2011/09/11 | 0 | 2538
اصطياد ذي العثنون
لقد زخر التاريخ بتلك الصور الداكنة من استخدام لباس الدين في تمرير مشاريع السيطرة والتحكم الجائرين ولأضعاف مجال الرؤيا في أفق الأحداث وتكوين المياه العكرة لاصطياد الذمم وخنق التفكر , وليس يومنا هذا بمعزل ولا ببدع من تلك ألأيام ولا ببعيد عن تلك الطرق والوسائل والألاعيب القديمة .
مسؤلية رجال الدين عظيمة وليست بالهينة فهم على جبهتين في وقت واحد إنكار المنكر ومحاربة الظلم في حينه والممانعة لاستخدامهم في ألاعيب المتنفذين في عالم الطغيان ألآثم’ فهم هدف محتمل بدرجة شبه أكيده في تحويلهم شبكة لصيد إرادة الناس وجعلهم أله في يد الحكام والسلاطين هذا على فرضية أنهم من غير فئة علماء البلاط المصنوعين أصلا لملئ هذه المناصب.
إن تداعي الأحداث بالشكل المشاهد في أيامنا من سرعة تغيير المواقف وتبدل الأشخاص كشفت لنا أن أول من يسقط من عربة السلاطين وأول من يقذف به في لجج الانهزام يوم أن تنقلب المقادير يكون هو ذلك العالم الذي باع كيانه بعد ذمته ودينه في خدمة مصلحة الحاكم الجائر وهو ظالم لنفسه ومشارك في الجرم والجريرة بثمن بخس مما تجود به موائد المستفيد الأول , فليس من رجاحة العقل أن يصير المرء أمره على كف الهلاك في الدارين عربونا للترغيب أو الترهيب الذي تمليه الطغاة عليه {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }النحل95 , فالحياة معروفة الحد مرسومة القدر معدودة في الزمن , فمن يعرف بأن نهاية عمره تلك الوقفة مع الحق للحساب إذا لم تتخطف جسمه ألأمراض والعاهات قبل ذلك وأنه يسير ليقترب من أجل غير بعيد وأنه مقهور بالموت وبالعجز وان عيشة اقل ثمنا في الحياة الدنيا من الحياة الأخر بفارق شاسع وبعيد {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }الحج47 فلم يجبن في النزوع لتخليص نفسه من اسر المتحكم المتسلط , ولم يستكين خوفا من ألم عابر أو طمعا في لذة زائلة , إنها لفترة هذه الحياة الدنيا تعقبها أيام طوال أبدية , فمن قل صبره ولم يجالد القليل فكيف به أن يقاسي الكثير؟{نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ }لقمان24
المؤمن كيس فطن والعالم لا تفاجئه الغوائل ليسقط في أول اختبار فهناك دائما الخطط من الطغاة لإسقاطه وتوظيف وجوده واستخدامه متراس يقبع خلفه الجناة ليتخفوا من الفضح و ألانكشاف ’ و الظالمين لا يرعون عادة في السبق والمباغتة بالمكر والحيلة ليطوقوا بحبال وإصر من البهتان حول إرادة رجل الدين الضحية وقد رأينا كيف يركبون قول الحق على مشاريع الباطل ويستخدمون كلام الحق الذي يريدون به الباطل .
ففي الفترة الأخيرة دأب الظالمون على شجب الظلم في البلاد الأخرى ليتواروا عن ما يفعلونه هم من ظلم ويرتكبونه من تعدي فيجندون بعض رجال الدين في الاستنكار والتبري من الظالم الأخر وكأن الظالم المحلي خلي وبريء من تلك الصفات النكرة , فيلبس عباءة البراءة للظالم القريب بتسليطه الأضواء على ذلك الحاكم البعيد, هذه المماكرة المصابة بالعمى المحلي لاستطيع أن تدرك الواقع إلا بعيون السلطة المحلية وذلك لأنه أما يداهن للمصلحة أو يتقي البلية أو يلاعب الشهرة ويستدر احتلاب المواقف.
(و ما أخذ اللّه على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم ، و لا على سغب مظلوم)
إذا كان العهد لله كثمن للعلم أن لا يقار العالم على كضة الظالم ولا على سغب المظلوم فكيف يترجل بعض من رجال الدين من وقارهم ليتصدوا للبعيد المشكوك في موضوعه ويقاروا الظالم واضح المعالم والجريرة , علما أن الموقف من ذلك البعيد قد بينه كبار العلماء وأبطال المقاومة بأن بلادة تتعرض لمؤامرة كد كشرت عن أنيابها كما ظهر في بعض الصحف والمواقع ألالكترونية ونحن نرى ونسمع كيف يتم الشحن الطائفي والحرب ألإعلامية والتضافر مع عدو الأمة لشرخ ما بقى من أسوار الممانعة لهذه ألأمة وما يستحدث من تحايل على اتفاقيات دولية بعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية ,فلمذا تعمى عين البعض عن ذلك ويطفقون يزايدون على المواقف ويستبقون ألآخرين بالتجاهر ألأخرق والتباهي بالوقاحة ؟
أليست هناك معايير وأوليات وطرق لتحكيم المواقف على سننها؟
كيف يتخلى البعض من عهده مع الله بالإصلاح وينزع طيلسان الحكمة ليشارك الحملات الشعواء هرج ومرج الفتنة ويراقص المصالح ألآنية السكري بإملائات الغرب والكيان الصهيوني ؟
أن ينطق العالم بالحق ويصدح بالقول الصدق واجب بحق عليه وعمل منوط بمقامة ووظيفته الشرعية , فلا يقبل أن ينطق بكلمات ملفوفة ومعجونة بوعاء المستكبرين لأنه بذلك يضيع على ألأمة الفهم ويدس الشر بالخير ويبيع كلام الله بدراهم معدودات ويميث السنن في البدع ويرونق الباطل بلون الحق : {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }آل عمران77
لا اعلم عذرا أو مخرجا شرعيا لمن تماها ركونه مع المعتدين ووقف في صف التيار المتآلف مع المستكبرين والغاصبين لبلاد وشعوب المسلمين لكي يضج ضجيج ذي دنف متألما ومتوجعا من فبركات ألأعلام الخبيثة وينسى جراحات ألأمة وويلات القهر في قومه ووطنه الحقيقية والظاهرة من قريب؟
(عن الإمام أبي عبد الله الصادق علیه السلام : (نحن أصل كل خير و من فروعنا كل بر و من البر التوحيد و الصلاة و الصيام و كظم الغيظ و العفو عن المسيء و رحمة الفقير و تعاهد الجار و الإقرار بالفضل لأهله و عدونا أصل كل شر و من فروعهم كل قبيح و فاحشة فمنهم الكذب و النميمة و البخل و القطيعة و أكل الربا و أكل مال اليتيم بغير حقه و تعدي الحدود التي أمر الله عز و جل و ركوب الفواحش ما ظهر منها و ما بطن من الزنا و السرقة و كل ما وافق ذلك من القبيح و كذب من قال إنه معنا و هو متعلّق بفرع غيرنا) لهذا الخدر الموهوم عن ألام الأهل وذوي القربى أثار قريبة وبعيدة ,أقلها انشقاق هذا العالم عن محيطة وبيئته بل وقضيته وتجافيه عن سربه ,وابعد منها أن يقتطع من قومه عنق منبتا وشاذا ويصنع جيلا متفسخا عن أصالته وفكره ومبتعد عن دينه وأرومته. أليست تلك بفاجعة وخسارة يتسبب بها ذلك العالم على صعيد الدين والوطن؟
حين يتحول الأمين إلى ظهر الريبة تسلب منه صفته وينسلخ منه الحميد من فعله فلينظر أن تحل عليه نواميس الكون من فداحة أثر المعصية في دنياه وسوف يرى ما رصد له في أخراه بعد ذلك.
جديد الموقع
- 2025-01-14 أسرة المهناء بالمطيرفي تحتفي بزفاف ابناء الحاج "جواد " تهانينا
- 2025-01-14 " المؤرخ وتدوين تاريخ الأحساء الموسوعي "
- 2025-01-14 أسباب الإخفاق في الإلتزام بقرارات العام الجديد
- 2025-01-14 هل بإمكان الجزر أن ينظم نسبة السكر في الدم؟
- 2025-01-14 محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية التي تجري في اللاوعي وتشكل انفعالاتنا وقراراتنا وسلوكنا
- 2025-01-13 تنظيم علاقة الإنسان بريه
- 2025-01-12 إل جي تطلق متجرها الرائد في المملكة العربية السعودية بحفل افتتاح كبير
- 2025-01-12 البلادي يشدو بشدة القافلة في أمسية غناء البادية في ختام "معرض الإبل عبر العصور"
- 2025-01-12 7 شعراء يؤثّثون سادس أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي
- 2025-01-12 تحت شعار تمرنا من خير واحتنا سمو أمير الشرقية يرعى انطلاقة النسخة العاشرة من مهرجان تمور الأحساء المصنّعة