2012/09/10 | 0 | 3344
إهدنا الصراط المستقيم (الجزء 2)
ومن مظاهر كمال الحمد للخالق هم الرسل والأنبياء والأئمة, الذين عرفوا الخالق ثم دعوا إلى حمده, فهم يدعون إلى حمد الله بأمر الله (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)) سورة النجم. فجعل المولى عز وجل من الإنسان إماماً يهدي إلى حمده عز وجل, ولذلك أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام, وكذلك أيضاً جعل النبيين والمرسلين بشراً ولم يجعلهم ملائكة (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً (94)) سورة الإسراء. فالذي يدعوا إلى الحمد لابد وأن يكون قد هاجر من الدنيا إلى الحق, وعاد إليها بالحق, وتكون جميع حالاته هي مظهر الحمد, لذلك لابد وأن يكون بشراً رسولا.
الإمام يمثل الصراط المستقيم
إن الشريعة الإسلامية تتكون من طرفين, كتاب الله الذي يوضح الأحكام الإلهية, والإمام الذي يقيم الدين ويأمر بعدل هذه الأحكام ليعصم الناس من التحريف والهوى والفسوق والعصيان والضلال عن أمر الله. فالإسلام كتاب وإمام يحكم بالكتاب كما قال (ص):(إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي, كتاب الله وعترتي أهل بيتي).
فالإمام هو الذي يمثل الصراط المستقيم ويمثل شريعة القرآن عملياً ويطبقه على الواقع. وهو الذي يوضح العدل ويقيمه عندما تلتبس الأمور على الناس. فتعريف الإمام من قبل الله هو أنه الذي يهدي بالحق ويأمر بالعدل. فهو يهدي الإنسان إلى شريعة الحمد, ويأمر بالعدل في الأحكام بين الناس. وإن أئمة الضلال هم الذين لا يهدون إلى الحق, ولا يأمرون بالعدل, ويضلون الناس عن سبيل الله, كعجل السامري (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ (148)) سورة الأعراف. وهناك في المذهب الجعفري إيمان بالقرآن الكريم واتباع للعالم الفقيه بالأحكام الشرعية أو ما يسمى بالمرجع, فهو يحقق طرفي الدين وهما الكتاب والإمام.
الإمام هو الهادي
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) توضح الآية الكريمة أن الهداية الإلهية التي يريدها لبني البشر هي باتباع الأئمة الهادين إلى صراطه المستقيم. وأن هؤلاء الأئمة هم وحدهم سبل النجاة. وكذلك توضح الآية الكريمة أن الأئمة هم غير الرسول الأعظم وإن كان صلى الله عليه وآله وسلم هو أشرف وأعلى مرتبة. فالآية تخص الرسول (ص) بأنه منذر, وأن هناك هداة لكل قوم أو جيل أو زمن.
ولكي يصبح الإنسان عادل وعلى صراط مستقيم عليه أن يتبع الإمام الذي يهدي بالحق ويأمر بالعدل. ولا يمكن للإنسان أن يصبح عادلاً من دون اتباع الإمام العادل.
الأئمة هم الآيات
عبر القرآن الكريم عن الأئمة الهداة بالآيات, لأنهم من آيات الرسول الأعظم (ص) الذين يهدون إلى الحق من بعده, ويدلون على الله عز وجل وتوحيده, ويؤمرون بالحق وبه يعدلون. وهم أعظم الآيات التي أنزلت الى الأرض. فالآيات في الأمم السابقة تظهر فقط بعض صفات المولى عز وجل كالقدرة أو الرحمة, كناقة صالح (ع), أو مائدة بني إسرائيل. ولكن الأئمة عليهم السلام فإنهم يرشدون إلى معرفة حمده عز وجل وإلى معرفة أسمائه وإلى صراطه. لذلك كان الإمام علي (ع) والأئمة من بعده هم آيات الرسول الأعظم الذين يهدون إلى سبيله.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) فالآية الكريمة توضح بأن الأئمة هم الآيات التي تدل على معرفة الله. لأن الكفار طالبوا بآية تدل على معرفة الله أو قدرته أو صراطه المستقيم, فأخبرت الآية الكريمة أن الأئمة عليهم الصلاة والسلام هم الآيات التي ترشد إلى معرفة الله وإلى الهداية إلى صراطه المستقيم.
الهداية هي الولاية
إن الهداية في القرآن تعني الهداية إلى العدل باتباع الصراط المستقيم, والإمام هو من يمثل الصراط المستقيم, فالمعنى الحقيقي للهداية هو الولاية. فالولاية هي إتباع الإمام الذي يمثل العدل وشريعة الحمد وهو على صراط مستقيم, وجعله أولى بالإنسان من نفسه وهواه وعشيرته لأن الإنسان لا يعرف الأصلح له, وقد يضل عن العدل إلا باتباع الإمام, وهذا ما وصى به الرسول الأعظم (ص) في غدير خم. ولو أن الأمة اتبعت قول الرسول (ص) في غدير خم لما اختلفوا, ولكنهم اختلفوا بعد إذ جائهم الحق بغيا بينهم ولا يزالون مختلفين.
فالهداية هي خاصة بالولاية فهي تأتي بعد الإيمان بالله وتوحيده والإيمان بالآخرة وإفراده بالعباده, ولذلك تقدمت هذه الإيمانيات في الآيات السابقة. وإلا فإنه لا يصح أن يطلب الإنسان الهداية إلى التوحيد والإيمان بالمعاد بعد أن أقر بها كما تفيد الآيات. فالآيات توضح إن على الإنسان بعد أن يؤمن بالله ويوحده, ويؤمن بالمعاد, ويفرد الله عز وجل بالعباده, عليه أن يؤمن بالولاية ويتبع الإمام الذي يمثل الصراط المستقيم (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) سورة البقرة- آية 38.
الهداية الى الصراط المستقيم
توضح آيات الحمد أن على الإنسان بعد توحيد الله, والإيمان بالمعاد, وإفراد الله بالعباده, عليه أن يصبح عادلاً ويتبع الصراط المستقيم, وطلب الهداية هنا هو طلب التوفيق للإيمان بالإمامه واتباع الأئمة عليهم السلام الذين هم يمثلون الصراط المستقيم.
فبعد توحيد الله على مستوى العقيدة, والإيمان بالآخرة, وإفراد الله بالعباده, وهذه كلها عقائد لا تقليد فيها لأنها تقوم على بديهيات, وإنما يؤمن بها الإنسان بعقله وباجتهاده. فالحمد بديهي, وتوحيد الخالق والإيمان بالمعاد وإفراد الله بالعباده كلها عقلي. وبعد ذلك يأتي الجانب الآخر من الحمد وهو الجانب التشريعي الذي يجعل كل تصرفات الإنسان في الحياة الدنيا مظهر العدل, وذلك هو الصراط المستقيم, والعدل هو مصداق الحمد. وعلى مستوى التشريع فلابد للإنسان أن يتبع الإمام الهادي إلى الحق الآمر بالعدل, ولا يتصرف كيف يشاء ويظن أنه عادل أو حامد لله حسب هواه, أو يتبع من ليس له من الله برهان ولم ينصبه المولى عز وجل إماماً. فالتشريع لا يكون بالظن بل لابد وأن يكون كما شرع الله عز وجل لكي يحقق الإنسان العدل. وهذا هو تمام الحمد باتباع الصراط المستقيم (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سورة الأنعام – آية 153.
فالهداية في القرآن هي التوفيق لاتباع الإمام والإيمان به واتباع سبيل العدل. وإن أبواب الهداية وأبواب حكمة الله هم الأئمة عليهم السلام, فهم تراجمة وحي الله ومعادن كلماته وخزان علمه, وتالين كتاب الله أي يتبعون أحكامه, وهم الذين يأمرون بالعدل ويقيمونه (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) سورة الأعراف – آية 181. وكما روي عنه (ص): (أنا مدينة العلم وعلي بابها, فمن أراد المدينة فليأتها من بابها)
يتبع ,,,
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين