2021/09/18 | 0 | 1499
سؤال وجودي فلسفي
من المستحيل أخذ موافقة طفل على مجيئه لهذه الحياة الدنيا فهل من الأخلاق إنجاب طفل بدون أخذ موافقته مع علمنا بصعوبة هذه الحياة وما يعتريها كل يوم من الحوادث والكوارث الطبيعية والملل والأمراض الخ....
ومن هذا السؤال ننطلق إلى السؤال الأكبر :
هل الله جل شأنه خلقنا و أمرنا قهراً و جبراً أن نكون في هذه الحياة التي سن هو سننها و نواميسها ، أم جعل وجودنا فيها خياراً نختاره إن أردنا أو لم نريد ؟ .
سؤال مهم و جميل في نفس الوقت.
لماذا هو مهم ، فهذا سهل إدراكه ، فلماذا هو سؤال جميل ؟
لأن كل موجود في عالم الموجودات يعود أصل وجوده إلى عالم الوجود ، وكل هذه الموجودات أوجدها الخالق دون أخذ موافقتها بأمر منه وذلك لخدمة مثيله الإنسان بني آدم ، آخر و أجل هذه الموجودات على الإطلاق . فهل الإنسان من ضمن هذه الموجودات التي أجبرها و قهرها ، أم أنه خيره فاستخار ؟ .
يقول الباري عز وجل " ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(40) ﴾ - سورة النحل
اختارت الآية الكريمة لفظ " القول " دون لفظة " الأمر " وهذه الخاصية اعطيت للإنسان فقط بعد أن أصبح شيئا مذكورا " ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا(1) ﴾ - سورة الإنسان . والشيء المذكور هو ما كتبت له الحياة ، يقول الباري " ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(28) ﴾ - سورة البقرة
نعم ، هنا من الموت إلى الحياة في عالم الوجود هو بأمر من الله ، ومن الحياة إلى الذكر أيضا بأمر من الله دون موافقة هذا الشيء المطلق. هنا ينفرد العقل ( الإنسان ) بأخذ مسار القول لا مسار الأمر ، و القول يتبعه سمع و السمعُ يتبعه إدراك عقل فهو لا يزال في عالم العقول ( لم تكتب له ) لَم ينل الأبدية ، و العقل يختار ، فمتى إختار إنتقل إلى عالم " الكن " وهو في ذلك العالم مستأنس بإختياره بعد أن إستخار ربه أصل وجوده وطلب منه الهداية ، فهداه أن يختار كي يظهر به ولم يجبره "﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى(13) ﴾ - سورة الكهف ، لكنه نسي ذلك كله ، يقول الحكيم " ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(78) ﴾- النحل .
فحاشى لله أن يسن سننا في الكون و يخلق خلقا فيها لمعاش خليفته و أجل خلقه ، وفيها منتهي سعادته أو جحيم بؤسه دون أن يجعل له أي خيار فيختار ، فهذا يتنافى مع مقامه العقلي كما إنه يتنافى مع العدل المطلق الذي اتصف به الباري ، وهذا هو الأهم في ذلك كله ، حتى لو كان الباري ملكا متصرفا في مملكته ، فالله حكيم و عادل و جميل ولا يصدر من الجميل إلا مطلق الجمال .
ومن الجمال أنه جل و علا جعل سنة إستمرار وجود خليفته في هذه الحياة ممن اختار بيد خليفته و هيء لذلك أجمل الأسباب ، وجعل من أسبابها أجمل العلاقات الإنسانية و أجلها و أكثرها متعة و بهجة ، فالله جميل و يحب الجمال .
لذا قلت في البداية أنه سؤال جميل عن الجميل و عن ما فعله الجميل
جديد الموقع
- 2024-04-27 صدور الكتاب الرابع عشر لـ عدنان أحمد الحاجي
- 2024-04-26 الوائلي.. في أوج العلم والثقافة والأخلاق
- 2024-04-26 القراءة خارج الدائرة
- 2024-04-26 الشيخ الصفار يدعو لمواجهة تحديات الحياة بالثقة والأمل والنشاط
- 2024-04-26 مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يكرم بر حي الملك فهد
- 2024-04-26 فرع مركز الملك عبدالعزيز بالشرقية للتواصل الحضاري يكرم مركز بر الفيصلية .
- 2024-04-25 اترك أثراً إيجابياً.
- 2024-04-25 مؤسسة رضا الوقفية تكرم الفائزين في مسابقتها التصوير الفوتوغرافي - النسخة الثانية
- 2024-04-25 «خيوط المعازيب».. والذاكرة المنسية
- 2024-04-25 ناشط قرائي