يوميات كوكب

 في يوم، او لا أعرف ماذا أسميه فهو يوم ارضي بالنسبة للمخلوق البشري الذي يعيش فوق سطحي، ولكن ما هو بالنسبة لمن يسبحون في الفضاء؟! المهم في هذا الوقت والظلام والفراغ يلفان  الكون، انا الأرض أسير في دربي الذي هيأه الله لي مع مجموعتي من الكواكب الأخرى فأنا أتبع مجرة درب التبانة العظيمة، أنهم يسمونني الكوكب الحي فأنا الوحيدة التي تسكنني مخلوقات حية! فالأجرام الأخرى لا يوجد بها هواء ولا ماء وغير صالحة للسكن، فهي إما حارة جدا لأنها قريبة من الشمس أو متجمدة لبعدها عنها. أنا مرتبطة بمجموعتي الشمسية منذ بدء الخليقة فمصيرنا واحد فنحن ندور حول النور العظيم الذي يمدنا بالطاقة، أنا الأرض لست بالقريبة من الشمس ولا بالبعيدة موقعي ملائم جدا كل ذلك لأجل المخلوق الفريد  الذي يسكنني ..."الانسان".

  اليوم الأول:

  أنا أسير مطمئنة في مجرتي والتي بدورها تسير في طريقها الى ما لانهاية. لا أعرف الى أين سنصل؟ ولكن أنا لست خائفة مع أنني كحبة رمل وسط هذه الكواكب والمجرات العملاقة، ولكن هناك قوى خارقة تحفظني، فمنذ الاف السنين لم أصطدم بشيء ولم يعترض طريقي أي من النيازك والكويكبات التي تتطاير وتتضارب من حولي في هذا الفضاء الشاسع. أسمع كلام عن وجود وحوش سوداء تبتلع كل ما يعترض طريقها. أسال الله أن ينجي مجرتنا منها.

 اليوم الثاني:

  أنا لا أمدح نفسي ولكنني متفردة من بين جميع الكواكب بوجود الهواء والماء والغطاء الأخضر، فأنا صالحة للحياة. كائنات برية وبحرية من الحيوانات والنباتات يتشاركون مياهي العذبة والبحار والجبال والسهول، ويوجد في باطني الكنوز والمعادن الثمينة كل ذلك مسخر لهذا المخلوق المعجزة..."الانسان".

اليوم الثالث: 

 دائما يوم هذا الانسان يعج بالحركة والنشاط لقد عمر الانسان منذ وجد العديد من المباني والاثار العملاقة والتي لازالت موجودة منذ الأزل تشهد على عقله الجبار وابداعه، بالرغم من ضآلة حجمه!... ولكن هذه البقع الضوئية التي حولت الليل الى نهار أثرت على الحيوانات الليلية والطيور، وأيضا جعلت أبنائي ينسون التمتع بالمظاهر الكونية الجميلة في الليل.

 اليوم الرابع: 

 أرى دخانا ضبابي كثيف  يتصاعد من خلال غلافي الأزرق الجميل، و الذي امتلأ بالثقوب! ولكن يا ترى ما الذي يحصل؟ ماذا يعملون بني البشر؟ نعم عرفت انه ضباب دخاني من المصانع والمعامل يلوث الهواء وينتقل بفعل الرياح الى مسافات بعيدة... آه انهم يقومون بحرق الأشجار، سوف يقضون على غطائي الأخضر الجميل، توقفوا... أرجوكم سوف تتصحر التربة  ويقل الاكسجين في الجو وتسقط أمطارا حمضية عليكم.

  اليوم الخامس:

الجبال الجليدية في القطب الشمالي تذوب بسرعة وبشكل كبير وذلك بفعل تلوث الهواء حيث يتغير المناخ والذي بدوره يرفع درجة الحرارة عن السنة التي قبلها. وعندما تذوب الثلوج فوق المعتاد فهذا يؤدي لاختلال السلسلة الغذائية وبالتالي موت الكثير من حيوانات المنطقة. وايضا يسبب الفيضانات في الانهار والبحار.

   اليوم السادس:

   العديد من السفن العملاقة كسفن الشحن لنقل البضائع وغيرها تجوب البحار وتلوث المياه وبعضها ترمي المخلفات الكيمائية الضارة وتطمرها في البحر بعيدا عن أي مسائلة أو تجريم. الا تعرف انها بذلك تقضي على الكائنات الدقيقة والعوالق وتكسر السلسلة الغذائية.

 اليوم السابع:

  البراري والبحار مليئة بالبلاستيك؛ أكياس وأطباق وقناني مختلفة، لقد تلوثت بحاري الزرقاء وشواطئي الجميلة تكدست فيها النفايات، كيف سأتخلص من هذه المواد الصلبة؟ كيف سأحللها؟ أنا لا قدرة لي على ذلك فهذا يحتاج الى مئات السنين.

  اليوم الثامن:

   انا لدي قمر واحد مضيء ناصع البياض يؤنسني في ليلي يتغزل الشعراء بجماله ولكني في الفترة الأخيرة أرى الكثير مما يسمى بالأقمار الصناعية تدور من حولي انها بشعة جدا وبعضها تلف وتكسر و تناثرت قطعه في الفضاء لا يستفاد منها، لقد تلوث الفضاء من هذه الخردة.

  اليوم التاسع: 

      حيوانات ونباتات كثيرة كانت غاباتي وبحاري وصحاريَّ تتزين بها وبجمالها بدأت بالانقراض لكثرة التلوث وتدمير بيئتها الطبيعية، أنا حزينة جدا وبدأت أبكي و أئن من الوجع فلا أحد يشعر بي.

   اليوم العاشر:

 أصبح أبنائي لا يطيق بعضهم الأخر وسادت بينهم الحروب وصاروا يتقاتلون على كل شيء: المعادن والمياه وعلى الجغرافيا والمواقع الاستراتيجية، كل يتدخل في شؤون الاخر ويريد موته!!! واستخدموا لذلك أبشع أنواع الأسلحة الفتاكة ومنها النووية والجرثومية التي تقتل البشر والحجر! لقد وصل بهم الانحدار الأخلاقي الى درجة التوحش !!! الا يعلمون أنني مليئة بالخيرات التي تكفيهم جميعا، قلبي يتقطع من الألم لقد قتلوا كل شيء جميل.

اليوم الحادي عشر: 

لقد خفَّـت البقع الضوئية وخفـَّـت الادخنة الضبابية في هذا اليوم، سوف ألقي نظرة عن كثب لأعرف ماذا يجري.... يا الهي الشوارع والميادين العامة والمتاحف والحدائق كلها خالية من بني البشر وهذا ليس في منطقة واحدة انه في جميع أرجائي! يا ترى ما الذي حصل؟ أين ذهب الجميع؟.....