2022/08/07 | 0 | 4221
الشيخ أمجد الأحمد :عصر الفردانية والأنـا
المأتم: حسينية المطر (الأحساء ـ الفضول) الليلة السابعة محرم 1444هـ
يقول تعالى: ( يَٰبُنَىَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلْأُمُورِ) لقمان الآية 17
مقدمة:
ظاهرة الفردانية هي ظاهرة جديدة بدأت بالانتشار في العالم العربي وتعني أن القيمة للفرد عند الغرب وليس للمجتمع حتى ولو كانت على حساب المجتمع. بعكس الثقافة العربية الإسلامية الدينية فهي ثقافة اجتماعية تركز على روح الجماعة والبعد الاجتماعي لدى الإنسان لذا فهي تحترم العادات والتقاليد والروابط الاجتماعية.
قدم الخطيب محاضرته عبر أربعة محاور أساسية:
الأول: تعريف ومظاهر الفردانية والأنا.
الثاني: شيوع الفردانية والأنا.
الثالث: آثار الفردانية والأنا.
الرابع: علاج الفردانية والأنا.
المحور الأول: تعريف ومظاهرالفردانية والأنا
تعريف الفردانية والأنا:
هي الشعور بالاستقلال عن الجماعة والمجموعة وعن أي رابط بها والتفكير بالذات والبعد عن المجتمع والعيش بمفرده.
مظاهر الفردانية:
1- تقليل الزيارات العائلية والروابط الأسرية: وكذلك الابتعاد عن اجتماعات الأسرة وعدم الاهتمام بما يلم الأسرة من وجبة طعام وغيره، ويفضل الفرد زيارات الأصدقاء على الأسرة.
2- تراجع دور كبير العائلة: معروف أن شيخ العشيرة له وجاهة يقوم بأدوار كبيرة ومهمة كحل الخلافات في المجتمع واللجوء له في المشورة ومع الفردانية اختلف الوضع إلى التمرد على كبير العائلة وانحسار دوره.
3- الإنخفاض النوعي والكمي في العمل التطوعي: يؤمن المجتمع المثقف بدور العمل التطوعي وتبادر إليه لما فيه من الروابط والروح الجمعية كالجسد الواحد والسعي لهدف واحد، أما الفردانية فمدعاة إلى ابتعاد الناس عن العمل التطوعي حيث يهتم الفرد بنفسه فقط.
4- تراجع العمل بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: حيث قلص البعض مساحة هذه الفريضة العظيمة ووسع مساحة الحرية الشخصية من باب عدم التدخل في شؤون الآخرين.
5- نزوع الفرد نحو الإستقلال: فالمجتمع الغربي والاوروبي خصوصاً يغادر الشاب منزله وأسرته والاستقلال بحياته حتى لو لم يكن مؤهلاً للإستقلال وهذا مدعاة إلى الوقوع في جرائم المخدرات وغيره.
كما أكد الخطيب بأن هذه المظاهر لا تنحصر في مجتمع بذاته فالأمر نسبي ولكنه في حالة ازدياد وتوسع ينبغي الوقوف عندها.
المحور الثاني: أسباب شيوع الفردانية
إن لأسباب الفردانية عوامل عدة منها:
1- بسبب تطور الحياة: يعزو البعض إلى أن من أسباب الفردانية هي تطور الحياة والوضع السكاني ازداد والانتقال من الأرياف إلى المدن التي طبيعة الحياة فيها هو عدم وجود مثل هذا الترابط المجتمعي والاستغناء عن بعضهم البعض.
2- اليأس من التبرير والإصلاح: فإنك ترى سابقاً قبل شيوع الفردانية بعض الشخصيات شعلة من النشاط في مجتمعه ويلاحظ الآن أن هذا الحماس انطفأ وتراجع وذلك بسبب اليأس من المجتمع لاسباب عدم التقدير مثلاً.
3- عدم القدرة على تحمل المسؤوليات: حيث أصبح الكثير يبتعد عن تحمل المسؤولية كالعزوف عن الزواج بحجة عدم تحمل المسؤولية والخوف من الفشل وعدم الرغبة بمشاركة الآخر لحياته.
4- الظروف الاقتصادية الطارئة: حيث أصبح الفرد يهتم بمصادر رزقه نظراً للظروف الحياتية الصعبة.
5- تصاعد ثقافة الرأسمالية: فالمهم في هذه الثقافة هي الابتعاد عن الأعمال التطوعية وعدم التفكير بالثواب الأخروي والاهتمام بجمع المال وتكوين الثروة.
6- تحجيم دور المساجد: فالمسجد له دور كبير منذ أول مسجد أسسه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله فقد أسس ليكون مؤسسة اجتماعية ترعى المجتمع وليس للصلاة فقط، فأول دور كان للعبادة وأن يتلاقى الناس مع بعضهم والتعرف على أحوال بعضهم، كما أراد النبي صلى الله عليه وآله أن يكون المسجد قناة تعليمية ومحطة لنشر الوعي والثقافة ولا يقتصر على الصلاة فقط فالمسجد مكان للتعليم والتثقيف والدورات التوعوية وخطاب يبث الوعي والمعرفة وقد كان مركزاً لتفقد الأيتام والفقراء والتكافل الاجتماعي والقضاء والإصلاح بين المؤمنين بل وكان مركزاً لمنطلق الجيوش في ذلك الوقت.
فتحجيم دور المسجد تسبب في شيوع وتنامي النزعة الفردانية شيئاً فشيئاً وابتعاد شريحة كبيرة من المسجد والدليل النظر إلى نسبة الحضور للمسجد مع عدد أفراد المجتمع نراه ضئيل جداً.
7- عدم تقدير العاملين: يلاحظ ذلك في توجيه الذم والتذمر إلى بعض العاملين في الجمعيات الخيرية مثلاً وعدم تقدير الجهود المبذولة على عكس من كف يده عن المجتمع خيره وشره فإن له تقديراً واحتراماً كما هو الحال في تسقيط والحرب على بعض العلماء نظراً لنشر علمهم وأعمالهم على عكس العالم غير العامل فإن له تقدير خاص نظراً لعزل نفسه عن المجتمع وعدم وجود اطروحات علميه له من الممكن أن تتعارض مع أهواء هذا المجتمع.
8- وسائل التواصل الاجتماعي: ويلاحظ ذلك بالمقارنة بين الزيارات العائلية سابقاً وحالياً حيث يميل الإبن إلى العزلة واللعب الفردي وينشأ على ذلك يمنعه من الاختلاط بالآخرين.
المحور الثالث: آثار الفردانية والأنا
للفردانية والأنا آثار عدة منها:
1- العزلــة: يؤكد الخطيب على أن الراحة النفسية هي مع مخالطة الناس وليس مع المعزلة كما ينتهجه بعض الشباب من الانطواء في المنزل، فالطبيعي هو مخالطة الأصدقاء وإلا فهذا شأن غير طبيعي.
2- التفكك الاجتماعي: ويؤدي ذلك هو انهيار بعض القيم كالتعاون والتكافل وصلة الرحم وحسن الجوار كل ذلك بسبب الفردانية وهذا ما يشتكي به الغرب فإن كبير السن يعيش بمفرده ويموت ولا يعلم عنه أحد.
3- التفكك الأسري: حيث يعيش الفرد لوحده داخل الأسرة والتشجيع على الطلاق وعدم مراعاة قدسية الزواج بين الرجل والمرأة يقول تعالى: (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) النساء 21.
4- فقدان الوازع الديني: إن من تقويم الأخلاق هو وجود الوازع الديني عيث يراعي المؤمن جوانب مهمة في سلوكه وتعامله من باب المحافظة على المكانة الخاصة والسمعة الطيبة للأسرة والعائلة أو الإساءة إلى الدين والمذهب والمجتمع.
المحور الرابع: علاج الفردانية والأنا
لعلاج الفردانية والأنا عدة أمور مهمة:
1- الحث على خدمة المجتمع: يحث الإسلام على الحركة الجمعية وخدمة الناس والتحذير كثيراً للقضاء على الفردانية والأنا عبر عبادة عظيمة في الإسلام يدخل المؤمن بسببها الجنة ألا وهي قيمة قضاء حوائج المؤمنين وقد استدل الخطيب على ذلك بما يلي:
- قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) آل عمران 103 .
- ورد عن الإمام الحسن عليه السلام عن النبي الأكرم صلى الله عليه وأله أنه قال: (من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجة وعمرة وإن لم تقض له كتبت له عمرة فقد اكتسبت حجة وعمرة ورجعت إلى طوافي).
- ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (من قضى لمؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة أدناهن الجنة).
2- تعزيز الروابط الأسرية: يحث الإسلام على الاهتمام بالروابط الاسرية في المأكل والمشرب والجلوس مع بعضهم البعض فعن رسول الله صلى الله عليه واله قال: (جلوس المرء عند عياله أحب إلى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا).
3- تعزيز الروابط الاجتماعية: كما يهتم الإسلام بالروابط الاجتماعية الأخرى كصلة الرحم وعيادة المريض وتشييع الجنازة والدعاء للمؤمنين.
4- قيمة الصبر: يحث الإسلام على الصبر في مخالطة الناس كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)، فإنه من الفضيلة الحضور بالمجتمع والصبر على الأذية وليس الإنعزال عن الناس. ورد عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنه قال: (أفاضلكم أحسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم).
وأكد الخطيب على خدمة المجتمع والتأسي بالأنبياء والمرسلين في تأدية رسالتهم الإلهية والصبر على الأذى كما صبروا عليهم السلام كنبي الله نوح هذا وحث الخطيب على قيمة الصبر إلى أن يتحقق الهدف دون يأس فالطريق مليء بالأشواك ويجب تجاوز الصعاب.
5- التربية السليمة: على الأسرة وظيفة تربية أبنائها تربية على حب واحترام الآخرين وعلى البذل والعطاء لقوله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) الإنسان 8، أي حب الله تعالى وإخلاصاً له كما في شخصية الزهراء عليها السلام ودعائها لجيرانها وتسميهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشئ، حيث سألها الإمام الحسن عليها السلام يوماً (يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني! الجار ثم الدار).
يقول الشاعر عبدالله عيسى الأحمد (الرميلة) في مدح الزهراء عليها السلام
من حجرها خرّجت للكون مدرسة000 من الإباء للظلم ما لانا
وعنفوانه واخلاقا مطهرة000 وارضعتها من الوجدان ايمانا
فأنبت البدر في أحضانها شجراً000 واخضرّ من صدرها المعطاء بستاناً
المجتبى والحسين الحر من دمها000 ودمها ذاك من بالطف أحياناً
وصوتها من بوجه الظلم منتصراً000 تبثه من فم الحوراء نيراناً
ووقفةً ووقوف الأم مرجعها000 ويوم كانت بوجه الظلم طوفاناً
هذي هي البضعة الزهراء فاطمة000 هذي الحقيقة لا تحتاج برهاناً
جديد الموقع
- 2024-12-03 الحضور الأدبي في فكر الأديب
- 2024-12-03 إيلون ماسك والقراءة
- 2024-12-03 قراءة في كتاب (مزاج الكتابة، الكتابةمفهوما، ومزالق، ومقومات)
- 2024-12-02 بر الفيصلية وحي الملك فهد ومسجد الإمام الصادق في رحلة بحرية.
- 2024-12-02 كيف يتعامل الأطفال مع الشائعات وماذا نستفيد من ذلك؟
- 2024-12-02 حُب الحسا أجنني إلى كل مسؤولٍ رسميٍ، وناشطٍ اجتماعيٍ وتفاعلي بالتأثير..
- 2024-11-30 ثلاثة يجب الحذر منها
- 2024-11-30 "جمع من شيعتنا ومحبينا".. إيمان وأُنس
- 2024-11-30 هل نبحر نحو الهلاك؟
- 2024-11-30 إلى أمين الأحساء مع التحية سعادة المهندس: عصام الملا (سلمه الله)