2019/09/03 | 0 | 2892
ومضة حسينية (٢) (3)(4)
ومضة حسينية (٢) الحسين عَبْرَةُ كل مؤمن
عن أبي عبدالله عليه السلام «قال: نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسين فقال: يا عَبْرَةَ كلِّ مؤمن، فقال: أنا يا أبتاه؟ قال: نَعَم يا بُنيَّ».
من يقرأ أو يسمع عن سيرة الإمام الحسين عليه السلام فيما جاء في واقعة الطف وفي الحد الأدنى من الأحداث التي حصلت للإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وبني هاشم وأصحابه من الأنصار (على سبيل المثال: عطش الأطفال، وذبح الأطفال، وقطع الرؤوس، وحرق الخيام، وسبي النساء؛ ومقولة: خوارج، وقتل بسيف جده؛ وإظهار الفرح والسرور بمقتلهم)، لابد أن تختنقه العبرة. وهذه العبرة ليست لاشعورية وإنما صادرة عن وعي تام بهول الفاجعة التي عايشها الإمام الحسين عليه السلام ومن معه.
وهذه العبرة إذا صدرت من مؤمن بقضية الإمام الحسين عليه السلام تكون عبرة حارة ممزوجة بحب الحسين عليه السلام ومعرفته، وهذا الحب ليس حبا عاطفيا فحسب وإنما هو حب صادر عن عقيدة إيمانية أصل لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حين ولادة الإمام الحسين عليه السلام. فالمؤمن عندما يبكي على مصيبة الحسين عليه السلام يبكي عن وعي ومعرفة تامة بالإمام الحسين عليه السلام وعن إيمان بقضيته الكبرى التي حملها بين جنبيه وناضل من أجلها.
لذلك كتب الله سبحانه وتعالى الخلود لنهضة الإمام الحسين عليه السلام في ضمير الأمة. تتجدد نهضته كلما هل هلال شهر المحرم في كل عام هجري جديد. يتكهرب المؤمنون والمؤمنات بالشعاع الصادر عن وهج عاشوراء الحسين عليه السلام، فتجدهم يهرعون إلى مجالس أبي عبد الله الحسين عليه السلام لينهلوا العِبْرَةَ من الحسين عليه السلام ويذرفون العَبْرَةَ عليه عليه السلام.
ومضة حسينية (٣) لا يوم كيومك يا أبا عبد الله
روي عن الإمام الحسن عليه السلام في حديث طويل عند احتضاره، قوله؛ "لا يوم كيومك يا أبا عبد الله".
لا نافية للجنس تنفي أن يكون في الوجود الدنيوي يوم كيوم أبي عبد الله الحسين عليه السلام. لا شك أن يوم رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى يوم عظيم، وأن يوم استشهاد فاطمة الزهراء عليها السلام يوم عظيم، وأن يوم استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام يوم عظيم، وأن يوم استشهاد الإمام الحسن عليه السلام يوم عظيم. وقد بكى الإمام الحسين عليه السلام لما رأى أخاه الإمام الحسن المجتبى سلام الله عليه يجود بنفسه. قال له الإمام الحسن عليه السلام: لا يوم كيومك يا أبا عبد الله. قول معصوم صادر من إمام معصوم.
ما الذي يجعل يوم عاشوراء ليس كمثله يوم؟ هل لأن فاجعة كربلاء تعد مجزرة انتقامية؟ انتقم فيها بنو أمية من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أم، هل لأن الأعداء في جريمتهم لم يفرقوا بين طفل وشيخ ولا بين رجل وامرأة؟
لقد حدثت مجازر كثيرة في تاريخ البشرية وذهب ضحيتها الملايين من البشر، في حين أن عدد الذين استشهدوا مع الإمام الحسين عليه السلام فقط ٧٢ شهيدا. وقد استخدمت في تلك المجازر أبشع وسائل الحرب والتنكيل والتعذيب وقد تفوق في فضاعتها لما حدث في يوم عاشوراء. إذن ما السر في ذلك؟
أخال أن السبب الحقيقي في كون يوم الحسين عليه السلام ليس كمثله يوم، لأنه يوم مصيري، يضع حدا فاصلا بين حزب الله وبين حزب الشيطان. أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم هي خاتمة الرسالات وجاءت الرسالة عامة للعالمين. وأراد الشيطان وحزبه أن يقفوا ترهيبا وترغيبا ضد تحقيق رسالة السماء.
فجاء يزيد ممثلا عن الشيطان حيث أراد أن يعيدها جاهلية كما كانت قبل الرسالة المحمدية وقد تمثل ببيت شعر ابن الزبعرى:
لَعِبَتْ هاشمُ بالملكِ فلا خبرٌ جاء ولا وَحْي نَزَلْ
فلو لم يقف أحد من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في وجه يزيد لكان له ما أراد، ولفرح ابليس بالإنجاز العظيم. ولذهبت جهود النبي صلى الله عليه وآله وسلم على مدى ٢٣ سنة هباء منثورا.
ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يثور الإمام الحسين عليه السلام في وجه الظلم والفساد بكل أشكاله، ليعيد الأمة إلى صوابها ويرجعها إلى طريق الله المستقيم. فكان حقيق للحسين عليه السلام أن يقول فيه الإمام الحسن عليه السلام: لا يوم كيومك يا أبا عبد الله.
ومضة حسينية (٤) يا جون إنما اتبعتنا طلبًا للعافية
جون بن حوى أو بن حواء، مولى لأبي ذر الغفاري رضوان الله عليهما. كان جون من أصحاب الإمام علي عليه السلام ومن أصحاب الإمام الحسن عليه السلام ومن أصحاب الإمام الحسين عليه السلام. فجون عاصر ثلاث أئمة من أئمة أهل البيت عليهم السلام. فشرب من معين أهل البيت الصافي ونهل من علمهم وأخلاقهم.
جون رضوان الله تعالى عليه قدم كربلاء مع الإمام الحسين عليه السلام. فلما كان يوم عاشوراء استأذن جون من الإمام الحسين عليه السلام للنزول إلى المعركة، فقال له الإمام الحسين عليه السلام: (يا جون إنما اتبعتنا طلبًا للعافية وإنا نجعلك في حِل من نصرتنا). قال جون: أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدة أخذلكم. مع أن الإمام الحسين عليه السلام أرخص له في الذهاب إلى حال سبيله وقد أحله من نصرته، إلا أن جون أصر على البقاء وآثر الجهاد بين يدي الإمام الحسين عليه السلام على الرحيل، وقال جون: يا أبا عبدالله إن لوني أسود وأن نسبي لئيم وأن ريحي نتنٌ، فتنفس علي بالشهادة معك يبيض لوني ويطيب ريحي ويحسن حسبي ونسبي. فأذن له الإمام الحسين عليه السلام. فجاهد جون حتى هوى صريعا واستشهد بين يدي الإمام الحسين عليه السلام.
ودعا له الإمام الحسين عليه السلام: (اللهم بيّض وجهه وطيّب ريحه وارفع حسبه ونسبه وأدخله الجنة مع محمد وآله الطاهرين). ويروى في الأخبار عندما جاء الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يواري جثمان الشهداء في كربلاء: الإمام الحسين عليه السلام وبني هاشم وأصحابه، وقد شاركه بنو أسد في مواراتهم. فكان بنو أسد يشمون رائحة طيبة فلما تتبعوها وجدوها تفوح من جسد الشهيد جون رضوان الله تعالى عليه، وسرعان ما استجيبت دعوة الإمام الحسين عليه السلام في حقه في الدنيا وهو ينتظر استكمالها في الآخرة.
هنيئا لك يا جون هذه الشهادة وهذه الجوائز التي فزت بها. وهنيئا لك يا جون زيارة الملايين لك مع أصحاب الإمام الحسين عليه السلام عندما يقولون: السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
وموقف آخر مع الشاب أسلم التركي مولى الإمام الحسين عليه السلام، عندما سقط صريعا، وكان بأسْلَمَ رَمَق من الحياة، ففتح عينيه وإذا به يرى إمامَه وسيّدَه الإمام الحسين عليه السلام واضعا خدَّه على خدّه يغمره بحنانِ الإمامة وعطفها، فتبسّم أسْلَم، وابتهجت روحه وهو يُحتضَر، وتَمتَم بهذه الكلمات: مَنْ مِثْلي؟ وابنُ رسولِ اللهِ واضعٌ خدَّه على خَدّي!
ومن الملفت في واقعة الطف أن الموالي الذين استشهدوا مع الإمام الحسين عليه السلام كان عددهم ١٢ شهيدا وقيل ١٤ شهيدا، أي تقريبا ٢٠٪ من عدد شهداء الطف (خمس الشهداء). وهذا العدد يعتبر كبيرا بالنسبة لعدد الشهداء. وهم: نصر (مولى الإمام علي) ، أسلم التركي (مولى الإمام الحسين)، جون (مولى أبي ذر الغفاري)، الحرث (مولى الحمزة)، الحباب (مولى عامر التميمي)، رافع (مولى مسلم الأزدي)، سالم (مولى عامر العبدي)، سالم (مولى بني المدينة الكلبي)، سعد (مولى الإمام علي)، سعد (مولى عمر بن خالد الصيداوي)، سليمان بن رزين (مولى الإمام الحسين)، شبيب (مولى الحرث الجابري)، شوذب (مولى عابس الشاكري)، والحارث بن نبهان (مولى الحمزة).
جميع هؤلاء الموالي الأحرار كانوا من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام وأنصاره. جاهدوا بين يديه واستشهدوا تحت لوائه. ففازوا معه بالدارين. خلدت أسماؤهم في التاريخ. ولهم الجزاء الأوفى في الفردوس الأعلى.
جديد الموقع
- 2024-05-04 افراح الدويل و الغزال في احلى مساء بالاحساء
- 2024-05-04 عميدة اسرة العليو بالاحساء في ذمة الله تعالى
- 2024-05-04 فريق طبي في مدينة الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) الطبية يجري عملية تثبيت وتعديل الفقرات القطنية لمريض بعمر (56) عام
- 2024-05-03 مستشفى اليرموك التعليمي يجري عملية قسطارية طارئة لمريض يعاني من احتشاء العضلة القلبية
- 2024-05-03 مستشفى الأمام علي (عليه السلام) العام في بغداد يجري عملية تداخل قسطاري طارئ لمريض يبلغ من العمر 48 عام
- 2024-05-03 "بيئة الأحساء تنفذ يوم بيئي مع جماهير نادي الفتح الرياضي"
- 2024-05-03 النجف رصاصة طائشة تصيب زائر أثناء تأدية صلاة المغرب في الصحن الحيدري
- 2024-05-03 بعد عقم دام 7 سنوات أسرة ترزق بتوأم في مستشفى كمال السامرائي
- 2024-05-03 طوارئ مستشفى الحلة التعليمي في بابل تنقذ حياة طفل تعرض إلى صعقة كهربائية
- 2024-05-03 مستشفى بعقوبة التعليمي في ديالى ينجح بإجراء عملية تطويل عظم الساق لمريض يعاني من قصر الطرف السفلي