2012/06/15 | 0 | 6311
التأصيل العقائدي
ولعل من أهم العوامل لذلك ما يسمى بالمسلمات والضرورات التي شكلت حاجزاً منيعاً يصعب اختراقه والنظر فيه ، فلجأ من يرغب البحث والتحقيق إلى الفقه وغيره تجنباً من وقوع التصادم ومخافة مخالفة المسلمات والضرورات.
وعلى كل حال ، البحث في المسائل العقائدية من الأمور التي ينبغي على الفرد المسلم تعلمها والاهتمام بها ورعاية تحصيلها – طالب علم كان أو غيره - ، وذلك لأسباب عديدة نوجزها فيما يلي :
1-إن أول ما يطلب من المرء معرفة العقيدة كما قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ ، وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ ) [نهج البلاغة ج1/14].
2-إن المسائل العقائدية عرضة للكذب والدس والتزوير أكثر من المسائل الفقهية ، بناء على ما هو المعروف أن إحدى دواعي الوضع والكذب قامت على خلفية النزاع الكلامي ومحاولات الانتصار المذهبي.
3-إن الخلل في المسائل العقدية أكثر خطورة من الخلل في المسائل الفقهية (الأحكام الشرعية) والسلوك الشخصي.
ومن هنا نتساءل : ما هو الطريق الأمثل لأخذ العقائد والاعتماد عليها سواء أكان لطالب العلم أو لغيره ؟
ربما يتصور بعضهم أن مجرد الحصول على رواية كافٍ في الاعتماد على ذلك وعقد القلب على تلك القضية لمجرد وجودها في تلك الرواية ، ولكن ذلك غير صحيح ؛ فإنه لا يمكن الاعتماد على رواية الآحاد في المسائل العقائدية لأنه قلَّ أن تجد رواية لا يوجد مخالفها ، أو أن لها نحو خلاف مع القرآن إما بعموم مطلق أو من وجه أو تباين .
الأصل في أخذ العقائد :
الصحيح أن المعتقدات لها ثلاثة مصادر رئيسة :
[العقل ، القرآن الكريم ، السنة القطعية (قول المعصوم وفعله وتقريره )]
أما العقل فنقصد به العقل القطعي وهو حجة بذاته ، وإن إثبات الله والنبي إنما يكون عن طريقه لا العكس – والإمامة والمعاد يكونان تبعاً للإيمان بالنبوة - . والدين لم يساعد على إبطال رأي العقل ، بل أيده ودعمه ، فالمعارف الكلية العقائدية معطيات عقلية ، وما جاء في النصوص الدينية في هذا المجال إنما كان إرشاداً إلى حكم العقل ، فالعقل القطعي هو صاحب الميدان في المجال العقائدي .
وقد صرح الكِتاب بإمضاء نظر العقل وبذلك مَنَحَه الحجية فلا تعارض بين العقل والكِتاب .
أما القرآن فهو المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه الإسلام في كل تفرعات العقيدة، وهو المستند القطعي للنبوة المحمدية عموماً ودوماً وهو مصدر الفكر الديني ، وظواهره الدلالية حجة معتبرة ، وهذا القرآن هو الذي يمنح سائر مصادر المعرفة الدينية حجيتها واعتبارها .
فالقرآن الكريم هو المصدر الأول لمعرفة العقائد فقد استعرض العقائد الإسلامية الرئيسة بشكل واضح ومكثف كالتوحيد والنبوة والمعاد وما يتعلق بها ، فلا بد أن تؤخذ العقيدة منه ، فإذا لم نجد ذلك واضحاً انتقلنا إلى السنة.
والانتقال إلى السنة باعتبار توجيه النبي (ص) لها كما ورد في حديث الثقلين المتواتر:
( يا أيها الناس ، إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنه قد عهد إلي اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) .
ولكن السنة المعتبرة في العقائد كما هو متفق عليه عند علماء الطائفة – إلا من شذَّ منهم – هي السنة القطعية المتواترة لما لغيرها من الخطر في الاعتماد عليها وعقد القلب بها .
ضرورة العودة للقرآن :
إن أهم المشاكل الرئيسة في الخلافات العقائدية -سنة وشيعة أو داخل المذهب الواحد – تكمن في أمرين :
1-تغليب السنة على القرآن الكريم .
2-الوضع والكذب على أهل البيت خصوصاً والإسلام عموماً.
مع أن أهل البيت عليهم السلام ومن خلال الروايات الآمرة بالتمسُّك بالقرآن وأنّه المرجع في كلّ ما يعترض المسلمين من بلايا وفتن، ومن خلال الحث على عرض كل ما جاء عنهم على القرآن حاولوا أن يؤسسوا مرجعية القرآن العقائدية ، ولكن في الوقت الذي قال أحدهم (حسبنا كتاب الله) قال بعضهم (حسبنا سنة رسول الله) – على فرض كونها سنة - ويضربون بالقرآن عرض الحائط.
لذا فإننا نعتقد إن أي قضية ومسألة عقائدية لا بد أن تكون أسسها وقواعدها مأخوذة من القرآن. وعليه فالحل لمثل هذا الخلاف العقدي العودة للقرآن ودراسة الجوانب العقائدية من خلاله، وعرض كل ما يخالف القرآن.
ومن هنا نقول : يجب أن تعرض كل المعتقدات والأفكار والمعارف العقائدية على القرآن لأنه {تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} (النحل: من الآية89) فما خالف القرآن من المعتقدات فهو زخرف ويضرب به عرض الحائط ، وما وافق كتاب الله فهو صحيح يمكن الاعتماد عليه وبناء المنظومة العقائدية التي تتطابق مع الفكر القرآني الأصيل منه. وعلى هذا يجب أن يكون الكتاب ميزاناً للحق والباطل فيما ينسب إلى العقيدة من طرق الروايات.
جديد الموقع
- 2024-12-03 الحضور الأدبي في فكر الأديب
- 2024-12-03 إيلون ماسك والقراءة
- 2024-12-03 قراءة في كتاب (مزاج الكتابة، الكتابةمفهوما، ومزالق، ومقومات)
- 2024-12-02 بر الفيصلية وحي الملك فهد ومسجد الإمام الصادق في رحلة بحرية.
- 2024-12-02 كيف يتعامل الأطفال مع الشائعات وماذا نستفيد من ذلك؟
- 2024-12-02 حُب الحسا أجنني إلى كل مسؤولٍ رسميٍ، وناشطٍ اجتماعيٍ وتفاعلي بالتأثير..
- 2024-11-30 ثلاثة يجب الحذر منها
- 2024-11-30 "جمع من شيعتنا ومحبينا".. إيمان وأُنس
- 2024-11-30 هل نبحر نحو الهلاك؟
- 2024-11-30 إلى أمين الأحساء مع التحية سعادة المهندس: عصام الملا (سلمه الله)