2020/03/08 | 0 | 3349
سوء الخلق...سلاح المجرم العاجز.
منذ فجر التاريخ، يَفْجُر الإنسان في خصومته وعداوته، إذا اختلف معه، حتى مع أقرب المقربين، ويصل العداء مداه إلى التصفية الجسدية، والنفسية. وكلما زادت قوة وهيمنة الخصم، زادت ضراوته وسطوته. وفي الصراعات والعداوات يستخدم كل خصم السلاح الذي يملكه ويتقنه.
وكذلك الحيوان في صراعه يستخدم السلاح الأكثر فتكاً حسب امكاناته، فالفيل سلاحه خرطومه، والأسد أنيابه ومخالبه، والقنفذ أشواكه، وبعضهم بما ينفثه من روائح وسموم وهكذا. وفي الصراعات والاحترابات والعداوات البشرية كل يستخدم ما يملكه من سلاح وسنان ولسان، وقوة وتربية وتنشئة سلبية كانت، أم إجابية، ومن هذه الأسلحة:
1- الإيمان
حسن الخلق سلاح قوي ومؤثر، يستخدمه الأخيار النبلاء، ممن يخافون الله تعالى. كما جاء على لسان هابيل مخاطباً أخيه قابيل: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ العالمين﴾ . ولهذا قال نبينا محمد صلى الله عليه و آله وسلم: : "الإيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ". فالإيمان يقيد الإنسان ويمسكه عن الانتقام والفتك.
2- الأخلاق
الأخلاق الراقية تصبح أقوى سلاح ضد الخصم. من حيث التحكم في الأعصاب بالحلم وعدم الانفعال أو افتعال العداوة. وذو الخلق سلاحه مؤثر كما عبر عنه الشافعي في قوله:
يُخَاطِبني السَّفيهُ بِكُلِّ قُبْحٍ. فأكرهُ أن أكونَ له مجيبا. يزيدُ سفاهة ً فأزيدُ حلماً. كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبا.
3- القطيعة
يكتفي بعضهم في خصومته بالقطيعة امتثالًا للقول المأثور "الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح". ويتجنب قرب الخصم ومصافحته والنظر إليه.
4- الازدراء
يجد الخصم حسب نفسيته أن القطيعة غير كافية، ولا تشفي غليله، فيتعمد النظر للخصم بنظرات عدائية ملؤها الحقد والكراهية والازدراء بنظرات شزر. والتلفظ بألفاظ نابية تتماهي مع بيئته وبيته «وكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ».
5- التحريض
تجييش الناس وشحن عواطفهم تجاه الخصم، من أخطر الأسلحة التي يستخدمها الأعداء. والمحرض يبحث عن أصحاب النفوس الضعيفة والبسطاء والخبثاء، لتحقيق غايته. وإذا كان المحرض ليس لديه وازعاً دينياً وأخلاقياً، كانت عداوته أكثر سخامةً، سيما إن كان لديه منبراً اعلامياً.
6- وسائل التواصل الاجتماعي
العداء لا حدود له، لهذا يستخدم الخصم وسائل التواصل لمآربه الدنيئة وأحقاده ضد خصمه بالتصريح وبالأسماء المستعارة أوالتلميح. أو عن طريق التعقيب عما ينشره في المواقع والحسابات والقروبات، بطرق تنم عن نفسية شيطانية.
7- التوهين
توهين الخصم والنيل منه غاية تسقيطه، يتمثل ذلك في الترصد لأخباره وتحركه وتتبعه وتحوير كلامه ونتاجه وحراكه الاجتماعي والثقافي والتشكيك فيه. والاستمانة في التقليل من أهمية ما يطرحه، حتى يبهت بريقه. ولتحقيق نزواته يقوم بتحريك أدواته المرضى من أعوانه.
8- التقطيع
في الأحساء يستخدم مصطلح (يقطع عليه) ويراد منه ترصد الخصم لخصمه، وترقب أخباره، وقد يصل الأمر في العداوة والإجرام إلى تقطيع النصيب في المصاهرة والزواج. فيتحرك الخصم من خلال طرق اجرامية باتصالات باسماء مستعارة يسانده شياطينه ممن يسبحون في مستنقع الإجرام مثل (السمكة) يلفقون ويفترون حتى لا تكتمل مراسيم المصاهرة. ونفس هذا الأسلوب يستخدمه مع أقرباء أصدقاء ورفقاء ومحبي خصمه.
9- هتك المجالس
المجالس لها آدابها وأصولها والتي أمرنا الله بها: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لكم﴾. الخصم إذا لم يردعه إيمان وتربية يتمادى في خصوماته. وتكون حماقاته مبعثها نفسيته المريضة. فيقوم بتصفية أحقاده في مجالس الناس ممن فتحوا قلوبهم قبل بيوتهم للناس لتعزيز المحبة والألفة بين المؤمنين. لكن هذا الخصم يعكر صفو الود بهتك خصمه والمجلس في آن واحد. ويترك صاحب المجلس في حيرة من أمره..! هل يثأر لكرامة من هم في حماه؟ وفي نفس الوقت يؤكد على كرامة مجلسه؟ وذلك بطلبه الخصم مغادرة المجلس..! أم لا يكترث بكرامه من أكرموه بزيارته، والتمسك بأصول وآداب المجالس؟
10- سوء الخلق
يقول الإمام علي -عليه السلام- في هذا الخصوص: "الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجِزِ". الخصم العاجز الذي لا يملك قوة مواجهة خصمه، ولا يرتكز على وقائع ودلائل يستند إليها قضائياً في خصومته، تسوقه ضغائنه إلى اغتياب خصمه والتشهير به. وهذا دليل عجزه وضعفه. وقد يتمادى في غيه بالافتراء والتضليل إذا كان المستمع على شاكلته.
والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا الخصم العاجز يلجأ إلى الغيبة والتشهير؟
الجواب من سياقات ما سبق من الفقرات. يتضح أن الخصم يستخدم ما يتقنه ويمارسه في بيته وحياته من ممارسات سلبية كانت أوايجابية. فتجد الذي اعتاد وتربى على الغيبة والبهتان والافتراء. وقضى جل حياته يتنقل من مجلس إلى آخر، قد وصل إلى احتراف هذا النسق من سوء الخلق. وتيقن بخبرته أن هذا الأسلوب ينطلي على البسطاء من الناس، وربما يجد آذانًا صاغية من ذوي النفوس الدنيئه!
وقد يتبادر للذهن السؤال التالي: أيعقل أن يقوم أحد الأفراد باستخدام هذه الأسلحة السلبية أو بعضها ضد خصمه دون وجه حق وتثبت؟
وللإجابة على ذلك نأخذها من القرأن العظيم، في سورة يوسف حيث أن سيد زليخا (زوجها) عندما تيقن ببراءة يوسف -عليه السلام- حينما ﴿شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ ومع ذلك لم يسلم نبي الله يوسف من العقاب والسجن، وذلك للتمويه على ما صدر من زليخا.
الفكرة:
تستطيع أن تتعرف على شخصية ونفسية أي فرد من خلال سلوكياته، بالذات في الخصومة. فمن يفجر في خصومتة ولا يردعه رادع، قطعاً يقع في دائرة بعيدة عن القيم والأخلاق. ليس هذا فحسب، وإنما خطره يتضخم، وسمومه تتفشى ملوثةً المجتمع بأخلاقه الدنيئة وباختصار (سيء الخلق.. يحارب بسوء خلقه)، لأنه السلاح الوحيد الذي يملكه وتربى عليه.
وهذا التلوث الخلقي من سوء التربية يجب التصدي له بقوة أخذاً بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بجهالةٍ﴾.
جديد الموقع
- 2024-09-26 افراح العبدالله والشقاق تهانينا
- 2024-09-25 سمو محافظ الأحساء يطلع على مبادرة التعليم "نعاهدكم ببناء جيل منافس عالمياً"
- 2024-09-25 مؤسسة البريد السعودي | سبل تصدر طابعاً تذكارياً بمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ 94
- 2024-09-25 برلمان الطفل العراقي حاضرا في معرض بغداد الدولي للكتاب
- 2024-09-25 رئيس مركز يبرين يهنئ القيادة بذكرى اليوم الوطني ال 94
- 2024-09-25 ( في رثاء المعلمة بتول الحمادة )
- 2024-09-25 اليوم الوطني 94 في دائرة الأوقاف والمواريث بالأحساء
- 2024-09-24 أفراح البخيتان وسادة الحسن تهانينا
- 2024-09-23 أمين عام جمعية البر بالاحساء م. صالح بن عبدالمحسن ال عبدالقادر: اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى
- 2024-09-23 حسين الجسمي يصدح في حب السعودية بأغنية "الفخر من هنا" في اليوم الوطني الـ 94