2020/05/28 | 0 | 2018
صمت ما بعد القراءة
هل مررت ذات يوم ولو في شبابك بمرحلة وقعت فيها في الحب وعندما قابلت محبوبتك ولو مصادفة ثم انتهى اللقاء ، جلست بعدها تفكر فيها هائما في جمال روحها ، ممتنا للحظ الذي أوقعك في هذا الحب ، مفكرا فيما قد يحصل مستقبلا متصورا جميع الأحداث السعيدة القادمة ، وفجأة يمر الوقت وأنت لا تشعر به ؟
هل قمت بزيارة معلم سياحي وبعد أن تمتعت بهذه الزيارة ابتعدت عنه وأنت تنظر إليه ساهدا ناسيا ما حولك تفكر في جماله أو الجهد الذي بذل في تنفيذه ؟
هل حضرت لقاء مثيرا مع شخصية استثنائية من نوع ما وبعد انتهاء اللقاء بقيت مدة تفكر فيما جرى خلاله وكم وددت أن يكون أطول مما كان ؟
يمر بعض من ينهي قراءة كتاب – خاصة من يستمتع فعلا به ولا يتعجل في القراءة – يمر بهذه اللحظات بعد كل كتاب . فإذا حصل وأنهيت قراءة كتاب وحصل لك هذا الشعور الجميل والنادر ، فلا تسمح لأحد أن يقطع عليك هذه النشوة الجميلة والتي لا تشبهها أية نشوة أخرى ، بل خطط لها قبل أن تنهي أي كتاب تحبه ثم اقطع صلاتك مع جميع محيطك الحقيقي والافتراضي وتمتع بهذا الوقت ، لأنها ببساطة لحظات الدهشة الجميلة التي تلي كل حدث جميل .
خلال تلكم اللحظات تمر أهم الكلمات والأفكار التي تمت قراءتها في حال كان كتابا فكريا أو ثقافيا مع تمعن فيها استحسانا أو نقدا ، كما تمر أحداث ووقائع أو شخصيات الكتاب في حال كان رواية ، ويتم تخيل أشكال وأحوال الشخصيات ومآلاتهم بعد انتهاء الرواية . ويطلق البعض العنان لأفكاره لحد يتمنى لو أن أحداث الرواية كانت بشكل آخر وهي ما تسمى ( القراءة الفاعلة ) وليست ( المنفعلة ) .. وإن كان القارئ كاتبا فإنه وفي فترة صمت ما بعد القراءة قد يتمنى أن يكون هو نفسه كاتب ذلك الكتاب وقد يقول : كيف لم تخطر ببالي هذه الفكرة ؟ ولماذا لم أكتب كتابا كهذا ؟
يقول دانيال بناك في كتابه متعة القراءة : لأنه ضروري أن ندع الزمن يقوم بعملية التخمير الرائعة قبل أن يكون باستطاعتنا أن نتكلم عما قرأنا . هذا الصمت هو ضمان حميميتنا . صحيح أننا انتهينا من قراءة الكتاب لكننا لا نزال فيه . مجرد ذكره يفتح ملجأ لتمرداتنا . إنه يحمينا من "الخراج الكبير" ، ويقدم لنا نقطة مراقبة تعلو بكثير المشاهد العارضة . لقد قرأنا ، وها نحن نصمت .إننا نصمت "لأننا" قرأنا . ويقول في مقطع آخر : وأحيانا يكون التواضع سبب صمتنا ويفسر التواضع بقوله : الوعي الذاتي ، المتوحد ، والمؤلم نوعا ما ، بأن هذه القراءة ، بأن هذا الكاتب "غير حياتي" . ويضيف : أو فجأة ، هذا الانبهار الآخر الذي يعقد اللسان : كيف يعقل أن ما هزني بعنف لتوه لم يغير مجرى العالم في شيء؟ أيعقل أن يكون قرننا على ما هو عليه بعد كتاب دوستويفسكي ( الشياطين ) ؟ وأخيرا يقول : ( ما أكبرها من متعة للقارئ ، متعة الصمت بعد القراءة ) .
جديد الموقع
- 2024-04-27 صدور الكتاب الرابع عشر لـ عدنان أحمد الحاجي
- 2024-04-26 الوائلي.. في أوج العلم والثقافة والأخلاق
- 2024-04-26 القراءة خارج الدائرة
- 2024-04-26 الشيخ الصفار يدعو لمواجهة تحديات الحياة بالثقة والأمل والنشاط
- 2024-04-26 مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يكرم بر حي الملك فهد
- 2024-04-26 فرع مركز الملك عبدالعزيز بالشرقية للتواصل الحضاري يكرم مركز بر الفيصلية .
- 2024-04-25 اترك أثراً إيجابياً.
- 2024-04-25 مؤسسة رضا الوقفية تكرم الفائزين في مسابقتها التصوير الفوتوغرافي - النسخة الثانية
- 2024-04-25 «خيوط المعازيب».. والذاكرة المنسية
- 2024-04-25 ناشط قرائي