2023/09/07 | 0 | 1601
الوعي الجمالي وحفظ التراث.
اليمامة
مثل الاستشراق في موجته الثالثة – الأولى إبان الغزو الصليبي، والثانية في الفترة الكولونيالية - ظاهرة ثقافية هامة انتجت العديد من الدراسات الجادة وكشفت عن الكثير من المخطوطات وتوفيرها للباحثين المهتمين بالتراث الثقافي والأدبي لمشرقنا العربي وعالمنا الإسلامي. فهذا الاهتمام الكبير باللقى والمحفورات بجانب الكتب، نبهت المؤسسات الثقافية إلى أهمية تلك الكنوز من تراث الأمة والحرص على استكمال ما بدأه خبراء الاستشراق.
فعندما كنت أتصفح قبل سنوات كتاب الخبير وباحث اللغات الآرامية والعربية السويسري ألبرت سوسين عن الشعر النبطي للجزيرة العربية في القرن التاسع عشر، وقتها شعرت بغصة وألم لم يتلاشى أثرهما بعد. فتراثنا المادي والفني لم نحسن التعامل معه بروح المسؤولية؛ حتى يأتي من أقصى الغرب رجل يجمعه ويدونه، ثم يتيحه في بلده كمادة ثرية للدارسين والباحثين.
قد نعذر أجدادنا وقت جمع الباحث السويسري لمادته الأدبية (توفي عام ١٨٨٩م)، لعدم تمكنهم من تدوينها؛ باعتبارها مادة شعبية لا تستطيع في زمن الندرة - الكُتاب والورق - أن تزاحم المواد الدينية والشعر الفصيح في أولوية التدوين. إنما، وفي زمننا الحاضر الذي ينفتح على الثقافة والآداب والفنون برؤية استرشادية منبثقة من الرؤية الشاملة لسمو ولي العهد ٢٠٣٠، والتي على أثرها انطلقت وزارة الثقافة في حركة غير مسبوقة ونوعية في مشهدنا الثقافي للاهتمام بكافة أنواع التراث لحفظه وإبرازه، فهي الفرصة الحقيقية والذهبية للحاق بما تبقى منه والحفاظ عليه.
وما دعاني للكتابة، هو مادة مرئية مرسلة من قبل الشاعر والأستاذ عبد الله الصيخان، على شكل تقريع مبطن ومساءلة عن دور المهتمين بالتراث ومسؤولياتهم الوطنية والفنية بالمساهمة للحفاظ على التراث. فتلك المادة المرئية كانت عبارة عن لقاء عابر من أحد هواة السوشيال ميديا عندما أجرى حوارا مع أحد البائعين في سوق شعبي يعرض فيه مقتنياته التراثية للبيع، والمفاجأة التي تدهش المشاهد هو وعيه الفني والتراثي بقيمة ما يعرضه، وأيضاً لحرصه في طريقة حفظه لتلك المقتنيات (اسطوانات موسيقية قديمة) وإن كانت طريقته بدائية. البائع ومتذوق الفن كان في سبيل توصيفه للكنوز التراثية التي بحوزته، وأن أحد المهتمين “الألمان” زاره للتفاوض معه لشراء إحدى اسطوانات الفنان الراحل عيسى الإحسائي!؟
فقدوم المهتم الألماني هو ما جعلني أستحضر الموقف المؤلم والشعور بالحرج عند مطالعتي لكتاب ألبرت سوسين مع فارق الزمان والإمكانيات.
وزارة الثقافة بأهدافها الرائعة وجهدها الجميل بالحفاظ على التراثين المادي والمعنوي وحتى الصناعي منه، يمكنها أن تستكمل ذلك الجهد وعبر برامج المبادرات للوصول إلى الأسواق الشعبية وأصحاب المتاحف الشخصية الخاصة لاقتناء وشراء النفيس من تلك التراثيات النادرة لإمكانياتها المادية، واقناعهم بأن ذلك أدعى لحفظ التراث وديمومته وإيصاله للأجيال القادمة بطريقة سليمة.
وأيضاً يمكن للوزارة عبر إطلاق المهرجانات التي تحتفي بالشخصيات الأدبية والفنية أن تغتنم تلك الفرصة للملمة تراث الراحلين منهم وإبراز مجهوداتهم.
أختم بإبداء اعجابي بذلك البائع (أبو ردح) الذي يعتز بمقتنياته الفنية وعشقه لها حيث يظن بها على البيع، وأزعم أن تراث الفنان عيسى الإحسائي بات متناثراً في العديد من المدن السعودية ودول الخليج العربي، وكذلك باقي الفنانين الشعبيين الذين يجب أن يحفظ تراثهم لأنه ثروة في عهدتنا يجب دراستها وتفعيل القراءات النقدية عليها، وأيضاً إيصالها إلى الأجيال القادمة.
جديد الموقع
- 2024-11-14 البلدية والإسكان والبريد السعودي سبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت التجارية
- 2024-11-14 السير الذاتية وتابوهات المجتمع
- 2024-11-14 في ديوان «هاجسُ الريح»لهاني الملحم.. ما نتوقعه من الشعر، وما تعد به القصيدة.
- 2024-11-14 يمثل الأحساء والمنطقة الشرقية في البطولة نادي وأكاديمية بادل بول إلى نهائيات دوري بارنز السعودي للبادل
- 2024-11-14 افراح الأجود و البجحان تهانينا
- 2024-11-13 هل يُطاع الله من حيث يُعصى؟
- 2024-11-13 سمو محافظ الأحساء يستقبل رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية للنقل باتحاد الغرف السعودية
- 2024-11-13 تحالف الأسودان ، خلاص الحسا وسكري القصيم
- 2024-11-13 زواج ثنائي "المجحد والعوض تهانبنا
- 2024-11-13 مركز الملك سلمان للإغاثة يشارك في معرض "واحة الإعلام" بالتزامن مع استضافة المملكة للقمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض