2025/10/29 | 0 | 56
متحف زمني في بيتك
حينما تؤسس مكتبة منزلية فإنك إنما تؤسس ما يشبه المتحف الزمني في بيتك؛ فكل كتاب أو رواية تبتاعها تمثل حقبة زمنية معينة حاكية عما كان يدور فيها من أحداث وتقلبات اجتماعية، كما قد تعكس بعض أشكال صراع طبقات المجتمع فيها.
فوجود كتب في مكتباتنا سبق أن قرأناها هي بمنزلة إضافة مادة إلى متحف زمني يحكي عن حقبة زمنية انقضت لكن آثارها باقية؛ حيث تحكي عن قصة شرائنا لها ثم قراءتها ثم مقدار تأثرنا بها وانعكاسها على تطورنا الشخصي.
كما أن وجود هذه الكتب هو بمنزلة تنقلنا عبر آلة الزمن إلى حقب زمنية متعددة ومتباعدة زمنيًّا لا تتطلب منا أكثر من التقاط كتاب والبدء بقراءته. هو يعني الإمساك بتاريخ قديم وكأنك تراه يتحرك أمامك، أو كأنك تتناول كبسولة زمنية تشرح وتوضح لك أسرار ودهاليز زمن ما، بما فيه من أحداث وتغيرات اجتماعية وسياسية. وينطبق هذا على جميع أنواع الكتب حتى العلمي منها الذي يسجل اكتشافات واختراعات البشر وتطورها وتطور نظرة الناس للكون ومتغيراته.
وحتى الكتب الحديثة تحكي لنا الأحداث المعاصرة والأفكار الكبيرة التي تتحكم في حركة العالم لكي تنير لمن يريد الاستبصار بها أن يكوِّن فكرة واضحة عما يجري، تعينه على اتخاذ موقف مستنير ينسجم مع توجهاته وطموحاته لا أن يقتصر على فترة زمنية معينة.
يفهم القارئ من هذا المتحف الزمني أن لا شيء يدوم، فلكل زمان دولة ورجال، وأنه كما تُدين تدان، وأن ما قد يفعله شعب أو مجتمع قوي بآخر ربما ستدور عليه الدوائر فيأكل مما أطعمه الآخرين.
قد يمر القارئ في هذا المتحف على كتاب عن حضارة بلاد الرافدين، وإلى جانبه آخر عن الحضارة الفرعونية، ثم ثالث عن الحضارة الإغريقية فالرومانية فالإسلامية. وبهذا فإنها تعد نافذة على العصور والحضارات المتلاحقة في مكان واحد. ثم قد تجد في رف ملاصق كتابًا عن الفلسفة الإغريقية بجانب كتاب يتحدث عن مستقبل تقنية النانو وآخر يتحدث عن الذكاء الاصطناعي.
كما أن المكتبة تسجل تطور تفكيرك الشخصي حين ترصد اهتماماتك بالكتب عندما كنت صغيرًا، ثم حين أصبحت شابًّا، فرجلًا كبيرًا حتى أصبحت شيخًا كبيرًا. ولذلك فإنه من المفيد جدًّا للقارئ أن يدون على كتبه ملاحظاته حتى يستطيع ملاحظة تطوره الفكري والشخصي، ثم إن من يرث هذه الكتب يمكنه أن يلاحظ ذلك ويَعُدّها نوعًا من الذكرى له. ويمكن لأكثر من شخص أن يكتب ملاحظاته على كتاب واحد حيث تظهر هنا الفوارق بين مختلف الأجيال ونظراتهم إلى بعض الكتب. ويمكن لذلك أن يعد متحفًا للذكريات وسجلًا وتوثيقًا اجتماعيًّا وعائليًّا مهمًّا.
بالنسبة لي شخصيًّا لا أزال أتذكر بعض الكتب القديمة التي كنت أقرؤها لوالدي رحمه الله بعد ضعف بصره، حيث تأخذني الذكرى إلى عقود مضت وكأنني أتجول في متحف لكنه شخصي هنا.
وختامًا، وعلى هذا الأساس، فإن المكتبات بينما هي متحف لماضي الأمم والشعوب السالفة، فهي أيضًا حارسة وموثقة للذكريات الشخصية وراصدة لتطور وتغير كل منا إلى ما نحن عليه اليوم في متحف زمني رائع يستمد روعته من حجم ونوعية الكتب فيها.
جديد الموقع
- 2025-10-29 (شُعلَة المَعْبَـد) شعلةُ العَـوْدة
- 2025-10-29 غسان الناصر يحصد المركز الأول في النسخه الأولى من جائزه الأسره المثاليه
- 2025-10-29 تجمع الأحساء الصحي يحقق إنجازًا طبيًا متقدمًا في جراحات الروبوت
- 2025-10-29 طلبة الأحساء يقدمون 125 بحث علمي محكّم في معرض " إبداع 2026 "
- 2025-10-29 العلاقة بين التدخين وضغط الدم العالي أصبحت مؤكدة علميًا
- 2025-10-29 العلاقة بين التدخين وضغط الدم العالي أصبحت مؤكدة علميًا
- 2025-10-29 الأحساء تحتفي بسلسله الثقافة الشعبيه غير الماديه في كيوب بارك
- 2025-10-28 فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بمنطقة القصيم يحصل على شهادة الأيزو
- 2025-10-28 قبضة الأخضر في نهائي القارة للمرة الأولى بعد غياب 35 عام و راجخان يحرز برونزية الالكترونية في اسياد الشباب الثالثة
- 2025-10-28 وقع الاتحاد السعودي للهوكي اتفاقية تعاون مع نظيرة العُماني