2022/10/05 | 0 | 3618
شخصيات عاصرتها وعرفتها
سادة آل سلمان بالمطيرفي
من الأسر العلوية الجليلة البيوتات العلمية العريقة ولهم في(الأحساء) مكانتهم المرموقة ومنزلتهم المتميزة. وقد برز من الأسرة بعض العلماء كان بعضهم مراجع تقليد في الأحساء ودول الخليج ومنهم السيد هاشم السلمان الموسوي الأحسائي المتوفى سنة 1309هـ ثم نجله السيد ناصر الأحسائي المتوفى سنة 1358هـ والسيد حسين بن السيد محمد العلي المتوفى سنة 1369هـ وهو أول عالم إمامي يشغل منصب القضاء الجعفري بشكل رسمي في الأحساء في ظل الدولة السعودية وقد استمر في هذا المنصب مدة طويلة تزيد عن أربعين عاماً ومنهم نجله السيد هاشم المتوفى سنة 1390هـ ومنهم أخيه السيد هاشم العلي الكبير المتوفى سنة 1400هـ ومنهم السيد علي بن السيد ناصر السلمان والسيد علي الياسين السلمان. والسيد حسين بن علي الياسين السلمان والسيد محمد السيد ناصر السلمان بن حسين المتوفى سنة 1339هـ ومنهم السيد محمد بن ناصر بن هاشم السلمان والسيد هاشم بن السيد محمد الحسن السلمان.
وجاء في كتاب عن (أسرة السلمان) ما ملخصة إن السيد محمد والد السيد سلمان الذي عرفت الأسرة بالانتساب إليه كان يقطن مدينة (الحويزة) من بلاد (خوزستان) ثم هاجر منها إلى (البحرين) في أوائل القرن الثاني عشر الهجري وبعد مدة حدثت أحداث دامية في البحرين هاجر السيد سلمان أو والده السيد محمد إلى الأحساء وتوطن حدود 1151هـ وأول ما سكن في محلة (السباسب) بمدينة المبرز ثم انتقل منها إلى (المطيرفي) إحدى قرى (الأحساء الشمالية) لما كثرت الذرية تفرقوا في البلاد فسكنوا المبرز والرميلة والقرين ونزح بعضهم إلى سيهات والقطيف وسوق الشيوخ بـ(العراق).
وجاء في الكتاب المذكور أيضا إن جملة من الأسر الموسوية في الأحساء هم السادة (آل ياسين وآل طه وآل إبراهيم والناصر يلتقون جميعاً مع سادة (السلمان) في جدهم الأول السيد إسماعيل بن حسين بن حسن وهو الجد الثالث للسيد سلمان بن محمد بن يوسف بن علي بن السيد إسماعيل ويعود نسب هذه الأسر جميعاً إلى الإمام الكاظم عليه السلام بواسطة ابنه جعفر.
فهم إذن من السادة الأشراف في الأحساء ومن كبار حمائلها وأهلها الأقحاح الذين رووا أرضها ونخيلها بعَرقهم ودمائهم وأعطوها رجالات من العلماء والزعماء والأدباء والوجهاء والفضلاء من الماضين والمعاصرين، ممن تفتخر بهم الأحساء وأهلها، كما تفتخر بغيرهم من الحمائل. ومن الشخصيات الجديرة بالحديث عنها:
السيد علي العلي آل سلمان
حين تستعيد الذاكرة أسماء هامات الرجال الكبار من أبناء هذه البلدة، وممن لا يخلو مَعْلَمٌ من معالمها دون أن يكون لهؤلاء أثر بائن فيه، وبصمة تميُّزٍ أخلدت اسمه؛ بل تستعيد سلوكهم ومسار حياتهم اليومية من مشاركات أو تقديم خدمات اجتماعية، إلا ويبرز اسم فاضل من فضلاء هذه البلدة.
سماحة العلامة السيد علي العلي آل سلمان «أبو السيد محمد غدير» رحمهما الله، اسم بارز بين هذه الأسماء يُسجل له أياديه البيضاء في خدمة المجتمع الشيء الكثير. فعلمُه الغزير طبع شخصيته بخُلق رفيع وذكر حسن بين أعيان ووجهاء المطيرفي في وقته. فكان الرجل الأول في إمامة المصلين وفي عقود الزواج وغير ذلك مما يتوجب أو يطلب وجود رجل الدين، كما أنه كان لقربه من الناس، محبوباً ومحترما في رأيه، مطاعا في توجيهه، فقد كان من أعمدة إصلاح ذات البين إذا ما أشكل أمر بين أبناء البلدة أو دبَّ خلاف بينهم. كما أنه كان يشارك الحزين حزنه، والمنكوب ضراءه، كما كان في الأفراح يزهي النفوس بمشاركته أفراحها.
وكان رحمه الله تعالى مجمع الفضائل والشمائل والكرم، وكان حكيما عادلاً محبا للفقراء وصاحب تقوى وصلاح وورع وتواضع. كان ارتباطه وثيقاً مع العلماء والمراجع بالأحساء وخارجها. وكانت تربطه علاقة مميزة مع الميرزا علي الأحقاق الذي كان له الدور الكبير في بناء أكبر مسجد وحسينية في الأحساء في حينه، كما أسس الحوزة العلمية فيها، وقد تخرج عدد كبير من العلماء الأفاضل منها. كذلك، أقام حلقة دراسية في الحكمة الإلهية والأصول والفقه والتفسير.
وقد كان لهذه العلاقة بين السيد علي العلي والميرزا الأحقاقي، أثرها البالغ في الترابط بين المطيرفي والهفوف. فكان منزله دائماً محط رِحَال الميرزا علي الأحقاقي في زيارته للمطيرفي، وبالعكس عندما يزور السيد علي مدينة الهفوف.
كان سماحته مُعرفاً للحج ومرشداً لسنوات طويلة. وفي آخر حياته اشتد عليه المرض، فذهب للعلاج بدولة الكويت آنذاك، إلا أنه رغب بالانتقال إلى مدينة الكاظمية حيث وافته المنية ودفن هناك رحمه الله تعالى. ومن أولاده السيد محمد «غدير» والسيد شرف والسيد عبدالله.
السيد محمد السيد علي الحسن
السيد محمد بن السيد علي السيد حسن العلي المطيرفي (أبو سيد هاشم) (١٣٣٧ـ ١٤٠٧).
- نشأ في عائلة متدينة سعودية. بدأ دراسته الدينية في الأحساء فقرأ بعض مقدماته على علمائها، من خلال علاقتي الوثيقة به عرفته من القراء المميزين وهذا ليس مستغرب فهو من بيت علم وأدب، ومعلما تربويا. اجتماعيا، طيب القلب وحسن المعشر والسريرة، متواصلا مع معارفه، يتعامل بلطف وحب ووئام، هادئ ومتزن، وحديثه شيق، ومنسق في شخصيته، وحريص على عمله، ويحمل بين جانبيه خلقا وعلما.
شخصية علمائية تميز بالمحبة والمودة، والوقوف بجانب المحتاجين، راعياً لأبناء مجتمعه. تلقى علومه الدينية على خاله السيد محمد السيد حسين العلي عُرف بالنبل والشهامة.
بعد وفاته، بقي (الغائب الحاضر) حيث لا تغيب سيرته الغنية بالعطاء، عن بيوتات المطيرفي وما زال صوته في الأذان والصلاة والخطابة يدوي صداه في مسقط راسه المطيرفي.
كان 6 عالماً علماً، وفقيهاً مرشداً، وزاهداً تقياً، طاهر القلب والسريرة. وكان من أبرز الخطباء في المطيرفي مع،وأخيه سماحة السيد طاهر تغمدهما الله بواسع رحمته،
شهادات في حقّه:
الشهادة الأولى من المهندس عبدالله البحراني. فكتب تحت عنوان:
«السيد محمد الحسن (أبو هاشم القدوة الصالحة)
«من المؤمنين الأخيار. عرف بحبه لخدمة بيوت الله والسعي في عمارتها، كان الأب الرحيم لبلدة المطيرفي لفترة من الزمن، ويعرف في أوساطهم بـ (أبي هاشم).
تأثر بخاله المقدس السيد محمد السيد حسين العلي، وتلقى على يديه العلوم الدينية، وصفحات حياة هذا الرجل مضيئة ومليئة بالعمل والمثابرة في خدمة الناس عموماً، وهذه بعض من صفحاتها.
تعريف بشخصيته: ولد السيد محمد بن السيد علي السيد حسن العلي في بلدة المطيرفي في عام ١٣٣٧هجري تقريباً، وتعلم القرآن الكريم على يد الفاضلة السيدة مريم بنت السيد كاظم السلمان، نزح إلى مدينة المبرز في العشـرينات من عمره، حيث تلقى دروسه الدينية على يد خاله المقدس السيد محمد السيد حسين العلي القاضي[1].
اقترن بالسيدة آمنة بنت السيد ناصر بن السيد حسن بن المقدس السيد هاشم السلمان[2]. وله منها أثنين من الأولاد (السيد هاشم والسيد عبدالله) وكريمة واحدة (السيدة آمنة). من المقربين لخاله المقدس السيد محمد السيد حسين العلي، ومن حواريه، فقد رأى فيه خاله الصلاح فأحبه وقربه، واعتمد عليه في مهمات عدة. ويمكن ملاحظة كثرة القواسم المشتركة بينهم مثل الزهد والبساطة مع عامة الناس.
والمقدس السيد محمد العلي (القاضي): قامة علمية ومدرسة في الأخلاق، خرجت أجيالاً من طلاب العلم النجباء. (ومنهم السيد محمد الحسن) وكان ضمن ثلة من الأخيار تحيط بالسيد في مجلس القضاء، ويحظون بثقته وتقدير الجميع، ومن الشواهد على ذلك أنه وبعد وفاة خاله السيد محمد العلي (أبوعدنان) قام السيد محمد الحسن (رضوان الله عليه) على إنفاذ وصية خاله (المقدس السيد محمد العلي) على أكمل وجه.
نشاطه الاجتماعي: أشبه بالنحلة، دائم الترحال بين القرى والهجر، ومنها إقامه صلاة الجماعة في مسجد الهدام في محلة السياسب بالمبرز، ولجميع الفرائض من يوم السبت وحتى فجر الأربعاء. وفي صبيحة يوم الأربعاء، يغادر المبرز متوجهاً نحو المطيرفي مرافقاً لأهالي المطيرفي العائدين بعد تسوقهم من سوق يوم الأربعاء بالمبرز، أو مشياً على قدميه عندما لا يجد من يقله. وهناك، يقيم صلاة الجماعة، ومن المطيرفي، يغادر إلى بلدة القرين، حيث يُقيم صلاة الجماعة ليلة الخميس.
نهاية المطاف: انتقل إلى رحمة الله في ١٥/٨/١٤٠٧هـ، ودفن بمقبرة الشعبة بالمبرز في الأحساء. نعم، لقد كان الابن البار لمسقط رأسه (المطيرفي). فقد تمتع بحيوية وتصميم ووضوح في الهدف، فرحمة الله عليك أيها العبد الصالح، وأسكنك الفسيح من جناته».
الشهادة الثانية من الفاضل زكي الخويتم (أبوكميل):
«تفضل علينا الأخ الفاضل زكي بن محمد بن عبد المحسن الخويتم (أبو كميل) بمعلومات جميلة عن السيد محمد السيد علي الحسن العلي، فقال: ولد السيد محمد الحسن (العلي) في المطيرفي، ويعتقد أن ولادته كانت بين سنة ١٣٢٠هـ - ١٣٣٠هجري.
وكعادة أهل هذه القرية، امتهن الفلاحة في مقتبل عمره، وكان مشهوراً بشق جذوع النخيل. وفي إحدى زيارات خاله السيد محمد السيد حسين العلي للمطيرفي، لاحظ عليه علامات النباهة والجدية، ولديه القابلية ليصبح عضواً فاعلاً لأهله ومجتمعه، عندها وجهه للبدء في دراسة العلوم الدينية، وبعد أن تلقى قدراً من علوم أهل البيت، أمره خاله بالصلاة في المطيرفي، وتولي شؤون الناس الدينية والاجتماعية.
وبالفعل كان يأتي إلى المطيرفي كل يوم أربعاء، وفي ليلة الخميس، كان يذهب إلى قرية القرين مشياً على الأقدام. وهناك، يقيم صلاة العشاءين، ويقرأ مجلس حسيني في منزل عيال المرحوم عيسـى العباس، ويعود (6) في ليلته إلى المطيرفي حيث ينام، حيث تكفل كل من الحاج حسين وأخيه الحاج عبد الرسول أبناء الحاج عيسـى الناصر (رحمهما الله) بتوفير مقر له.
وكان 6 المرشد الديني والأستاذ والموجه لأهالي المطيرفي، ومن ضمن جهوده الخيرة تحرير الكثير من حجج الاستحكام، والتي تتناول البيع والصلح والزواج وغيرها، وقد شاهدنا الكثير من هذه الوثائق المهمة، والتي تشير للمستوى العالي في الدقة والبلاغة وجمال الخط، والاهتمام بالشأن العام في المجتمع.
ومن أعماله الجليلة السعي في توسعة مسجد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي، وكذلك في إعادة بنائه.
يقول أبو جواد الخويتم، في موضوع بناء المسجد: قام السيد محمد الحسن 6، على توزيع مهام العمل، فأوكل لكل شخص أو مجموعة مهمة محددة، من البناء أو النجارة أو جلب المواد الضرورية للمشروع، وكان حَسنَ التدبير.
ولقد أوكل السيد لي مهمة القيام بأعمال النجارة، وتشييد أعمدة المسجد الجديدة، وبتوفيق من الله، فقد تم إنجاز ذلك العمل، وبشكل جديد وأقوى من السابق، واستطاع السيد إكمال هذا العمل بروح الفريق الواحد، لقد كان مبدعاً في كل شيء.
ومن الأمور التي يتذكرها سكان المطيرفي جيداً، صوته الجوهري والعذب، وبالخصوص عند رفعه للأذان، كما أن البعض لا يزال يحتفظ بتسجيل لصوته وهو يؤذن رحمة الله عليه. وكان يتوجه في كل عام للحج، وزيارة نبي الرحمة وأجداده الكرام في المدينة المنورة، مع حملة من أهالي قرية بني معن كمرشدٍ ومعلمٍ فاضلٍ.»
الشهادة الثالثة من الأستاذ عبدالله بن الحاج عبد المحسن الجاسم، وهو من المعاصرين له، وشاهدٌ على تلك الحقبة، ومتابع عن قرب لأعمال وأنشطة السيد في المطيرفي. يقول:
«كان السيد رحمه الله رجل المجتمع الأول، وصاحب الكلمة المؤثرة على جميع أهالي القرية فكان له (6) الباع الكبير في جل الأعمال الاجتماعية بالكلمة، وحث المجتمع على كل ما يفيد القرية كترميم المساجد والحسينيات وغيرها.
وكان (6) أباً للمجتمع، حيث كان يصلي ويلقن الموتى، بالإضافة إلى زيارة المقبرة والدعاء لهم، وحضور مجالس الفاتحة طيلة أيام الفاتحة، ويعرف في المطيرفي بالسيد (أبوهاشم)، وهو بحق أبو الفقراء والأيتام في البلدة، فقد أعطى المطيرفي الكثير من جهده ووقته، وخدم مجالس الإمام الحسين A، وكان مع أخيه السيد طاهر (6) ثنائياً ناجحاً في تلك المآتم، وله الفضل في بث الوعي الديني ولعقود من الزمن في مجتمع البلد.
ولمسنا منه مسؤولية الأب الحنون، وهو الذي يحظى بثقة واحترام الجميع، مسموع الكلمة، مصلح اجتماعي، واختم بهذا الموقف الجميل معه، ففي أحد الأيام، كنت قادماً من شدقم، حيث كنت أعمل، وعند مدخل البلد رأيت السيد (أبوهاشم)، وقد وقف بجانب الطريق، فسلمت عليه.
وقال لي: أين أنت ذاهب؟
فقلت: سوف أذهب للسلام على الوالدة، ثم سأتوجه للمبرز.
فقال: هل تنقلني معك للمبرز.
فقلت له: نعم يسعدني ذلك.
فدخلنا البلد، وطرق السيد (أبو هاشم) باب بيت الوالدة، وعندما أجابت الوالدة سلم عليها. وقال أريد أن أشرب عندكم (استكانة شاي)، ودخلنا الدار، وأحضرنا الشاي. وجلس بحضور الوالدة، وأخذ بالسؤال عن الأهل والجيران. ويتضح لنا من هذا الموقف، طيبة معدن ذلك الجيل وعدم التكلُّف في التعامل، والتدين الفطري الصافي. فرحمة الله عليهم جميعاً».
الشهادة الرابعة من الأستاذ حسين بن الحاج ناصر العباس ومن بلدة القرين، أفادنا الأستاذ الفاضل حسين بن الحاج ناصر العباس (معلم بثانوية القرين)، بمعلومات قيمة عن السيد ودوره الديني والاجتماعي، فكتب لنا:
«كانت بداياته في القرين، حيث دعي من قبل عائلة العباس بالقرين. وهي عائلة معروفة وثرية، منهم التالية أسماؤهم: علي، وحسين، وعبدالله، وصالح، ومحمد (أبناء المرحوم عيســى العباس)، وكان السيد محمد الحسن يقيم صلاة الجماعة في مجلسهم، ويختم بمأتم حسيني وذلك ليلة الخميس.
وبعد فترة زمنية، أقام صلاة الجماعة بالمسجد الجامع، وقرأ مجلساً حسينياً آخراً في بيت عائلة الجندل. وفي أثناء وجوده، كان يجيب على الأسئلة الفقهية، ويجري عقود الزواج، ويعلم الناس أمور دينهم.
أتذكر، في سن السابعة أو الثامنة، وكنت أرى السيد محمد الحسن في ضيافة العم محمد العباس بمجلسه، وقد تقدم به العمر، وعرف عن السيد محمد الحسن 6 حرصه على زيارة أقاربه ومعارفه من السادة وغيرهم في القرين. دمث الأخلاق، مرح في مجلسه، يسأل ويتفقد الجميع. متواضع. وله مكانة واحترام لدى الرجال، والنساء، والصغير، والكبير.
توشحت المطيرفي بالسواد حداداً وحزناً على رحيل العالم السيد محمد السيد علي الحسن تغمده الله بواسع رحمته، أحب الجميع وأحبوه ويشهد له الجميع بعلمه وورعه وتقاه وبدماثة الخلق والتواضع وخدمة المؤمنين، فهو الشخصية العطوفة الحنونة الكريمة وصاحب السجايا الفاضلة»
الحاج السيد محمد العلي "غدير"
المطيرفي أرض الخير والعطاء، أنجبت الكفاءات ماضياً وحاضراً، وبرز من بين أهلها الكفاءات التي يسر الخاطر معرفتها ناهيك عن صداقتها. والحاج السيد محمد العلي «غدير» (أبو سيد علي) واحد من هذه الكفاءات التي تتحلى بالأخلاق والنزاهة والمصداقية، متفان في خدمة المجتمع والإنسان، رحمه الله تعالى.
ينحدر «أبو سيد علي» من سادة آل سلمان من السيد سلمان بن محمد بن يوسف بن علي بن إسماعيل بن حسين بن حسن بن إبراهيم بن ناصر بن علي بن صالح بن عيسى بن عبد الله بن جعفر بن موسى بن جعفر بن مسلم بن جعفر بن محمد (صاحب فروزا) بن مسلم بن محمد بن موسى بن علي بن جعفر بن الحسن بن موسى بن جعفر بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق عليهما السلام.
لم يكن رحمه الله شخصية عادية، فهو من وجهاء وأعيان المطيرفي والأحساء، صاحب فضائل وسمات كثيرة، منها الإحسان إلى ذوي الحاجات، عُرف بوالد الفقراء والمساكين، ورائداً من رواد أداء الشعائر حجاً وعمرةً وزيارة، تميّز برؤيته المستقبلية. عرف رحمه الله باسم السيد محمد غدير، وهذا لقب يستحقه فهو غدير في عطائه، غدير في إنسانيته وكرمه، غدير متدفق في الأعمال الانسانية الخيرية.
كان رحمه الله من أوائل من فتح دكاناً في المطيرفي لبيع المواد الغذائية، وصاحب حملة الغدير للحج والعمرة، وهي من أوائل الحملات في الأحساء، وهو من سعى وطالب بافتتاح مدرسة ابتدائية بالمطيرفي مع الحاج المرحوم عبد المحسن الخويتم، وتحقق ذلك عام 1385هـ. وكان أول من أدخل الجريدة الرسمية إلى البلدة، وهي (جريدة اليوم) لحرصه الشديد على الثقافة والتنوير لشباب البلدة.
وتجد أنه من الصعب أن تعدد مآثر مثل هذه الشخصية في كل سلوكياتها بكلمات قليلة لن تفيها حقها. ولا يخفى على العديد من أبناء البلدة، الفراغ الذي تركه في ميدان الخدمات الاجتماعية التي غابت بغيابه في الحيّز الذي كان يشغله.
ومما ينبغي التأكيد عليه أن حسن تربيته ومعاملته انعكس على أبنائه، فله ثلاثة من الولد هم: المرحوم السيد علي، والسيد حسين، والسيد عبد الله، وقد عرفوا بدماثة الخلق وحسن التعامل مع الجميع. وعلاقتهم مع مجتمعهم أكثر من رائعة.
وبالأسرة كفاءات عديدة يتوجب الكتابة عنها ومنهم: السيد زكريا بن سيد حسين، والسيد هاشم بن سيد علي، والسيد عبد الله بن المرحوم السيد محمد العلي. رحم الله السيد محمد وابنه السيد علي، وأسكنهما الفسيح جناته، وحفظ الله الباقين ورعاهم برعايته.
- السيد باقر والسيد تاج أبناء السيد علي العلي
اسمان يُرفع بهما الجبين ولهم في ذاكرة العقل ما يثلج القلب، تدل عليهم أعمالهم وإنجازاتهم مهما غبر الزمان وترادفت السنين. رجلان زرعا في النفوس أطيب الأثر بحضورهم في حياتي ونفسي إن أنصفتهما.
اختصاراً هما شخصيتان من أعيان ووجهاء قرية المطيرفي، ولا أبالغ في القول إن عطاءهما لا زال حيًّا يرسم صورة مخملية جميلة ومتجددة، فبصمتهما جلية واضحة، وصفحتهما ناصعة البياض، وقد كان لذلك الأثر الكبير في حياتي، وفي بلدتي المطيرفي، وإذ أذكرهما فبفخر واعتزاز.
وقد حظيت - كما العديد من أبناء بلدتي - برعاية نبيلة منهما، يحكمها العقل وتتبطن بالحكمة والرشاد والبصيرة. ولا زالا شعلة تبدد ظلمة الحواجز وتذلل العقبات، في سبيل وحدة أبناء القرية وتشجيعهم على العلم والمعرفة، بعزيمة لا تعرف الكلل والملل، فهما كما أراهما حفظهما الله، ثابتين على عزيمة وثبات وإرادة قوية يعملان بصمت، وهما ممن يدعمون مشاريع القرية والأعمال الخيرية.
عرفتهما مذ كنت طفلاً لم أبلغ السادسة من عمري، وقد كانا بمثابة أبوين لي من حيث الرعاية والعطف، كانت والدتهما رحمها الله، الأم المؤمنة التقية والمعلمة المؤدِّبة والحنونة. والدهما السيد علي العلي كان صاحب حملة الحج والعمرة وصاحب خبرة كبيرة ومشاركة مع السيد محمد علي من العتبان من المبرز (ابن أخيه)، أما عمله فهو فلاح ومهنته شق النخيل وترتيبه لاستخدامه في أسقف المنازل، وهو من أعيان المطيرفي.
أما البيت فقد كان يضيء بالعلم والقرآن، ومنه تعلمت نطق الحروف قبل دخولي المدرسة. كنت ممن قرأ القرآن الكريم وتعلمه على يدي والدتهما رحمها الله، وبما أنني تعلمت في هذا البيت، فكانا يولياني الرعاية الخاصة جزاهم الله خيراً.
عرفتهما عن قرب، فكان السيد (أبو عقيل) يعمل في الدمام، والسيد (أبو هاشم) يعمل في شركة الإسمنت السعودية، أما على المستوى الاجتماعي فقد كان لهما المساهمات الفعالة والمشاركات الكبيرة في التواصل بين أفراد المجتمع في المطيرفي وخارجها، في الأفراح أو الأتراح، وقد كانت أياديهما البيضاء ممتدة للمحتاجين.
لقد كان السيد (أبو هاشم) محبا للقراءة والمطالعة، مشجعا غيره عليهما. وكان لي الشرف الكبير، منذ طفولتي، أن حظيت بتشجيع منه منذ البداية، وما أراه إلا طودا شامخا في محبة أهل البيت، وَرِعًا، من عباد الله الصالحين، ذا عقيدة وإيمان وشكر وعبادة. وكان حريصاً على تعمير آخرته، بقراءة القرآن والعبادة والذكر. فهو الراداود الأول بالقرية.
أما في ارتباطه وتواصله مع المجتمع، فحدث ولا حرج، وأقل ما نذكره بأنه صاحب الابتسامة العريضة، وزارعها على أفواه الجميع، الكبير والصغير، صاحب دعابة لا تمل، فترى مجموعة من العلماء يجالسونه، للاستئناس بدعاباته وحكاياته، حضوره فاعل ومؤثر حيثما حضر، فكان سيد المجالس بحديثة وأسلوبه.
هما سيدان جليلان أطال الله عمرهما، يقدمان خدماتهما لأبناء القرية بصمت. أقولها بثقة ويقين أنهما يحظيان باحترام الكثيرين نظراً لتواضعهما ودماثة أخلاقهما، وكل ما يقدمانه ليس بمستغرب، فهما من أسرة عريقة من سادة آل سلمان المعروفة بالتقوى والإيمان والفضل، كما عُرفت بالعلم والعلماء.
بالتأكيد أن هذه الأسرة الفاضلة خرجت من بيت فاضل نالت الرعاية الواعية من السيد أبو هاشم والسيد أبو عقيل، فانعكست تلك الرعاية على الأبناء بصفاتها الحميدة واهتمامها بالعلم والخير والصلاح وخدمة المجتمع. ومن الأبناء:
- السيد هاشم بن السيد تاج العلي: بدأت علاقتي به منذ الصغر، يتميز بصفات فاضلة وراقية وتفاعل رائع مع أبناء المجتمع. يتواصل مع الطبقات الاجتماعية في الأحساء وفي خارجها وله علاقات واسعة.
شخصية معطاءة وناصح أمين ويقدم أفضل خدمة ممكنة بمساعدة من يحتاجون. كذلك هو شخصية اجتماعية، طيبة المعشر، ودودٌ، وبارع في قراءة المواليد والأهازيج في المناسبات. كريم ومضياف لم يجلس بعد التقاعد ولكن استمر نشاطه من خلال تفاعله مع المجتمع والعمل مع من عرفه، اكتسب مساحة واسعة من الخبرة والمعرفة حفظه الله وحفظه.
- السيد علي السيد تاج العلي: من بيت له الفضل الكبير عليَّ، وقد تعمقت علاقتي به من خلال جامع الامام الحسين "ع" بالمبرز. فعرفته عن قرب والتصقت به فوجدت فيه كل معان الكرم والرجولة والتواضع فهو شخصية تجمع خصال المروءة، نشأ في بيت الفضيلة والمعرفة وانعكس ذلك على تربيته من خلال معاملته وتواضعه وشهامته ونبله الكبير فهو رجل وقور، شهم، متواضع، متخلق، وصادق، إنسان بكل ما تحمل الكلمة من معنى، شخصية واعية مفعمة بالإنسانية، مهذب في إبداء الرأي، وهذا ما أكسبه احترام كل من عرفه. كذلك يملك جاذبية خاصة في الحوار والحديث. مجالسته مؤنسة وثرية يحمل سيرة طيبة كريمة تتوشح بطيبة القلب وخِفة الروح التي تعبر إلى القلوب من خلال الاسلوب الراقي والحسن.
- السيد حسن السيد تاج العلي: ينحدر من أسرة فاضلة وعائلة كريمة ذات تأثير ثقافي وأدبي واجتماعي. جاء من جيل واع مدرك وعلى قدر كبير من الفكر الراقي، كان نموذجًا حيويًا ورادودا يحظى وبصوت مؤثر، لديه حضور اجتماعي وبصمة واضحة من الحب والعشق لعائلته وبلدته، وقد نال الاحترام والتقدير من الجميع.
ورغم ابتعاد "أبو سيد هادي" عن البلدة بسبب عمله إلا أنه لا زال متواصلا وواصلا بارتباطاته وعلاقاته مع المجتمع، بالإضافة إلى ذلك فهو من الكفاءات بالمطيرفي حفظه الله ورعاه.
-السيد طالب السيد باقر العلي: عرفته محبا للخير ورجلا اجتماعيا من الطراز الأول، وصاحب أخلاق عالية، وحظي بحب وتقدير وإعجاب من الناس بما يملك من صفات ازدادت بهاء به.
تجده أيضا يرسم البسمة على وجوه محبيه ومعارفه، حليما ولطيفا ومتأنيا، بعيد عن العصبية والغضب والزعل والشكوك. وقد نالت مساهماته في المجتمع وفي العمل الخيري موضع تقدير من الجميع حفظه الله ورعاه.
- السيد لؤي السيد باقر العلي: شخصية رائعة، ذات روح جميلة، وقلب طيب. مسيرة عطرة مؤثرة في المطيرفي وفي خارجها، يعتبر سجلا مشرفا ومثالا ممتاز مشرفا يحتذى به. على الرغم ابتعاده بسبب عمله، إلا أنه ظل إنسانا اجتماعيا محبوبا، من خلال التفاعل مع الآخرين ومن خلال إظهار التعاطف معهم عند التعرض لأي موقف من المواقف، كما كان يسعى لمعاملة الآخرين بطريقة لطيفة ودية.
كما كان السيد "لؤي" يحب القراءة، ويتمتع بثقافة المعرفة والتفكير، ويؤمن بأن القراءة أفضل سبل العلم؛ فبها ننمي روحنا ونغذيها لتصبح معطاءة وتجعلنا هادئين ومطمئنين البال لما تعطينا من سعة نظرتنا للحياة، ومنها نكتسب ثقافات مختلفة ومتنوعة، ونتعلم الكثير الكثير وتحسن مستوى التفكير أيضاً. كما يعد السيد "لؤي" من الكفاءات المتميزة بالمطيرفي، حفظه الله ورعاه.
وتضم العائلة الكريمة العديد من الشباب الأكفاء والمميزين وعلى سبيل الذكر السيد عقيل السيد باقر العلي فهو شخصية اجتماعية له بصمته الخاصة بمجتمع المطيرفي بتعامله وحسن معشره، والسيد احمد السيد تاج العلي من الشباب الواعي ذوي العلاقات الاجتماعية الطيبة حفظهم الله ورعاهم.
- السيد حسين السيد هاشم السلمان: معلم ومربي فاضل. منذ نشأته واهتمامه هو نشر الثقافة وتنظيم الاحتفالات بالمطيرفي، وكان جنبا إلى جنب مع الأستاذ صالح البراك والحاج أحمد عاشور العلي والأستاذ عبدالعال الخليفة، حيث شكلوا مجموعة متطوعة وتمكنوا من نشر بعض المعارف بمهارة بإقامة الاحتفالات وتشجيع الطلاب على القراءة والتعلم.
كان من المشاركين والمساهمين في تنظيم وتأسيس الزواج الجماعي بالمطيرفي، ولفترة معينة شغل منصب رئيس إدارة الزواج الجماعي، وانتخب نائباً لرئيس اللجنة السداسية للزواج الجماعي في مدينة الأحساء. يتمتع بحس اجتماعي رفيع وعلاقات وطيدة مبنية على الاخلاق والمعاملة الطيبة بداخل المطيرفي.
عاش في بيت عريق وأسرة فاضلة، فوالده الحاج السيد هاشم السلمان رحمه الله كان من قرَّاء القران الكريم فدائما نراه وفي يديه المصحف الشريف. وكان يقرأ القرآن في شهر رمضان المبارك بدولة الكويت.
هو إنسان تقي وَرِعٌ وذو أخلاق عالية متواصل مع الجميع وانعكست تربيته على أولاده حفظهم الله ورعاهم، وهم: (السيد علي)، وهو رجل له مشاركات بالعمل الاجتماعي، وكان ممن ساهموا وأشرفوا على الزواج الجماعي ومتواصلا بالمناسبات والأعمال الخيرية، وهو متقاعد من شركة الإسمنت السعودية. متعه الله بالصحة والعافية.
ويعتبر السيد ناصر من مثقفي المطيرفي ومن المثابرين في عملهم، وكان ممن تربطه علاقات وثيقة مع أبناء المطيرفي في بداية عمره، وقد قلَّ تواصله بسبب العمل بشركة ارامكو السعودية، ورغم ذلك تجد تواجده وحضوره بالمناسبات ملموسا، وهو من الرجال الطموحين الذين تفتخر وتعتز بهم المطيرفي.
كذلك هو رجل مثقف ومحب للقراءة والمطالعة، حسن المعشر. سلس الحديث ذو شخصية اجتماعية وروح شفافة، عاش محبوباً بين الآخرين، استطاع أن يكسب محبة الناس واستمالة قلوبهم، قادراً على التواصل مع الآخرين بشكل جيد، وبناء علاقات جديدة بطريقة مثالية. إنساناً حيوياً مُفعماً بالطاقة الإيجابية والمشاعر اللطيفة الجياشة، يسعى الشخص الاجتماعي إلى كسر الحواجز وتوطيد العلاقات من خلال مدح الآخرين وتقديم المجاملات لهم، استطاع أن يصبح اجتماعياً ومحبوباً من خلال الاهتمام بالآخرين، وذلك بالتركيز على الأسماء والاهتمامات الشخصية، وما يحبه الآخرون، إيماناً منه بأنّ هذه الأمور تكسر الحواجز وتبني الروابط المختلفة، كما يُولي اهتمامه بالجميع، من خلال الاستماع والإنصات لما يقولونه بكلّ تركيز وهدوء، وطرح الأسئلة المختلفة عند الحاجة سواءً كانت أسئلةً تتعلق بالوقت الراهن أم في المستقبل.
-السيد علي السيد صالح السلمان "أبو سيد سلمان ": لقد عرفته منذ صغري لارتباطي بمنزلهم وعلاقة أسرتنا بهم كثيرا، وقد كان السيد علي أحد الرجال الذين عملوا في شركة الأسمنت السعودية.
إنه شخصية اجتماعية، يحب المعرفة والعلم والخير والرياضة، ومتواضع، مرح مع الجميع، فهو واسع الصدر طيب القلب، متواصل مع الآخرين، وأخلاقه الحميدة يشهد له بها القريب والبعيد.
ينحدر من عائلة معروفة بالمعرفة والإبداع والتنشئة النقية، وهي بذرة ناضجة أثمرت الظل والتسامح. كان ولا يزال الأب الحنون الشخصية الطيبة، فهو في الحب كالشمس وفي الصداقة والأخوة كالنهر وفي ستر العيوب كالليل وفي التواضع كالتراب.
ظل في حي الرفيعة بالمطيرفي أبًا محبًا وشخصية جيدة، كأنه شعلة ومنارة، تنير الطريق للآخرين، بجانب أخيه المرحوم السيد طاهر والسيد علي الصالح "ْأبو سيد محمد " رحمهما الله والسيد تاج السلمان "أبو سيد محمد" فكانوا عائلة واحدة وبيتا واحدا، ولقد انعكست تربيتهم وتواصلهم على جميع الأبناء وفي عملهم وأشغالهم حفظهم الله تعالى ومتعهم بالصحة والعافية.
- السيد سلمان السيد علي الصالح: شخصية هادئة الطباع، بشوش، طيب القلب، محب للخير، عرفته إنساناً طيباً منذ صغره، هانئ المعشر والروح، رياضي ومشجع، اجتماعي. ومن المميزات الجميلة التي يتصف بها أنه حازم في قراره يتخذ قراراته بعقلانية وثبات. متواصل مع معارفه وأصدقائه، خدوم بما يستطيع تقديمه للمجتمع.
تعتبر حياته الشخصية والمهنية مثال يحتذى؛ لما فيها من حسن التدبير، والتصرف في الأمور، والحكمة في معالجة المشكلات، ومواجهة المواقف المختلفة، وهو شخصية مكافحة ومثابرة تعمل بصمت وأخلاق عالية.
- سماحة السيد عبد الله السيد طاهر السلمان: سليل أسرة معروفة وهم (سادة آل سلمان) وكانت ومعرفتي به من خلال ارتباطي ببيتهم المبارك منذ الصغر. وقد كان في بدايته شابًا ولاعبًا رياضيًّا، ثم ترك عن الرياضة واتجه لدراسة العلوم الدينية.
يتميز بصفات حميدة: كالبشاشة، والمرح، فجليسه لا يَمَلُّ مجالسته؛ لرحابة صدره، وطيب خلقه. يمتلك قلباً يحملُ الكثير من التضحية والبذل والعطاء ويحمل أيضاً أخلاقاً عالية من الصفات التي تجعله مُميزاً عن أي شخص.
- السيد ناصر الهاشم : يذهب كل ما يتعلق بالإنسان، ويبقى عمله وسيرته والأثر الكبير الذي تركه في قلوب مجتمعه، فما بالك وهذا الإرث العميق في التاريخ، مصحوباً بالشهامة، وحلاوة اللسان وبعث الأنس في النفوس.
السيد ناصر الهاشم (أبو زيد) (والد السيد عدنان) رحمه الله، يصنف في المنظور العام أنه أُميّ (لجهة القراءة والكتابة)، فيما هو في سرده للحكايات والأقاصيص أطروحة تأخذك إلى عوالم من جمال السرد ومتعة التوصيف ورسم المشهد.
حين يبدأ سرد حكاياته، يأخذك إلى عالم أبو زيد الهلالي، أو حكايات عنتر بن شداد، بمهارة مخرج تلفزيوني يقسِّم قصصه وحكاياته إلى حلقات تستدعيك إلى حلقة أخرى لتعرف تتمة المشهد.
يستحضر التاريخ في حكاياته كما يرسم الواقع من حولك في قالبه القصصي، لتعاين ما حولك مما لم تلتفت إليه.
من ميزاته رحمه الله ذاكرته اليقظة كأنها آلة تسجيل تحفظ كل ما يدخل إليها. وكم كان يطيب لسامعيه المتحلقين من حوله، من مختلف الأعمار، أن يسرد لهم تاريخ بلدتهم وأعيانها من السابقين وأمتدادهم النَّسَبي مع الحاضرين، فيخرجون وهم يتنادرون ما سمعوه ليبقى مدار تعليقاتهم إلى لقاء آخر معه.
ناصر الهاشم رحمه الله كغيره من أبناء المطيرفي، بلطفه وأنسه ومشاركاته كل مناسبة جامعة في البلدة. كل من عاصره حضر مجلسه.
لن ينسى معاصروه من أهالي المطيرفي وخارجها هذه الشخصية وما تحمله من روح المحبة والود والصبر والابتسامة المحببة، لقد كان المرحوم (السيد أبوزيد) يمتلك لباقة عالية وشهامة نبيلة، عرفته وأنا صغير، وكان يعمل في شركة الإسمنت السعودية، وكان مجلسه مع أخيه السيد هاشم (أطال الله في عمره) مقصداً للضيافة، ولا تنسَى المطيرفي تلك الحادثة التي وقعت له، واستدعت علاجه في المملكة ومن ثم نقله إلى لبنان، إلى حين معافاته وعودته إلى أهل بلده ومرتع طفولته وصباه، وسط فرح بش كل الوجوه.
في 19/7/1417هـ رحل السيد ناصر السيد صالح الهاشم (أبوزيد) إلى عالم الآخرة رحمه الله، وبفقده فقدت المطيرفي شخصاً عزيزاً على القلوب، فمثله لا يغيب عن الذاكرة.
- السيد محمد السيد ناصر العلي "أبو سيد محفوظ ": هو زميل وصديق لي منذ الطفولة، من عائلة عريقة تتميز بالشرف والأخلاق الرفيعة. وهو ليس وحده، فهناك أخوه الراحل السيد حسين رحمه الله وأبناء أخوته من أمه "السيد هاشم، والسيد ناصر أبو زيد، لم أشعر قط بأنني غريب بينهم، بل عشت معهم أخا وابنا لهذه للعائلة الكريمة.
وقد كان السيد "أبو محفوظ" شخصا صبورا، يمتلك روحا شفافة وابتسامة دائمة. وقد كانت لديَّ علاقة وثيقة معه وبالأسرة الكريمة حيث نشأنا معا، وعرفته رجلا متواضعا، يُتعلم منه الأخلاق والمبادئ الطيبة. وتربطه علاقات وثيقة بمسقط رأسه المطيرفي، وعائلته ومعارفه، وتجده محبا للخير للجميع. حفظه الله ورعاه ومتعه بالصحة والعافية.
-السيد صالح السيد هاشم الهاشم "أبو سيد شرف": رجل متواضع، طيب القلب، متواصل مع مجتمعه، محب لعمله، مثابر ومكافح، حفظه الله ورعاه ومتعه بالصحة والعافية، شخص عشت معه منذ الصغر وبيننا الكثير من الذكريات الجميلة في المنزل وفي المدرسة ووكل أحياء المطيرفي.
كان محبا للعمل والاجتهاد والمثابرة، وقد تعلم قيادة الحرَّاثة على يدي والده رحمه الله، وهي من أوائل الحراثات الزراعية بالأحساء، وكنا نسميها "دركتل"، وقد رافق الحاج "حسين البخيتان "الصبرة" في العمل بالمزارع والنخيل والتحق بشركة أرامكو السعودية حتى تقاعده.
- السيد محفوظ السيد علي الكاظم : تربطني به علاقة وصداقة منذ الطفولة. شخصية هادئة وأخلاق عالية. وكان والده رحمه الله " السيد علي" من الشخصيات المتزنة ومن قراء القران الكريم، فقد شارك رحمه الله في ختمات القرآن الكريم في البلدة. وهم من عائلة فاضلة وسلالة طيبة. عائلة محبة للعلم والتواصل المجتمعي، ومن الكفاءات السيد ناصر السيد علي الكاظم حفظهم الله ومتعهم بالصحة والعافية.
- السيد عبد المحسن هاشم الهاشم : السيد عبد المحسن هاشم الهاشم (أبو لؤي)، الأخ والصديق العزيز وزميل الطفولة. الغائب الحاضر، مؤنس وأمين وصدوق، يحمل خصال الوفاء، فهو صندوق مغلق على الترهات، مفتوح على الإلفة والأنفة بسمو الأخلاق ورجاحة العقل، المحبة الحميمة، والانجذاب العقلي والعاطفي يجمعنا.
كنا متلازمين متزاملين في السفر وفي الاقامة، في الحل والترحال. في علاقاته يحمل الجميع على محمل الخير، وحريص على الفهم في كل ما يُقدم له، ولو كان بعيداً عن اهتماماته، ليكون مستعداً لتقديم الخدمة، ويبذل فيها جهده الكبير ليصل إلى المراد المطلوب.
هذا النورس الجميل الذي جعل من حياته سمفونية باذخة بالأنغام الجميلة، وشعلة متوهجة في خدمة الشباب والمجتمع، عاصر الرياضة منذ عام 1397هـ، وعمل منذ ذلك الوقت ولم ينقطع إلا قسراً، وهذا دليل على عشقه العمل الاجتماعي وسعيه لتقدم الشباب والمجتمع نحو الأفضل. يليق به قول أبو الطيب المتنبي:
وَما الخَيلُ إلاّ كالصّديقِ قَليلَةٌ
وَإنْ كَثُرَتْ في عَينِ مَن لا يجرّبُ
حفظ الله أخي السيد «أبو لؤي»، ووفقه وسدد خطاه في خدمة مجتمعه ووطنه، وأن ينعم عليه بالصحة والسعادة.
- السيد عدنان السيد عبدالمحسن السلمان : لقد نشأت وأنا ارتبط معه بعلاقة قوية وصداقة. لطيف وكريم. عمل كموظف في جامعة الملك فهد للبترول للمعادن. على الرغم من مرور السنين، إلا أنه لا يزال يجدد ذكريات الماضي ويحافظ على الأيام الجميلة إلى الأبد. أفراد هذه الأسرة يتشاركون في التواصل والكفاءة، والله يحمي الجميع وهم يتمتعون بالصحة والعافية .
وتضم هذه الاسرة الكريمة عدد من الكفاءات العلمية والعملية كالسيد عدنان السيد علي الصالح واخيه السيد احمد وأبناء السيد علي الصالح بو سيد سلمان والسيد احمد السيد تاج العلي والسيد هاشم السيد علي العلي وكثيرا من أبناء هذه الاسرة الكريمة حفظهم الله ورعاهم .
وفي الختام أود أن أقول في حق هذه العائلة: إن النزاهة هي سرّ الحكمة وعنوان العمل. هي الأخلاق الفاضلة التي تنهض بالأمم وتبعث في الشّعوب الحياة. هي النّفوس العالية ودليل القلوب الواعية، ومورد الحياة والفضيلة التي يتميّز بها الطيّب من الخبيث. فما أجمل أن تجد عائلة يتميز أفرادها بالنزاهة والأمانة، والحنكة والكفاءة؛ فيضعون الأشياء في مواضعها ويَزِنون الأمور في موازينها، فتربح الأمة بهم ويفوز الشعب من كفاءاتهم.
فهؤلاء الرجال يتميزون بالوقار والشهامة، والتواضع والتخلق بالصدق، وهذه الحقيقة والشهادة التي أعطاها فيهم كل من التقى بهم وتعامل معهم، حقاً هناك بعض الأشخاص يفرضون عليك احترامهم فلا تجد حرجاً في أن تقول فيهم كلمة حق ووقفة إنصاف يستحقونها.
ألا تستحق هذه الشخصيات الوطنية الفذة الإشادة والشكر لما قدمته ويقدموه لوطنهم ومجتمعهم؛ لا اعتقد أنها مغالاة لأن القاعدة الشرعية تقول من لا يشكر الناس لا يشكره الله، فهم شخصيات فذة واعية مفعمة بالإنسانية والنبل وتملك فكرا عاليا، رجال نزهاء ويعاملون الناس كلها سواسية ولا توجد في قلبهم العنصرية والحقد.
هم رجال يفشون السلام بين الناس. والمهمات في تقديرهم هي أعمال يجب الانتهاء منها في حينها، وحين تتراكم الأعمال فنهاره يأخذون من ليلهم، وأُسرتهم تتنازل عن حقها تقديراً لطموحهم وإخلاصهم.. هؤلاء هم الرجال الذين تنهض بهم الأمم.....
هم رجال إذا وعدوا أوفوا، وإذا تحدثوا تحس بتفاعلهم مع الحدث، فيبتعدون عن الكلمات الجارحة والمؤثرة، يراعون أحوال الناس، ويتكلمون لهم بشفافية ووضوح، يقتربون من مشاكلهم ليكون العطاء منهم أكثر، وليحققوا باسمهم النفع والفائدة، حقاً يستحق هؤلاء الرجال أن يُذكر اسمهم وأفعالهم في كل مكان، فلنقل جميعاً كلمة الحق في هؤلاء الرجال الأوفياء لمبادئهم ووطنهم ومجتمعهم.
* المطيرفي والذاكرة
[1] لقاء مع السيد هاشم السيد محمد الحسن (ابن صاحب الترجمة)، في حسينية السيدة هاشمية المجاورة للمسجد الجامع عام 1432 هجري. وكان عمر أبنه السيد هاشم، لا يتجاوز العامين، عندما نزح والده من المطيرفي لسكن في المبرز.
[2] أمها السيدة هاشمية بنت السيد علي بن المقدس السيد هاشم السلمان: سيدة جليلة القدر من سادة آل سلمان. ذات هيبة ووقار في أهلها والمجتمع. وتعرف في المجتمع (بالعمة السيدة)، وكانت تُقصد للدعاء والتبرك. ولها مأتم حسيني يعقد كل صباح منذ أكثر من ثمانين عاماً، ولا يزال تشرف عليه أبنتها.
جديد الموقع
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد
- 2024-11-21 القراءة للكسالى
- 2024-11-21 القراءة واتباع الأحسن
- 2024-11-21 روايات أسامة المسلم بين جيلين.
- 2024-11-21 ( غرق في المجاز، مَجازٌ في الغرق ): قراءة في ديوان الشاعر جابر الجميعة
- 2024-11-20 الدكتور عبدالمنعم الحسين يدشن حملة التشجير الثالثة ببر الفيصلية