2013/02/05 | 0 | 2293
الصحوة الإسلامية بين التدين الدوغمائي و التدين العلماني
-
يقظة عقل الأمة الإسلامية .
و يقظة العقل لا تتم من خلال العلوم العقلية و النظرية فحسب بل من خلال العودة إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها و الصبغة التي صبغ الله الناس عليها و لن تتحقق العودة إلى الفطرة حتى يكتشف الإنسان حقيقة نفسه وجوهر عبودية و يعرف خالقه ويعي ما هو تكليفه في هذه الدنيا ليحقق رضا ربه في الدنيا و الآخرة .
ولن يستيقظ عقل الأمة الإسلامية حتى ينتشر الوعي بين كل أفراد شعوب الأمة الإسلامية، وبذلك تتحقق الصحوة الإسلامية التي ستعيد للأمة الإسلامية عزها و مجدها و تجعل الإسلام هو الدين المهيمن على الأديان كلها.
وقد جاء الوقت لكي نصحح فيه نحن المسلمون أخطاء الماضي حيث أننا تركنا العقل ينام طويلا في ظلمات الجهل و نتيجة لذلك تركنا المجال للعواطف الهائجة تصول و تجول و تتحكم في مصيرنا لتحول الاختلاف من رحمة إلى نقمة و الآراء إلى مذاهب و التفكر إلى تعصب .
و نتيجة لذلك ظهرت على السطح التيارات المتشددة و المتطرفة ذات الأفق الضيق و الفهم المحدود و تتخذ من الانغلاق على نفشها سلاح تدافع به عن نفسها لذا فالانفتاح على الآخرين يرعبها و فكرة تقبل الرأي و الرأي الآخر يزعجها .
التدين الدوغمائي
و لكن بعد ظهور واتساع موجة الصحوة الإسلامية ، وانتشار العلم و المعرفة بدأت هذه الظاهرة تضعف ومن المفترض أن تأخذ طريقها إلى الزوال و تتلاشى شيئا فشيئا، ولكن ما حدث على أرض الواقع خلاف ذلك إذ أن هذه الأساليب و الطرق من التفكير ازدادت تعصبا وشدة و تطرفا وحدة.
ونتيجة لطريقة التفكير الدوغمائي (المنغلقة على نفسها و الإقصائية للآخرين) تطور العداء لكل من يدعوا إلى التعقل و الانفتاح و التغيير ودائما يتصور الدوغمائين أن من يدعوا للانفتاح و التعقل هو مغرض يريد أن يدمر الدين و المذهب و يفسد ما كان عليه الآباء.
وفي الحقيقة إن كثير من هذه التيارات المتشددة في زماننا هذا لجأت إلى هذه الطريقة الدوغمائية ليس حبا وحرصا على الدين بل لأجل مصالحها التي لا تبقى لها إلا من خلال جهل الناس و تربيتهم على الانغلاق ورفض الانفتاح على الأفكار الأخرى كإجراء وقائي يضمن لهم بقاء التحكم و السيطرة بأيديهم على عقول الآخرين يحركونها كيف يريدون من أجل مصالحهم الخاصة لا من أجل مصالح الدين.
وهذه الطريقة الدوغمائية في التعاطي مع الدين سواءا كان سببها الجهل أو الاستغلال قد أعطى أعداء الدين فرصة ثمينة ليوجهوا سهامهم ضد الدين فتارة ينفروا الناس من الدين بحجة أن الدين أفكار رجعية تعيق التطور أمام البشرية وعليه يجب عزل الدين عن الحياة السياسية و العلمية و الاقتصادية وعلى أحسن التقادير نفرة من رجال الدين كمقدمة لإضعاف الدين و ضربه وهذا بداية الخطر.
وتارة استغلال الانغلاق و الفهم الساذج عند بسطاء الناس للدين و تحويلهم إلى ورقة يتم التلاعب بها وتمرير كثير من القضايا اللادينية تحت شعارات دينية براقة تعجب المتعصبين و المتحمسين السذج.
التدين العلماني.
ونتيجة لرد الفعل تجاه الجهل و الانغلاق والتدخلات الخفية تشكلت لدينا في المجتمع الإسلامي شريحة جديدة يروق لي تسميتها التدين العلماني وهذه الشريحة ليست على نمط واحد بل نستطيع تقسيمها إلى ثلاث فئات :
الفئة الأولى : وهذه الفئة تدعي أنها تؤمن بالإسلام و لكنها لا تعتقد بحاكميه الإسلام أي أن الإسلام ليس له منهج و نظريات خاصة في الحكم و السياسية ، وبغض النظر عن فهم هذه الفئة للدين سواءا كان مغلوطا أو مغرضا فإن هذا الفهم يخالف ما عليه عموم المسلمين من أن الإسلام دين و دنيا و شريعة و نظام ، وهذا يستدعي من هذه الفئة أن يبذلوا جهدا علميا و عقليا اكبر في فهم الدين بدلا من الاعتماد على الوصفات الجاهزة المصدرة و المعلبة في الغرب.
الفئة الثانية : وهم الغافلون أو النائمون و هؤلاء ليسوا علمانيين بالمعنى الدقيق و لا يرفضون حاكمية الإسلام ولا يفصلون بين الدين و السياسية ولا بين العلم و الدين ولكن بسبب الأفكار و الرؤى صارت تهمة العلمانية تلاحقهم وبسبب أو بآخر صاروا يصنفون عند كثير من الناس بالعلمانيين سواءا قبلوا بذلك أم لا و يمكن تقسيم هذه الفئة إلى مجموعتين :
المجموعة الأولى: وهي جماعة مؤمنة و متدينة و حريصة على الدين و لأجل ذلك يرفضون تسييس الدين واستغلاله و يفضلون بقاء الدين بعيدا عن السياسة لكي يبقى محفوظا و مصانا لأن السياسة ما دخلت في شيء إلا أفسدته و لذلك يفضلون الابتعاد عن السياسية بكل أشكالها كي لا تفسد الدين و لا تفسد تدينهم .
وهؤلاء لا يؤمنون بالعلمانية و بفصل الدين عن السياسية و لكنهم يمارسونها من حيث لا يشعرون و يتصورون أنهم بموقفهم هذا يهربون من عالم السياسة إنقاذا للدين و لكن في واقع الأمر هذا التصرف هو موقف سياسي متخاذل يتسم بالضعف و الانهزامية و تمكين للعدو و إخلاء الساحة له يفعل ما يشاء و لو أنهم حكموا العقل و تصرفوا بحكمة لما اتخذوا مثل هذا الموقف و لما تمكن العدو من رقاب المسلمين .
المجموعة الثانية : و هي كالأولى تنطلق من حسن نية وهم بعيدون عن الفكر العلماني الصرف و لكنهم قد يتبنون نظريات أو أفكار أو شعارات قد يشم منها رائحة العلمانية كأن ينتقدوا بعض الأفكار أو الممارسات التي لا ترتبط بأصل الدين و لكن الدوغمائيون يعتبرونها مسلمة أو أساسية فيتهمونهم بالعلمانية .
وكذلك الحال لو أعجب أحد المثقفين المتدينين بشعار مثل (الإيمان بالعلم ) و صار يردده كثيرا وهو بحالانفتاح،لإسلامية لم يخطر أو يتبادر إلى ذهنه إن الإيمان بالعلم هو ضد الإيمان بالدين و أنهما لا يجتمعان حسب وجهة نظر العلمانية الأوربية وهذا المثقف عندما استخدم هذا الشعار أراد أن يؤكد على أهمية العلم و محاربة الجهل و ربما هو لا يدري أن هذا الشعار استخدم في الغرب لمهاجمة التدين ،و لكن على أي حال سوف تلحق به تهمة العلمانية من قبل البعض و قد تعجبه التهمة لأن يرى أن معناه الانتصار للعلم على الجهل و الإيمان بقدرة العلم على إنقاذ البشر و لا يخطر على باله أبدا أن العلم في تعارض مع الدين كما يروج له أصحاب العلمانية الغربية على أصحاب هذه الفئة أن يحذروا من المصطلحات المغرضة و يجب أن يعملوا عقولهم ليعرفوا حقائق الأمور و المقصود من المسميات و إعادة تعريف الأمور وفق منظار إسلامي قبل أن يتيهوا في فوضى المصطلحات التي تحول دون الوصول للحقيقة.
الفئة الثالثة : وهي أيضا فئة لا تفصل بين الدين و السياسة و لكنهم قد يلجئون للعلمانية كخيار استراتيجي يحمي كيان المسلمين و يحفظ مصالحهم و هذا الخيار يكون ضروريا في البلدان التي تكون فيها تعددية دينية و عرقية واضحة .
وفي مثل هذه البلدان لا يمكن عادة للمسلمين تشكيل حكومة إسلامية لذلك يلجئون للخيار العلماني الذي يؤمن الحرية الدينية لهم و يمكنهم من المساهمة في بناء الحكومة ويمكنهم من المشاركة السياسية بطريقة تضمن لهم الحصول على حقوقهم الدينية المشروعة.
ومثل هؤلاء عندما يتمسكون بالشعار العلماني لا يعني أنهم مؤمنون به لأنهم مجبرون على هذا الخيار ومع ذلك تراهم يسعون للمشاركة السياسة من أجل حفظ الدين و بالتالي هم لا يفصلون بين الدين و السياسة وهذا شكل جديد للعلاقة بين الدين و السياسة يختلف عن الطريقة المعهودة كالحكومة الإسلامية ، وهذا الخيار سلوك يمليه العقل السليم .
و خلاصة القول إن التدين لا ينفك عن التعقل و أن التعقل هو دائما منهج الوسطية و الاعتدال و الوعي و الانفتاح ، و العقل هو الذي يملي علينا الموقف السليم، و السلوك الحكيم.
وعلى هذا فمشروع الصحوة الإسلامية هو مشروع إعادة العقل إلى مكانته في الأمة ليمارس دوره بسلالة و يجب علينا أن نحرص على حضوره في كل الساحات و نحذر من أن نقيد العقل باسم العقل فنحمله ملا يطيق تارة و تارة نقصيه عن واقعنا و نجعله يسرح في فضاءات علم المثل دون أن ينزل إلى الواقع.
جديد الموقع
- 2025-01-14 أسرة المهناء بالمطيرفي تحتفي بزفاف ابناء الحاج "جواد " تهانينا
- 2025-01-14 " المؤرخ وتدوين تاريخ الأحساء الموسوعي "
- 2025-01-14 أسباب الإخفاق في الإلتزام بقرارات العام الجديد
- 2025-01-14 هل بإمكان الجزر أن ينظم نسبة السكر في الدم؟
- 2025-01-14 محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية التي تجري في اللاوعي وتشكل انفعالاتنا وقراراتنا وسلوكنا
- 2025-01-13 تنظيم علاقة الإنسان بريه
- 2025-01-12 إل جي تطلق متجرها الرائد في المملكة العربية السعودية بحفل افتتاح كبير
- 2025-01-12 البلادي يشدو بشدة القافلة في أمسية غناء البادية في ختام "معرض الإبل عبر العصور"
- 2025-01-12 7 شعراء يؤثّثون سادس أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي
- 2025-01-12 تحت شعار تمرنا من خير واحتنا سمو أمير الشرقية يرعى انطلاقة النسخة العاشرة من مهرجان تمور الأحساء المصنّعة