تأكيدًا لمبدأ الوفاء وخلقًا للمناخ الرَاقي الذي يُعنى بالإنسان أولاً وبالعطاء الثّقافي والمعرفي السائد في أحساء الوفاء فقد عَقدَ ملتقى شعراء الأحساء مساء يوم الجمعة الموافق 24 ربيع الآخر 1444هـ حفلاً تأبينيًّا بأمسية شعرية رثائية وفاءً لروح الشاعر الراحل ( أبو علي الهجري ) حسين العبدالله الذي وافته المنية في نهاية شهر صفر الفائت، ولذا كانت هذه الليلة التي دعا إليها الملتقى تحت عنوان ( الهجري في ضمير الخلود ) حيث أُقيمت في بلدة الجرن ( شمال الأحساء )، وقد أكّد رئيس الملتقى المهندس الشاعر ناصر الوسمي أنه من الواجب الأخلاقي والإنساني تجاهَ رجلٍ نذر نفسَه في سبيل دعم الميدان الشعري بمداد اليراع الحسيني بسيل من الملاحم الخالدة أن تقف له الأحساءُ هذه الوقفة المخلصة ومن أجل ذلك فقد شحذَ الملتقى طاقاته الفيّاضة في سبيل إبراز ليلة الوفاء للشاعر الرّاحل بما يتناسب مع مكانته الكبيرة كشاعر ولائي أحسائي وبما يضاهي الشموخ المعرفي الثقافي الأحسائي .

حيث توافد على بلدة الجرن شخصياتٌ وقاماتٌ من كل نواحي الأحساء ليبدأ الحفل بمقدمة تعريفية من عريف الأمسية - الأستاذ عبدالله العطية الذي أوجز ترجمة للشاعر الراحل وأهم محطاته ووصفًا موجزًا لمسير حياته وانتهاءً بالرحيل المفجع له ، وقُدّم القرآن الكريم فاتحة لفقرات الأمسية حيث شمل الخشوع القلوب بتلاوة مباركة من آي الذكر الحكيم تلاها القارئ السيد مجتبى الشخص .

وفي الفقرة الثانية كانت الروعة الشعرية فيما صاغته القريحة الشعرية الرائدة للأستاذ علي المحيسن بنصّين رثائيين مازجَ فيهما الشاعر بين أحاسيس الفقد الإنساني والإشادة بما قدّمه الراحل في مسيرته ليختمه بنداء الخلود : بعد ياحسين إلى الحسين .

تلا ذلك محطة للشعر الشعبي والشاعر المتألق الأستاذ قصي المؤمن الذي برزت لوعة الفراق طافية على شعره لوصفه أحد من تتلمذوا الشعر من أفق الشاعر الراحل .

أما الشاعر الراقي الأستاذ هاني الحسن فقد لامست مفرداتُه الشعرية شغافَ القلوب بما ترنم به من رثاء محموم بالحزن الكبير وبما خلفه الشاعر الراحل من إرث شعري ولائي خالد مضمنا نصه ترنيمه الهجري الراحل ( أنخاك نخوة فاطمة بالضلع والعين ...) حيث كان نصه الشعري غنيا بجمانات البيان المؤثر .

وفي كلمة الحفل أشاد سماحة السيد مجتبى السلمان بشخصية الراحل وكيف كان حسينيًَا بكل معنى الكلمة وأنه قد أفنى حياته في حب الحسين عليه السلام .

وفي نصوص شعرية بديعة كان للشاعر الأستاذ إبراهيم الدريس وقفة بالغة التأثير من خلال المعاني الرثائية العميقة التي كانت تأبينًا صادقًا لشاعرٍ ولائي كبير .

ولأنّ الراحل المرثي الغائب جسدًا والحاضر روحًا كان شاعر الدمعة وأسير الافتجاع الولائي فقد كان لوقفة الشاعر ( أبو تراب الأحسائي ) في نصه الشعبي مزلزلاً للمشاعر ومفريا لفقد غائر حيث كان الوصف للروح الإيمانية للفقيد تارة وأخرى استهدف فيها الشاعر سيرة الفقيد الراحل وارتباطه الوثيق بأهل البيت عليهم السلام وكيف كان رحمه الله ناذرًا نفسه لتعظيم الشعائر والمآتم .

وختام الأمسية الرثائية المكلومة مع الاوبريت الإنشادي ( راية هجر ) والذي بدأ بمقدمة شعرية للشاعر علي المحيسن ،
أما المقدمة الإنشادية فكانت من نظم سماحة السيد عبد الأمير السلمان والقصيدة الإنشادية الرئيسية للشاعر الأستاذ ابو مظاهر الأحسائي
والأبوذية للشاعر حسن البطي والخاتمة الإنشادية للشاعر حسن طاهر المعيبد
بمشاركة عدد من الرواديد وهم :
أبو مرتضى القنبر وسيد هادي السلمان وملا عبد الوهاب الحمدان وملا محمد بوخضر وملا علي المعني والرادود رضا بحري والهندسة الصوتية والتوزيع جهاد الحداد ورضا بحري والألحان والإخراج للأستاذ قنبر القنبر .

وفي ختام الأمسية تفضل سعادة رئيس الملتقى الشاعر المهندس ناصر الوسمي بتكريم المشاركين وتقديم الشكر لجميع الحاضرين وكل من ساهم في تحقيق الغاية المنشودة من هذه الليلة الراقية والسامية بكل الوفاء والتقدير لشاعر ولائي مخلص بات وجيهًا بالحسين وآل الحسين وبما قدم في مسيرة حياته المشرقة فرحم الله الشاعر الهجري الراحل، وكل الشكر والتقدير لملتقى شعراء الأحساء بما قدموه من زخم شعري وثقافي كان عقدًا نظيمًا من كل الألوان فكانت ليلة خالدة سمى فيها القرب إلى الله تعالى وتقدير عباده المؤمنين محتسبين الراحل عندك يا ربَّ العالمين .

التقرير المصور هنا