2013/05/03 | 1 | 4343
لقاء حواري مع الأستاذ و الفنان التشكيلي سامي الحسين
فكان التساؤل من جمهور المتذّوّقين أين صاحب هذه اللوحات ؟
رغم أنه ربما يتوارى ,أو يُزوى من المشاركة إلا أن الأستاذ سامي الحسين , يستوقف المتلقيّ , بلوحاته ,و بمواصلته الدؤوب في المشاركة و الإنتاج .
و هنا نحاول عبر هذه الشرفة نحاول أن نطلّ على دنيا (الأستاذ سامي الحسين و حياته مع الريشة ).
-
بطاقة تعريفية :
الاسم : سامي علي الحسين
الميلاد :
العمل : معلم تربية فنية
المؤهلّ : بكالريوس تربية فنية- جامعة الملك سعود بالرياض
الاهتمامات : الفن التشكيلي
المشاركات , الفردية و الجماعية :
-
العضويات :
· لا نستغرب أن يبرز في الأحساء فنانون تشكيليون , فالجمال محيط بها من كل مكان , متى اكتشفت , ميلك و قدراتك الفنية ؟
أذكر أنني كنت في رحلة علاجية مع والدي في الهند عندما كان عمري 11 سنة تقريبا حيث شاهدت بالصدفة مجلة فنية الكثير من اللوحات والرسومات التي اثرت في نفسي، ومن دون لا اشعر بدأت في عمل تخطيطات ورسومات كانت نواة أو بداية معرفتي بأنني أمتلك موهبة جيدة في الرسم، وقد تطورت بعد ذلك في المرحلة المتوسطة، حيث كنت أجد كلمات الإعجاب ممن يشاهد رسوماتي حيث كان البعض ينصحني بالتوجه لمعهد التربية الفنية بعد المرحلة المتوسطة والذي كان لايزال مفتوحاً في تلك الفترة، لكني واصلت دراسة الثانوية العامة وبعدها دخلت في التربية الفنية بجامعة الملك سعود بالرياض .
· أكثر فناني الأحساء ممن عاصر العيش , في فرجان الهفوف , أو المبرّز القديمة , وجدنا لأثار جماليات الأحساء الأصيلة , المعمارية و المهنيةّ بصماتها في أعمالهم
كيف أثّرت فيك مراحل الطفولة و مشاهداتها , في أعمالك و توجهاتك ؟
بالتأكيد ففي ذاكرتي مخزون عظيم من تراث الأحساء وماضيها العريق فقد عشت وتربيت في فريج الرقيات في حي الرفعة في مدينة الهفوف، فقد كان فريج الرقيات يشكل عصب الحياة لمدينة الهفوف بسواعد أبناءه ورجاله الكادحين الذين ساهموا في تطور ونمو مدينتهم في مختلف المهن والحرف التي كان أهالي هذا الحي يزاولونها، من فلاحين ونجارين وبنائين، حتى النساء كن يعملن في بعض المهن التي تساعد الأسرة على تحمل صعوبة الحياة .
صور كثيرة لاتزال عالقة في مخيلتي ولا تفارقني، كتجمعات الفلاحين في الصباح الباكر "المجيرية" في أطراف الحي، والنجارين الذين يعملون أمام منازلهم، تلك المنازل الجميلة التي كانت تتسم بالبساطة والجمال، إضافة إلى عفوية الأطفال وهم يمرحون وسط برك الماء التي كانت تتجمع وسط ساحة الرقيات المنخفضة، حيث كانت هذه الساحة ملتقى ومتنفس أهالي وأطفال الحي بشكل يومي وفي المناسبات الدينية والاجتماعية والاحتفالات والأعياد، ويقع مسجد الرقيات جنوبي هذه الساحة ومن هنا اكتسبت أهميتها حيث كان يمر بها يومياً المصلين وطلبة العلم والوجهاء من الرقيات والأحياء المجاورة، فقد عاصرت الشيخ علي بن شبيث قدس سره الفقيه العالم الذي كان الناس يحرصون على الصلاة من خلفه، لتقواه وزهده وورعه .
· أكثر آبائنا كانوا من أرباب المهن , و الطابع العام لمهن الأحسائيين الأصيلة , أنها تغذّي الجمال لمحيطها , كيف أثرت مهنة والدك في حسّك الجمالي .؟
لقد ولدت وسط عائلة فنية يمارس أفرادها فن من أرقى الفنون التقليدية المحلية في الأحساء وهي النجارة، فعائلة الحسين نجاجير معروفين منذ القدم، فهم أساتذة نجارة الأبواب التقليدية بأنماطها وطرزها الفنية المختلفة، وبما تحمله من نقوش وزخارف خشبية فريدة، إضافة لأغراض النجارة الأخرى التي تتطلب مهارة وقدرة فنية ليست بسيطة، في هذه الأجواء الفنية المشبعة برائحة الأخشاب وأنواعها وأشكال الأبواب الخشبية المختلفة والشبابيك، ترعرعت وأنا أنظر بإعجاب لما يقوم بها والدي وأعمامي من تخطيطات ورسومات على أخشاب السدر والأثل بعد تشريحها إلى شرائح متساوية لتفصيل الباب المسماري وعمل خشم الباب في وسطه، كانت أيام جميلة ونحن نحاول عمل لعبة "الزنبور" والقاري الحساوي الصغير، وهي أعمال بسيطة كان الصبية يتدربون فيها على مهنة النجارة من خلال هذه الأعمال البسيطة .
· مرحلة المدرسة , مهمّة جدا - مع قصر فترة دراسة الفن أو ممارسته فيها – هل أخذت بيدك مرحلة الدراسة و خطت بك نحو درجات الترقي في سلّم الفنّ و التشكيل ؟
أجمل مافي مرحلة الدراسة الابتدائية هو خروجي كطفل صغير من المنزل وتعرفي على أصدقاء ورؤيتي لمشاهد جديدة، حيث كنا نستمتع بالوقوف في طريقنا من وإلى المدرسة بالمرور على بعض الأماكن التي نعرفها أو المحلات القريبة، وكنا مع بعض أبناء عمومتي نعلق الدراسة في بعض الأيام ونلجأ إلى منجرة والدي من دون علمه نتناول الفطور بالقروش التي يساهم بها كل فرد منا، كما أن الرياضة وممارسة كرة القدم كانت هي السمة الأبرز في طفولتي، في المدرسة وخارجها حيث كنا نؤسس مع بعضنا أفرقة حواري للمنافسة مع فرق أخرى .
ولا أذكر أن في المدرسة أنني تلقيت اهتمام أو تشجيع في حصة التربية الفنية، لكن المرحلة الهامة التي أعتبرها شكلت وعيي وذائقتي الفنية كممارسة حديثة للفن كانت في الجامعة، حيث درست الفنون في جامعة الملك سعود التي تظم نخبة متميزة من الأكاديميين والتشكيليين أمثال الفنان الكبير الدكتور عمر نجدي الذي شكل بالنسبة لي علامة بارزة في حياتي من خلال مشاهدتي لأعماله ومحاضراته في الفن، كذلك الدكتور محمد فضل، أما بعض المدرسين في الجامعة كانوا مجرد محاضرين وليس لهم بصمة أو ممارسة فنية تذكر، وقد جمعتني فترة الدراسة الجامعية بالعديد من الطلبة الذين أصبحوا أسماء لامعة في الفن التشكيلي كرفيق دربي الفنان عبدالحميد البوحمد، والفنان عبدالعظيم الضامن .
· في الفترة ألتي بدأ أسمك يبرز . كان عدد الفنانين في جيلك غير قليل , و يمثّل رقما مهمّا من مجموع المشتغلين بالفنّ التشكيلي , على مستوى الوطن , لكن ذلك العدد و الأسماء تقلّصت بعدكم . ما الأسباب التي تعزوها لذلك ؟
لقد كان وجودي إلى جانب أسماك كبيرة تسبقني بسنوات طويلة من الخبرة والممارسة والمعرفة بالتشكيل أكبر محفز لي ووضعني أمام تحدي كبير استطعت بفضل الله تجاوزه واثبات وجودي وسط تلك الأسماء المعروفة، كالفنان عبدالحميد البقشي والفنان المرحوم محمد الصندل، والفنان عبدالرحمن السليمان، اليوم عندما أرجع لتلك الفترة وبالتحديد في الثمانيات والتسعينات التي كان فيها النشاط الفني التشكيلي في أوجه مع بداية تواجدي في الساحة الفنية كنشاط واضح وملحوظ وبخاصة الجهات الرسمية الداعمة لهذا الفن فرعاية الشباب وجمعية الثقافة والفنون والأندية الرياضية كانت تقوم بدور كبير في رعاية الفنانين وإقامة المعارض التشكيلية بصورة مستمرة، ولنأخذ تجربة نادي الجبيل، رغم أنه لم يكن نادي رسمي إلا أنه قام بنشاط تشكيلي ملحوظ واستطاع رغم بساطة إمكاناته أن يواكب تطور الحركة التشكيلية في الأحساء وأن يستقطب العديد من الأسماء اللامعة والجديدة
· يواجه الكثير من الفنانين عثرات , غير قليلة ماذا واجه ( سامي الحسين) من عثرات , كيف قفز عليها؟
يحتاج الفنان التشكيلي أن يتحلى بالصبر والمرونة فالفن في بلادنا طريقه صعب ويحتاج للكثير من التضحيات، أولها الهاجس الفني الذي طالما عاش معي وهو كيف يكون انتاجي مميز وغير مسبوق، أركز كثيرا في أعمالي التشكيلية أن تكون مميزة وموضوعاتها غير مطروقة، أستغرب من الفنانين الذين يكررون أنفسهم في كل مرة أو يتفاعلون مع تجارب فنية أشبعها غيرهم من الفنانين، هذه الإشكالية أركز عليها كثيرا وفي نظري هي من صلب العمل الفني والتشكيلي، كيف أضع نفسي في خانة وزاوية فنية تخصني وحدي وتعبر عن نفسي .
كما أن المشاركات في بعض المناسبات والمعارض تواجه أحيانا بعدم اهتمام الجهات المنظمة للمعارض الفنية بالفنان أواللوحات وبطريقة تخزينها مما يعرضها للتلف .
· يحتاج الفنان لمراحل , وأطوار عديدة كي يكسب , هويته الخاصّة , ما المراحل التي مررت بها عبر تجربتك الشخصية ؟
يمكن أن أعتبر أهم المراحل الفنية التي مررت بها تبتدأ بعد تخرجي من الجامعة، حيث كنت أرسم بالألوان المائية وغيرها كدراسة لمواضيع تقليدية وصور عامة من الحياة اليومية، بعدها انتقلت لمرحلة أكثر عمقاً بسبب انجذابي للمدرسة السريالية حيث كنت أنتج فيها أعمال تحمل بصمة سريالية ولكنها ذات عناصر محلية، وهي المرحلة المهمة التي قادتني لاكتشاف نفسي وميولي نحو بيئة الأحساء الغنية التي أعيش فيها، فقد أثار فضولي أشياء مهملة لم يكن يلتفت إليها أحد، حيث ركزت جولاتي بين المزارع وطرقات النخيل المتعرجة لأجد فيها تلك العفوية ليس للأشجار والنخيل الخضراء الباسقة وإنما لبقايا جذوع الأشجار المرمية على جوانب الطرقات الزراعية بجذورها والتواءات أغصانها كانت تجد طريقها بسرعة الى نفسي، لقد استطعت منح تلك الجذور والتواءات الأغصان والشجيرات المهملة الملتصقة بالأرض والطين روح الفنان الذي يرى فيها الشيء الكثير، لقد مر زمن طويل على هذه الشجرة مرمية على الأرض أنا من انتبهت اليها وأعطيتها من اعجابي وألواني ما سلط الضوء عليها بعد أن كانت مرمية مهملة .
حاولت من خلال تلك التجربة أن أصل فيها لمعنى لقيم جليلة وعظيم، ومعاني أصيلة تنسحب حياتنا البشرية، ترتبط بقيم الأصالة واعتزاز الانسان بأصله وجذوره وأنه لايمكن أن يتخلى عن أصله ورحه حتى لو اقتلع من مكانه فسوف يظل ملتصق بأصله وبأرضه، وهي الحالة الشعورية نفسها التي أسرتني في هذه الجذور التي أقتلعت عنوة من الأرض لاكنها لم تخرج إلا ببقايا الأرض التي كانت تنعم في ظلها وتمد جذورها فيها، وقد كانت تلك التجربة جميلة وفريدة استطعت من خلالها خلق بصمة خاصة بي، أثبتت لي صدق توجهاتي من خلال كلمات الاعجاب والجوائز التي حصلت عليها، فقد حولت الحجارة المرمية والاغصان الملتوية الملتصقة بجذورها إلى حياة نابضة مفعمة باللون والتكوين الفني .
في الفترة الأخيرة اختلفت معالجاتي بسبب توسع مداركي الفنية إلى مرحلة أكثر نضجا وأكثر حداثة على صعيد الخط واللون والتكوين والخامة أيضاً، بحيث اضفت مواد أخرى كتكنيك مختلف ظهر في أعمالي الأخيرة والتي لا تزال تدور في فلك أفكاري ورؤاي والمنهج الفني التي أعتمد عليه في إيصال رسالتي الفنية للمتلقي .
· الاختلاط والتجربة , توفران المزيد من الخبرات, للفنان كيف استفاد سامي الحسين من محيطه من الفنانين, بمن تأثّر منهم ؟
الجو الفني والتجربة لايمكن أن تتشكل للفنان بمعزل عن محيطه وبالتجارب الفنية التي يحتك بها، فهي من أهم العوامل التي تتحكم في حياة الفنان سلباً وإيجاباً، ومن حسن الحظ أن بيئة الأحساء غنية ليست في طبيعتها فقط، وإنما في تجارب المبدعين الذين يعيشون فيها، ولقد كان لي اختلاط مع مجموعة من الفنانين ممن عاصرتهم، وقد أبهرتني تجربة الفنان عبدالحميد البقشي وكنت حريصاً على متابعة أعماله في مراحله المختلفة القديمة والحديثة، وكذلك الفنان عبدالرحمن السليمان الذي كان له فضل كبير في تشجيعي ودفعي للأمام، والفنان عبدالمنعم السليمان، كما كانت علاقتنا الجيدة بفناني القطيف واختلاطي بهم أثر كبير في توسع مداركي الفنية من خلال الزيارات الفنية المتبادلة والحوارات الفنية الهادفة، مع الفنان علي الصفار وعبدالعظيم شلي وزمان جاسم والفنان ومنير الحجي .
· أين يصف سامي الحسين نفسه الآن ؟
أحمد الله فقد استطعت خلال مسيرتي الفنية أن أضع لي بصمة واضحة وأن يكون لاسمي حضور جيد في المحافل والمناسبات الفنية، لكني لا أزال أطمح للكثير من العطاء والتجارب الفنية التي أتمنى من الله العلي القدير أن يمنحنا الصحة والعافية لمواصلة تلك التجارب .
· كأحد المشتغلين بالفن التشكيلي , كيف تقيّم النشاط الفني , لدى فناني و فنانات الأحساء ؟
من المعروف أن الأحساء لها مكانة كبيرة في الفن التشكيلي من بين مناطق المملكة، وفيها اسماء فنية لامعة، تعدت المستوى الإقليمي والمحلي، لكن بصراحة النشاط التشكيلي عند فناني الأحساء مع الأسف الشديد ضعيف وقليل ولا يرقى أبداً للمستويات الفنية التي يتمتعون بها، بالتأكيد هناك بعض العوامل التي لاتساعد الفنان في الأحساء على تفعيل نشاطه، منها قلة الصالات والمحترفات الفنية، أو لنقل انعدامها، وبخاصة الصالات الفنية التي تحتضن فعاليات تشكيلية متواصلة طوال العام كما هو موجود في مدينة جدة مثلاً، إضافة للشروط الصعبة من الجهات الرسمية في إقامة المعارض، إضافة إلى عدم وجود ممولين أو مقتنين للأعمال الفنية في الأحساء يساهمون في تشجيع الفنانين والشباب بشراء أعمالهم، لكن من المفترض أن النشاط الفني لفناني الأحساء أكثر حيوية مما هو عليه الآن .
· يرى المتابعون أنّ كفّة الفنانات , في المرحلة الأخيرة راجحة على كفّة الفنانين , عبر المشاركات المتواصلة في المعارض الشخصية والجماعية .كيف ترى هذه الملاحظ؟
برزت في الفترة الأخيرة مجموعة من الفنانات اللاتي أثبتن جدارة المرأة في هذا المجال، من خلال النشاط الواضح والتواجد المستمر في الساحة التشكيلية مدعوما بعوامل انفتاح المرأة وباهتمام الجهات الراعية للفن التشكيلي بالعنصر النسائي، فوزارة الثقافة والفنون على سبيل المثال تنظم معارض جماعية مستمرة خاص بالفنانات تحت عدة مسميات، كما أن بعض الفنانات تعدى نشاطهن التشكيلي إلى خارج الوطن، لكن أن تكون كفة الفنانات راجحة على كفة الفنانين فيه شيء من المبالغة فالحالات الفردية لايمكن اعطاءها صفة العموم .
· يلاحظ المراقب أنّ هناك أسماء تبرق ثمّ تختفي من الساحة الفنيّة في الأحساء , لماذا تغزو ذلك الأمر ؟
هي ظاهرة موجودة في الوسط الفني عموما وليست في الأحساء فقط فالثبات في حقل الفن التشكيلي يحتاج للكثير من الصبر والتضحيات، وبخاصة في هذا العصر، فمراحل الحياة في وسطنا تسير بنمطية معينة وإيقاع محدد المعالم مسبقا، من مرحلة الدراسة إلى الوظيفة ثم الحياة الزوجية ومسؤولية الأولاد والأسرة، ومنها إلى توفير مسكن مناسب وفي سط هذه التقلبات الاجتماعية والاقتصادية، من الصعب أن يجمع الفنان بين استمرارية مشروعه كفنان يحتاج للكثير من الوقت والتفرغ، وبين خوض غمار هذه الحياة بنمطيتها المعهودة وكي لا يصاب بعقدة اجتماعية بسبب نظرة الناس له كمتخلف عن مواكبة متطلبات الحياة، كما أن بعض الفنانين ممن تركوا الساحة الفنية بسبب قلة تحملهم لبعض المشاكل التي قد يواجهونها في الساحة الفنية من عدم انتظام المشاركات وتأخر وصول الأعمال وفقدانها أو وصولها تالفة وبعض المحسوبيات في المسابقات الفنية .
· هناك أسماء كثيرة في الساحة التشكيلية في الأحساء , من في نظرك تجده امتلك بصمة مميزة , و ريشة نابضة ؟
مع أن عمر الفن التشكيلي كممارسة حديثة في بلادنا لاتعتبر قديمة جداً، فالجيل الأول من الفنانين لايزال بعضهم على قيد الحياة، إلا أن الأحساء كانت منذ بداية الحركة التشكيلية في المملكة لها وجود فاعل ومؤثر وبرز منها العديد من الفنانين الذين اثروا الحياة التشكيلية وكانت لهم بصمة مميزة كالفنان المبدع عبدالحميد البقشي .
· هل تجد أنّ هناك أسماء واعدة ,من جيل الشباب و الشابات ؟
حركة الفن التشكيلي تمر بمراحل مختلفة، حيث تظهر في بعض السنوات مجموعات متميزة من الفنانين والفنانات، وأحيانا نلاحظ بعض الركود خلال بعض السنوات، غير أن ذلك لايعني عدم وجود أسماء واعدة من جيل الشباب والشابات فقد شاهدت خلال الفترة التي قضيتها كمشرف لقسم الفنون التشكيلية في جمعية الثقافة والفنون أعمال مميزة وناضجة، و توجد في الساحة الفنية العديد من الأسماء الفنية التي يمكن أن تشكل مستقبل زاهر في الحياة الفنية، وفي حقيقة الأمر أن فرص الاطلاع والثقافة الفنية متوفرة في الوقت الحالي أكثر بكثير مما كان عليه الوضع عندما بدأنا نشاطنا الفني، لكنها تحتاج للصبر والمثابرة .
· يرى الكثيرون أن عدسة الكاميرا الرقمية , قد اختطفت الكثير من الفنانين , حرمت التشكيل من عطاءاتهم , و كذلك صرفت الناشئة عن الاقتراب من ولوج درب صعبةج و مكلف مثل الرسم .كيف تعلّق على هذه المقولة ؟
لعبت الكاميرا الفوتوغرافية أدوار هامة على صعيد الحياة الفنية، وقد مرت هذه الآلة بمراحل متطورة لعلنا نعيش هذه الفترة أوجها بما يعرف بعصر الصورة، في البداية كانت الكاميرا خادم جيد للفنان الرسام في تسجيل بعض اللقطات التي يقوم برسمها في المرسم، وفي بعض الأماكن التي يصعب للذاكرة الاحتفاظ بتفاصيلها، لكنها اليوم دخلت عليها تطورات هائلة أغرت جيل الشباب بالتوجه للتصوير الفوتغرافي كفن اصبح له مرتاديه ومنتدياته ومؤسساته ومنافساته من خلال المسابقات المحلية والدولية التي لاتهدأ طوال العام، لكن يظل للوحة التشكيلية نكهتها الخاصة وطابعها المميز التي لايمكن أن تقوم بها آلة التصوير، ويظل للريشة واللون إغراء من نوع خاص لايمكن لاتعرفه عدسة التصوير .
· كيف تقيّم دور جمعية الثقافة و الفنون بالأحساء في دعم الفنانين ؟
تعتبر جمعية الثقافة والفنون بالأحساء من أكثر الجهات الداعمة للفنانين، كما أن جمعية الثقافة بالاحساء هي من أنشط الجمعيات على مستوى المملكة فنشاطها مميز ومستمر طوال العام، لكنها ترتبط بجدول محدود للفن التشكيلي بسبب تعدد أنشطتها في المسرح وباقي الفنون, لكنها كانت ولا تزال الجهة الأبرز في دعم الحركة التشكيلية في المملكة العربية السعودية، فرغم تأسيس جمعية التشكيليين السعوديين وفرحة التشكيليين بهذه الجمعية إلا أننا إلا الآن لم نر منها شيء رغم مرور أكثر من خمس سنوات على تأسيسها .
· كفنان متابع , كيف تقيّم جمهور الفنّ التشكيلي في الأحساء ؟
الناس في الأحساء بطبيعتهم يحبون الفن ومشاهدة الأعمال الفنية، وهو جمهور متذوق ونستفيد من بعض الآراء الفنية من بعض الجمهور المتابعين للحركة التشكيلية، وهو مالمسناه في الكثير من المعارض، لكن الملاحظ هو وقوف الجمهور المحلي عند مرحلة فنية واحدة لم يتعداها، وهي النظر للفن التشكيلي واللوحة على أنها لتجسيد صور وأشكال من الواقع والطبيعة وكل ماله صلة بالجوانب التراثية .
مشكلة جمهور الفن في الأحساء أنه غير مطلع أو متابع للحركة الفنية التشكيلية وهذا يحد من مستوى معرفة الجمهور وثقافته الفنية التي لا تتشكل إلا بالاطلاع على النشاط التشكيلي بمختلف أشكاله ومدارسه، قد نلتمس العذر لقلة المعارض التشكيلية والصالات الفنية، التي بلا شك تزيد من ثقافة المجتمع في هذا الجانب، لكن وسائل الاتصال أصبحت متوفرة بحيث يمكن الاطلاع على مختلف التجارب والمعارض الفنية في أي وقت من خلال المواقع التي تهتم بهذا الشأن وهي كثيرة
· و كفنان أيضا , كيف ترى مكانة الفنان التشكيلى وسط المبدعين الآخرين ,الشاعر القاص الروائي ...و غيرهم في من الناحية الاجتماعية .
تعتبر الفنون التشكيلية والفنون الأدبية ابداع متجدد ومشترك، فالفن التشكيلي يلتقي مع الأدب في كثير من المسارات، أنا بالنسبة لي أقف كثيرا أمام بعض القصائد وأراها لوحة فنية مكتوبة تحتاج إلى رسم، من هنا لا استغرب الحس الفني المرهف لدى اخواني الأدباء والشعراء فهم أكثر الناس فهما لطبيعة الفن التشكيلي وقراءة اللوحة والتأمل بها، وكثيرا ما اسعدني وقوف شاعر أو أديب أمام أحد أعمالي، وقد ساهمت بالعديد من لوحاتي كغلاف لديوان شاعر أو أديب من الأحساء وخارجها، كالشاعر جاسم الصحيح، لكن التواصل بين الفنانين والأدباء ليس بالشكل المطلوب، نشعر نحن الفنانين بحاجة ماسة لتواجد الأدباء في الساحة التشكيلية وبخاصة النقاد ومن يمتلكون حس نقدي جيد، فالساحة النقدية ضعيفة وخجولة، ولايمكن أن يتطور الفن التشيكيلي بعيدا عنها .
· تصاعد التيارات الدينية في الأوساط المحلية ألا تجده يهدد , نمو الحس الفني و يقلّص جمهور المتلقين للفنّ التشكيلي , عبر فتاوى التحريم مثلا ؟
لا أعتقد أن عاقل يكره أو يعادي الفن، غير أن مشكلة بعض التوجهات الدينية التقليل من شأن الفن التشكيلي والسعي لإبعاده وعرقلة تواجده كنشاط في بعض المحافل، على اعتبار أن الفن التشكيلي نتاج غربي، أو أن فيه رسوم محرمة، والواقع غير ذلك فالفن التشكيلي ممارسة إنسانية وتعبير يرتبط بوجود الانسان على ظهر هذه الخليقة منذ القدم، وليس من حق كائن من كان أن يدعي أن الرسم والتشكيل ممارسة غربية، فهو قديم قدم الإنسان، بالتأكيد نحن كمجتمع مسلم لنا خصوصيتنا في فنوننا التشكيلية وهذه ميزة وليست عيب، كما أننا نحترم عاداتنا وتقاليدنا ولا لايمكن أن نتناول في أعمالنا مايخدش الحياء، فنحن قبل أن نكون فنانين نحن مربين تخرجت على أيدينا أجيال وأجيال .
غير أن تلك التوجهات المناهضة للفن التشكيلي أثبتت فشلها، وعدم صمودها بسبب عدم مصداقيتها، واستنادها لأسباب غير عقلانية، وأسأل على الجانب الآخر من كان يحرم التصوير وهم الآن يعلقون أكثر من كاميرا على أكتافهم .
· ما الأشياء التي كنت تتمناها و لم تحققها في مضمار الفن؟
الفنان دائم التطلع والطموح إلى أمور كثيرة لكن الوقت والمشاغل ومتطلبات الحياة لاتترك مجال للفنان لكي يعبر عن كل مايريد ابداعه، فالالتزام بالفن عملية جداً صعبة، كما أن الفن نفسه لايحب أن ينافسه عمل آخر، هناك أفكار كثيرة تتمثل في لوحات كنت أتمنى أن أجد الوقت والمزاج الكافي لتنفيذها، بعضها ظلت حبيسة الأوراق والاسكتشات، أتساءل أحيانا عن جدوى أن يظل الفنان متعلق بفنه إلى آخر عمره، رغم أن الجدوى قليلة مقارنة بالمعانة التي يكابدها الفنان، الحياة العصرية فرضت علينا متطلبات وأمور يصعب توفيرها مع تبني الانسان نفسه في أن يكون مشروع فنان، هي في حد ذاته مشروع يحتاج لتفرغ ذهني ووظيفي كي يستطيع الفنان أن يقول كلمته وأن يُظهر للعالم رُؤاه وأفكاره وتصوراته عن العالم المحيط به، لذا فأكبر أمنية عندي حالياً أن أتفرغ للفن .
· ما المشاريع التي سيقدمها سامي الحسين لجمهوره , و لو على الصعيد البعيد ؟
في الفترة الأخيرة انشغلت كثيرا بالبناء ولم يكن عندي المكان ولاالوقت الكافي للرسم، لكن نيتي تتجه بعد الاستقرار في المنزل الجديد للتوسع في أعمالي وعمل معارض جديدة داخل وخارج الأحساء فلا زلت أشعر أن لدي الكثير من الأفكار والموضوعات التي لم أتطرق إليها .
جديد الموقع
- 2024-05-04 بيت الشعر في الفجيرة ينعى الأمير بدر بن عبد المحسن
- 2024-05-04 الأمير سلطان بن سلمان : الأمير بدر بن عبدالمحسن ترك ارثاً لا يمكن أن يحمى مهما طال الزمن
- 2024-05-04 افراح الدويل و الغزال في احلى مساء بالاحساء
- 2024-05-04 عميدة اسرة العليو بالاحساء في ذمة الله تعالى
- 2024-05-04 فريق طبي في مدينة الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) الطبية يجري عملية تثبيت وتعديل الفقرات القطنية لمريض بعمر (56) عام
- 2024-05-03 مستشفى اليرموك التعليمي يجري عملية قسطارية طارئة لمريض يعاني من احتشاء العضلة القلبية
- 2024-05-03 مستشفى الأمام علي (عليه السلام) العام في بغداد يجري عملية تداخل قسطاري طارئ لمريض يبلغ من العمر 48 عام
- 2024-05-03 "بيئة الأحساء تنفذ يوم بيئي مع جماهير نادي الفتح الرياضي"
- 2024-05-03 النجف رصاصة طائشة تصيب زائر أثناء تأدية صلاة المغرب في الصحن الحيدري
- 2024-05-03 بعد عقم دام 7 سنوات أسرة ترزق بتوأم في مستشفى كمال السامرائي
تعليقات
سعيد الوايل
2013-05-04رائع يا أستاذ أحمد هذا السامي بفنه وأخلاقه وعصاميته . هل خقا تعيش بين ظهلانينا ريشة بهذه الروعه والخيال حفظكم الباري وأبقاكم ونحن ننهلمن وقفاتكم واضاءتكم على مواطن الجمل هذه