قراءة عابرة لنص شعري عابر..

لا شك أن الجَمَال وفلسفة الشعر - كما نقرؤهما ونعرفهما - مفهومان يتخطيان الزمان والمكان ويتصدران مسرح النص الشعري المكتوب بلغة ثرية، وقاموس ثر، ومعانٍ ملفتة ولافتة، وأبيات مبتكرة، ومليئة بالدهشة هكذا يترقب المتلقي سواء النخبوي أو المتلقي العادي ذلك من شاعر ينتظر منه الجديد والمعتق الذي يلامس جميع جوارحه؛ لا ينتظر مدحًا جافًا وإطراءً جامدًا باردًا لا يرضي سوى الشاعر والممدوح المنصب عليه ذلكم المديح.
فالشاعر مهما امتلك من تاريخ شعري فنجاح النص يحتاج إلى عمق في الرؤى وحرارة في الأحاسيس وهندسة تنظم موجة الأفكار لصنع لوحة شعرية مليئة بالجماليات الشاعرية مشحونة بالعاطفة والوجدان الصادق؛ إذ لا بد من تلكم الأدوات الشعرية التي ينبغي أن يمسك بها الشاعر: كي يحقق النبوءة الشعرية، سواء في نص غزلي أم في نص مناسباتي أو حتى محفلي.
يتوجب على الشاعر ذي التاريخ المليء بالنجاح أن يرفع من مستوى نصه ولا يركن للمباشرة الممجوجة أو التسطيح المبسط من أجل الوصول للمتلقي على حساب مبدأ الجَمَال الفني الشعري.
فالمزاوجة بين الأساليب مطلب شعري مهم؛ حتى يضفي اللون التعبيري الذي يزيد من سحر جماليات النص خاصة عند القامات الشعرية التي تنتمي للجَمَال الشاعري المطبوع.

وبوقفة على هذا النص الشعري فإننا نجد أن السمة الأبرز في هذا النص هي المباشرة ولئن كانت المباشرة سمة في القصائد الاحتفالية إلا أنها هنا تأخذ مسارًا آخر؛ باعتبار حديثنا عن شاعرية شاعر متمرس وله تجارب شعرية عديدة، وهنا أستحضر كلمة للشاعر والناقد السوري (ياسر إسكيف) الذي كان يقول في هذا الصدد: " الكتابة المباشرة في الشعر هي الأسوأ ".

ولئن غفرنا للشاعر المباشرة في هذا النص إلا أن النرجسية سيدة الموقف في هذا النص، فبالعودة لأبيات هذا النص نجد أن عدد أبياته ٣٥ بيتا خصص فيها للشاعر ثمانية عشر بيتًا تناول فيها ذاته وشعره، ومنح سبعة عشر بيتًا للمدوح موزعة على أمور أخرى.
وعندما أقول نرجسية فهذا لا يعني أنني أقلل من شأن الشاعر، فربما اعترف شاعر بذلك فخرًا فهاهو الشاعر نزار قباني يقول في إحدى كتابته عن ذاته: " وكنت مشغولاً بأوراقي وكتاباتي ونرجسيتي" ( الناقد – عدد آذار 1990 ، ص5 ).

ربما يقال بأن الشاعر أراد خلق علاقة بينه وبين الممدوح، أقول: نعم، ربما يعمد الشاعر من أجل تحقيق هدفية خلق العلاقة بينه وبين ممدوحه في بيت أو بيتين أو أكثر لكن أن يكون نصيب الشاعر فيها أكثر من من نصيب الممدوح فهذا يعطي مؤشرًا أن الشاعر هنا احتكر النص لأجل إبراز ذاته على حساب الممدوح وهذا يعد نرجسية داخلة ضمن (الأنا الفردية) في محفل أقيم من أجل ممدوحه الذي هو بصدد تمجيده.

ومن أصدق شواهد المباشرة قول الشاعر:
ما كرمتك من البلاد مدينة
بل كرمتك اليوم كل بلادي

يا لها من مباشرة واضحة وربما معيبة ؛ لأنها لم تكن موظفة توظيفًا فنيًا أكثر منها وظيفة موجهة.

لذا فهذه القصيدة لا تمثل تجربة الشاعر المعهودة والمشهودة، فهي في رأيي قصيدة محفلية لا نكهة ولا طعم شاعري ولا فني فيها
وكأن الشاعر مجبر على كتابتها؛ لذا فهو لم يلامس الإحساس سوى الأبيات التي تناول الشاعر فيها ذاته؛ لذا فهي قصيدة باردة العاطفة والمشاعر؛ وكأنها كتبت لأداء الواجب، فقط وقد بدا الشاعر فيها مصنوعًا لا مطبوعًا،
حتى ظاهرة ما يسمى بظاهرة (الصوت) تجده نسبيّا ضعيفًا فضلا عن التجربة الشعرية والشاعرية المنتظرة من شاعر له صيته.

في بعض الأبيات برزت بعض السمات، منها:
- الفخر.
- النرجسية.
- الأدلجة.

وفي المساحة التي خصصها الشاعر
بذكره نسب الممدوح واستمداده شأنه من علو شأن أجداده هو بهذا الصنيع يحاول زيادة منسوب قيمة النص الذي يبدو لي أنه غير موفق
ولا يصب سوى للشاعر وممدوحه، ولا يحسب للقيمة الفنية الشاعرية التي تخدم الشعر والتجربة الشعرية، وهذا كله يكرس سمات الضعف في النص.

 فصيدة الشاعر الكبير جاسم الصحيّح في حفل تكريم العالم الجليل السيد علي الناصر عنوانا للأُبُوَّة الاجتماعية والزعامة الدينية.

 يـخـتالُ  فـيـكَ الـيـومَ عِـيدُ (الـضَّادِ)