2022/08/11 | 0 | 2627
مفردات عابرة من طف الحسين (ع)..
ورد في خطبة الإمام الحسين (عليه السلام) قوله:
(تركتمونا والسَّيفُ مَشِيمٌ (١) والجأشُ طَامِنٌ (٢)، والرَّأْيُ لمَّا يُسْتَصْحَفْ (٣)، ولكن أسرعتُمْ إليها كطَيْرَةِ الدَّبا وتداعيتُمْ عليها كتَهافُتِ الفَرَاشِ (٤)).
وهذه وقفات تأملية في شرح مفردات مرت وتمر علينا أيام عاشوراء الحسين (ع)، وربما مرت مرور الكرام، لكنها تحتاج لوقفات لغوية نستلهم منها بلاغة سيد الشهداء (ع)، بداية نشرع في شرح المفردات لغويًا:
١- قوله: والسَّيفُ مَشِيمٌ:
أي السيف المغمد، الذي لم يُسلَّ من غمده، والمشيم جمع المشيمة، و(هي للمرأة فيها الولد) كما في لسان العرب.
وهنا تكمن بلاغة التشبيه في كلام سيد الشهداء، فكما أن المشيمة تخفي بداخلها الجنين، فكذلك الغمد يخفي السيف.
٢- قوله: والجأشُ طَامِنٌ :
الجأش النفس، وقيل القلب.
طامن: أي مطمئن وساكن، كما جاء في لسان العرب.
وطامن في اللغة من طأمن، وهي مقلوب طمأن بالهمز، بمعنى سكن، وطامنٌ اسم فاعل من طَمَنَ.
وقد أورد البطليوسي مفردة طأمن في كتابه (الحلل في شرح أبيات الجمل) ضمن أبيات شعر للشاعر العربي الكبير أبو همام بن غالب المعروف بالفرزدق يمدح يزيد بن المهلب، يقول فيها:
وإذا النفوس جشأن طأمن جأشها
ثقةً بها لحماية الأدبارِ
كما أورد ذات الكاتب مفردة (جشأ) في ذات الكتاب الآنف الذكر بيتًا لابن الإطنابة:
وقولي كلما جشأت وجاشت
مكانكِ تُحمدي أو تستريحي
ثم علق بعد ذلك مبينا أن كلمة طأمن تأتي بمعنى سكن.
٣- وأما قوله عليه السلام: والرَّأْيُ لمَّا يُسْتَصْحَفْ، أي أن الرأي لم يستحكم،
ومعنى يستصحف من (الحصافة من الفعل: حَصُفَ إذا كان الرأي محكم العقل) كما في معجم لسان العرب لابن منظور المصري.
٤- وقوله: ( أسرعتُمْ إليها كطَيْرَةِ الدَّبا ، وتداعيتُمْ عليها كتَهافُتِ الفَرَاشِ):
طيرة الدَّبَا أو الدَّبى هي الجراد.
وتهافت الفراش: تساقط الفراش، كما يقال: تهافت الفراش على النار.
أقول هذه المفردات التي سيقت متراتبة المعنى متسلسلة مع ما سبقها وما بعدها أتت متناسقة متماسكة في ذات السياق مطابقة لواقع الحال الذي أراده سيد الشهداء (ع) في خطابه لقوم متخاذلين عن نصرته ونصرة الحق، جاءت تلك المفردات منتظمة بليغة لا تضاهي بلاغتها إلا بلاغة كلام الله - عز وجل - وكلام رسوله (ص) وكلام أمير المؤمنين (ع) في التعبير، فماذا أراد سيد الشهداء (ع) من ذلك الحديث وذلكم الوصف وتلك التشابيه البلاغية في الشكل والمضمون؟!
في خضم كلامه البليغ هذا أراد الإمام الحسين (ع) أي يقول لهم إنكم لم تتخاذلوا بسبب إشهار أحد سيفًا في وجوهكم؛ فالسيف لم يسل عليكم بعد، والقلب ساكن ومطمئن، والرأي لم يستحكم، ومع ذلك تسارعتم تسارع الجراد - وإنما عبّر بالجراد لكثرة الأعداد - وتهافَتُّمْ تهافت الفراش المتساقط في أتون نار الظالمين من آل أمية، ومعلوم أن الفراش غير منتظم في حركته الجماعية فوضويّ الحركة والانتقال، فاختار عليه السلام مفردة التسارع ونسبه للجراد، بينما نسب التهافت للفراش في صورة بلاغية بديعة دقيقة الوصف، وهذا -تمامًا - ما ينطبق على هؤلاء القوم المتسارعين للعدو بكثرة عددهم، المتهافتين كالفراش المتساقط في جيش الأعداء، وبالرغم من عدم إشهار حد السيف على رؤسهم، وكونه ساكنًا في غمده، وبلوغ قلوبهم حالة الطمأنينة، إلا أنهم تخاذلوا وابتعدوا عن الإمام الحسين (ع) طمعًا في الدنيا، ورغبة في المال؛ لأنه غدر فيهم قديم وشجت عليه أصولهم وتآزرت عليه فروعهم كما عبر بذلك سيد الشهداء (ع) في خطبته العصماء تلك التي ألقاها يوم العاشر من المحرم.
جديد الموقع
- 2025-01-14 أسرة المهناء بالمطيرفي تحتفي بزفاف ابناء الحاج "جواد " تهانينا
- 2025-01-14 " المؤرخ وتدوين تاريخ الأحساء الموسوعي "
- 2025-01-14 أسباب الإخفاق في الإلتزام بقرارات العام الجديد
- 2025-01-14 هل بإمكان الجزر أن ينظم نسبة السكر في الدم؟
- 2025-01-14 محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية التي تجري في اللاوعي وتشكل انفعالاتنا وقراراتنا وسلوكنا
- 2025-01-13 تنظيم علاقة الإنسان بريه
- 2025-01-12 إل جي تطلق متجرها الرائد في المملكة العربية السعودية بحفل افتتاح كبير
- 2025-01-12 البلادي يشدو بشدة القافلة في أمسية غناء البادية في ختام "معرض الإبل عبر العصور"
- 2025-01-12 7 شعراء يؤثّثون سادس أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي
- 2025-01-12 تحت شعار تمرنا من خير واحتنا سمو أمير الشرقية يرعى انطلاقة النسخة العاشرة من مهرجان تمور الأحساء المصنّعة