2012/07/06 | 0 | 2341
حرب الجمل الباردة
ومن جملة معالم هذا التيه ما حدث في سنة 36 للهجرة ففي عام 36 هجرية وقعت حرب سميت بحرب الجمل بين وصي الرسول الأكرم أمير المؤمنين عليه السلام القيادة المنتخبة للإصلاح بإجماع ألأمة وبين من اعتدى على والي البصرة وذبح جند وحرس بيت المال ونهبه وخرج على إمامة الأمام الحقه وبذلك قامت فتنتي الجمل الصغرى والكبرى بملامحهما الدموية ودهاليزهما الفكرية الموبوءة ولم تقف إلى اليوم برغم انهزام ألانقلابيين على الحكومة المنتخبة وتبعثر قياداتهم وتشرذم قواهم في الواقعة الثانية إلا أنهم كنار تحت رماد وكمستنسخ للفجور والخيانة وتأسيس للظلم والجور والقتل وتشريع لسفك الدم الحرام في بلاد المسلمين لا تزال مورثاتهم الفوضوية تحكم في أذهان رواد الفتنة ومردة الأمة وطلاب السلطة وعشاق الشيطنة وعملاء إبليس اللعين إلا يومنا هذا .
فحرب الجمل ما تزال ولكن بهيئة الحرب الباردة أو حرب الجمل الباردة وهي كثقافة سارية بمثابة السم الزعاف مابرح يقطع أواصر ألأمة وأغلال تحجر الحركة الفكرية بمنع التعقل وتلويث منطق المسلمين بقدسية ألأشخاص وعبادة المقامات والشخوص , بالمنع من التمعن وإعطاء لباس العصمة الخفية على البشر الذين فاحت روائح انفعالهم ومعاصيهم ومزقت غوغائياتهم مقاييس العدل والصدق .
تسع آيات بينات بخوار عجل ذهبي.
هناك حقائق من شدة وضوحها تتناسى ولا يأبه بها خاصة لمن تعود وجودها ومثولها الشاخص في يوميات حياته يكاد ينساها وتتحول عنده من شدة كونها اعتيادية عنده لا إرادية كعمليه التنفس ووجيب القلب وهذا ما يكون طبيعيا نوعا ما ولكن الغريب أن يتأثر جهازه العصبي وتحتدم عنده ردود الأفعال وينخرط في هوس لمفردة من قبيل خبر أو شبهة ليس لها ظل في الحقيقة وأغمض عينية عن كثير من ألآيات البينات وعجل السامري أنموذجا لما نعنيه من شبهة تشده عن كثير من الحقائق وتنسي الأرقام الحقيقية وهي شبهة ليس إلا, بربك قلي كيف يفتتن قوم موسى بخوار عجل مصنوع بيد السامري ويتناسون الكثير من ألآيات والحقائق والشواهد الواضحة كيف ينسون تسع آيات بينات كوضوح الشمس في رابعة النهر لأجل صوت خوار؟ الماء الذي عبروا من بين أطواده العظيمة ومن قبل كانت آيات الدم والقمل والضفادع .كذلك الجمل الذي قدسه جيش الفتنة حتى جعلوا رائحة بعره وروثه كالمسك عندهم , لقد تغيرت ملكة الشم لديهم حتى تخيلوا البعرة مسكا مثلهم كمثل من عبد العجل من بني إسرائيل فقط لأنه له خوار وتناسوا كل الدلائل الدامغة ذلك مثل أهل الجمل حيث اتبعوا الأقوام السابقة القذة بالقذة ولقد دخلوا في جحور الفتنة الضيقة كما دخل من سبقهم , ولا يزال من يدافع عن الجمل ويتنسم رائحة بعره ويحسبه كريح المسك نفس الإشكالات والتبريرات نفس الوتيرة من إعطاء القدسية لمن لا قدسية له ولا عصمة عنده الاصطفاف ذاته خلف تقديس أشباح الظلام ومنع التثبت والتمحيص والتقييم فهل هذه عبادة لشخصيات المفتنين بتراتيل المنع والحجب والتحريم ؟ وذلك لأن الناس في أكثر ألأحيان تؤمن بالمألوف بلا تروي ولا تدقيق لا بسبب استيعابهم لمضمونه ولكن لمجرد أنهم ألفوه في حيزهم ألاجتماعي فما بالهم ينتقلون إلى غير المألوف من مستحدثات البدع بلا تروي ولا تمعن بل انصرفوا عن حاكميتهم الفكرية السابقة واستبدلوها بقفزة وجلة وغير معروفة العواقب هل ذلك بسب حب التغيير والتجديد ؟أو بسبب استفحال السلبيات في تطبيق ألأفكار السابقة ؟ أم هي حركة بشرية تمثل دائرة ما تفتي تصل إلى درجة كاملة حتى تعاكس مرتدة بزاوية مضادة ومتنافرة ؟
وإذا كان التقلب والتغيير حالة إنسانية طبيعية من باب التجدد والتطور فلمذا ذلك الفكر المعين الذي أكل عليه الدهر وشرب من مثل تقديس الجمل وأصحابه يعد من ثوابت الفكر واصل للدين ولا تشمله أي دورة تطويرية بشرية أو أن يدانيه التدقيق والبحث؟
وإن كانت هناك فلسفة لغوامض اعتقاديه وإرشادية وسلوكية في غابر الزمان فهل تنهض تلك الفلسفة التبريرية لما يفلسف القبول بها في وقتنا الراهن ؟
فمن يعرف ما أسلفنا من طبع التحجر والتغيير عند ألإنسان قد يستغل هذه الحالة لصالح اهتمامه أو رؤاه حسب ما تمليه عليه كوامنه فيجير رصيدا من الطاقة التي تمكنه من تسنم أهدافه ونوازعه بغض النظر عن ماهيتها وصلاحها, فمن غير المستبعد أن ينادي بثوابت دين أو مذهب معين ويرفع رايته من لا يؤمن به أصلا ولكنه فكر وقدر بأن لا سبيل لنيل أربه إلا بسلك ذلك الطريق فتراه يتشدق وينافح ويكون ملكيا أكثر من الملك وفي واقعه الخاص يسلك بالضد مما يقول ويدعوا له, والشواهد على ذلك لا تحصى ولا تعد لكثرتها .وهذه ألإنسانية تأن وتتوجع من هذه الظاهرة ألبغيضة فكم من طالب بالتوحيد وهو يشرك ذاته وسلطانة بالله عز وجل , وكم من منادى بالعدالة والحرية فحين يمسك دفة الحكم يكون متسلطا وطاغوتا وهو لا يزال ينادي بالحرية والعدالة , وكم من ينادي لكرامة المواطن وهو يسوم المواطن والوطن خسفا وتمزيقا وذلا, وكم من ينادي بالوحدة بين الناس وهو يقطع أواصر مجتمعه وشعبه.
ثقافة القاتل والمقتول في الجنة
العجب أن تتحد المقولة بين الخلف برغم فشل تجربة السلف وانحطاطهم وتفتت مزاعمهم على محك الواقع ويستمر الخلف ينادي بالمقولة الفانية تلك ويحسب أنه يحسن صنعا. {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً }1.
لقد تعددت طرق اغتنام الفرص واختطاف الحلول ومسايرة التيار لفترة ثم ألانعطاف به إلى حيث تكمن المصالح الشخصية , فيدغدغون مبلغ الناس من العلم ويشيدون بالمتاح ويتربعون على الثوابت المعتادة ثم يقفزون بحركة بهلوانية تنفيذا لمفردة التغيير الذي سوف يغير المألوف إلى غيرة وبدون إي منطق عقلاني سوى الفلسفة التبريرية المعتادة.
وترجع حرب الجمل بغبار ها من ماضي التاريخ إلى يومنا هذا ويركض المدافعون عن السابقين بلا دراسة للواقعة وبلا محاولة لمعرفة مفاتيح فك ألأزمة وبلا استيعاب للدرس بل قد يشرعنون حفظ الملفات ليوم القيامة ويطالبون بتقديس الجميع وعدهم في صفوف المعصومين مما يخل بالوظائف العقلية للفرد ويجعله منقادا مطيعا بل ومحاربا متعصبا في معركة لا يعلم سببها ولا يعرف أسرار الامتحان الذي فشل فيه الأقدمين فيدخل في الفتنه وهو لا يدري ما يصنع في أمته ودينه من بتر وتقطيع وتشويه لمثاليته وعدالته الحقة وإلا كيف يدخل القاتل والمقتول الجنة كليهما فبما استحق المظلوم الجنة أليس بمظلوميته وحقه المغموط ومن غمطه حقه ألا يستحق النار, أم أن النار هي خيال ولا يشملها واقع العدل الإلهي والكل للجنة ذاهب في ميزان جنوني لا يقبله العقل ولا الفطرة ؟
والحقيقة أن عدالة الله هي القانون الذي يسير الكون كله وليس هناك حركة كونية إلا بالعدل أما ما نراه من ظلم وجور هو في إثبات استحقاق الرحمة الإلهية لمن صبر واستقام حيث يفرط فيها من ظلم وخان واتبع شقوته وهواه ومهما برر وفلسف لواقعة المرير فلن يضر الله قوله وتبريره بل سوف تكون دولة الحق بالظهور والكشف والحقيقة .
فلا يزال ذلك الصدى من وعثاء الخلل الفكري والشيطنة الإجرائية يؤجج أحقاد طواها في قوالب القدسية وذخرها طاقة يشحن بها همة شياطين ألأنس في تلويث جمال الدين وحجب نوره برين الانتماء للبغي والغدر وتدمير ركائز التوازن الفكري وجعله فكر بغير مرتكز عادل بل فكر تبعي انتمائي لصنميه من صناعة إنسانية مريبة , متناسيا أن تفعيل أي مفردة قانونية تتقاطع مع العدالة ألإلهية تفعيل لأجراء شركي بل عبادة للضعف البشري التاريخي من دون الله تما ما كعبادة العجل المصنوع بيد إنسانية من مادة مشكلة من طور القلائد والأساور والخواتم إلى صنم ذهبي لأجل خواره فقط ونسيان تسعة آيات بينات واضحات محفورات في ذهن التجربة والمعاناة ولكن تجاهلتها الذاكرة اليهودية في بضع أيام .
هل تصدق أن رجل دين يفلسف بعدم الضير في القتل بحجة أن يزيد قتل الأمام الحسين عليه السلام وهما في الجنة, وعليه فهو يطلق العذر والعنان للجنود المدججين بالسلاح لقتل شعب أعزل كونه يطالب بحقه وبطريقة سلمية بينما يمد شعب أخر بالمال والسلاح لأجل القتل وفي سبيل الطائفية البغيضة وبالتالي فمصير القاتل والمقتول الجنة أتساءل لم خلقت النار إذا؟
و لمذا نستنكف الظلم و لمذا ندعوا على الظالمين أليس مصير الظالم والمظلوم الجنة ؟
أليست هذه أفكار تفلسف للفوضى والهرج والمرج؟
وأي إيحاء شيطاني أمكرمن ذلك؟
وأي عقل مشوه الذي يستوعب مثل تلك الخزعبلات المدمرة؟
إذا كانت تلك ألأفكار القاتلة تروق لكم فلا ترجعونها إلى الدين فالدين منها براء والقرآن منها براء فمن أين أتيتم بها؟
إذا لمذا شرع القصاص؟
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } 2
ألم يبشر الدين القاتل بعذاب أليم؟
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }3
ألم ينهى الله عن القتل؟
{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }4
أن الشريعة السمحاء غلظت من حرمة القتل وعدت قتل نفس واحدة مثل قتل الناس جميعا: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }5
وبعد ذلك يأتي من يشرع جريمة القتل ويحتسبها أمرا جائزا يعطي فاعله الضوء الأخر ويعده ثوابا وموئلا في الجنة , يستنيب الخالق عز وجل ويشاركه في حكمه وعلمه جل الله عن ذلك .
وإذا كنا نرى أن الإنسان صاحب أطوار وتقلب في الرأي فأقبح ما يكون أن يرجع في رأيه إلى درجة الجهل المركب حيث يحسب أنه قد أستوفى مراتب العلم وإذا هو في طبقات الجهل الدنيا بعد أن كان في نور الإسلام وإذا به يتخبط في جاهلية عمياء وأفكار لعصبية هوجاء وانقياد للشيطان حيث صدق به وعده وجعل فمه ينطق بما يريده الشيطان حين قال: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً }6 .
ففي القرن الواحد والعشرين حيث المعلومة تكسر كل قيد لا يزال من يحاول أن يسجن الرأي في قماقم التشريع منزوع المصداقية ويحاول أن يترجم الحدث إلى لغة المنع والتكتم بدواعي القدسية والتبجيل الخرافي والتنزيه ألاعتباطي فيقنن لخبطة المقاييس ويساوي بين الحق والباطل فيجعل القبيح العقلي حسن والنجاسة السلوكية طهر بل والشذوذ عن القاعدة أصل ويسير بالأمة بعكس الفطرة ويرجوا أن يكسب الجولة , ولم يحسب حساب الرحمة الربانية والناموس الإلهي والوعد بإتمام الحجة بأنه سوف يهزمه في أخر المطاف . {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }7 فلابد من ظهور الحقيقة في الحياة الدنيا وفي عصرنا عصر المعلومة السريعة تكون سجون المعلومة واهية القضبان وسوف تنفجر جدران المنع والزيف والدجل لا محالة وتشع الحقيقة مهما حاول عباد الموميائيات وسكان الوهم التاريخي وعشاق سفك الدماء.
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } 8
وصدق الله العلي العظيم وعده وإن غدا لناظره قريب.
جديد الموقع
- 2025-01-14 أسرة المهناء بالمطيرفي تحتفي بزفاف ابناء الحاج "جواد " تهانينا
- 2025-01-14 " المؤرخ وتدوين تاريخ الأحساء الموسوعي "
- 2025-01-14 أسباب الإخفاق في الإلتزام بقرارات العام الجديد
- 2025-01-14 هل بإمكان الجزر أن ينظم نسبة السكر في الدم؟
- 2025-01-14 محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية التي تجري في اللاوعي وتشكل انفعالاتنا وقراراتنا وسلوكنا
- 2025-01-13 تنظيم علاقة الإنسان بريه
- 2025-01-12 إل جي تطلق متجرها الرائد في المملكة العربية السعودية بحفل افتتاح كبير
- 2025-01-12 البلادي يشدو بشدة القافلة في أمسية غناء البادية في ختام "معرض الإبل عبر العصور"
- 2025-01-12 7 شعراء يؤثّثون سادس أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي
- 2025-01-12 تحت شعار تمرنا من خير واحتنا سمو أمير الشرقية يرعى انطلاقة النسخة العاشرة من مهرجان تمور الأحساء المصنّعة