2013/01/03 | 0 | 2117
عند أسوار كربلاء ..
نستعد للصلاة تلفنا حولها كألف عباءة نفترشها للسجود .. لكن عطشنا لدخولها يملأ أرواحنا بالشوق بألف وصف لحكايات يعيشها العشاق .. وكلما ضاق المدى برز امتداد لأفق أرحب لفنا حوله فباغتتنا رواياتها الكبرى وعلقت لهفتنا على بواباتها العريقة تهطل فينا كرذاذ المطر .. فشوارعها تنبض بحياة مختلفة كأنها تنتظر حدث جلي لا يتأفف من ململة الوقت وانسحاب الزمن العابر بفتوره ..
وهي تقرأ في جبين زائريها فردوس الجنة وتزيل البؤس المخبأ في زواياهم الغارقة في الضياع الممتد كتلويحة زحام مكتظ بالعابرين .. وتحفر ذاكرتهم كتلألأ البدر في وقت اكتماله ..
لعل عدة سنوات طويت فصلتنا عنها مرت من العمر بطيئة كقيد انتظار مرتهن بالعودة مجددا .. لم تكف عنا ذكراها ولا كففنا نحن منها .. شاغلنا الوقت بالانتظار طويلا ، وشاغلنا نحن الوقت بالوعد والعودة مجذا .. لم نبالغ في آمالنا ولم تسرف هي في الوفاء لنا .. فقد أجزلت حين منحت لنا حضورا آخر وسجلتنا في الزائرين ..
حين يكون لديك خطوة أكيدة فأنت تسير وفق نمط مختلف .. نمط يمكنك تسميته بصدق النية وحسن اليقين .. ليست كل الأرواح هنا حائرة ولا هائمة لكنها لا تختلف في صياغة العشق .. فثمة شخوص يلوحون في حياتنا بالقيم ويضيئون بمعزوفاتهم على جدران الروح فيملؤنا بصحة الحياة وفهمها ..
لنصدق القول .. ثمة ما يمكننا رؤيته عن قرب مختلف .. كأنما هو مجهر يبصر النور فينا ويجلب الحظ للعاثرين بتعاستهم فوق حبائل الوقت .. أشياء نراها لأول وهلة نحسبها متسعة فيضيق الأفق بالمسافاة معهم وتنطوي خطواته كما تطوى خطوات المشاة في الأربعين بطريقهم إليها فتظللهم غمامة حب تسكن هلعهم بالسلام وتسعفهم بغيث العافية والرحمة فلا يصيبهم عطش الطريق ولا تنال منهم مشقته ولا ينهكهم منه النصب ولا ينالهم جهده .. تمضي بهم هكذا فتنجلي كل التجمهرات عن ثورة عميقة غذاها عشق الحسين ..
يااااه .. ما أطول عمرك يا كربلاء وأصلب بقاءك .. حكايتك قديمة تجابه الدماء لا تغسلها سيول المطر ولا تلوثها الارصفة المتعفنة برحلة جرحتها كثرة الضلالات الكاذبة واغتابتها فلول الروايات الملفقة وتطحلبت حولها قضايا مفتعلة لم يصدق جلها فضلا عن قلتها لكنها لم تفلح في النيل منها ..
ترى أي مدينة انت .. لك سحر المدن وهيبة أديانها وطلاسم سحرها وخلود بقاءها .. فدمائك نابضة بالحياة .. هواءك جنة .. وترابك كرامة للحرية .. ومساحاتك تتسع حتى تبتلع ملايين الزائرين كأن سحرا يستطيل بك .. ويتعرش خلودك .. فتزهر أسوارك .. بأزاهير شجرة تفاح من الجنة ..
مدبنة عريقة سامية توزع صكوك مجانية لزائريها بمجرد وصولهم إليها ..وكلما واصلت هي سموها لعنوها بحنق وفجور لأنهم لم يفهموا لغتها ولم يدركوا قيمة سموها .. لذا هي تسافر فوق غطرسة المتذمرين بترفع .. وتفترش ساحات القلوب بالحب والعقول بالدهشة .. فتنسج حكاياتها بمصداقية رفيعة .. وكلما تقادمت كلما سئلنا الوقت عنها كيف لها ان تنجب الصبر وسط ضغوطات الزمن وشظاياه حولها ..
نجوب طرقاتها بدهشة ونحن نقلب في وجوه العالمين الملتفين حولنا ونطرق بعزيمتنا فواتير الصمت الباهظة التي كلفتنا روحانية وسمو واستقرار على مدى أزمان .. وصادرت منا الأمان فجئناها على خوف ووجل نطلب رحمة تصيبنا من خيراتها ..
نصر أننا نحب الحياة ومع حبنا لها نعشق الحق والشهادة فترسم تباريكها حول هالاتنا ونبتهل لمواصلة الخطى ..
أراك كربلاء واقفة بانتظارنا جميعا تستقبلينا بفرح وتتابعين خطواتنا منشرحة بمجيئنا .. تضمينا إليك بذات الشوق بقوة كأنك تقيسين حجم اللهفة بداخلنا فتمايزينا بسعينا إليك .. ترسلين حرارتك نحونا بدفء يبعث فينا نشوة القرب ويغسل عنا تعب الطريق .. فإليك يا كربلاء خذينا وإلى أسوارك ضمينا ..
كربلاء المقدسة
1434ه-
جديد الموقع
- 2024-05-06 مدينة مصغرة لواحة الأحساء الزراعية
- 2024-05-05 مثقفون وأعيان يرصدون العطاء الأدبي للبابطين
- 2024-05-05 قصيدة (مطية الغياب)
- 2024-05-05 افراح الغزال و الدخيل في رويال الملكية بالاحساء
- 2024-05-05 شَبَه الكتابة بالرسم
- 2024-05-05 ما بعد الوظيفة (1).
- 2024-05-05 ابن الأحساء الحبيبة الفلاح الفصيح
- 2024-05-04 بيت الشعر في الفجيرة ينعى الأمير بدر بن عبد المحسن
- 2024-05-04 الأمير سلطان بن سلمان : الأمير بدر بن عبدالمحسن ترك ارثاً لا يمكن أن يحمى مهما طال الزمن
- 2024-05-04 افراح الدويل و الغزال في احلى مساء بالاحساء