانب.
مع عصر وسائل التواصل خفت حدة العزل وتضاءل تفرد العواصم التقليدية بالتمركز الثقافي مع أن طاقاتها في الغالب مستقاة من الأرياف إلا أن الباقة الإعلامية تبرز باسم العاصمة، وذلك صراع جغرافي مناطقي محتدم حتى بين العواصم ومدن الطبقة الثانية مثل الاسكندرية وحلب والبصرة.
قال أبوهجر : الصراع الجغرافي الثقافي واقع نداريه بالأدبيات الإسلامية وقبلها بالعروبية إلا أن ذلك الغلاف لايحجب إرادة رموز التثقيف لأن إخواننا الزعماء يجدون التفاني في المبدأ يقتضي ذوبان الأطراف وجريانها لرفد المدن المركزية.
في نظر بعض إخواننا الكبار الوحدة بالنتيجة هي القبول بحجم دورك ولوكان الذوبان في أخيك. رغم أن المؤاخاة النبوية غير ذلك بل هي تثاقف متبادل، كذلك أصل الإخاء لا يتحقق من طرف واحد إنما ترمز للإخاء المصافحة لا الإملاء.
جديد الموقع
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد
- 2024-11-21 القراءة للكسالى
- 2024-11-21 القراءة واتباع الأحسن
- 2024-11-21 روايات أسامة المسلم بين جيلين.
- 2024-11-21 ( غرق في المجاز، مَجازٌ في الغرق ): قراءة في ديوان الشاعر جابر الجميعة
- 2024-11-20 الدكتور عبدالمنعم الحسين يدشن حملة التشجير الثالثة ببر الفيصلية
- 2024-11-20 هم أنفسنا وأرواحنا
- 2024-11-20 ما متَّ يا وائلي
- 2024-11-20 سمو محافظ الأحساء يطّلع على إنجازات مطارات الدمام ومطار الأحساء الدولي