اكتشف الباحثون مناطق في الدماغ حساسة للمشاهد (في المساحة الداخلية) التي أدرك الناس أنها أشكال منحنية، ولكن فقط حين يرون أنها جميلة
"الفنانون والمصممون متقدمون كثيرًا على الباحثين العلميين. حيث يستخدمون بالفعل خطوطًا متعرجة ومنحنية لإثارة الشعور بالراحة والمتعة الجمالية والألفة لدى الناس.
منذ أكثر من 100 عام، عرف باحثو علم النفس أن معظم الناس يفضلون الأشكال المنحنية على الأشكال المستقيمة في كل شيء تقريبًا - من الخطوط والأشكال إلى الوجوه واللوحات الفنية والمساحات الداخلية.
علاوة على ذلك، فقد لوحظت هذه الظاهرة في كل الثقافات، ابتداءً من الأطفال وحتى القِرَدة العليا.
بيد أنه من غير الواضح ما سبب تفضيلنا المستفيض هذا للأشكال المنحنية على غيرها من الأشكال المستقيمة.
"اصبح لدينا الآن التكنلوجيا اللازمة التي تمكننا من دراسة الدماغ لمعرفة الآليات التي وراء هذه العملية الإدراكية بالفعل،" بحسب أوشين فارتانيان Oshin Vartanian، الأستاذ المشارك في قسم علم النفس بجامعة تورنتو.
وباستخدام بيانات تصوير الدماغ والقياسات الحوسبية للمنحنيات، عمل فارتانيان مع طالبة الدكتوراه في جامعة تورنتو ديلارام فرزانفار Delaram Farzanfar، وديرك بيرنهاردت-فالتر Dirk Bernhardt-Walther، أستاذ علم النفس المشارك في جامعة تورنتو، ومجموعة من متعاونين من مختلف الدول للتوصل إلى حل لهذا السر الغامض.
وفي الدراسة التي نشرت مؤخرا في مجلة تقارير علمية (1) Scientific Reports، أكمل المشاركون مهمتين عندما عرضت عليهم صور لمساحات (أماكن) داخلية تتميز بأشكل منحنية وأخرى بحواف مستقيمة. وقيّموا كل واحدة منها على أنها إما "جميلة" وإما "غير جميلة" وما إذا كانوا سيدخلونها أو سيتجنبون الدخول فيها.
اكتشف الباحثون أن هناك مناطق في الدماغ حساسة للمشهد الذي رأه المشاركون على أنه منحنٍ، ولكن فقط بعد ما رأوه جميلًا. ولكن عندما طلب من المشاركين أن يقرروا ما إذا كانوا سيدخلون هذه المساحة أم يتجنبوا الدخول فيها، تبين أن مناطق الدماغ هذه ليست حساسة للمنحنيات الملحوظة.
تفيد هذه الملاحظة إلى أن السياق [المؤثرات في المظهر والمعنى مثل الظرف والحالة والأشياء المحيطة بالمشهد] الذي ندرك حسيًا فيه هذه المنحنيات يحدث فرقًا في مدى استجابة دماغنا له.
مناطق الدماغ التي نشطت عندما رأها المشاركين أنها مشاهد منحنية، في التلفيف المغزلي [منطقة دماغية لها علاقة بالإدراك] (2)، معنية بالمعالجة البصرية عالية المستوى مثل التعرف على الأجسام. كما أنها حساسة للإدراك الحسي للوجوه.
وبعبارة أخرى، تشير هذه النتائج إلى أن المنطقة في دماغنا المتخصصة في التمييز بين وجه وآخر قد تكون حساسة أيضًا لمعالجة المنحنيات في سياقات أخرى - مثل النظر إلى مساحات معمارية.
يقول فارتانيان: "من المحتمل تمامًا أنه عندما ينظر الشخص إلى صورة ما، فسيتشكل لديه تمثيلًا ذهنيًا ثلاثي الأبعاد."
من ناحية أخرى، تقول فرزانفر هذه الدراسة ليست مهمة لعلماء الأعصاب وعلماء النفس فحسب، بل وأيضاً مهمة للفنانين والمصممين والمهندسين المعماريين ومخططي المدن.
وتقول: "أعتقد أنه عندما نفهم كيف تؤثر المساحات في حالتنا المزاجية وإدراكاتنا البصرية، يمكننا أن نخلق بيئات أفضل لصحتنا ونثري تجربة الحياة الحديثة للكثير من الناس."