2021/06/24 | 0 | 6683
الشيخ أحمد حسين البخيتان :التوفيق الإلهي
يوم الجمعة ٧ ذي القعدة ١٤٤٢ هـ - مسجد الشيخ الأوحد "قدس سره"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
أوصي نفسي و أوصيكم بتقوى الله ، وكثرة الاستغفار ، وكثرة الصلاة على محمد وآل محمد .
( اللهم صلِّ على محمد وآل محمد )
قال تعالى : { وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (٨٨) سورة هود
كلامنا في هذا اليوم عن التوفيق الإلهي .
المقدمة :كل إنسان يريد ، التوفيق والسداد ، والنجاح ، وإصابة الخير ، وأن يحقق الهدف الذي يرجوه ، فمن أراد ذلك كله عليه أن يبذل الأسباب ، ويرفع الموانع ، وأسباب التوفيق كثيرة ، نذكر بعضها ، بما يسع له المجال .
- التوكل على الله سبحانه وتعالى :
أولاً على الإنسان المؤمن أن يعتقد بأن التوفيق الحقيقي هو من الله وحده ( وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّه) ، فلا يقول الإنسان بفهمي وذكائي وجدي هو الذي أوصلني لهذا كله ، بل عليه يقول كل هذا الخير هو من توفيق الله وتسديده ، فيُرجع ذلك كله لله تبارك وتعالى ( وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) ، فدور الإنسان أن يتوكل على الله وبذل الأسباب ، والتوفيق من الله .
فالتوكل إذن هو : أن يستشعر الإنسان بأن الله يكفيه ، ويحقق له ما فيه صلاحه ، ويأخذ بيده للخير في الدنيا والأخرة .
يقول تبارك وتعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أي كافيه وموفقه للخير والصلاح .
وليس معنى التوكل إغفال الأسباب ، بل هو بذل الأسباب ، وطلب التسديد من الله .
وأما التواكل فهو طلب من الله من دون بذل الأسباب ، فهذا لا يستجاب له ولا يوفق .
فعندنا عنوانان :
١- توكل : وهو الاعتقاد بأن التوفيق والسداد بيد الله تبارك وتعالى ، مع بذل الأسباب الطبيعية .
٢- تواكل : وهو الاعتقاد بأن التوفيق والسداد بيد الله تبارك وتعالى ، من دون بذل الأسباب الطبيعية .
- الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى :
من أسباب التوفيق الإلهي هو ذكر الله تبارك وتعالى ، ومعناه أن يكون الله حاضراً في قلب الإنسان ، وعلى لسانه .
ومن يذكر الله يذكره الله ، وذكر الله له أي يوفقه ، ويسدده ، ويفتح أمامه أبواب الخير والصلاح .
يقول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " من عُمِّر قلبه بدوام الذكر حَسُنت أفعاله في السر والجهر "
( عُمِّر قلبه ) يعني قلبه عامر بذكر الله ، وهو أن الله حاضر أمامه في حركاته وسكناته .
وحُسن الأفعال هو نوع من أنواع التوفيق .
ولما كان ذكر الله تبارك وتعالى باب من أبواب التوفيق ؛ فعلى الإنسان أن يدعو الله عزوجل أن يكون دائماً في ذكره تبارك وتعالى ، وفي الدعاء ( وَاجْعَلْ لِسانى بِذِكْرِكَ لَهِجَاً ) ، وأيضاً في مقطع آخر من الدعاء ( أَسأَلُكَ بِحَقِكَ وَقُدْسِكَ وَأَعْظَمِ صِفاتِكَ وَأَسْمائِكَ، أَنْ تَجْعَلَ أَوْقاتِي فِي اللّيْلِ وَالنَّهارِ بَذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً، ...) كما هو في دعاء كميل .
وكثرة الذكر لله سبحانه وتعالى هو من صفات المؤمنين ، الذين دائماً يذكرون الله بألسنتهم وقلوبهم ، قال تعالى { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ ) (١٩١) سورة آل عمران .
أنواع الذكر :
أنواع الذكر لله كثيرة ، منها :
١- التسبيح ، ومن أنواع التسبيح تسبيح فاطمة الزهراء ( عليها السلام)وكما ورد هو من الذكر الكثير ، وذكرت النصوص التأكيد على هذا التسبيح ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنه لم يلزمه عبد فشقي "
٢- الاستغفار : من أسباب التوفيق كثرة الاستغفار ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل همٍ فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً "
٣- الإكثار من قول : " لا حول ولا قوة إلا بالله "
٤- الإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد ( اللهم صل على محمد وآل محمد )
- الصدقة :
من أسباب التوفيق الإلهي هو الصدقة ، والصدقة لها أثر كبير في تحقيق كثير من الأمور الصالحة ، وتسهيلها ، فهناك أمور مادية في تحيق الأهداف ، وأيضاً هناك أمور غيبية ، ومن هذه الأمور الغيبية الصدقة ، ومن أثارها .
١- دفع البلاء .
٢ - شفاء المرضى :
قال رسول ( صلى الله عليه وآله ) : " داووا مرضاكم بالصدقة " .
٢- سعة الرزق :
قال الإمام علي ( عليه السلام ) : " استنزلوا الرزق بالصدقة " .
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : لكل شيء مفتاح ومفتاح الرزق الصدقة " .
- الرفق :
وهو من أسباب التوفيق الإلهي ، والرفق هو : لين الجانب والرأفة ، والرحمة ، وترك العنف ، والغلظة ، سواء كان ذلك في الأقوال
أو الأفعال ، وهو من الأخلاق الفاضلة ، وهذا الصفة ينبغي أن تتجسد داخل الأسرة بشكل أوسع وأكبر - مع الأهل والزوجة والأبناء - وأيضاً خارج الأسرة مع سائر الناس .
قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : " إنَّ الرفق الزيادة ، والبركة ، ومن يُحرم الرفق يُحر الخير " .
وعندما قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( الزيادة والبركة ) : هذا يشمل الزيادة والبركة في الأموال ،والأولاد ، والأعمار ، وغيرها ، وهذا من أنواع التوفيق ، ولم ذكر الزيادة فقط ، وإنما زيادة وبركة ، لأنه يمكن أن تكون هناك زيادة ، وكثرة ، ولكن لا بركة فيها ، فتزول بسرعة ، ولا ينتفع بها الإنسان .
فالرفق إذن يجلب الخير ، والزيادة ، والبركة .
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " الرفق مفتاح النجاح "
وهناك أسباب أخرى للتوفيق لا يسع المجال لذكرها .
نسأل من الله التوفيق والسداد ، وأن يرحم موتانا وموتاكم ، ببركة الصلاة على محمد وآل محمد .
( اللهم صل على محمد وآل محمد) .
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين