تعليقة الدكتور هاشم عبدالله الصالح، رئيس قسم علوم وتقنية البناء السابق في جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل
مقال مهم...للطفل حقوق على والديه، ولعل من أهم هذه الحقوق هو اعطاؤه حق التواصل معه...فالتواصل معه ينميه نفسيًا (عقليًا) وربما حتى بدنيًا...
كثير منا يجهل أو يتجاهل مثل هذه الحقوق: حق التواصل معه، حق الكلام معه، حق الاستماع اليه، حتى حق التماس معه جسديًا...
مع الأسف كأباء وأمهات نجهل بأن قضاء وقت طويل في استخدام الهواتف المحمولة يأتي على حساب حقوق أطفالنا..
الطفل عندما يعاني من نقص في حاجاته النفسية بسبب قلة انتباه الاب و/ أو الام له والتواصل معه سيحدث سيعاني من مشكلات نفسية، وإذا لم يصب فسيضطر للتعبيرعن انزعاجه واحتجاجه على تجاهل حقوقه وذلك باثارة مشكلات تتمثل في التمرد عليهما وفرط الحركة وقلة انتباه...فهو بذلك كأنه يصرخ في وجوهم:...اعطوني حقي...تكلموا معي...العبوا معي...استمعوا لي...في داخلي قلق، عندي أسئلة تحاصرني وانتم لا تشعرون، لا وقت لديكم، مشغولون على هواتفكم المحمولة، هذه الأجهزة اللعينة، التي سرقتكم مني... كيف لهذا الطفل أن يحس بالأمان الذي يحتاجه لنموّه، وهو لا يجده في كنف أبويه المشغولين عنه.
"وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ...... وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا"*
وهل هناك أقرب للأم والأب من أطفالهما...لا نتكلم عن أمور ثانوية، الآية الكريمة تتكلم عن حقوق... والاية الكريمة تنتهي بتحذير خطير جدًا...وهو عدم التفريط بمثل هذه الحقوق...*وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا"*...والتبذير هنا هو صرف الشيء فيما لا ينبغي صرفه فيه، فصرف الأم وقتها على هاتفها المحمول على حساب طفلها يعد تبذيرًا...وأي تبذير أعظم من تبذير الوقت في غير مصلحة ، فكيف لو كان في ذلك مفسدة. ولذلك تأتي الآية الكريمة لتضع لنا نتيجة مثل هذا التبذير...الأم تتحول إلى أخت للشيطان، والأب كذلك...ومن يقف مع الشيطان يكن ضد ما أراده الله...(لِرَبِّهِ كَفُورًا. "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا"
ملاحظة من المترجم:
من المعروف أن كلمة parent تعني الأم أو الأب، لكنا ركزنا هنا على الأم خاصة لأن العينة التي استخدمت في الدراسة المنشورة كانت من الأمهات؛ وإن كانت مخرجات هذه الحالة لا يُعفى الأب من المسؤولية.
الدراسة المترجمة
طفل على مائدة عشاء يتكلم عن مشكلة في المدرسة أو مشاجرة مع صديقه أو زميله، لكن لا يعيره أبواه سمعهما. وذلك لأن كلًا منهما مشغول على هاتفه المحمول.
تشير دراسة جديدة إلى أن هذا السيناريو يتكرر ملايين المرات يوميًا في جميع أنحاء العالم، وقد يضر بالصحة العقلية [كالقلق وعدم الانتباه وفرط الحركة وغيرهما] للأطفال.
أفاد باحثون من جإمعة كالغاري الكندية أن الأطفال الذين يتراوح سنهم بين 9 و11 سنة، والذين قالوا إن أمهاتهم يقضين فترات طويلة على هواتفهن المحمولة، كانوا أكثر عرضة للقلق ومشكلات عدم (نقص) الانتباه وفرط الحركة لاحقًا في حياتهم مقارنةً بالأطفال الذين لم تكن أمهاتهم مهووسات بهواتفهن.
وأوضح فريق بقيادة شيري ماديغان Sheri Madigan، الأستاذ المساعد في علم النفس بجامعة كالغاري في ألبرتا الكندية: "عندما تُتجاهل احتياجات هؤلاء المراهقين (9 - 11 سنة) العاطفية والبدنية باستمرار أو الاستجابة لها بشكل غير ملائم أو خاطيء، فإنهم معرضون لاحتمال الإصابة بصعوبات في الصحة العقلية."
نشر فريقها النتائج التي توصلوا إليها في 16 أغسطس 2024 في شبكة مجلة الجمعية الطبية الأمريكية المفتوحة (1) JAMA Network Open.
وفقًا للبيانات الواردة في مقدمة هذه الدراسة، إحدى الدراسات(2) التي نشرت في نوفمبر 2023 وجدت أن أمهات الأطفال الرضع يقضين ما معدله أكثر من خمس ساعات يوميًا على هواتفهن المحمولة، بما في ذلك تكرار مطالعة أو تفقد محتويات الرسائل على هواتفهن المحمولة بنسبة 27٪ من الفترة التي يتفاعلن في أثنائها مع أطفالهن.
وجدت دراسة أخرى (3) أن 68% من الأمهات اعترفن بأن هواتفهن المحمولة غالبًا ما تشتت انتباههن أثناء تفاعلهن مع أطفالهن.
أثبتت الأبحاث أن هذا النوع من "التشتت التكنلوجي(4) technoference" أثناء تفاعلهن مع أطفالهن يعني أن اهتمامهن بأطفالهن وحديثهن او حوارهن معهم ولعبهن إياهم يصبح أقل، بل ويرفع من احتمال إصابات الأطفال بإصابات بد نية. [ظاهرة التشتت التكنلوجي technoference تعني تكرر الانقطاع أثناء التفاعلات الاجتماعية الروتينية بين الأم وطفلها بسبب استخدامها للتكنولوجيا الرقمية، ومنها التلفون المحمول أو الأجهزة الأخرى الرقمية].
وأشار فريق ماديغان إلى أنه خلال فترة المراهقة، اقترن التشتت التكنولوجي بمستويات عالية من الخلافات بين الأم والطفل وانخفاض في مستويات الدعم العاطفي والدفء التربوي الذي يحتاجه الطفل في هذه الفترة العمرية.
لدراسة هذه المشكلة بشكل أعمق، نظرت مجموعة جامعة كالغاري في البيانات التي جمعت من أكثر من ألف طفل كندي تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 11 عامًا، جمعت في فترات متعددة بين عام 2020 وأوائل عام 2022. وسُئل الأطفال عن مدى موافقتهم على عبارات، مثل "أتمنى لو أن أمي تقضي فترة أقصر على هاتفها المحمول وأجهزتها الرقمية الأخرى" أو "أشعر بالإحباط من أمي بسبب انشغالها على هاتفها المحمول أو أجهزتها الأخرى عندما أكون معها."
قُيِّم هؤلاء الأطفال أيضًا لمعرفة اصابتهم بمختلف مشكلات الصحة العقلية، مثل القلق والاكتئاب وفرط النشاط وعدم الانتباه التي ظهرت عليهم بمرور الزمن.
وفقًا لفريق ماديغان، "اقترنت المستويات العليا من أعراض القلق [عند المراهقين] بمستويات عليا من تشتت الأم التكنولوجي المدرك في وقت لاحق من نمو المراهق".
وقال مؤلفو الدراسة إن الفترات الطويلة التي تقضيها الأم على هاتفها المحمول اقترن أيضًا بمستويات عليا من عدم الانتباه وأعراض فرط الحركة في وقت لاحق من نمو الطفل.
ولا يبدو أن حجم هذه التأثيرات في الأطفال قد يختلف سواء أكان المراهق فتىً أو فتاة.
وأشار الفريق إلى أنهم ركزوا على الأطفال الذين يتراوحون بين 9 و11 عامًا لأن "هذه الفئة العمرية تمثل فترة حساسة من نمو الدماغ وترتبط بارتفاع في احتمالية الإصابة بصعوبات في الصحة العقلية".
بيد أن استنباط اتجاه هذا التأثير قد لا يكون سهلًا : هل يشعر الأطفال بالقلق ويعبرون عنه بشكل أكثر لأن أمهاتهم مشغولات جدًا بهواتفهن المحمولة، أم أن أمهات الأطفال المصابين بمشكلات سلوكية يلجأن إلى هواتفهن المحمولة كوسيلة للهروب من هذه المشكلات؟
ووفقا للبيانات الجديدة، يبدو أن وجود الكثير من الأطفال القلقين يمكن أن يدفع بالأمهات المتضايقات إلى استخدام هواتفهن الذكية أكثر وأكثر، ولكن الاستخدام المفرط للهواتف المحمولة من قبل الأمهات يمكن أن يؤدي إلى عدم الانتباه وفرط الحركة لدى المراهقين الناميين.
وقال فريق ماديغان إن الدراسة بشكل عام "تسلط الضوء على العلاقات المعقدة بين تشتت الأم التكنولوجي والصحة العقلية للأطفال الداخلين في فترة المراهقة".