2022/07/31 | 0 | 4539
موسم عاشوراء حياةٌ و إحياء
الليلة الثانية // حسينية الرسول الاعظم بالرميلة
افتتح الشيخ محاضرته في هذه الليلة بقوله تعالى " يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَٱعْلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ "
و جاء حديثه في محورين .
المحور الأول : الإسلام دين الحياة
رسالة الاسلام هي رسالة حياة كما جاء في الآية الكريمة التي تصدرت المجلس " يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ " و اللام في ( لما يحييكم ) ليست لام شرط و هذا يعني ان الدين لا يدعوا إلا لما فيها الحياة و فيه المصلحة و النفع و اللام لبيان موضوع و تقرير الدعوة الإلهية .
هنا طرح الشيخ هذا التساؤل : هل كان الناس قبل بعثة النبي الاعظم امواتاً لكي يدعوهم الى الحياة ؟
*فكان جوابه / لم يكن الناس يعيشون حياة حقيقية حياة كريمة طيبة كالتي دعا اليها القرآن الكريم
و جاء معنى الحياة في القرآن بأكثر من معنى :*
1- الحياة النباتية كما في الآية " اعلموا ان الله يحيي الارض بعد موتها " وهذه حياة نباتية والتي من خصائصها النمو و التغذية و التناسل .
2- الحياة الحيوانية كما في الآية " إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى " والتي من خصائصها الحس و الحركة بالاضافة الى النمو و التغذية و التناسل . وهذه حياة يشترك فيها الانسان مع غيره من الحيوانات العجماوات فهو يأكل و يشرب و ينام وغيرها .
3- الحياة الخالدة كما في الآية " يا ليتني قدمت لحياتي " فهذه حياة باقية .
4- الحياة بمعنى القوي القادر الذي لا حد لقدرته ولا منتهى لعلمه " وتوكل على الحي الذي لا يموت "
و بهذا ندرك أن الناس قبل الاسلام كانوا يعيشون حياة نباتية و حيوانية لا قيمة لها بينما الحياة التي دعى لها الاسلام هي حياة العلم و الفكر و البصيرة " أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ " وقيل ان هذه الاية نزلت بعد اسلام الحمزة ابن عبدالمطلب رضوان الله تعالى عليه .
و الايمان بمثابة الروح التي يبثها الله في الجسد الميت فتبعث فيه الحياة لان الايمان الصحيح يحركك للعمل الصالح كصلة الارحام و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و غيرها من المكارم الاخلاقية .
*ليس في الاسلام حكم او اصل إلا و يدعو للحياة ابتداء من الايمان بالله الذي يحرر الانسان من كل عبودية مذلة و زائفة فالابتعاد عن الله و الدين و الايمان يجعل الانسان في عيشة ضنكا " ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة اعمى " . ايضا الايمان بالنبي صل الله عليه و آله وسلم هو مصدر حياة لان الايمان برسالته هو ايمان برسالة الاخوة و الرحمة و السلام و العدل . كذلك الايمان بالمعاد الذي يعطي للحياة معنى و قيمة و ان وجودك في هذه الحياة ليس عبثاً و انّك مكلف للعمل و النشاط و الحركة و اعمار الارض و مسؤول ان تتعلم و تعلم بما تستطيع .
المحور الثاني // المفاهيم الإحيائية في المشروع الحسيني
اذا كان كل تشريع في الاسلام يهدف الى الحياة الحقيقية اذن كل شعيرة من شعائر الاسلام لابد ان تنبض و تدعو الى الحياة ومنها الشعائر الحسينية و الشعائر الحسينية هي شعائر اسلامية وتم تسميتها شعائر حسينية نسبة للحسين عليه السلام و نقصد بها الشعائر التي أمرنا بها أئمتنا عليهم السلام لا أي ممارسة يختلقها الانسان .
و من تلك الشعائر الحسينية التي دعا لها ائمة أهل البيت عليهم السلام وهي :
- زيارة الامام الحسين عليه السلام لانها مليئة بالمعاني الحيوية .
- البكاء على الحسين عليه السلام لانه عنصر انساني .
- انشاد الشعر لانه يربط الأمة بواقعة كربلاء .
- المجالس الحسينية لانها مجالس حياة و هدى و صلاح .
و هذه الشعائر في الحقيقة هي احياء لنا فنحن لا نحيي الحسين عليه السلام بل نحيا بالحسين عليه السلام . فموسم عاشوراء ثقافة و اصلاح لنا .
إذا أردنا أن يكون الإحياء العاشورائي إحياءً واعياً فلابد أن نتعامل مع مدرسة كربلاء كمدرسة اصلاحية تغييريه تصلح واقعنا و كل فساد نعيشه
ففي كربلاء الكثير من المفاهيم الاحيائية التي تبث فينا الحياة ومنها:
- قيمة الالتزام بالإسلام لأن الحسين تحمل كل تلك الرزايا من أجل الاسلام و ضحى بروحه لان الهدف وراء تلك التضحية هو افشال المشروع الاموي الاصيل الذي يهدف الى القضاء على الاسلام بكل شعاراته و اما المشروع الاموي البديل و الذي يهدف الى تحريف المفاهيم الاسلامية و التلاعب بالاسلام من الداخل في التفسير و السنة و غيرها فتركه الامام الحسين عليه السلام يواجهه الائمة الهداة عليهم السلام . فإذا كان الامام قُتل من اجل الاسلام لهذا مسؤوليتنا ان نلتزم بالاسلام و نحافظ عليه و نطبقه كي لا يضيع دم الحسين ومنها الصلاة التي هي عمود الدين .
- قيمة الإصلاح " لم اخرج اشرا او بطراً انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي " لان هذه القيمة عُطّلت في ذلك الزمان و الإمام أحيا تلك القيمة .
تأسف الشيخ قائلاً : اصبح الاصلاح في زماننا عند البعض ليس له تلك القيمة الكبيرة ، لان الانسان اصبح يفكر في نفسه فقط ولا يعنيه الشأن العام.
فالاسلام لا يريدك ان تكون انساناً صالحاً فقط وانما يريدك ان تكون مصلحاً فالصلاح لوحده لا يكفي كما حدث في قصة اصحاب السبت حيث أهلك الله العصاة و المحايدين رغم ان المحايدين كانوا صالحين و انجى الذين امروا بالمعروف و نهو عن المنكر .
وعلق الشيخ هنا قائلاً : عندما يكون الانسان صالحاً الكل يحبه لكن اذا انتقل الى مرحلة الاصلاح سيدفع ضريبة كبيرة و ربما يخسر اموالاً و يمكن تُسقّط شخصيته و سيتحرك دعاة التخلف لإسقاطه و محاصرته فالمجتمع القرشي أحبو النبي صالحاً و ابغضوه مصلحاً . و الامة تحب العالِم طالما كان ساكتاً عابداً زاهداً لا يتعارض مع المشهورات و لكن بمجرد ان يصطدم بالافكار السائدة في المجتمع سيتحول الى مرحلة المواجهة و الصراع .
- قيمة التضحية فالامام الحسين عليه السلام إمام البذل و العطاء و كان عطائه لم يتوقف عند حد معين بل وصل الى التضحية بالنفس ليعلّم الأمة ان مصلحة الاسلام و المجتمع احياناً تحتاج للتضحية بنفسك و احيانا بوقتك او بمالك او تتنازل عن شيئ من حقوقك امام المصلحة العامة .
- قيمة احترام حقوق الناس . في ليلة عاشوراء كان عدد الانصار قليل و كان سلام الله عليه بحاجة الى الانصار ولكن لم يكن همه العدد بقدر ان تكون حركته نزيهة فقد قال لأصحابه " الا لا يقتل معي رجل عليه دَين فلقد سمعت رسول الله يقول من مات و عليه دَين أخذ من حسناته " .
ثم وضح الشيخ نقطة مهمة في هذه القيمة قائلاً : اذا كان الإمام الحسين عليه السلام لا يريد ان يقتل معه من عليه دين اذن لا يريدك ان تنصب له مأتماً له و عليك دين او تذهب لزيارته و في رقبتك حقوق للناس لا يريدك ان تبذل في سبيل احياء شعائره و عليك حقوق و التزامات للآخرين فالأولى أن تفرغ ذمتك من حقوق الناس .
- قيمة السلام و المحبة و الرحمة عند الإمام الحسين عليه السلام فلقد كان حريصاً على حفظ دماء الأمة ولهذا خرج من مكة لكي لا تستباح حرمة البيت الحرام ولم يقطع طريق ولم يهدد امن الناس الى درجة انه خطب في الذين حاربوه يوم العاشر ليعظهم ويهديهم
و من صور السلام حينما استقبل جيش الحر في الطريق إلى كربلاء فقال اصحابي اسقوا القوم و رشفوا الخيل ترشيفا.
- قيمة العزة و الإباء عند سيد الشهداء
" من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته " فالعزيز لا يقتحم المحرمات و الشهوات و يكون قوياً امام الشيطان . " ألا وإنّ الدعي بن الدعي قدْ ركز بين اثنتين، بين السلة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة "
- ينبغي ان يتواجد هذا الشعار معك دائماً فإذا عرضت لك شهوة فقل لها هيهات منا الذلة و اذا عرضت عليك رشوة او معصية في أي مجال و حينما يدعوك الشيطان لتقطع رحمك او لتغتاب فلاناً او اعانة ظالماً فقل هيهات منا الذلة و بهذا تعيش مع الحسين عليه السلام .
جديد الموقع
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد
- 2024-11-21 القراءة للكسالى
- 2024-11-21 القراءة واتباع الأحسن
- 2024-11-21 روايات أسامة المسلم بين جيلين.
- 2024-11-21 ( غرق في المجاز، مَجازٌ في الغرق ): قراءة في ديوان الشاعر جابر الجميعة
- 2024-11-20 الدكتور عبدالمنعم الحسين يدشن حملة التشجير الثالثة ببر الفيصلية