2024/06/01 | 0 | 1987
قراءة في رواية: القلعة (حمرة في قلب الاخضرار) للكاتب الروائي السيد حسن الحجي
توطئة:
ما بين الحرب والحب وما بين الفقر المدقع والثراء الفاحش ما بين الظلم والعدالة ما بين العفة والفحشاء ما بين الأمانة والخيانة ما بين الشجاعة والضعف ما بين الجشع والقناعة ما بين الآلام والآمال ما بين حب السلطة والمُلك والمال وبين الكرامة، ما بين الكبوة والحظوة، ما بين الزهوة والقوة، ما بين الهجر والغدر، ما بين العهر والثأر ما بين كل تلك المتناقضات البشرية الإنسانية تكمن أحداث هذه الرواية كجنس أدبي راقٍ حيث كُتبت بلغة سامية، والتي تحمل رسائل عميقة متجذرة في الحياة البشرية.
بين (أفلاطون) و(أرسطو) و (كوليردج) و(كَانت) أين يمكن أن تُصنّف هذه الرواية؟
إن مما يميز هذه الرواية المعنونة بعنوان (القلعة) بجزئيها الثاني والثالث للروائي السيد حسن الحجي، عناصر فنية مهمة، منها: الغموض، التشويق، الإثارة، النتائج غير المتوقعة، وربما دخلت عالم المتاهة أحيانًا، وهي رواية أقرب ما تكون إلى روايات الفانتازيا، وبما أن الحديث هنا عن الفانتازيا أو ما هو قريب منها؛ فإننا ملزمون بالحديث عن أهم عنصر فيها ألا وهو عنصر الخيال، فأبسط وصف للفانتازيا هو "الخيال المبدع"، حيث كان عنصر الخيال في هذه الرواية حاضرًا بقوة، وعليه فالخيال أنواع:
ـ الخيال المحاكي.
ـ الخيال الجامح.
ـ الخيال الواقعي.
ـ الخيال الحر.
ـ الخيال الأولي.
ـ الخيال الثانوي.
ـ الخيال الإنتاجي.
وبالركون إلى نتائج دراسة معنونة بعنوان: (رواية الخيال ـ المفهوم والنظرية والأجناس) للدكتور رامي عبد الحي محمد قابيل نَجِدُ أن الخيال المحاكي هو ذلك الخيال الذي يطابق الواقع، في حين أن الخيال الجامح يعتمد مبدأ القطيعة الجزئية أو الكاملة مع الواقع.
وهنا تكمن المفارقة في مقبولية الخيال بين "أفلاطون" و"أرسطو"، فالأول يرفض الخيال بشقيه سواء الواقعي أو الجامح بينما يقبل أرسطو بشيء من الخيال، وبذلك تسقط قصص الأساطير والخرافات عند كليهما باعتبارها سخيفة وسامجة.
أما "كوليردج" فقد فرّق بين نوعين من الخيال: الخيال الأوّلي، والخيال الثانوي، واعتبر أن الخيال الأولي هو " القوة الحيوية والعامل الأول في كل إدراك إنساني، وهو علمي في وظيفته، ويقابل ما يدعوه "كانت" (الخيال الإنتاجي).
فإذا ما استبعدنا رواية الفانتازيا الصرفة التي تقوم على السحر وغيره من الأشياء الخارقة للطبيعة كعنصر أساسي للحبكة الروائية، فإننا نبقى أمام الرواية التي هي قريبة منها، وإلا فأين نصنف رواية من يصف بطل قصة أو رواية على أنه طويل القامة يطاول عنان السماء في طوله ويناطح السحاب، إذا جاع مد يده وأمسك بحيتان المحيط وشواها على قرص الشمس؟!
فمن التصنيف السابق يتبين لي أن رواية القلعة للروائي الحجي محل قراءتنا النقدية هذه تقع ضمن الخيال الواقعي أو الخيال المبدع كما يطيب لبعضهم تسميته، حيث تناول الواقع الحياتي من رؤية غير مألوفة، ما يعني أن هنالك شكًّا في عالم الرواية إن كان ينتمي إلى الواقع أم يرفضه، وفي نفس الوقت هو معالجة ابداعية خارجة عن المألوف للواقع المعاش.
لماذا تُعدُّ رواية القلعة للروائي حسن الحجي متميزة؟
في الواقع إن ذلك يعود لأسباب مهمة، منها:
١ـ حسن الاستهلال.
2ـ عنونة كل فصل من فصول الرواية بعنوان أدبي جاذب يحمل ذات الوزن: (كبوة، زنوة، شهوة، حظوة، قوة، زهوة،...) الخ.
وكذا فعل في الجزء الثالث من رواية القلعة شروق ينزاح للاسوداد: (ثأر، غدر، عهر، قبر...) الخ.
3ـ الوصف الشامل المطرز بمفردات الفصاحة، والجمل المزركشة بجمال المجاز الذي يحول الوصف إلى مشهد مرئي أمام المتلقي.
4ـ العناية الفائقة بوصف الشخصيات سواء الشخصيات الرئيسة منها أو الثانوية.
5ـ العناية الفائقة بالحوار المفضي للإقناع.
6ـ اختيار أسماء الشخصيات ذات المضمون كان عنصرًا ملفتًا في الرواية.
٧ـ ملاحقة الحدث بكاميرا الحرف الممنتَج بالمعنى المطرز بالمجازات، واستخدام تقنيات البلاغة وفنونها من ترادف وسجع وتورية وجناس.
٨ـ تطور الصورة الفنية الروائية عند الروائي الحجي عما كان يكتب فيما سبق من روايات في بداياته، تطور في القاموس اللغوي، وثراء المعنى، ودقة الوصف، وسعة الخيال، والخروج عن المألوف والنمطية المعتادة في وصف الحدث، وخاصة ما يتعلق بالهدفية والرسائل المندسة داخل النص، والابتعاد عن الروتين في الحوار الأشبه بالسيناريو إلى الحوار الممتع فنيًّا، وهذا يُحسب للكاتب.
ومن أسباب التطور لدى روائينا السيد الحجي القراءة المتأنية للروايات؛ وذلك واضح عبر ما يقدمه من تلخيصات وقراءات نقدية لروايات عبر قناته اليوتيوبية التي يطالعنا بها بين الفينة والأخرى.
الاهتمام بتقديم شخصيات الرواية بأسلوب يليق بها سواء أبطال الرواية أو الشخصيات الثانوية الأخرى.
مثال توضيحي لشخصية من تلكم الشخصيات من خلال الرواية:
شخصية (نعيم) الثاني مثلاً أو (أرقم) كما سماه الكاتب شخصية معقدة استطاع الكاتب أن يجعلها شخصية متحركة ويقفز بها من مكان لآخر، فـ(نعيم) هذا فتى متهتك لكنه ذكي استطاع أن يدخل القلعة ويعلب دورًا بطوليًّا كمستشار للملك مع كونه من عامة الشعب، هذه التركيبة في الشخصية تحتاج إلى إبداع في الفكرة وابتكار في العرض، استطاع أن يجعلها محورًا للرواية.
ـ الوصف الدقيق للمشهد المكتوب بلغة عالية وصور بلاغية ومعانٍ كثيفة وبكلمات وجمل منتقاة بعناية تعين من يريد تمثيل وتصوير وإخراج الرواية أيما إعانة.
ـ هذه الرواية التي بين أيدينا تتجاوز المشهد الروائي لتصل إلى تعبير عن مشهدية سينمائية فانتازية ومعلوم أن مثل هذا النوع من الروايات يتطلب مقدرة فنية في الخوض في أحداثها حيث بعد النظر وسعة الخيال المجنح، والغوص في الفكرة وصعوبة صياغة البداية والنهاية وما بينهما من عنصر الحبكة والعقدة الروائية ناهيك عن الرسائل المبطنة المحشوة في خفاياها.
فكلما طالت الأحداث كثرت الشخصيات وكلما كثرت الشخصيات احتاج الروائي إلى الغوص في كل شخصية هذه إذا كانت رواية واقعية فكيف إذا كانت رواية خيالية تتحدث عن مملكة فيها ملك وعائلة وقادة وجيش وشعب ولكل قصة وأسرار، لكن السيد الحجي استطاع أن يصنع الحدث ويُحدث الفارق، ويمتع المتلقي.
ـ من الملفت في هذه الرواية عنصر المفاجأة كما في حادثة قتل الأمير ميمون لابن الملك وردان، الذي تسبب في نشوب نار الرواية قبل أن تنشب حرب الحكاية.
ـ ما يعود لتقديم الكاتب لنفسه من خلال الرواية، حيث من الواضح أن الكاتب قدّم نفسه للمتلقي العادي والنخبوي بطريقة ملفتة من الناحية الفنية والاجتماعية وهذه الرواية التي تقع ضمن سلسلة من الروايات المعنونة بعنوان: القلعة هي تقع ضمن تجربة فريدة من تجاربه الروائية التي يتكئ فيها على خلاصة تجاربه.
ـ الكاتب أمعن في جماليات الكتابة فنِّيًا في هذه الرواية فأحكم قبضته، وأحمى مياسمه، وتمكن من أن يوزّع فصول الرواية بين الحُبّ والحرب بكل اقتدر وإمتاع.
ـ التسميات التي يطلقها على الأماكن وعلى الأفراد وعلى الجماعات كجماعة فرسان العباءات السوداء على سبيل المثال فيه فكرة متقدمة ودقة متناهية أضفت على الرواية مصداقية لتخرجها إلى ساحة الحركة وكأنها حقيقة تتراءى أمام الناظر المتأمل.
مثال: الشاعر عبد السلام توكلنا اسم مبتكر، هو شاعر ثم صار مؤرخًا في نهاية المطاف، فهو ولئن وصف في الرواية بأنه كان شاعرًا مفوهًا، إلا أنه وصف كذلك بأنه منافق يمدح كل من يجزيه العطاء ويملك أمره، فالملك السابق الراحل ينتهي عنده عند الحالي وهكذا إلا أنه بقدرة قادر تحول لمؤرخ طلب منه الملك كتابة التأريخ ولم يقبل منه الملك ذلك؛ لأنه واقعي، فخان الواقع وكتب ما يريده الملك.
من التسميات الملفتة كذلك: عصر التراتبية وعصر الأصلحية.
ـ الغوص في وصف الشخصيات من جميع النواحي الجسدية والنفسية وحتى وصف طريقة التفكير والتأمل، وهذا واضح في وصف شخصيات الأمراء من أبناء الملك وردان.
امتلك الكاتب تقنيات فنية في أسلوب العرض وظفها توظيفًا أنيقًا في التقديم والتأخير والمفاجأة، ومن ذلك تأخير وصف الشخصيات بعد ذكر أحداث تشد المتلقي لمعرفة كل شخصية منح الرواية جمالاَ روائيًّا متميزًا وممتعًا، كان حاجة ماسة لا ترفًا، وكان نقطة فارقة بدلاً من كونه مجرد سرد مترهّل لا طائل منه فقط يؤتى به بهدف تضخيم وتكبير وتوسيع الراوية، فكان عمدةً في الرواية لا فضلة وحشوًا أدبيًّا كما في بعض الروايات السائدة.
ـ مقدرة الرواية على تصوير الصراعات الداخلية بين أفراد الأسرة الحاكمة بين الملك وأبنائه والصراعات الأخرى الخارجية خارج تلك القلعة.
كالصراع بين الأمير نعيم ووالده الملك جذيمة للحصول على المُلك المستقل حيث رفض حكم الناحية الشمالية؛ لأنه كان يفضل السلطة المطلقة على أن يكون مجرد عامل للمك وهو أمر نفسي.
ـ التمكن من إدارة الحوارات بين شخصيات الرواية بكل اقتدار سواء للنساء أو الرجال الملوك أو الرعية، الفقراء أو الأثرياء، الطيبين أو الأشرار، كل الشخصيات كثروا أو قلوا وهذه مهارة لا يمتلكها إلا من لديه موهبة الكتابة.
ـ كما أن الكاتب يجيد صنع البسمة والحزن والكآبة والخوف والفرح والسرور والندم، والخبث، والدهاء والتصنع والذكاء والحنكة والحكمة بأسلوب مقنع ومشوق.
ـ التوفيق في اختيار الأسماء إلا أنه ومما يؤخذ على الكاتب في جانب اختيار الأسماء أن هناك مفارقة في بعضها كأن يجمعها مجتمع واحد، مثل: كاسبا ويعقوب وجذيمة ونعيم.
المآخذ على الرواية:
1 ـ الاستطراد كما في ذكر نعيم وصديقه الميسور رباح حيث الاستطراد في الحديث عن حالة الثراء والفقر المدقع في الصفحة: ٤٩ و٥٠ من ذات الرواية.
2 ـ كسر التابو:
ـ توجد في الرواية كمية من الجُرأة في وصف الفتيات والنساء الجميلات هذه الجرأة تكسر التابو المعهود في مجتمع محافظ كمجتمعنا.
وخاصة ما يتعلق بالاعتداء على الفتاة من قبل شابين الاعتداء بالمعنى الذي تفهمونه.
وكذلك في (زنوة) حيث قصة سلمى مع صاحب محل العقد الثمين الذي كانت متعلقة به، سلمى تلك المرأة التي زنت برضاها من أجل الحصول عليه، وصف أقل ما يقال عنه أنه شبيه بالإباحية.
مع أنه كان بالإمكان الاستعاضة عن ذلكم الوصف بالتلميح والكناية كما فعل الكاتب حينما أراد وصف العجز الجنسي للأمير كاسب بقوله كناية وتلميحًا لا تصريحًا: بيد أنه حُرم من النساء؛ إذ لم تعد لديه القدرة على صعود الأمواج بعد اليوم، ما أجمله من وصف، إذ لا مفردات خادشة ولا إيحاءات.
ـ لقد أعطت الرواية مساحة لوصف بعض حالات المجون والتسكع مما لو تم تركه لما كان له أثر سلبي، وإن كان الكاتب قد أبان امتعاضه منها كمعالجة فنية وأنها أفعال ممجوجة، وهذا يُحسب له لا عليه.
ـ الإيحاءات الجنسية، والتوغل في وصف الملاقاة وكثرة الخيانة، والاغتصاب، وغير ذلك كلها أمور طاغية في الرواية، وفيها ما يخدش الحياء، ويذهب ماء الغيرة كما في قصة كاسب وزوجه مع العبد، ففي وصف ذلك ما يثير الشهوة لدى المتلقي.
والأسوأ هي علاقة الفاحشة بين الأخ وأخته كما في قصة نعيم الأمير الملك ونائلة
وكذلك كاسب وزوجه مليكة التي يأتي لها بالرجال ليضاجعوها بدلا عنه؛ لأنه غير قادر على ذلك.
ومن النقاط التي تُحسب للروائي في جعل الرواية أجمل وأحلى وأجلى..
ـ التركيز في الرواية على محاربة ومجابهة الظلم والاستبداد ومحاولة بسط العدل وإنصاف الرعية وتغيير الأوضاع الراهنة في تلك المملكة كمشورة جاءت جادة على يد المستشار ياسر للملك جذيمة سوى ذلك لا تجد قيمة أخرى من القيم الإنسانية التي وردت في ثنايا تلكم الرواية يمكن لك إسقاطها على واقعنا المعاش، ولعل من يقول بأن الكاتب كتب في بداية الرواية أنه في مكان ما من هذه الأرض، ولم يحدد مكانًا ولا زمانًا هذا كفيل بالرد على هذا التساؤل أقول الأمر متعلق بالاستفادة من الأحداث، حتى لا تكون سوداوية وظلامية لا تحمل شيئًا من الأمل.
ـ من الملفت في الرواية وجود كمية من الحكمة التي كانت تأتي تباعًا خلال أحداث الرواية ومن ذلك ما جاء على لسان أبو فاضل الرجل العجوز الفقير الذي محكته الدنيا واستنزفت قواه المآسي ودقه الفقر المدقع بقوله لابنه فاضل:
دع عنك التشكي والتذمر، وشمِّر عن ساعدي الجد والعمل؛ تنل مثوبة من الله وكرامة، دع عنك فعل ما يُجِدنه النسوة من البكاء والتجني، وجد لنفسك حرفة تتقنها تقيك من نوازل الدهر وخطوب الزمن.
لا تدنس ذاتك بلوثة البطالة والهذر المقيت، وتسلح بسلاح الاتكال على الله، وامضِ قُدمًا في الحلال، وتبديل الوضع الراهن.
كما أنه مما يُحسب للرواية كذلك:
أن الكاتب يُحسن اختصار الأحداث ويربط بينها وهذا أمر يعين الذاكرة وينشطها ويدلل على دقة وفهم الكاتب لما يكتب، ومن ذلك الاختصار الذي كتبه الروائي بعد شفاء الملكة سماح، كونها كانت مريضة ولم تعلم ما حدث من حولها فذكّرها من حولها بتلك الأحداث في اختصار ليس بالممل ولا بالمخل.
ـ من الصعب توقع الأحداث في هذه الرواية إلا أنني توقعت بعضها مثل: أن الملكة سماح هي من ساعدت ابنها فرحان على الهروب.
وقفات خاطفة مع عناصر هذه الرواية فنِّيًّا:
1 ـ العنصر الأول عنصر الحبكة:
الخلاصة الجلية في هذه الرواية أن هذه الرواية بقسميها الثاني والثالث تُعد تجربة ناضجة من الناحية الفنية الروائية البحتة، فهي رواية تتجاوز السردية المعهودة والنمطية.
خاصة في بناء العقدة أو الحبكة وسلسلة الأحداث تنسيقًا ولملمة شظاياها المترامية الأطراف.
حيث تبدأ الأحداث عادية ثم تتصاعد لتصل إلى الذروة حتى يصل التأزم إلى أقصى مداه، حتى يصل إلى الحل، وأما النهاية فالنهاية غير نمطية وغير متوقعة وليست كلاسيكية.
أما الحبكة فكانت مركبة وبعيدة عن الفردية وكان الروائي فيها أكثر تمكنًا، حيث أن طريقة تماسك الأحداث نُسجت بطريقة منطقية وكتبت برؤية سببية مناسبة بعيدة عن التفكك والاستطراد الممجوج لتصبح منسجمة ومتجانسة.
2 ـ العنصر الثاني عنصر رسم الشخصيات حيث تم الابتعاد عن الطريقة الكلاسيكية النمطية القديمة إذ وَجَدْتُ أن الرواية ابتعدت عن طريقة كون الرواي هو الذي يكشف عن كل الشخصيات ولا يدع مجالاً للمتلقي أن يكتشف الشخصية من خلال أحداث الرواية، فتلك طريقة قديمة.
إلا أن الرواية التزمت بالطريقة الحديثة وهي الطريقة التمثيلية بحيث يقف الراوي بعيدًا تاركًا الشخصية هي من تفصح عن نفسها وتقدم أبعادها الداخلية والخارجية، والحق أن هناك موازنة في هذا الأمر وإن طغى حديث الراوي في الجزء الثاني منها بشكل يشي بتوضيح الأحداث والتبرير لأفعال الشخصية، وهذا واضح في قصة نعيم المتشرد بعد قتله الملك نعيم.
3 ـ أما عنصر السرد فكان ملحميًّا ولم يكن مباشرًا، حيث لم يكن الكاتب يلج في الحدث والسيرة الذاتية إلا بالقدر الذي يحتاجه المتلقي وجاء بعد أحداث كما في بيان الكاتب شخصيات الملك جذيمة وزوجته وأبنائه وبناته، وبعض الشخصيات الأخرى الواردة في النص.
وهذا العنصر شمل الوصف والحوار المفردات والتراكيب اللغوية والثراء اللغوي والصور البلاغية والخيال والشواهد.
4 ـ العنصر الرابع عنصر البيئة وهو العنصر الزمكاني الزمان والمكان الذي استطاع الكاتب أن يصف المكان بكل أبعاده الثلاثية ويجعل المتلقي يعيش الحدث ويتصور المكان، إضافة إلى ذلك الأسلوب الذي نظم فيها السرد بالحوار سواء كان مباشرًا أو غير مباشر.
الحكم بعد الإمعان في المداولة..
ـ أرى أن الرواية استطاعت الخروج من المشهد إلى المشهدية ومن الحوار إلى الحوارية على نسق من الأداء الكتابي الرصين.
ـ حسب استراتيجية الذكاءات المتعددة فإن الكاتب يمتلك ذكاء لغويًّا مميّزًا برز في الأسلوب والثراء اللغوي واستخدام المفردات والتراكيب واختراع المسميات من جعبة خياله الواسع وغير المحدود.
فالرواي الناجح هو من يبث الحياة في شخصياته ويجعل المتلقي يعيش مع تلك الشخصيات وتصرفاتهم وكأنهم أمامه، وكان هذا هو دأب الأستاذ حسن الحجي في هذه الرواية الممتعة.
وبعيدًا عن عالم البروباغندا المعهودة أجد أن هذه الرواية يمكن ترشيحها لجائزة البوكر ولا غضاضة.
أجل! إن وجود هذه الرواية تدلل على أن المشهد الأدبي في أحسائنا الولادة للمبدعين بعامّة والمشهد الروائي بشكل خاص بخير لا بل هو مشهد ناهض بوجود مثل هذه الرواية الناحجة من حيث عنصري الإبداع والإمتاع.
جديد الموقع
- 2025-01-14 أسرة المهناء بالمطيرفي تحتفي بزفاف ابناء الحاج "جواد " تهانينا
- 2025-01-14 " المؤرخ وتدوين تاريخ الأحساء الموسوعي "
- 2025-01-14 أسباب الإخفاق في الإلتزام بقرارات العام الجديد
- 2025-01-14 هل بإمكان الجزر أن ينظم نسبة السكر في الدم؟
- 2025-01-14 محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية التي تجري في اللاوعي وتشكل انفعالاتنا وقراراتنا وسلوكنا
- 2025-01-13 تنظيم علاقة الإنسان بريه
- 2025-01-12 إل جي تطلق متجرها الرائد في المملكة العربية السعودية بحفل افتتاح كبير
- 2025-01-12 البلادي يشدو بشدة القافلة في أمسية غناء البادية في ختام "معرض الإبل عبر العصور"
- 2025-01-12 7 شعراء يؤثّثون سادس أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي
- 2025-01-12 تحت شعار تمرنا من خير واحتنا سمو أمير الشرقية يرعى انطلاقة النسخة العاشرة من مهرجان تمور الأحساء المصنّعة