2022/01/13 | 0 | 3666
الحراك السياسي الشيعي وضرورة المراجعة
العربية
خلاصة التقرير الذي نشره موقع "العربية.نت"، في نوفمبر الجاري، بعنوان "سعوديون في معسكرات حزب الله"، وأعده الإعلامي والباحث حسن المصطفى، ثم اللقاء الذي بثته قناة "الحدث" حول التقرير مع الباحث نفسه، يؤكد على حقيقة مفادها: ضرورة الركون إلى نقد تاريخ الخطاب السياسي الشيعي في المنطقة، بالخصوص الأحساء والقطيف، ونقد حراكه منذ تأسيس الثورة الخمينية وانعكاساتها على الداخل الشيعي بمختلف مكوناته الاجتماعية والثقافية والدينية.
صحيح أنه قد جرت مراجعات على الخطاب والحراك نفسه عند بعض المثقفين الشيعة من الذين خاضوا التجربة، والذين آمنوا بخطاب تصدير الثورة، تحت تأثير الشعارات. لكنهم لم ينخرطوا في تنظيمات مسلحة إلا القلة منهم، وأكثرهم لم يكن لهم من دور على الأغلب سوى الترويج الإعلامي للثورة ومقولاتها.
وصحيح أيضا أن حديثي هذا ينطبق بالدرجة الأولى على المجتمع الأحسائي أكثر من سواه.
وحيث كوني واحداً من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة، فقد خبرت هذا الحراك عن قرب، فنحن ذلك الجيل الذي عاصر بداية الثورة ونحن فتية، إذ كنا مقبلين على الحياة بحماس إيديولوجي ديني منقطع النظير.
فضمن هذا الإطار أتذكر في الثمانينات كيف كان بعض طلاب العلم الديني من خط الخميني يرغبون الشباب من جيلي في الالتحاق بالثورة، إما للدراسة الدينية في الحوزة العلمية حتى يكون بالتالي مهيئاً لتسنم منصباً قيادياً إذا ما ظهرت دولة المهدي المنتظر، وإما للالتحاق بالمعسكرات التي كان يقيمها الحرس الثوري خارج طهران حتى يزجوا بهم على الجبهة في الحرب بين العراق وإيران.
التحق البعض بالحوزة للدراسة، والبعض الآخر بالمعسكرات، وكانت سوريا هي المحطة قبل توزيع المهمات. لكن تجارب كلا الاثنين كان نتيجتها الهروب، إلا القلة من الشباب الذين أكملوا الدراسة الحوزوية، بينما أولائك الذين التحقوا بالمعسكرات فسرعان ما هربوا وعادوا تائبين، بعدما عرفوا حقيقة الأمر، بأنهم أدوات للزج بهم في الصراعات والحروب.
لماذا أقول هذا الكلام الآن؟!
لأسباب منها: ما أشار إليه الباحث حسن المصطفى حول ضرورة إدراك الجيل الحالي من الشيعة ملابسات وحيثيات تلك الفترة واستيعاب سلبياتها، فتلك حقيقة مهمة، والأهم هو وعي مدى الخطورة التي يمثلها "الحرس الثوري" وأذرعه "حزب الله" و"الحوثيين" على أمننا واستقرارنا، وعلى نسيجنا الاجتماعي الوطني، وتنمية دولتنا، والسبيل إلى ذلك لا يكون سوى بالمراجعة المستمرة لتاريخ الحراك وخطابه، واستخلاص الدروس منها، والمراجعة لا تكون سوى بالنقد العقلاني الموضوعي الذي يمهد الأرضية للتحصين والحماية ضد أي استغلال للطائفة، وضد أي استغلال لأبنائها في أتون المشاريع العبثية التخريبية لإيران.
دون إغفال الأهمية القصوى للالتفات إلى القيم المشتركة التي تجمع أبناء الوطن بمختلف طوائفه تحت مظلة الدولة المدنية، وهي كثيرة، أكثرها سطوعاً وأهمها كما يبدو، الإقبال الشديد من طرف الشباب السعودي سنته وشيعته، على المعرفة في شتى مجالاتها المختلفة، مدعوماً بقوة استراتيجية المملكة 2030.
لا شك أن مثل هذه القيمة التي تجعل الدولة منها كاستثمار في إنسان الوطن وتنمية عقله وفكره في مشاريعها المستقبلية، حريّ بنا أن نتكاتف في دعم وترسيخ هذه القيمة، والمساهمة الفعلية في تجسيدها على أرض الواقع .
لقد مرت المملكة بفترات حرجة، في الثمانينات والتسعينات، حاولت فيها إيران زعزعة الأمن والاستقرار، عبر تهريب المتفجيرات أثناء موسم الحج، وصولاً إلى تفجيرات الخبر وعدد من محاولات الاغتيال. لكنها جميعها باءت بالفشل. وإذا كانت إيران استطاعت في فترة من الفترات تجنيد قلة قليلة جداً من المجتمع الشيعي ممن خدعوا بالشعارات، فأظن أن المجتمع الشيعي الآن أكثر حصانة وقوة ووعياً وثقافة مما كان عليه سابقا. وهو يقدم الآن مساهمات فاعلة في تنمية مؤسسات الدولة كغيره من المكونات الأخرى للمجتمع السعودي.
جديد الموقع
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين
- 2024-12-19 (قصة عجائبية من المخيال الاجتماعي الشعبي) (حلال المشاكل...القصة التي حفظتها أمهاتنا عن ظهر قلب)
- 2024-12-19 جمعية ابن المقرب تحتفي باللغة العربية في يومها