الحرفي الأحسائي فنان حقيقي

تزخر الأحساء شرق السعودية بمختلف الحرف الغائرة عراقتها عمق التاريخ والشائع صيت جودتها في أرجاء شبه الجزيرة العربية ، فالحرفي الأحسائي فناناً حقيقياً ويعدو أنه نجاراً أو بناءً او خياطاً أو صائغاً  ، فكل حرفي في الأحساء ضليع في حرفته من تأسيسها التي ربما أستمد أسم حرفته منها الى نهايتها حيث يضع لمساته الأخيره الفنيه التي تضفي الجمال والقيمه التي تعكس منتج الأحساء الى أن أصبحت الأحساء عَلم لذلك المنتج ، فنجد الصيت ضرب الخافقين لكل من المرتعشة الحساوية والبشت الحساوي والدلال الحساوية والعمارة الحساوية وبروز جمالها في النقوش الجصية والخشبية .

أرباب تلك المهن لديهم مهارة فنيه غالباً ما يضعها في اللمسات الأخيرة  فمثلاً : 

بنّاء البيت العربي تجده بسواعده مستخدما الآجر والطين وجذوع النخل وجريدها لبناء البيت من الأساسات والجدران والأسقف ويختمها بمسح تلك الجدران بالجص الأبيض محلي الصنع بسواعد أحسائية لتكون تلك الجدران كلوحة فنية يقوم هو نفسه بنقش وزخرفة تلك الجدران والكُمرات بفنه وموهبته المتوارثة على تلك الحرفة .

 مخيّط البشوت الحساوية  تجده يبدأ من إستلام البشت في صيغته الأولية دَرْجّ ( القماش ) ويقطعها الى قطعتين تناسب اللبيس ثم يُخيط على حوافها بطانة قطنية برتقالية اللون لتكون جاهزة كلوحة فنية ليسكب فنه الممزوج بين ثناي روحه مستخدماً الإبرة بدل الريشة والخيوط المطلية بالذهب ( الزري )بدل الألوان ليرسم بها أشكال فنية مذهلة تعكس بيئة واحته الأحساء العامرة بنخيلها ، كما أبدى الأستاذ أحمد العبدالنبي في كتابه

( الأحساء نخلة ) عن حضور النخلة في أجزاءالبشت الحساوي( البروج ، مَكْسَر ، هيلة )وغيرها من الحرف،

حيث ساق النخلة يتمثل في الهيلة في إتساقها وتدرج كربها والسعفة نجدها في البروج وفِي مَكْسَر البشت.

وبذلك يعدو حرفة الخياطه بمراحل كثيره حيث الوقت الذي يمارسه في خياطة البطانة بضع ساعات بينما تشكيله بريشته لخياله الواسع مستخدماً الإبره والخيوط المطلية بالذهب يحتاج الى أسابيع بمراحل البشت المختلفة (المكسر،التركيب،الهيله،البروج ) بعيده عن الخياطه بل هي اقرب للصياغة حيث أن الخياطة هنا تعبير مجازي ، ونجد طبيب الأرساليه الأمريكيه بالبحرين في العشرينيات من القرن العشرين بول هاريسون الذي زار الأحساء في 1919 م يستهجن وصفهم بالخياطين بقوله ( من الأفضل وصفهم طرّازين بدلاً من الخياطين ، حيث تطرز حوافها بخيوط ذهبية وقرمزية ) .وهي على الأرجح صياغة،  حيث يشترك صائغ الذهب والبشوت في بعض مسميات أجزاء حرفتهم مثل الكرمك ، حيث الأول يعده بخيوط مفتولة مع بعضها من ذهب والثاني يعده من خيوط مطلية من ذهب.

 كما يُجْمِل الطبيب بول هاريسون فن هؤلاء الحرفيون في واحة الأحساء بقوله (... كثير من الحرفيون يضعون في أعمالهم الروح الحقيقية للفنان ، فدلال القهوة في الأحساء، كثيراً مايظهر عليها الفن الحقيقي ، وخاصة بزخارفها ، وكذلك الصناعات الجميلة ، الفضية والذهبية ،  .... ، على الخصوص حلي الزواج للنساء ، والتطريز الذي يزخرف ملابس الرجال ( البشت ) والنساء ( السويعيه)  إن هذا كله يُظْهِر فنّاً حقيقياً ) .