2022/02/11 | 0 | 5490
كلمة ادارة خيمة المتنبي في حفل تدشين وتوقيع الاصدارات الشعرية الاولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحضور البهي مثقفين وشعراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ها هي الأحساء تجمعُنا هذا المساءَ على مائدة الحقيقة كي تُطعِمَنا أطباقَ المجاز.
الأحساء:
أرضٌ من الشعر قفَّينا خريطتَها
قصيدةً، وكتبنا النخلَ عنوانا
الأحساء هي التي ألهمتنا أن الوطن طريقٌ يبتدئ بنخلةٍ وينتهي بنخلة، والمنفيُّون هم أولئك الذين قطعوا رباطهم بالنخيل فأضاعوا بوصلة الذات.
والأحساء هي التي ألهمتنا أن النخل هو فيلسوف الانتماء الواقف على قدمٍ راسخة في الأزل، ما زال يستلهم فلسفة الهويَّة من جذوره، ويُعِدُّ محاضراته السنويَّة في مراحل التلقيح، ثمَّ يُلقيها على الحاصدين في مواسم التمر والرطب.
والأحساء هي التي ألهمتنا عبر ثبات نخيلها بأنَّ الجذور التي ترضع الحب تكون أشدَّ التصاقا بالأرض،
والأحساء هي التي ما زالت تلهمنا وتلهمنا وتلهمنا حتى قطفنا التمرَ من الأوراق وخرفنا الشعرَ من الأعذاق.
فأهلا وسهلا بكم إلى الشعر فتحا تاريخيا، وميناءً يستريح عليه الحاضر، وإقليما واسعا يحتضن المستقبل،
أهلا وسهلا بكم إلى الشعر صهيلا هادرا في (حصان عنتر) و(عَدَوْلِيَّةً من سفين ابن يامن)، ومنزلا من منازل (قفا نبكي)،
تعالوا نشتكي مع ذي الرُّمة في سؤاله الحزين (ما بال عينك منها الدمع ينسرب؟!)، ونتألم مع الصِّمَّة القُشيري في حنينه اللاذع (حننتَ إلى ريَّا ونَفسُكَ باعدتْ)، ثم نقطِّر (راءات) أبي صخر الهذلي في مسامعنا حتى (ينبت في أطرافها الوَرَقُ الخُضرُ)..
تعالوا أيها الأصدقاء نعترف لأبي تمام بأن القلب لم يعد وقفا على (الحبيب الأول)، ونقرُّ لابن الحسين بأن (الخيل والليل والبيداء) لم تعد تعرفنا ولا نعرفها، ونسرُّ إلى الشريف الرضي بأن (ظبية البان) قد وقعت في الأسر حينما تحوَّل الزمنُ إلى نمرٍ تكنولوجي.
تعالوا أيها الأصدقاء نمتطي مناكب المعنى وندرك الأمير أحمد شوقي في سعيه بين (البان والعلمِ)، ونطوف حول نار اللغة التي أشعلها الجواهري في معابد الوقت، ونلحق بالسيَّاب العظيم كي ندركَ الفتح الحُر، ونشهد الماغوط وهو يجفف بحور الخليل ويبحر في الجراح، ونؤمن إيمان محمود درويش بأن على الأرض ما يستحق الحياة، ونهمس في أذن أبينا الذي في الدمام: (لقد آن أن نتغزل بالزرقة المارقة)!
أهلا وسهلا بكم أيها الأصدقاء إلى كل ذلك الشجن الذي ينتظركم في (خيمة المتنبي).
أيها الأصدقاء..
لقد نشأتْ خيمة المتنبي في غمرة (تسونامي) المطبوعات الذي يجتاح المشهد الثقافي بأمواج الكتب المتلاطمة التي طغى الغثُّ منها طغيانا ساحقا على السمين وهما يتجاوران على رفوف المكتبات. وإذا كانت الحرية تقول لنا إن الطباعة شأنٌ شخصيّ جدا لا يمكن لأحدٍ أن يمنع أحدا من ممارسته، فإننا نعلم أن مسؤولية الطباعة في نهاية المطاف لن تكون شخصيةً لأنَّ كلَّ كاتب يمثِّل وطنه بالإضافة إلى تمثيله لنفسه; بمعنى أنك أيها الكاتب حينما تطبع وتنشر، تتحول إلى جزءٍ من المشهد الثقافي الوطني، وسوف تُحاسَب محاسبةً شخصية على صعيد الكفاءة الإبداعية من قِبل النُقَّاد داخل الوطن، أما خارج الوطن فإنَّ الآخر سوف يحاسب المشهد الوطني بأكمله بناءً على كفاءتك الإبداعية، ومن العيب أن تكون نشازاً في جمال السيمفونية الشعرية الوطنية، أو خربشةً على لوحة مشهدها.
ومن باب المسؤولية الوطنية تجاه الثقافة الشعرية، قامت خيمة المتنبي كمرحلة أولى من نشاطها الثقافي، بالبحث عن المواهب الشابة في مجال الشعر وطباعة أعمالها بعد خضوع هذه الأعمال لرقابة فنية دقيقة، والحصول لها على فسح من وزارة الثقافة، آملين من كل موهوب أن يستشعر المسؤولية ذاتَها وأن يتجاوز ذاتَهُ في مطبوعاته اللاحقة.
أيها الأصدقاء..
رغم أنّ بدايةَ خيمة المتنبي كانت قبل عامين تقريبا بإقامة احتفاليات تكريمية وتدشين دواوين شعرية عامة، إلا أن احتفالية هذا المساء لها خصوصيتُها في مسيرة الخيمة لأنها تمثّل المشروع الحقيقي لها، هذا المشروع الذي يتمثل في طباعة الديوان الأول للشعراء الأحسائيين الشباب.. إنه المشروع المنفتح على مستقبل الشعر في الأحساء، وبالتالي في كل الوطن.
هناك في فضاء الانترنت ومواقعه الإلكترونية، ومجالس المنتديات الثقافية، توجد كائنات إبداعية شابة استطاعت أن تتخمر نضجا وإبداعا، وأن تصنع مشهدها في الظلال أو في الضوء.. هذه الكائنات الشاعرة الشابة هي هدفنا الذي وجَّهنا إليه منظار تصويبنا منذ نظرة البحث الأولى. وقعنا على مجموعة من التجارب الإبداعية الأحسائية التي يُزهر في قصائدها الوعدُ الشعري، وأدخلنا هذه التجارب في مختبر الإبداع عبر لجنة خاصة وَضَعَتْهَا على محكّ الفحص، وهكذا تم اختيار الدواوين الأولى التي تمَّت طباعتها، وما يزال باقي الدواوين خاضعا للفحص في ذلك المختبر.
أيها الأصدقاء..
في هذا المساء نحتفل بثلاثة شعراء من خلال تدشين وتوقيع دواوينهم، بعد أن قامت خيمة المتنبي بمراجعتِها وإعدادِها وتنسيقِها وفحصِها واستخراجِ فسوحٍ لها وطباعتها، وتكليفِ ثلاثةِ نقاد بقراءتها في هذا الحفل، والشعراء هم:
1) الشاعر عبد الله المعيبد في ديوانه (توقيعٌ شخصيٌّ للظلال) ويقرأه الناقد هاني الحسن.
2) الشاعر محمد الصالح في ديوانه (أصداء في المسرح المهجور) ويقرأه الأستاذ كاظم الخليفة.
3) الشاعر ناجي حرابة في ديوانه (سفر في الذوات) ويقرأه الدكتور يونس البدر.
ومن نافل القول أن أذكر أنَّ أعضاء الخيمة أحبُّوا أنْ يفتتحوا مشروعَ الطباعةِ هذا بتكريمِ شاعرٍ من بينهم، صاحبِ تجربةٍ عميقة، قدَّم للمشهد أكثرَ من عشرةِ دواوينَ شعرية، وفتح آفاقا واسعة في مخيّلاتنا، وأضاءها بنجومٍ من قصائده الوضَّاءة.. ذلك هو الشاعر المتألق أ. ناجي حرابة.. فجاء ديوانُهُ (سفر في الذوات) كأوَّل ديوان تطبعه خيمة المتنبي تكريما له، وتشريفا لها.. إنه استثناء لشاعر استثنائي.
قبل الختام، أؤكد على أنَّ الخيمة هي خيمتكم جميعا، وهي تجتهد لأن تتكامل مع بقيَّة المنتديات الأحسائية مثل شرايينَ تتوحد في جسدٍ واحد، ولا أدلَّ على ذلك من أنّ المشاركين في هذا حفلنا هذا المساء قادمون من عدة منتديات هي:
منتدى الينابيع الهجرية
منتدى ابن المقرب العيوني
منتدى الرصيف
منتدى شعراء الأحساء
إضافة إلى خيمة المتنبي.
أيها الأصدقاء..
دعونا الآن ننطلق من سواحل قرائحنا ونرفع الأشرعة، ونهيئ المجاديف في أقصى حماستها، ونفتتح موسمَ الغوص الجديد 2022م، ونخاطب الشعر:
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين