2013/01/14 | 0 | 2317
الإعلام بين الذوق والواجب
هذا المثلث متفاعل بتمام اضلاعه وإذا فقد واحد منهم توقف الحدث وخمدت الأهمية وانمسح التاريخ ولكن الإنسان يتميز في هذه المعادلة بخصوصية ألاختيار على الأغلب فهوا المعني بالتغيير وهو المستطيع على تطويع الأرض وكتابة الاحداث وهذه القدرة هي الهم الذي نزل به ادم من الجنة حيث تغير منهج العبادة من الالتزام بعدم تناول ثمر شجرة بعينها إلى مصاديق الابتلاء بالعبادة أمرا ونهيا وتفكرا واعتقادا. {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ }البلد4 إن ما يواجهه الإنسان في كبد الحياة لهو الهدف للتمحيص في قابلية العبادة وقدرة الإطاعة للخالق جل وعلى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 ومسابقة الأقران لأخذ قصب التميز القربوي الشريف , وبالفطرة الإنسان يعلم بأن يكون اكثر قربا من الله حتى يكون أدنى من الكمال وأتم تنفيذا لمغزى الوجود فيتحصل على الرحمة المرصودة كهدف للخلق {إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }هود119 وبرغم العلم المسبق لنا بهذه الأسباب الحقيقة لوجودنا بأنا مبتليين بالطاعة لاستحقاق الرحمة إلا ان الكثير منا يسهو وينسى ولا يتذكر في خضم النزاع مع النفس هذه الأهداف وينزوي خارج القاعدة إلى إشباع الشذوذ في عبادة الأنا وإطاعة النفس الأمارة بالسوء {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }يوسف53 ومن تمام الرحمة والحجة التامة في الدين أن رسمت وفصلت مسالك مشرعة وواضحة للنهوض بمداواة الضعف البشري وتبصيرهم وتذكيرهم بسبب وجودهم في هذه الحياة الدنيا فكان الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104 ودور ألإعلام هو دور مهم بل رئيس وفاعل بحسب نوعه وتخصصه في نقل المعلومة المحملة بالمعنى المؤثر والصانع للموقف والمعزز للقدرة في النهوض المقصود نحو الإصلاح في ألأمة.
قد يُتسأل عن أن الإنسان بما هو فرد مسئول بمباشرة الممارسة الذاتية في زجر نفسه أو حثها فما بالنا نفتح منفذا لتعاطي وتبادل التأثير الدعوي والذي قد يذهب بالحرية الفردية ويمحق القدرة في ممارسة الهدايه بشقيها الإيجابي والسلبي ؟
بالحقيقة هذه معاناة تضاف إلى كبد (من مكابدة)ألإنسان فاعلا أو متلقيا لتمحص القدرة بين ألاندفاع الشهوي والإطاعة العقلية هما سبيلان بين أن يجتاز المجتمع بأفراده وبجمعة حالتي الشكر أو الكفر لما في شرط التأثر ألجمعي وقوة التكيف والذوبان البشري البيني والتناضح الفكري والحاجة للعيش في مرمى التعارف وشرط ألأنس والتكامل المدني المهني والفكري .
الواقع ألاجتماعي إذا متأثر بالطبع بالتغيرات الفردية المنعكس عليه كمجتمع فكل وحدة اجتماعية تنتج وتأخذ التأثير والتأثر فليس المجتمع بمعزل من نتاج الفرد وليس الفرد كذلك محصور بعيدا عن موجات التأثر الجمعي وهنا يقف الإعلام ويزرع قدرته التوجيهية المهمة في صياغة شكل المجتمع وماهية توجهه .
الحالة الإسلامية هي الساحة التي سبقت في رسم قانون الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلته حالة قانونية ورسمية ولكنها جعلت في بعض الحالات من إفراد هذا السلك فئة منظورة ورفيعة الشأن وهذا له أثره السلبي كما له ألأثر الايجابي على أننا نحتاج عادة إلى ألإعلام في ممارسة دور الامر والنهي لمحاولة الفرصة لمنع مرض التسلط ودكتاتورية الفرد بشكل نسبي ولو أن هذا المرض يتسلل بشكل ذكي حتى على ألأعلام وقد يمارس دورة الخفي بليل لذلك نلاحظ الآية الشريفة تأمر ب ولتكن منكم امة . {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران 104ومعروف أن دور المجموعة اكثر احتمالية واقرب لمنع التحكم والتسلط الفردي باختلاف التشخيص برغم وحدة الهدف.
نرجع لموضوع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لنستجلي حظه في تصحيح المسار الجماهيري لكي ننعطف بعد ذلك لتحسس مكانة الإعلام في هذا المشروع الإلهي الشريف بجميع أجزائه سواء القسم الوقائي الذي يقوم به النخبة والحاكم عادة أو القسم التحريضي والحث للفعل الخير والتواصي بالمكرمات أو القسم البطولي بصناعة ألأمثولة والقدوة الفذة, فكما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شأنه التدرج لمواكبة التصحيح بالقدر العادل والمنضبط حتى لا يزيد عن حدة فينقلب إلى ضده فلابد له من مراتب واحدة تلو ألأخرى يبتدئ من داخل القلب حبا وبغضا ويصل إلى الفعل ألأمر والناهي مرورا بالقول والإعلام في نفس الوظيفة الشرعية والاعلام هنا يمثل المعالجة الجماهيرية المسايرة للمعالجة الفردية في الداخل أو الخارج حيث أن الجهاد الأكبر هو جهاد النفس أولا وتترقى درجاته بخطوات مترتبة الأولى فالأولى , كل ذالك يجب أن ينبع من دور التعبد لله وبعيدا عن فرض الذات أو صناعة الفوائد الأنانية , رجوعا إلى ألأعلام الذي صار معلوما بارتباطه الوشيج مع أحكام الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ودوره في معالجة جماعية في درجة القول المؤدي إلى الشعور القلبي والتأثير على العمل باليد في أخر المطاف ولكن هناك احتمالية من صرف الإعلام في مسارب التيه ونشره في الخط المعاكس تماما للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة أو من المصادرة على المهمة الرئيسية النوعية باستخدامه وسيلة لخدمة الأنا او الحزب او الكتلة وبشكل رئيسي قد يحرفه عن الهدف المرجو من خدمة الإنسان في توجيهه لهدف وجودة ليعبد الله ويستحق رحمته فيصير بابتعاده عن الهدف في ابسط الأحوال لممارسة ذوقية مترفة وغير رسالية هذا عدى عن الاحتمال الأخطر كما أسلفنا من توجه الإعلام لإضافة معاناة ومكابدة في طريق العيش للأمة وتكبيل قدراتها ونزح مشيئتها للمتسلط الممتلك لأجهزة ألأعلام ووسائله المؤثرة ونحن نلاحظ تهافت السلاطين على سجن الحركة الإعلامية في قبضة المتسلط لعلمهم بخطورة دور ألأعلام على مشاريعهم الاستحواذية وخاصة إذا كان هذا الأعلام ذو مصداقية أكيدة وحرية شامخة وإذا حصل أن الإعلام في اسر هؤلاء المستبدين كما هو اكثر إعلامنا اليوم فسيبقى الخط الأول لدى ألإنسان المدعم بالفطرة والعقل والتمييز {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا }7{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }الشمس8 ليقاوم هذا الإعلام المسخ ويقف في وجهه بالقلب ثم اللسان ثم اليد ولا يستسلم لفئة الإعلام السلطاني فهم كما وصفهم القران الكريم الإنسان3 {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }الزخرف37 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ }النساء44
وتبقي حرية الإنسان وكرامته في التعبد لله بطوع أمرة امام البطش والقوة لمن يمتلك الوسيلة إذا كان يبعده عن التوجه الحر ويعيقه من مشروعة الذي خلقه الله له ويعتمد على الهدايه الربانية فهو وحدة المسئول بالأخير وهو من يؤثر في الأمة ويتأثر بقدرته وبإرادته مهما كان الكبد وكانت المعاناة {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } فكلما كان الإنسان حرا وكلما زاد تعلقا بالله منع فرصة المستكبر والمستحوذ في فرد ظلال الضلال ومكشفة بنور البصيرة ونهى النفس والناس والسلاطين عن الهوى.
جديد الموقع
- 2025-01-14 أسرة المهناء بالمطيرفي تحتفي بزفاف ابناء الحاج "جواد " تهانينا
- 2025-01-14 " المؤرخ وتدوين تاريخ الأحساء الموسوعي "
- 2025-01-14 أسباب الإخفاق في الإلتزام بقرارات العام الجديد
- 2025-01-14 هل بإمكان الجزر أن ينظم نسبة السكر في الدم؟
- 2025-01-14 محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية التي تجري في اللاوعي وتشكل انفعالاتنا وقراراتنا وسلوكنا
- 2025-01-13 تنظيم علاقة الإنسان بريه
- 2025-01-12 إل جي تطلق متجرها الرائد في المملكة العربية السعودية بحفل افتتاح كبير
- 2025-01-12 البلادي يشدو بشدة القافلة في أمسية غناء البادية في ختام "معرض الإبل عبر العصور"
- 2025-01-12 7 شعراء يؤثّثون سادس أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي
- 2025-01-12 تحت شعار تمرنا من خير واحتنا سمو أمير الشرقية يرعى انطلاقة النسخة العاشرة من مهرجان تمور الأحساء المصنّعة