وجدت دراسة جديدة أجراها معهد طومسون Thompson Institute التابع لجامعة صن شاين كوست Sunshine Coast في استراليا أن هناك علاقة بين خيارات نمط الحياة واحتمال الإصابة بالخرف والعلامات المبكرة للشيخوخة في الدماغ.
اكتشف الباحثون انخفاضًا في حجم المادة البيضاء في الدماغ وعدم توازن النشاط الكهربائي [التوازن بين التثبيط وبين الإستثارة في الدارات القشرية cortical circuits] (3 - 1) في أدمغة المشاركين الذين اقترنت عوامل نمط حياتهم بنسبة مرتفعة لاحتمال إصابتهم بالخرف. وقال الدكتور توماس بيس Thomas Pace ، المؤلف الرئيس للدراسة (4) التي نُشرت في مجلة السن والشيخوخة Age and Ageing، إنه يبدو أن عوامل مثل العادات الغذائية (5، 6) وأنماط النوم (7) ومستويات النشاط البدني، يمكن أن تؤثر بالفعل في الدماغ قبل ظهور أي علامات على القصور الإدراكي (8).
وقال الدكتور بيس: "أردنا معرفة ما إذا كانت العوامل القابلة للتعديل التي تؤثر في احتمال الإصابة بالخرف لها أي علاقة بالعلامات البيولوجية والعلامات الوظيفية [العلامات الوظيفية للدماغ لها علاقة بالتوازن بين الاستثارة والتثبيط العصبي (1 - 4)] لشيخوخة الدماغ".
"لم تكن الدراسة دراسة طولية (9)، لذلك لا يمكننا أن نقول بشكل قاطع حتى الآن أن خيارات نمط حياة الشخص قد تؤدي إلى شيخوخة مبكرة لدماغه. ولكن من الواضح أن هناك علاقة بين نمط الحياة وشيخوخة الدماغ.
"وهذه العلاقة موجودة حتى قبل ظهور أي أعراض الخرف."
بنفس الطريقة التي يمكن أن تبرز بها خيارات الحماية الآمنة من أشعة الشمس على البشرة وتؤثر في الوقاية من احتمال الإصابة بالسرطان في المستقبل، وجد الدكتور بيس وزملاؤه علاقة بين خيارات نمط حياة الشخص وصحة دماغه والوقاية من احتمالات إصابته بالخرف في المستقبل.
ولاختبار تلك العلاقة، استخدم الدكتور بيس وزملاؤه CogDrisk - وهي أداة متوفرة على الإنترنت طورتها شركة بحوث العلوم العصبية Neuroscience Research Australia وجامعة نيو ساوث ويلز في استراليا - لتزويد المشاركين بدرجة احتمال الإصابة بالخرف بناءً على عوامل دوموغرافية وبنمط الحياة (10).
وقال الدكتور بيس: "بالتحكم في العوامل غير القابلة للتعديل مثل السن والاستعداد الوراثي (4) في درجة احتمال الاصابة بالخرف، تمكنا من التركيز بشكل خاص على احتمال الإصابة بالخرف بسبب نمط الحياة فقط للمشارك."
"ثم استخدمنا أدوات تصوير الدماغ مثل التصوير بالرنين المغناطيسي MRI)) لفحص بنيوية الدماغ، وتخطيط كهربية الدماغ EEG)) لقياس نشاط الدماغ الكهربائي، وسلسلة من الاختبارات الإدراكية لتقييم الذاكرة وقدرات(مهارات) التفكير (11).
"ما وجدناه هو أنه حتى في كبار السن الأصحاء، كان ارتفاع احتمال الإصابة بالخرف القابل للتعديل [مثل عادات الغذاء، والنوم والنشاط البدني (4)] مرتبطًا بمؤشرين رئيسيين لصحة الدماغ - المادة البيضاء وقدرة الدماغ على موازنة نشاطه الكهربائي بين إشارات الاستثارة والتثبيط بحيث تكون النسبة بينهما ثابتة (1)."
"لقد اعتمد حجم المادة البيضاء كمقياس لشيخوخة الدماغ المبكرة. لكن العلامة الأخرى - وهو قياس كهربية الدماغ التي تعكس توازن النشاط الكهربائي في الدماغ (4) - علامة جديدة."
مع اقتراب الخرف من أن يكون السبب الرئيس للوفاة بين الأستراليين وفقًا لمكتب الإحصاءات الأسترالي، يشجع الدكتور بيس وزملاؤه في برنامج شيخوخة الدماغ الصحي التابع لمعهد طومسون الناس على اتخاذ خطوات بسيطة نحو الحد من احتمالات الإصابة بالخرف في المستقبل.
وقالت الدكتور صوفي أندروز Sophie Andrews، المؤلف المشارك في الدراسة، والتي تقود برنامج شيخوخة الدماغ الصحي التابع لمعهد طومسون، إن النتائج تسلط الضوء على أهمية التصرف مبكرًا للحد من احتمال الإصابة بالخرف.
قالت الدكتور أندروز: "الشيء الإيجابي في العوامل "القابلة للتعديل" هو أنه يمكن بسهولة الحد من احتمال الإصابة بالخرف وخفض علامات الشيخوخة البيولوجية والوظيفية في الدماغ وذلك باتخاذ قرارات نمط حياة جيدة - كلما كان ذلك الإجراء أبكر كلما كان أفضل".
"بعض الأمثلة العملية للتغييرات التي تساعد على الحد من احتمال الاصابة بالخرف اتباع نظام غذاء البحر الأبيض المتوسط الغني بزيت الزيتون والخضار الورقية والأسماك، والسعي للنوم لفترة تتراوح من 7 - 9 ساعات كل ليلة، وممارسة بعض الأنشطة البدنية المنتظمة والحفاظ على التواصل مع الآخرين اجتماعيًا، فقط من باب ذكر بعض الأمثلة لا الحصر للحفاظ على الصحة."
يبدو أن احتمال الإصابة بالخرف يكمن في خياراتك لنمط حياتك اليومي "المرسوم" على صفحة دماغك. الخبر السار؟ أن هذا اللون لا زال رطبًا، وأنت بيدك الفرشاة تستطيع أن تغير وتعدل من نمط حياتك لتبعد عنك شبح الأصابة بالخرف في المستقبل. سس