أثبتت دراسة أجرتها جامعة ييل أن أنواع العلاقات الاجتماعية، بما فيها الصداقات، تؤثر في تركيب ميكروبيوم المترابطين اجتماعيًا
"وجدنا أدلة رصينة على حدوث تبادل للميكروبيوم [مجموع الميكروبات المتعايشة مع الإنسان أو مع الكائنات الحية الأخرى (1)] بين أشخاص ليسوا من أعضاء العائلة ولا يعيشون معًا في نفس المنزل، حتى بعد الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى مثل النظام الغذائي ومصادر الماء والأدوية،" بحسب المؤلف الرئيس المشارك فرانسيسكو بيغيني Francesco Beghini، وهو زميل ما بعد الدكتوراه. في مختبر الطبيعة البشرية في جامعة ييل. "في الواقع، تبادل الميكروبيوم يعتبر أقوى مؤشر تنبؤي على العلاقات الاجتماعية بين الناس في القرى التي خضعت للدراسة، بما يتجاوز تأثير خصائص أخرى، مثل الثروة أو الدين أو التعليم،"
أكبر قدر من تبادل الميكروبيوم يحدث بين الزوجين (بين الزوج وبين الزوجة) وبين أعضاء الأسرة الواحدة الذين يعيشون مع بعض في نفس المنزل، لكن الباحثين لاحظوا أيضًا معدلات مرتفعة من تبادل الميكروبيوم بين أفراد تربطهم علاقات اجتماعية أخرى، بما فيهم الأصدقاء، أو حتى بين أفراد تربطهم علاقات اجتماعية من الدرجة الثانية (مثل أصدقاء الأصدقاء). علاوة على ذلك، الأشخاص في مركز الشبكات الاجتماعية (2) أكثر تشابهًا مع بقية القرويين مقارنة بالأشخاص الموجودين على أطراف (البعيدين عن مركز) الشبكة الاجتماعية، وذلك بما ينسجم والتدفق الاجتماعي للميكروبات عبر عقد الشبكة داخل القرى. [التدفق الاجتماعي للميكروبات قد يعني العلاقات الاجتماعية بينها والتي تتأثر بسلوك بعضها على الآخر، كما فهمناها من الفصل رقم 13 بعنوان: "السلوك الاجتماعي للأحياء الدقيقة،" كنبه كيڤين فوستر Kevin Foster ضمن كتاب: السلوك الاجتماعي: الجينات والإكيلوجيا والتطور (3، 4)].
كما أن تواتر التقاء الناس وقضاءهم وقتًا معًا، بما في ذلك وتيرة تناولهم وجبات طعام معًا أو كيفية ممارستهم تحية بعضهم بعض - سواء بالمصافحة أو بالعناق أو بالقبلات - مقترن أيضًا بزيادة تبادل الميكروبيوم بينهم.
وفي الوقت نفسه، لاحظ الباحثون تبادل للميكروبيوم أقل بين المقيمين في نفس القرية لكنهم يفتقرون إلى علاقات اجتماعية مع بعضهم بعض. ولاحظوا حتى تبادل للميكروبيوم أقل وأقل فيما بين الذين يعيشون في قرى منفصلة عن بعضها.
وبعد عامين من جمع البيانات الأولية، أعاد الباحثون قياس الميكروبيوم لدى مجموعة فرعية مكونة من 301 مشاركًا من أربع قرى. ووجدوا أن الأفراد ضمن هذه المجموعة الفرعية الذين كانوا مرتبطين اجتماعيًا أصبحوا أكثر تشابهًا من ناحية محتواهم من الميكروبيوم مقارنة بأولئك الذين لا توجد بينهم علاقات اجتماعية.
واكتشف الباحثون أيضًا أن مجموعات من أنواع وسلالات ميكروبية موجودة داخل مجموعات (أو جماعات) داخل قرى في دولة الهندوراس، مما يعني أن الشبكات الاجتماعية توفر منافذ حيث يتبادل الأفراد الميكروبيوم بين بعضهم بعض.
قال المؤلف الرئيس المشارك جاكسون بولمان Jackson Pullman، خريج كلية ييل عام 2023 والذي كان مساعد أبحاث في مختبر الطبيعة البشرية عندما أجريت الدراسة: "خذ كمثال على ذلك، كيف تتشكل مجموعات تخصصية اجتماعية (المتخصصة في فرع علمي واحد) في مجتمع مثل جامعة ييل." "هناك مجموعات أصدقاء تركز على أشياء مثل المسرح، أو طاقم عمل معين، أو مجموعة متخصصة في الفيزياء. تشير دراستنا إلى أن الذين يشكلون هذه المجموعات قد يكونون مرتبطين بطرق لم نفكر فيها من قبل، حتى من خلال محتوى الميكروبيوم عندهم.
وقال الباحثون إن النتائج لها تبعات سلبية وإيجابية. على سبيل المثال، يقترح هؤلاء الباحثون أن بعض الأمراض أو الحالات المرضية المرتبطة بالميكروبيوم أكثر قابلية للانتقال بين هؤلاء الأفراد الذين تربطهم علاقات اجتماعية مما كان يُعتقد سابقًا. لكنها تشير أيضًا إلى المنافع المقترنة بوجود ميكروبيوم صحي يمكن تبادله ضمن الشبكات الاجتماعية.
قال بولمان، "الأمر المذهل هو أن بيننا ترابط،" "يتجاوز هذا الترابط المستوى الاجتماعي إلى المستوى الميكروبي."
كبير مؤلفي الدراسة نيكولاس كريستاكيس Nicholas Christakis، أستاذ العلوم الاجتماعية والطبيعية في كلية الفنون والعلوم بجامعة ييل، ومدير مختبر الطبيعة البشرية، الذي يتناول بالدراسة المسائل التي تتقاطع عندها العلوم الاجتماعية والبيولوجية والحاسوبية.
"أعضاء مختبري سعداء جدًا بنشر هذه الورقة (5) في مجلة نتشر Nature، لأنها تعكس السعي المستمر لفكرة طرحناها في عام 2007، وهي أن ظواهر مثل السمنة قد تنتشر ليس فقط عن طريق العدوى الاجتماعية، ولكن أيضًا عن طريق العدوى البيولوجية، ربما عن طريق البكتيريا العادية المتعايشة معنا في جهازنا الهضمي." حسبما قال كريستاكيس، الباحث الرئيس في المشروع.