2013/01/11 | 0 | 2091
مفرق الوجد ..
وقفت زينب مع الواقفين تبكي حرقة الفقد بعيون أنهكها التعب حين لاحت لها تباشير المدينة وأخيلتها .. فقد ملئت الصحراء روحها بالريح والحزن يكبر داخلها كلما تحركت الرمال واقتربت خطواتهم من الدخول .. لم تكلمهم إلا رمزا حين حدثها زين العابدين ليطمئن عليها .. ففي أطراف ثوبها قصة تحكيها ملحمة الدماء الزكية التي أريقت على رمضاء كربلاء وصبغتها بلون الحزن .. وفي القلب آهات وحسرات تتجمهر عند مفرق الوجد فلا تلملمها لحظات الإنتظار ..
قالت له .. لا أريد أن نكون أول من يسبق بالخبر الحزين فالحزن يقتص منا يا ابن أخي لأننا نزفه على عجل ..
أحيانا تكون الكلمات غبار يسبقنا للوصول ليعلن عن أحداث تعصرنا لكننا نجتهد في مدافعتها كمن يحاول تأخير قدره واستقطاع فسحة من انتظار معدود .. دون أن يفسح لنا بهذا ..
قال له.. يا بشر اسبقنا للمدينة وانع الحسين فوالدك رحمه الله كان شاعرا .. فانطلق يعدو لمسجد رسول الله ناعيا ..
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها ..... قتل الحسين فأدمعي مدرار
الجسم منه بكربلاء مضرج ..... والرأس منه على القناة يدار
ليت هذا الزمن توقف فما واصل زحفه
بمواجعنا .. على بابك يا رسول الله وقفنا وذكرى رحيلك تفتك بنا وإلى حيث يحملنا نقف فيسرق منا حيزا من عاطفة متقدة بالحياة .. نرفع أمرنا لله نخترق السماء ببكانا ونحتضن الألم فمنذ غبت عنا والحزن يتجدد فينا فيتشح الكون بالسواد ..
مدينة جدنا لا تقبلينا .... فبالحسرات والأحزان جينا
خرجنا منك بالأهلين جمعا .... رجعنا لا رجال ولا بنينا
ماذا كانت ستقول زينب لجدها وبأي عذر تعتذره لأمها وهي تقابلهم بعد وجع الطف ورحيل أحبابها .. تبدو خطاها أثقل من حجم الهم الذي يسكنها وهي تعزيهما ونفسها في فقد أحبابها واحدا واحدا تلو الآخر .. فالثامن والعشرين من صفر ذكرى مصاب يتجدد ويحمل ريح الحزن تلف مفرق الطرق بالوجد والدهشة ..
بعض الذكريات لا يمكننا نسيانها لأنها تشعرنا بتكسر أجنحتنا .. فالذين يسلبهم الفقد منا يتركون بداخلنا مساحة من الحزن تستهلك تفاصيلنا وأرواحنا ..
لازالت المدينة تتشح بالسواد حزنا بعد ذكرى رحيل خير الخلق عنها .. أيام معدودة مرت على فقده والحزن لا زال يراوحهم .. ولو علم الحزن كم أوجعهم رحيله لما تجرأ بفجعهم بمصاب جديد .. كل عام يتجدد حزنهم وتكافئهم الأحداث باضافة جديدة تلهب تفاصيل وجعهم .. أيام قلائل وهم يعودون إليه بعد رحلتهم المضنية الطويلة محملين بأخبية الحزن كأنهم يستعيدون التفاصيل المرة بلا انتهاء ..
النجف الأشرف 28/صفر/1434هـ
جديد الموقع
- 2024-05-06 مدينة مصغرة لواحة الأحساء الزراعية
- 2024-05-05 مثقفون وأعيان يرصدون العطاء الأدبي للبابطين
- 2024-05-05 قصيدة (مطية الغياب)
- 2024-05-05 افراح الغزال و الدخيل في رويال الملكية بالاحساء
- 2024-05-05 شَبَه الكتابة بالرسم
- 2024-05-05 ما بعد الوظيفة (1).
- 2024-05-05 ابن الأحساء الحبيبة الفلاح الفصيح
- 2024-05-04 بيت الشعر في الفجيرة ينعى الأمير بدر بن عبد المحسن
- 2024-05-04 الأمير سلطان بن سلمان : الأمير بدر بن عبدالمحسن ترك ارثاً لا يمكن أن يحمى مهما طال الزمن
- 2024-05-04 افراح الدويل و الغزال في احلى مساء بالاحساء