2022/07/14 | 0 | 2291
الحرف وتراث الأحساء التاريخي
يشكل تراث الأحساء التاريخي رافد حيوي وهام في جذب المهتمين بالتاريخ والتراث والآثار من الباحثين الأكاديميين والكتاب والمثقفين وهواة السياحة ومحبي
أقتناء القطع الأثرية .
وتمتاز واحة الأحساء بالأثار التاريخية العريقة والكثيرة التي ينطوي بها مخزون واسع من ذاكرة التاريخ فعلى أرضها الطيبة تحتضن (40) موقعاً أثرياً، 9 منها مواقع أثرية مُدرجة على لائحة التراث العالمي، وهي واحة الأحساء، وقصر صاهود، وجبل القارة، وقصر محيرس، ومسجد جواثى ، وميناء العقير، وسوق القيصرية، وقصر أبو جلال وموقعان قد هُدما وهو قصر العبيد عام 1975، وقصر أجود بن زامل .
وأهالي الأحساء محبين للتراث المحلي والفنون الحرفية وتجلى هذا العشق في إنشاء الكثير من المنازل بالطراز العمراني التراثي الإسلامي ذو الطابع الفريد وأنشاء مشاريع مطاعم واستراحات وفنادق بتصميم عمراني تراثي لما لها من جاذبية ساحره تجذب الزائرين الراغبين في الأستجمام والراحة ، وإنشاء متاحف تراثية جمع فيها كثير من المقتنيات الحرفية التراثية التاريخية والبديعة في التصميم والتي تبدي مهارة فائقة للصانع الأحسائي لهذه المقتنيات الحرفية .
وتمثل الحرف اليدوية التي برع في صناعتها غالب رجال الأحساء القدامة من الأجداد والآباء بصمة تاريخية وتجربة انسانية موثقة في ذاكرة التاريخ وجزء هام
في سجلات ومدونات التراث التاريخي للأحساء.
وفي هذه الحقبة التاريخية التي اعتمد فيها ابن الأحساء على الحرف والمهارات اليدوية كان مزاولة هذه الأعمال مصدراً رئيسياً للمدخول اليومي لتكاليف المعيشة
لاسيما أن الطبيعة الجغرافية لأرض الأحساء الزراعية تفرض أنتشار كثير من الحرف اليدوية ومنها الأعمال الزراعية اليدوية فعلى المزارعين توفير أدوات الحرث والعناية بالمحاصيل الزراعية مما ساعد في توسع وانتشار تواجد حرفيي الحدادة ومزاولة هذه المهنة وصنع الأدوات الزراعية لها ، ومنها المحش والقدوم والمنجل والصخين وتعد حرفة الحدادة من أعرق الحرف القديمة التي أزدهرة في ربوع الأحساء وأشتهر بمزاولتها كثير من أبناء أسرة الحداد ، كما أشتهرعن أسرة القطان حرفة القطانة وحياكة المشالح وأشتهر عن بعض الأسر احتراف صياغة الذهب ومنهم أسرة البقشي والأربش ، والباذر، والبن عيسى، والبوجبارة، والدجاني ، والصايغ، والمهنا، والموسى ، والمؤمن، والنجيدي، والنمر، والوايل وكثيرة هم العوائل الأحسائية التي زاولة حرفة الصياغة وليس هنا مورد حصرها
وكثير من الأسر الأحسائية أشتغل أبناؤها في حرف متعددة توارثوها من الأباء حتى لقبت وعرفة باسم الحرفة التي احترفتها لسنوات متعاقبة .
وتعددت الحرف والأعمال اليدوية لرجال الأحساء القدامة فقد عملوا في غالب الحرف والمهن واشتغلوا في صناعة الفخار وصناعة المدد والصفارة والقطانة والنجارة والحدادة ونسج وحياكة المشالح وحبك الكتب وصياغة الذهب التي كان لها حاجة واستخدام ويطلبها غالب مجتمع الأحساء في تلك الحقبة التاريخية .
وقد اشتغل الحرفي الأحسائي القديم في هذه الحرف بكل أتقان ومهارة وأمضى سنوات طويلة من عمره حتى أبدع في مصنوعاته الحرفية واشتهر بها في دول الخليج والوطن العربي ومنها حياكة المشالح التي أزدهر العمل بها وتميز فيها
الحرفي ابن الأحساء وباتت حلة الملوك المفضلة والمحببة للاقتناء على سائر الحياكات المعروفة في الأقطار العربية ، وأول كسوة فاخره تم نسجها وحياكتها لبيت الله الحرام كانت بأيادي حرفية أحسائية في منزل عيسى بن شمس في عهد الأمام سعود الكبير .
وشكل اشتغال الأجداد والآباء في هذه الحرف تجربة إنسانيه رائدة وأرثاً ممتداً في عمق تاريخ الأحساء
وفي بداية ظهور البترول وتنامي الطفرة الاقتصادية كانت مرحلة تاريخية جديد وتحول في تطور الكثير من الحرف اليدوية وبروز مهن صناعية جديد وأفول الكثير من الحرف اليدوية وذلك لمردودها الذي بات لايفي بتكاليف المعيشة وعزوف الأبناء عن هذه الحرف لقلة مدخولها المادي وهذا العزوف من الأسباب الرئيسية في اندثار الكثير من الحرف الأحسائية المشهورة على مستوى الخليج العربي .
وفي عصرنا الحديث نجد أن هذه الحرف المندثرة لها أرتباط وثيق بتراث وأثار تاريخ الأحساء القديم ، فهذه الحرف موروثاً أصيلاً للأجداد من خلاله أنتقلت خبرات ومهارات من جيل إلى جيل حتى وصلت فنونها ومقتنياتها الحرفية لنا معبرة عن طبيعة وتاريخ الحرفي الأحسائي . ولأهمية هذه الفنون الحرفية التي أعتمدة على الأيادي الذهبية لأبن الأحساء القديم
وأهمية المعالم التراثية والأثار الحرفية المحلية القديمة المشرفة على الأندثار والتي تمثل واجهة مشرفة لواحة الأحساء فأن الجهات الرسمية أولت أهتمام بالغ وبذلت جهود كبيرة في أحياء التراث بما يحويه من معالم تراثية وفنون حرفية ومقتنيات وأثار تاريخية حتى شكل على أثر ذلك سوق الحرفيين بالهفوف والمصمم على الطراز الترابي على مساحة 12 الف متر والمكون من 26 متجر متخصص في الحرف الأحسائية ، ويوجد به رواق دائري تقام به فعاليات ومهرجانات تراثية
للفنون الحرفية الأحسائية ، وكذلك تم أنشاء مركز الحرفيين بالأحساء التابع للبرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية خلف "أمانة الأحساء ، وتم تشغيل
مركز الأبداع الحرفي في مدرسة الهفوف الأولى ( المدرسة الأميرية ) من قبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ، وتم إنشاء قرية الأحساء التراثية ،وإنشاء متحف الأحساء الوطني ، كما يتم تنظيم وأقامت المهرجان الوطني للتراث والثقافة
( الجنادرية ) سنوياً والذي يشارك في فعالياته جميع الحرفيين على مستوى وطننا الغالي .
ولقي التراث الحرفي والأثري والعمراني للأحساء أهتماماً ومساعي لأحياء هذا التراث من الأندثار من قبل اهالي الأحساء المحبين والعاشقين لتراث الأحساء المحلي من رجال الأعمال والكتاب وهواة جمع المقتنيات التراثية ومن هذه الشخصيات البارزة في هذا المضمار رجل الأعمال م. عبدالله الشايب ويعد أحد رواد التراث العمراني وقد أنشاء مركز النخلة للصناعات الحرفية للتدريب ، ومن الكتاب الذين كتبواعن التراث والحرف في الأحساء الكاتب أحمد البقشي والف كتاب من الذاكرة الأحسائية ، والكاتب خالد الفوزان وكتب كتاب الأخبار عما في الأحساء من التراث والأثار وغيره من المؤلفات الكثير ، كما أن هناك محبين للتراث أجتهدوا في أنشاء متاحف جمع فيها الكثير من مقتنيات حرفيي الأحساء ومنها متحف دار التراث في قرية المنصورة والذي قام بإنشائه وجمع قطعه التراثية الأستاذ جعفر الخواهر حيث يضم المتحف نحو ثلاثة ألاف قطعة أثريه متنوعة ومتحف الخليفة التراثي في مدينة المبرز ويضم آلاف القطع والمقتنيات الأثرية النادرة قام بتأسيسه حسين الخليفة ، ومتحف وليد الناجم أسسه وليد بن عبد الله الناجم ويحتوي علي حوالي من 70 الي 80 ألف قطعة أثرية ومتحف فيض الزمان ومتحف كنوز الماضي ومتحف صالح الظفروغيره وليس هنا مورد حصرها .
وبفضل هذه الجهود المتواصلة في يونيو 2018، تم تتويج وضم محافظة الأحساء إلى قائمة التراث الإنساني العالمي باليونسكو، باعتبارها مستوطنة كُبرى على مدى 500 عام مضت، ضمت بساتين النخيل والقنوات والعيون والآبار، ومناطق أثرية ومجموعة من التراث العُمراني داخل مستوطناتها التاريخية، وفي عام 2019 اختيرت الأحساء عاصمة للسياحة العربية، وهي أيضا عضو في شبكة اليونسكو للمدن الإبداعية في مجال الحرف اليدوية والفنون الشعبية .
ولا تزال الأبواب مفتوحة والفرص سانحة للمبادرات التطوعية السباقة لأحياء مشاريع التراث والحرف المندثرة الأحسائية من قبل الهواة والمحبين للتراث المحلي والمساهمة في تعزيز مكانة الوطن وواحة الأحساء والرقي بتاريخنا الحضاري .
جديد الموقع
- 2024-11-04 القراءة وكسر التنميط
- 2024-11-04 لماذا يكثر الكتّاب في آيسلندا؟
- 2024-11-03 حسن اليحيى عريسا في قاعة الاحساء
- 2024-11-03 قراءة في يسرق الليل نجومي
- 2024-11-02 تكريم التشكيلي الصندل بعد 13 عاما من وفاته
- 2024-11-02 الأحساء منفذ للتأشيرة الموحدة
- 2024-11-02 التوازن الدقيق بين الانفعالات الايجابية والسلبية
- 2024-11-02 الأنف يكشف علاقتنا بالإنفعالات
- 2024-11-02 عبر أربعة إصدارات جديدة نادي خيمة المتنبي يدشن مجازه الأول
- 2024-11-02 السهلة الأدبي يروي سيرة النقوش الأحسائية