2019/04/01 | 0 | 3897
قصة نجاح المهندس أحمد الصحاف
المهندس عبد الهادي العامر :
المهندس أحمد عبد الرسول الصحاف مهندس بترول دفعة ١٩٧٧م من خيرة المهندسين وأرمقهم ، زاملتُ الأخ أحمد لمدة أربع سنوات في جامعة البترول والمعادن بالظهران وحوالي أربع وعشرين سنة في مجال العمل حينما كنا نعمل في أرامكو السعودية ، ومن المزايا التي رأيتُها في هذا الرجل الفذ:
- ذو خلق عالية يعجز اللسان عن وصفها تجده عندما تحتاج إليه يسدي لك النصح والمساعدة بدون تردد .
⁃ محفز ونصوح لأقرانه ومن يلجأ إليه ، ذو رأي سديد ولا يبخل بالنصيحة .
⁃ خبرته العلمية والعملية جعلت منه مرجعاً لغالب الدارسين و العاملين في مجال هندسة البترول .
⁃ ذو ذاكرة قوية ومن الطرائف أن زملائه في العمل يطلقون عليه 'الخزنة' لما عنده من مخزون الخبرة والأحداث العملية التي يرجع إليها حتى رؤسائه .
⁃ تدرج المهندس أحمد من مهندس متدرب تخرج عام 1982م من جامعة البترول إلى أن أصبح مستشار في مجال هندسة البترول .
⁃ من الذكريات الجميلة كنا مجموعة من الدارسين في الجامعة و كنا ساكنين تقريباً في لاين واحد ( اللاين سابقاً يحوي تقريباً على ١٥ غرفة لشخصين وغرفة عامة بها تلفزيون وحمامات مشتركة ) وكنا نقضي وقت الفراغ مع بعض ، ومن هؤلاء إبراهيم بن سلمان أبو خمسين ، وأحمد بن على الرمضان ، ومحمد بن صالح أبو خمسين ، والسيد عبد الكريم المسلم ، وأحمد بن محمد المرزوق ، وعبد العزيز بن عبد الوهاب أبو حليقة ، وعبد الحميد بن أحمد العامر ، والمرحوم عبد الله الملا أحمد ، وجواد بن محمد الخويتم ، وعبد الهادي بن عبد الله العامر ، وقد كنا لحمة واحدة في كل شيء ، والحمد لله كلنا تخرجنا من الجامعة ، والكل الآن تقاعد من أرامكو أسأل الله أن يطيل في أعمارهم بصحة وعافية .
⁃ إنجازات أحمد في مجال العمل كثيرة يعترف بها القاصي و الداني ، شهادتي لهذا الطود العظيم مجروحة أسأل الله أن يديم عليه الصحة و العافية
- المهندس محمد بن أحمد الخواجة ؛
المهندس أحمد الصحاف هو ليس فقط صديقا بل أخ لي كما يقولون لم تلده أمي. كان المهندس أحمد المثال الأول الذي اقتديت به و بمشورته في إختيار تخصص هندسة البترول في جامعة الملك فهد للبترول و المعادن. المهندس أحمد عندما يقتنع بعمل أو اختيار شئ في حياته الشخصية العلمية أو العملية دائما يكون عن دراسة تحليلية و قناعة مبنية على أسس ولذا تجده دائما ناجحاً في إقناع من يناقشه بأن الذي اختاره هو الأفضل و هذا ما حصل معي في بداية حياة الدراسية الجامعية و حتى تخرجي من الجامعة والتحاقي بأرامكو كمهندس بترول.
لقد استفدت من تجاربه العملية خلال السنتين التي سبقني فيها بالعمل في ارامكو في اكتساب الكثير من خبراته في الأقسام التي عمل فيها و كنت أستند على خبرته و توجيهاته في عمل مايلزم من التغيرات في برنامجي التدريبي في ارامكو خلال السنوات الثلاث الأولى من عملي في ارامكو
لم يقتصر استفادتي من الأخ احمد و خبراته فقط على حياتي الدراسية الجامعية أو العملية في ارامكو بل تعدى ذلك إلى أمور كثيرة من حياتي و مشروعاتي الشخصية التي قمت بها أثناء عملي في ارامكو و بعد تقاعدي من الشركة.
لقد كان لدماثة أخلاق وسعة صدر ألأخ احمد الدور البارز في بناء علاقة أخوية معي استمرت لأكثر من ثلاثين سنة و هي مستمرة إلا الان وان شاء الله يُكتب لها البقاء لسنوات عديدة .
- المهندس عادل بن خضر بو زيد :
كان الأخ المهندس أحمد زميلي في الدراسة في المرحلتين المتوسطة والثانوية وشطر منه في الكلية كنا من المهتمين بالمسائل الرياضية ونجد ونجتهد لحلها لنتقدم على المتفوقين من أقراننا فأصبحنا والحمد الله كذلك دون أطرأ لأنفسنا بل كان زميلي أحمد عون لي في حل الكثير مما يصعب عليّ من مسائل في الرياضيات خاصة .
كنتُ وأنا وزميلي المهندس عبد الوهاب المرزوق وأخينا المهندس أحمد الصحاف لنا قصص ظريفة وحكايات يصعب سردها ويكل اللسان عن قولها في هذا الوقت اليسير.
كنتُ وأخي أحمد ممن تعلمنا الصلاة وأحكامها من الراحل المقدس الشيخ محمد الهاجري ، وكان مسجده لا يخلوا منا بلا رياء ولا سمعة منا .
كنتُ وهو كالأخ لأخيه عوناً ، وكانت والدته رحمها الله تعالى تحنو عليّ لكثرة ترددي على بيتهم ، وتسأل عني إذا غبتُ لبعض الأيام عنه .
أما الشطر الذي درستُ معه في جامعة البترول وهو ربع سنة دراسية وهو ما يعبر عنه معرباً ( ون كوارتر)
فيه من وجهاء المجتمع اليوم معنا ومن الأسرة الحاكمة ممن كان معنا في مقاعد الدراسة .
مضت الأيام ومن الدهر شطره ولازال المهندس أحمد في ذكرياتي وفي البيت جاري ، أدعو له وأحنو عليه. وهناك صور في ذكرياتي معه ونكات لا زالت ، أذكرها وأحدثه به ماذا أقول وما إذا أقول بعد هذا السنين كنا أطفال وطلاب ونحن اليوم رجال ، آباء وأجداد .
فالحمد الله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم والثناء بما قدم.
المهندس أحمد الصحاف زميلي وأخي ورفيق دربي
لا أعرف عنه إلا كل خير وثناء ، لم أر مثله في الشدائد دواء ،
له في مسائل الرياضيات باع ، وكل مسألة منها لديه الجواب .
أخوكم عادل خضر بوزيد 6/7/1440
- المهندس عبد العزيز بو حليقة :
أخي الكريم سلمان المشكلة أني لا أجيد الكتابة والتعبير الأدبي ..
وطلبتُ مني خاطرة في صديق عمري ، فاجتهدتُ قدر المستطاع وأنا على يقين بأني مقصر فأرجو المعذرة منك ومن أخي أحمد .. فعلاقتي به ليست برسم على ورق وإنما نحت في صخر.
أحمد الصحاف
علاقتي بأحمد قديمة منذ الطفولة وحتى الآن وإلى آخر العمر وهي متمثلة بالصداقة والأخوة والمحبة
مرحلة الابتدائي
طفولة بريئة متزنة وملتزمة وتوافق في الرؤى وتجانس في الطباع ، أحمد كان متميزاً في التحصيل الدراسي ودائماً تجده ضمن المراتب العشرة الأولى في الصف منذ المرحلة الابتدائية كنا العصريات منتظمين سويا في لعب كرة القدم بالحواري المجاورة لبيوتنا ومن ثم أداء صلاة المغرب والعشاء في المسجد بإمامة الشيخ محمد الهاجري رحمه الله.
المرحلة المتوسطة :
متوسطة الخليفة عمر ابن الخطاب
ارتباط ومصاحبة في الذهاب والرجوع من المدرسة
ورفقة وصداقة حميمة مع جميع معارفنا في المدرسة والحي
، المشاركة في رحلات مدرسيه للتعرف على معالم الأحساء وممارسة النشاطات المسلية والمفيده لتنمية العلاقات المجتمعية .
المرحلة الثانوية
اجتهاد ومثابرة ومنافسة للتحصيل الدراسي الجيد لتحقيق هدف الالتحاق بدراسة جامعية .
تحصلنا ولله الحمد على نسب تفوق ٩٠٪ من المجموع العام وهي نسبه عالية تأهلنا لتحقيق الأمنيات.
كنا شبه منتظمين بالجلوس حوالي دكان الحاج محمد المحمد صالح برفقة نخبه من شباب الحي ومنهم حالياً من أصبح من الأطباء ومن المهندسين المعروفين وأساتذة تعليم ورجال أعمال .
كنا نلتقي ونتبادل الحوار في شؤوننا وشؤون الحي والحياة المعيشية وكذلك ندخل على بعضنا السرور بالفكاهة والطرفة إلى أن يحين وقت صلاة المغرب بالمسجد ومن ثم العودة لمنازلنا.
المرحلة الجامعية :
كانت جامعة البترول والمعادن هي أمنيتنا جميعا رغم أن نسبتنا كانت تؤهلنا للابتعاث خارج المملكة .
في السكن اخترنا بعضنا البعض كشريكين في غرفة سكن واحدة ولمدة خمسة سنوات دراسية بالجامعة.
نشارك بعضنا البعض في العزبة المعيشية . أي في مصروفات الأكل والشرب واحتياجات الغرفة .
نذاكر جميعاً ونتشارك بالمعرفة والمعلومات ونصاحب البعض للذهاب للجامعة وزيارة الأصدقاء والفسح والتقضي بالمدن القريبة من مقر الجامعة الدمام والخبر .
علاقتنا دائماً اتسمت بالاحترام والتوافق والتكامل .... لا أذكر بأننا اختلفنا وتجادلنا أو غضبنا على بعض حتى لو لمرة واحدة .
كنا كالآخرين من الطلبة في حيرة من أمرنا في اختيار التخصص المناسب لنا فترددنا عدة مرات إلى أن أختار أحمد هندسة البترول وأنا الهندسة المعمارية .
أحمد كان حريصاً دائماً في التحصيل الدراسي والمنافسة على الدرجات .
تخرجنا في عام ١٩٨٢ ميلادي هو التحق بشركة أرامكو وأنا بوزارة الشؤون البلدية والقروية .
وبعدها كلانا وفق بتكوين أسرة مثالية تحقق له الاستقرار والسعادة ولله الحمد .
بعدها كلانا انشغل بحياته الخاصة نتواصل بين الحين والآخر بقدر الإمكان في مناسبات الفرح والحزن أحيانا .
ولنا محطات تواصل عده وأحيانا عمل تعزز لحمتنا رغم انشغالنا بطبيعة وظائفنا وسكنانا في مدينتين متباعدتين الدمام والأحساء .
لا زلنا ومنذ خمسة وخمسين سنة على ما نحن عليه منذ طفولتنا أصدقاء وأخوة نهتم بشؤون بعضنا البعض ونتواصل بالمحبة والإخاء .
وفق الله صديقي أبو محمد لمرضاة الله وأدام الله عليه نعمة الصحة والعافية وأسعده بأهله وعياله ومن يعز عليه .. آمين يا رب العالمين.
ولكم خالص التحية والتقدير
الجمعة ٨ رجب ١٤٤٠ هجري
- المهندس حسن الجبران
رفت المهندس احمد عن قرب من اكثر من ١٥ سنة. حيث جمعتا الزمالة فى العمل أولا مع العلم اني تخرجت بعده بعشر سنوات حيث انه من أوائل مهندسي البترول في المملكة. و مع فارق الخبرة الكبير بيننا الا انه كان يعاملني و يعامل الجميع كزملاء و يحاول نقل خبرته الثرية لكل زملائه في العمل.
لكن ما يميز المهندس احمد هو نظرته وتقيمه للأمور بالعقلانية و روية سواءا داخل العمل في ارامكوا او خارجها وبذل النصيحة للجميع. وانا شخصيا أستفيدت كثيرا من نصائحه و من النقاش معه سواء ايّام عمله في ارامكو او بعد تقاعده فى أمور الحياة الأخرى.
جانب اخر من شخصية المهندس احمد هو دماثة اخلاقه و أسلوبه الممتع في الحديث و استشهاده بالأمثلة و القصص الحقيقية لتقريب المعنى و نقل العبرة. وانا شخصيا لا أمل من الحديث معه و اعتبر الوقت الذي أمضيه في الحديث معه مفيد جدا و يضيف لي خبرة في الحياة.
اخيرا المهندس احمد شخصية عصامية كون نفسه بنفسه اسأل الله ان يطيل في عمره و ان يستفيد هذا الجيل و الأجيال القادمة من هذة السيرة.
- الأستاذ ياسر بن سلمان الناصر :
مهما نطقت الألسن وخطت الأيدي تظل مقصرة لوصف قلبك الصافي الذي يصعب ملاقاته هذه الأيام ، تعلمنا منك كيف أن المستحيل يتحقق وتميزك بالأفكار النيرة ، فأنت قدوة لكل إنسان يسعى إلى التميز بأخلاقه وتعامله ونجاحه .
- الحاج إبراهيم بن سلمان آل أبي خمسين :
لقد عرفتُ الصديق والحبيب المهندس أحمد بن عبد الرسول الصحاف منذ نعومة أظفاري وأنا بالمرحلة الابتدائية بشارع الفوارس حيث كنا متجاورين في السكن ، عرفتُه هادئاً وذا نظرة ثاقبة مجداً ومجتهداً في خدمة والده ووالدته بار بهما ومجتهداً في دراسته مواظباً على دروسه ذكياً لا يقبل إلا عالي الدرجات وأن يكون في الصدارة وهو أهل لذلك.
جمعتنا ايام حلوة ونحن بالفوارس وكانت هواياتنا متماثلة حيث ضمنا النادي العربي الذي أنشأناه في بداية السبعينات فكان أحمد يأتي للتمرين واللعب معنا ، وكان مثالاً للمثل المعروف " العقل السليم في الجسم السليم".
وتمضي الأيام ونلتقي معاً في مرحلة الثانوية ، ثم الجامعية تجمعنا الصحبة الطيبة والمشورة فكان لا يألوا جهداً في المساعدة للأخوة الطلبة في جامعة البترول والمعادن " سابقاً " سواء من هم في تخصصه أم في التخصصات الأخرى. كانت أياماً جميلة اذ نجتمع في " اللينات " هي بيوت على شكل حرف " С " وفرتها الجامعة للطلبة فكانت تشكل مجتمعات مصغرة ذات ثقافات ملونة من جميع أنحاء المملكة . كنا نتواعد لتناول وجبة العشاء مع زملائنا جميعا حيث أننا طيلة اليوم نكون مشغولين بالدرس ، ومن ثم نجتمع في أحدى الغرف لقضاء وقت من الترويح والراحة وتبادل الأفكار إذ كانت الجامعة قد أبعدتنا عن مدينتنا وأهالينا وأقاربنا وكانت تضغط علينا بكل ثقلها ، أضف الى ذلك تطلع الأهل إلينا بالرجوع بالشهادة الجامعية إذ كانت تلك الأيام لها من المكانة في المجتمع ما لها, فكانت كل تلك العناصر تشكل ضغطاً مما يحتاج الطالب في حينها إلى شيء من الراحة والترويح ، وفي بعض لأحيان لتغيير الأجواء ننزل إلى مدينة الخبر والدمام للصلاة وتناول وجبة العشاء.
فكأنما القدر أبى إلا أن يجمعنا في مجال العمل بالرغم اختلاف التخصص ، ليس فقط في نفس الشركة بل في نفس المكان والمنطقة. نكبر وتكبر معنا الآمال وتزيد معرفتي بأحمد كصديق منظم الأفكار والأوراق حيث تبوأ مركزاً مرموقاً في مجال عمله ، كان يأتيني في مكتبي بقسم شؤون الموظفين بين الفينة والأخرى إذ لا غنى عن موظف أرامكو عن هذا المكتب حيث كنتُ مستشاراً هناك أبين أنظمة الشركة وقوانينها فكان يأتي للاستشارة.
تزوج كل منا وزادت المسؤوليات ، أيضاً يتدخل القدر مرة أخرى ليجمعا جيرانا بنفس المحلة " محلة الأندلس " وبنفس النافذ " الشارع ، أيضاً لم تنقطع المشورة خلال تخطيط الخرائط للبيوت واختيار المقاول للبناء بل ازدادت في هذه الفترة.
بعد هذه المرحلة والرحلة الطويلة ، تزداد العلاقة الأخوية بعد التقاعد المبكر حيث أن الحاجات النفسية مشتركة بين معظم الإخوان يظل الأخ أحمد من الملازمين لجلستي الأسبوعية بمزرعتي " ذات الأكمام " اذ لا يكاد ينقطع عنها وهي عنده من الأولويات. لا زال أحمد كما عرفتُه صغيرا وشاباً
ويافعاً يحب الخير والمساعدة للآخرين ، لم تبدر منه إساءة لي قط ولا لغيري ، وعنده مبدأ الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية. نحن مجتمع الأحساء تعصف بنا أحداث بين الفينة والأخرى تجعل الولدان شيبا ، وتفرق الأحباب بل الأهل والإخوان ، لكن أحمد هو أحمد كما عرفته لا يغيره شيئاً مؤمناً تقياً واثقاً من ربه ونفسه يحسن الاختيار في كل وقت..
أحمد أخ لم تلده أمي.
فتى الأحساء
إبراهيم بن سلمان أبو خمسين
11 / 7 / 1440 هـ
- المهندس يوسف بن أحمد الرفيعي :
المهندس الاستشاري أحمد بن عبد الرسول الصحاف ، إنسان فريد من نوعه إنسان شديد وجاد ومخلص في وقت الجد ومرح في وقت المرح . الأخ أحمد من الجيران القدماء في الفاضلية لم تكن تربطني به أي علاقة ربما لفارق العمر. تعرفتُ عليه خلال فترة عملي في أرامكو كان صديقاً خاصاً ومستشاراً لي. في فترة كان رئيسي في العمل ولمستُ في شخصيته الجد والمعرفة التامة بالعمل كان حريصاً جدا على إنتاج العمل بأكمل وجه. يعامل الجميع سواسية لا يفرق بين صديق أو غريب .
الأخ أبو محمد تجده عند الحاجة واغلبنا يرجع إليه للاستشارة في العمل وخارج العمل . كم نحن محظوظين بهذه الشخصية الفذة
أخوكم
م . يوسف بن أحمد الرفيعي
- الدكتور علي بن عبد الرسول الصحاف :
سوف أشير إلى ثلاثة مواقف في حق الأخ أحمد :
الموقف الأول :
نحن إخوانه نعتبره مستشار ذرية الوالد الحاج عبد الرسول فنرجع له في أغلب الأمور لأخذ مشورته ورأيه وذلك لخبرته في مجالات عديدة .
الموقف الثاني :
أتذكر يوم تخرجه من جامعه البترول وذلك في شهر شعبان من عام ١٤٠٢ وهذا الحدث لا ينسى لنا حيث ذهبت العائلة كلها لحضور هذا التخرج في هندسة البترول وأتذكر أن اسم الأخ كتب بالخطأ في كتيب التخرج فكان مكتوب اسم العائلة السقاف بدل الصحاف وتم تنبيه اللجنة المنظمة حتى لا يذكر لقبه الصحيح .
الموقف الثالث :
بعد وفاة الوالد عام ١٤١٥ كتبتُ كتيباً عن حياة الوالد أسميتُه قبسات من الأيام وبعد الانتهاء منه تكفل الأخ أحمد بطباعته وتوزيعه على الأخوان والأخوات .
- المهندس جواد الخويتيم :
الأخ العزيز أبو محمد الصحاف شخصية من النوادر في رزانته و ورعه و تقواه وحسن عشرة و لعلي أُوفّق في سرد موقف طريف حصل لنا الاثنين في ولاية أكلاهوما وبالتحديد في مدينة دَنكِن في عام 1986م .
عندما كنا نحن الاثنين في زيارة لأمريكا بالتحديد لمدينة دَنكِن في ولاية أكلاهوما وفي صيف 1986 م للمشاركة في دورة تدريبية لعمليات إنتاج النفط ، وفي عطلة نهاية الأسبوع قررنا شراء بعض الهدايا للأهل والأصدقاء من مركز كي-مارت (K-Mart)، فأعجبتنا بعض الأقمصة البناتية (T-shirt) لبنتي سامية والتي تبلغ آنذاك أربع سنوات ولابنة الأخ أحمد هبة التي كانت في ربيعها الثاني، والمفاجأة كانت عند قربنا من المحاسب أدركنا أن الأقمصة كان مكتوبا عليها (please Hug me) والتي تعني "خذني في حضنك خذني" ، ومن براءتنا لم نكن نعرف كلمة "Hug" مما حدانا أن نسأل إحدى المتسوقات العجائز والتي كادت أن تمسك بأحدنا لترجمة المعنى عملياً فانفجرنا بالضحك على أنفسنا وقررنا عدم شراء القمصان.
- الدكتور إبراهيم بن عبد الوهاب الصحاف :
ابن العم أحمد اكبر مني عمراً ولكن تربينا وعشنا في بيت العائلة الكبير ولا زلت أتذكر الألعاب والتي كنا نمارسها مع كل أفراد أبناء العمومة وإخواني مع أنها ببساطة ولكنها تحمل معاني الحب والاحترام والتقدير وعندما كبرنا زادت العلاقة أكثر وأكثر لزيارتي الكثيرة لبيت العم رحمة الله واللعب مع ابن عمي وصديق عمري وطفولتي جواد وهو الأخ الأصغر له.
كان ابن العم أحمد نابغاً ومجتهداً ومن الأوائل بالمدرسة والذي أهله لدخول الجامعة ويتخصص بأصعب تخصص وهي هندسة البترول وتعتبر نادرة في ذلك الوقت ، واستطاع التخرج منها بتفوق ، ومن ثم التوظيف بأرقى وأكبر شركة بالعالم وعمل بجد واجتهاد وأثبت كفاءته والتفاني بالعمل. لا زلتُ أتذكر أيام الفرح التي عشتُها معا ونالني الشرف أن أشارك معه بل أوثقها بكاميراتي وتصويري حيث أنها هوايتي المفضلة فقد سجلتُها لحظة بلحظة أيام تخرجه وزواجه ، أتمنى له ولعائلته أيام سعيدة والتوفيق والنجاح.
د. إبراهيم بن عبد الوهاب الصحاف
نرجع لنجمنا المهندس أحمد فقد تمت متابعة كتابته لمحطات حياته على عدة أشهر ، حتى حصلنا على ذلك الزاد الثري بالمعلومات المفيدة والذي يشتمل على ما يلي :
المهندس أحمد بن عبد الرسول بن محمد بن أحمد بن موسى الصحاف ، هذه مذكرات لمراحل حياتي تمت كتابتها في نوفمبر 2018 م الموافق ربيع الأول 1440
الطفولة المرحلة الأولى :
ولدتُ سنة 1957 م وترعرعتُ في مدينة الهفوف بين أحياء الكوت التي هي المكان الأول لسكن عائلة الصحاف ، ثم الانتقال إلى حي الفاضلية حيث بيتنا الأساسي الذي ولدتُ فيه وهو الآن مجلس عائلة الصحاف . عشتُ بين زقاق الكوت المليئة بعبق الماضي ففيها البيوت ذات الطابع التراثي القديم الجميل مع زخارف إسلامية في نوافذها وأبوابها ، وكذلك في التصميم الداخلي للبيت ، وكانت هناك بيوت أقربائنا ممن أمضيتُ معهم شطراً من طفولتي . وأما ما يرتبط بالكوت والتي بحكم موقعها في المركز الرئيسي للمدينة الأسواق ففيها سوق التجار الرئيسي للمواد الغذائية ، وسوق القيصرية القديم ، وكذلك عمارة السبيعي ، وفيها ذكريات مع الوالد والأعمام رحمهم الله جميعاً حيث يوجد الدكان الأساسي مقابل بلدية الهفوف من الجهة الشمالية ، وكان يديره العم موسى رحمه الله ، وكذلك دكان العم عبد الوهاب رحمه الله في سوق القيصرية ، وكان النشاط الأساسي بيع المواد الغذائية ثم إلى بيع الأواني المنزلية ، أما الوالد رحمه الله فكان يبيع في الأسواق الشعبية فكان يذهب لسوق القارة يوم الأحد ، وسوق الجفر يوم الاثنين ، وسوق المبرز يوم الأربعاء ، وسوق الهفوف يوم الخميس ، وسوق الطرف في يومي الجمعة ، والثلاثاء . وأما يوم السبت فكان إجازة ، وكنا نذهب معه أيام العطل في تلك الأسواق .
كانت الحياة في تلك الأيام صعبة ، وتحصيل لقمة العيش لا تتم إلا بتعب وكد. كان الوالد رحمه الله حافظاً وقارئاً للقرآن لأنه ختمه منذ صغره ، وكان يعمل في بيع وشراء المواد الغذائية في الأسواق الشعبية كما ذكرتُ سابقاً ، وكنا نساعده في عمله منذ الصغر ، وكان لديه دكاناً ثابتاً في بلدة الطرف ، وكان يذهب كل ثلاثاء وجمعة من كل أسبوع إليها ، فكنتُ أذهب معه يوم الجمعة لسوق الطرف لمساعدته ، وكذلك لتسجيل المبيعات ، لأن أغلب الناس تشتري بالأجل ( السلف ) ، وأغلبهم موظفين في شركة أرامكو ، فيأخذون البضاعة ثم يتم تسديد قيمتها إليه في نهاية الشهر عند استلام رواتبهم . وكان يوم الجمعة يوم الراحة الوحيد من المدرسة ، وكنتُ أقضيه معه من الفجر إلى المغرب ، وكانت الحياة صعبة ، ولكن تعلمنا على تحمل المسؤولية منذ الصغر ، وكنتُ الثاني في ترتيب إخواني ، فالأخ منصور هو الأكبر سناً ، وهو معلم ، وقد استفدتُ من تجربته التعليمية وتوجيهاته في صقل وتنمية مواهبي .
أما حي الفاضلية فكنا من أوائل من سكن فيها ، وكانت البيوت أكثر حداثة نسبياً حيث بدأ استعمال الصخر والجص في البناء ، واستخدام المرابيع الخشية والصبة الأسمنتية في الأسقف . أما المساجد فكانت في القدم تزينها زخارف إسلامية ونقوش وأقواس غالباً تعمل بالجص ، وكانت تحتوي على مكان مسقوف وفناء مفتوح ، وكانت الصلاة تقام في المكان المسقوف أو الفناء طبقاً للأحوال الجوية ، ومثال لتلك المساجد مسجد الكوت ، ومسجد الفاضلية ، وقد تم هدم وبناء تلك المساجد فيما بعد بما يتناسب مع المجتمع الحديث .
كان اللعب البريء مع أطفال الجيران والحارة هي السائد في هذه المرحلة ، واللعب في الغالب كان يتم بشكل جماعي ، فكنا نلعب الألعاب المشهورة في ذلك الزمان من : الصرقيع ، والتيلة ، والسكونة ، والغميمة مع جيراننا من الأسر التالية : الرمضان ، والمهنا ، والعبد النبي ، والدخيل ، والسليمان ، والحداد ، والحمادة ، والبقشي ، وبو جبارة ، والرفيعي ، والياسين ، والمحمد صالح ، وسادة السويج ، وغيرهم . وكان شهر رمضان في تلك الأيام ذا طابع مميز ، وله فعاليات خاصة ، ومن أهم ما لفت نظري :
- كان قريباً من منزلنا جبل الطوب ، ويوجد فيه مدفع شهر رمضان ، وأذكر أننا نتجمع قبيل الإفطار قريباً من المدفع ، وما إن نسمع صوت المدفع نذهب المسجد لأداء الصلاة ، وثم نتجه لبيوتنا لتناول وجبة الإفطار.
- تذكرني بفعاليات القرقيعان حيث يقام سوق كبير لبيع الفصفص والحلويات من يوم العاشر من شهر رمضان إلى منتصف الشهر حيث مناسبة القرقيعان ، ومكان السوق ساحة الوطاة شمال بلدية الهفوف ، وكنا نذهب مع زملائنا إلى بيوت الجيران لإحياء مناسبة القرقيعان .
- أذكر أننا نذهب للسباحة في العيون المائية للتبريد على أجسامنا خاصة في الأجواء الحارة بسبب عدم توفر وسائل التكييف في ذلك الزمان. ومن تلك العيون القريبة من بيوتنا عين الخدود ، وعين الحقل ، كما كنا نذهب مع الأهل لعيون المياه البعيدة نسبياً كعين أم سبعة ، وعين الجوهرية ، وعين الحارة ، وعين الحويرات في بلدة المطيرفي .
ومن الطرائف أنه عندما كنتُ في المرحلة المتوسطة ، وكنا في رحلة عائلية لبلدة المطيرفي ، وكنا نلعب فذهبنا بعيداً نسبياً عن موقع الرحلة ، وفيما بعد غادر الأهل المكان ، وكانوا يعتقدون أننا معهم في الباص ، ولما انتهينا من اللعب ورجعنا موقع الرحلة لم نجدهم ، ووقعنا في حيرة في كيفية الوصول إلى بيوتنا ، وبعد تفكير اضطررنا لأخذ سيارة أجرة توصلنا ، وعندما وصلنا لمقر سكننا أخذنا الأجرة من الأهل وسلمناها سائق التاكسي . وقضيىنا قسماً من مرحلة الطفولة باللعب مع أولاد الجيران كرة القدم ، والتي كانت لها شعبية قوية . وكان موقع لعبنا في ملعب صغير في أرض بن داوود .
المرحلة الثانية : الدراسة قبل الجامعة
أغلب المدارس في السابق بنيت من الأساس كمدارس حكومية ، وكانت تحتوي على عدة من الفصول الدراسية ، وساحة كبيرة للطابور الصباحي ، وفيها يتم ممارسة الرياضة في حصة التربية البدنية.
. الابتدائية (1970-1965)
درستُ في مدرسة عقبة بن نافع ، وقد وفقني الله لمعلم فاضل في الصف الأول ، وهو الأستاذ عبد العزيز الدرويش ، وكان يعاملنا باللطف واللين وكأننا أبنائه ، وأهم ميزاته إنه كان يمزج بين التعليم واللعب ، وكان مرحاً وقد حببني في الدراسة ، فغرس في نفسي أول لبنات حب التعلم ، كذلك من المعلمين الذين تتلمذنا على أيديهم ، وكانوا مخلصين لإيصال رسالة التربية أولاً ثم التعليم ثانياً ، الأستاذ الفاضل السيد أحمد السويج ، وهو معلم لغة العربية ، وكذلك الأستاذ خالد الحليبي معلم مادة الرياضيات ، وأهم ما يميز هذه الفترة هي الشدة والحزم من قبل المعلمين ، واستعمال مبدأ الثواب والعقاب مع الطلاب . وأما عن زملاء تلك المرحلة من الطلبة فقد كان أغلبهم من الجيران ، ومنهم : عصام الموسى ، وسامي البغلي ، وعبد الوهاب المرزوق ، وعبد العزيز بوحليقة ، وغيرهم .
(1971-1973) بـالمتوسطة
درستُ في مدرسة عمر بن الخطاب ، وكان موقعها في منطقة الرقيقة ، وكانت بعيدة نسبياً عن بيتنا ، وكان بعض الطلاب يستخدمون الدراجة الهوائية ، ولكن والدي رحمه الله هيأ لي سيارة خاصة مع بعض الزملاء لنقلنا من البيت إلى المدرسة حرصاً منه على سلامتي أولاً ولكي أركز على الدراسة أخراً .
كانت أول سنة ندرس فيها اللغة الإنجليزية ، وأيضاً وفقني الله لمعلم قدير هو الأستاذ بيدس وهو فلسطيني الجنسية ، وكان هو السبب لمحبتي للغة الانجليزية ، لأن طريقة تدريسه كانت سهلة وممتعة ، وكان دائماً يعلمنا عن طريق الأناشيد الجماعية ، وكان يشجعنا على تعلم اللغة الانجليزية ، وأذكر أنني كنتُ اشتاق لحضور الدرس ، فغرس في نفسي حب تعلم اللغة الانجليزية ، وكنتُ أحرص على تعلم مفردات اللغة الانجليزية بشغف حتى ترسخت أساسيات اللغة عندي .
أيضاً من المعلمين الذين تركوا بصمات في حياتي العلمية ، معلم الرياضيات عز الدين الماضي الذي كان بحق معلم قدير ومتمكن بكل ما تعني الكلمة من معنى ، فكان يشجعنا ويعطينا مسائل كثيرة لخلق بيئة تنافسية شريفة بين الطلاب ، وقد أبدع وأجاد فغرس في نفسي حب علم الرياضيات ، وكان يشجعنا على غور مسائل الرياضيات والتعمق فيها ، لأنها الأساس لجميع العلوم وخاصة الهندسة. وأذكر أن أحد مراقبي إدارة التعليم قد شهد أمامنا بأنه راقب معظم مدارس المملكة فوجد مدرستنا هي الأفضل والأكفأ بوجود مثل هذا المعلم ، وهي شهادة يستحقها . أيضاً من المعلمين المبدعين معلم التربية الفنية الرسام والفنان الأستاذ عبد الحميد البقشي ، وقد عاصرناه ، وكانت له مشاركات بعدة معارض ، وأبدى تألقه فيها ، وكان أيضاً من جيراننا.
كنتُ في تلك المرحلة من الأوائل دائماً ، ولكن للمرة الأولى أحصل على الترتيب الأول في الصف الثاني متوسط ، ولهذا تم اختياري من ضمن الفريق الذي مثل المدرسة في مسابقة المدارس ، وأذكر إن المدرسة الثانية التي قابلتنا مدرسة هجر المتوسطة بالمبرز ، و قد أدار المسابقة المذيع القدير المرحوم بدر كريم ، وتم نقل اللقاء تلفزيونياً ، وكان شيئاً مميزاً في تلك الأيام . التقينا بزملاء جدد كثيرين في تلك المرحلة ، لأن رقعة المدرسة اتسعت ، ومن هؤلاء : المهندس أحمد بن عبد الله الجغيمان رئيس هيئة الري والصرف سابقاً ، وابن عمه الأستاذ محمد بن أحمد الجغيمان ، وهو نائب رئيس لإحدى القطاعات في شركة الكهرباء ( سكيكو ) ، وفي هذه المرحلة تم انتقال العائلة إلى منزل جديد ومستقل في نفس الحارة ، فكان متنفساً لنا ، وكل واحد منا له حجرته الخاصة به ، فأعطاني ذلك فرصة للتركيز والدراسة أكثر ، وكان من حسن الصدف وجود بقالة الجار محمد المحمد صالح مقابل منزلنا ، وكان يجتمع فيها أهل الحارة ومنهم المثقفون والمتعلمون ، فأذكر ممن كان يرتاد المحل : الأستاذ محمد جلال البحراني وأخواه الدكتور عبد الله ، والدكتور طاهر ، وكذلك المهندس علي المحمد صالح ، والأستاذ عبد الله المحمد صالح ، والأخ الدكتور عبد الله الجاسم ، والأخ سامي الرمضان ، والأخ عبد الحميد المحمد صالح ، وغيرهم ، وكان هذا المحل بحق منتدى للثقافة والأدب وتبادل الخبرات والنقاشات العلمية ، وقد شاركتُ معهم ، واستفدتُ كثيراً من تجارب الآخرين ، وقد أضاف هذا التجمع الكثير إلى خبرتي في الحياة العامة .
ج. الثانوية (1976-1974)
درستُ في ثانوية الهفوف العامة ، وكانت في محلة الرقيقة أيضاً ، وأذكر أننا كنا نمشي من بيوتنا إلى موقف سيارات الأجرة التي بالقرب من سوق القيصرية ، ثم نأخذ سيارة تاكسي تنقلنا للمدرسة ، ومن ثم نرجع بنفس الطريقة ، وعشنا معها المعاناة مع مرور فصول الدراسة التي يتخللها الحر والبرد والمطر.
ومن الطرائف أنني كنتُ أنسق للزملاء سيارة التاكسي ، وفي يوم من الأيام وصلتُ المدرسة ولم أجد حقيبتي ، فذكرتُ أنني نسيتُها في موقف السيارات ، فرجعتُ مرة ثانية وأخذتها فكان يوماً طويلاً بالنسبة لي .
وكان من زملاء هذه المرحلة : عبد الكريم المسلم ، وإبراهيم آل أبي خمسين ، وأحمد الرمضان ، ومحمد آل أبي خمسين ، وجعفر الراشد ، والمرحوم عبد الله الملا أحمد ، وعادل أبو زيد . وبما إن هذه المجموعة مرتبطة بفريق العربي لكرة القدم شجعنا ذلك إلى الانضمام معهم ، وكان الكابتن الأخ عبد الكريم المسلم ، كما كانت للفريق شعبية قوية . من جهة أخرى قررتُ أن أختار المسار العلمي لحبي للعلوم التالية : الرياضيات ، والكيمياء ، والفيزياء ، وكذلك شغفي باللغة الانجليزية أيضاً ، وقد وفقنا الله في ثلة من المعلمين المخلصين أذكر منهم : الأستاذ خليل العيسى في الكيمياء ، والأستاذ عباس الجصاني في الرياضيات . ومن المواقف في السنة الأخيرة من الدراسة في المرحلة الثانوية نظمت إدارة المدرسة رحلة لشركة أرامكو السعودية ، زرنا فيها المقر الرئيسي في مدينة الظهران ، وكذلك منطقة رأس تنورة ، وتم استقبال المجموعة بواسطة ناظر قسم العمليات المهندس سليم بن أحمد آل أبي خمسين ، وأخذنا بجولة ميدانية داخل مباني الشركة ، وقدم شرحاً مفصلاً عن العمليات والمعدات المرتبطة بها ، وقد أثار إعجابي بطريقة شرحه ، والمعلومات الكثيرة التي تنم عن خبرة قوية في مجال عمله ، وكذلك انبهرتُ بما شاهدتُه من معامل ضخمة ، ومعدات كبيرة ومهنية عالية من موظفي الشركة فشدني ذلك ، وتمنيتُ أن كون ضمن فريق العمل لديهم .
وعند انتهاء المرحلة الثانوية تخرجتُ بامتياز ، وبمعدل 95% ، فتولد لدي قناعة بأني سأدرس الهندسة لأصبح مهندساً في المستقبل . في هذه الفترة خلال الإجازة قرر الوالد والأهل جميعاً السفر خارج الوطن لمدة ثلاث شهور ، وأوكل لي القيام بشؤون عمله وإدارة المحل كاملاً بالإضافة لترتيبات التسجيل في الجامعة ، فكان تحدياً كبيراً بالنسبة لي فقمتُ بالعمل على أكمل وجه ، وبعد عودة الوالد رحمه الله من رحلته تعجب من حسن إدارتي للمحل ، وإفادة الزبائن والتجار الإيجابية ، وقال لي متواضعاً : أصبحت تدير العمل أفضل مني ، وهذه تجربة واشكر الوالد "رحمه الله" عليها ، لأنها صقلتني وأعطتني جرعة من الثقة بالنفس ، وعلمتني كيفية التعامل مع الناس على كافة المستويات .
المرحلة الثالثة :الدراسة الجامعية(1977-1982)
كما أسلفتُ تولدتُ لدي قناعة بأنني سوف أسعى أن أكون أحد طلاب كلية الهندسة ، ولهذا قررتُ أن التحق بجامعة البترول والمعادن "والذي تغير اسمها لاحقاً إلى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن"لأسباب عدة : لأنها أعرق وأقوى جامعة تدرس الهندسة في المنطقة ، وكان صيتها ذائعاً وشهرتها قوية ومؤثرة . كما أن التدريس فيها باللغة الانجليزية بالكامل . كذلك الجلسة مع نخبة من شبابنا من درس فيها ، وكانوا مؤثرين بالنسبة لي : كالدكتور عبد الله البحراني ، والمهندس جابر الحرز ، والمهندس عدنان الموسى . لهذه الأسباب وغيرها سجلتُ فيها وتم قبولي والحمد لله من الدفعة الأولى بعد اجتيازي للاختبار التحصيلي ، والمقابلة الشخصية ، وقد تم ذلك بمجهود شخصي نظراً لسفر العائلة خارج أرض الوطن ، وأذكر إنني وبعض الزملاء أخذنا سيارة تاكسي إلى الظهران ونمنا في إحدى غرف الشباب الذين سبقونا في الجامعة ، ثم أديتُ الاختبار في اليوم الثاني . فيما بعد عندما علم الوالد والوالدة رحمهما الله بقبولي في الجامعة فرحا وشجعاني كثيراً. كان زميلي في سكن الجامعة الأخ المهندس عبد العزيز بو حليقة ، وهو صديق طفولة ، ولا زلتُ أحتفظ بصداقة أخوية معه ، ومن رفقاء الدفعة : أحمد بن علي الرمضان ، وإبراهيم بن سلمان آل أبي خمسين ، وعبد الكريم بن هاشم المسلم ، ومحمد بن صالح آل أبي خمسين ، وعبد الحميد العامر، والمرحوم عبد الله الملا أحمد ، وأحمد بن عبد الله الجغيمان ، وأحمد بن عباس المطر ، علاوة على زملاء تخصص هندسة البترول ممن سيتم ذكرهم لاحقاً .
وكانت الحياة الجامعية تختلف عن المرحلة الثانوية ، ولعل أبرز ملامح الاختلاف كالآتي :
- أصبحنا مسؤولين عن أنفسنا وبعيدين نسبياً عن أسرنا .
- التكيف مع الحياة الجامعية داخل السكن وخاصة زميل الغرفة بعد أن كنت تعيش بين أفراد عائلتك .
- ترتيب وسائل نقل من الأحساء إلى الظهران والعكس كـ باصات شركة أرامكو ، أو القطار من الدمام وأحياناً استئجار سيارة تاكسي لأن أغلبنا لا يملك سيارة خاصة .
- التكيف مع ساعات دراسة أكثر ، واعتماد على البحث العلمي ، وجمع معلومات من المكتبة الرئيسية لعدم وجود الإنترنت في ذلك الزمان .
- الجمع والموازنة بين الدراسة والترفيه والحياة الاجتماعية وأن لا يطغى جانب على آخر .
موقف وفائدة :
هنا سأسرد موقفاً صعباً مر بي في المرحلة الجامعية قبل الدخول في تفاصيلها : تم استدعائي من عميد كلية الهندسة في مكتبه وبعد السلام أخرج لي ورقة وعليها اسمي ، وسألني إن كانت لي ؟ فأجبتُه : بنعم ، وأخبرته أنها لواجب لمادة أخذتها العام الماضي ، عندها أخبرني أنه تم العثور على الورقة في غرفة نسخ الاختبارات ، وهي غرفة غير مسموح للدخول فيها إلإ للمصرح لهم ، وعندما فكرتُ تذكرتُ أنني أعطيتها أحد الزملاء ، والذي بدوره أعطاها لزميل آخر ، وهو من قام بنسخها من هذه الغرفة ، ولم ينتبه أنها فقط للمصرح لهم ، وعندما علم الدكتور بصدقنا عفا عن زميلنا ، ونصحنا بعدم إعادة ذلك ، وأما عن الدروس المستفادة من ذلك الموقف فتتمثل في :
أولاً : أن الصدق ينجي صاحبه .
وثانياً : الالتزام بالنظام .
وثالثاً وأخيراً : التأكد من مسح الاسم من أي أوراق تعطيها للآخرين .
أ : السنة التحضيرية :
كان التركيز على اللغة الانجليزية ، وهناك مادة رياضيات ، وعلوم ، وحاسب آلي ، ولكن كانت الدراسة بالكامل باللغة الإنجليزية ، كما أن الأساتذة لا يتكلمون إلا باللغة الإنجليزية ، فكان الأسبوع الأول صعب علينا ، و مثل تحدي لنا لأنه مثّل نقلة كبيرة من المرحلة الثانوية ، وأذكر أن كثير من الزملاء لم يتأقلم مع الوضع ، وترك الجامعة ، ولكني مع قليل من الزملاء قررنا البقاء والإصرار على إكمال المشوار وقبول التحدي ، وقمنا بالخطوات التالية للتقليل من صعوبة المرحلة :
- العمل جماعياً وتوزيع الترجمة للمفردات حتى نستفيد من الوقت بشكل أفضل .
- الاستعانة ببعض الزملاء مما سبقونا والاستفادة من تجاربهم ومنهم الدكتور علي القضيب .
- التركيز ثم التركيز على الدراسة وأدركنا إن مرحلة الجامعة تختلف عن المرحلة الثانوية .
وبحمد من الله وتوفيقه واجتهادي تجاوزت السنة التحضيرية بمرتبة شرف . ومن الطرائف إن الجامعة أرسلت أول رسالة للوالد تهنئه بهذه النتيجة المشرفة ، وهذه الرسالة تم استلامها أولاً من المرحوم العم الحاج موسى الصحاف بحكم كونه يعمل في السوق الرئيسي مقابل البلدية ، فكان الجميع متخوفين وقلقين من فحوى الرسالة ، وأذكر أن العم أحضرها للوالد في البيت ، وتم قراءتها ، وعندها فرح الجميع عندما علموا بمحتواها ، وباركوا لي التفوق .
ب : اختيار التخصص :
عند التحاقي بالجامعة لم أقرر بعد بأي فرع من فروع الهندسة سأختار ، ولم يكن لدي معلومات كافية عن كل تخصص ، وإنما معلومات عامة ، وكان علينا اختيار تخصص معين فاخترتُ مبدئياً الهندسة المدنية لأنها كانت معروفة ومألوفة أكثر ، وفي السنة الأولى في كلية الهندسة ، نظمت الجامعة أسبوعاً تعريفياً لأقسام الهندسة ، وكانت خطوة ممتازة حتى يتعرف الطلاب على التخصصات الهندسية ، ومواد الدراسة ، ومجالات العمل بصورة تفصيلية ، ولأنني لم أكن واثقاً من التخصص الذي اخترته قررتُ أن أستفيد من هذا الأسبوع بالكامل ، واختيار التخصص الذي يناسبني ، وفعلاً بدأتُ من أول يوم بأخذ جولة ، وجمع المعلومات ، والاستماع إلى الدكاترة المتخصصين ، وفي اليوم الثاني تكونت لدي رؤية واضحة لاختيار هندسة البترول .
وأذكر أن الدكتور يوسف الرشيد رئيس قسم هندسة البترول في الجامعة أعطاني الكثير من وقته لشرح هذا التخصص ، كما أعطاني معلومات تفصيلية عنه ، وجلستُ معه كثيراً مع أنه كان رئيساً للقسم ومشغولاً جداً ، فله مني كل الشكر ، لأنه أفادني كثيراً ، وعندما قررتُ اختيار هذا التخصص في بداية الأسبوع ، اقترح علي التريث والتفكير إلى نهاية الأسبوع ليكون الاختيار عن قناعة تامة ، وفعلا سجلتُ في هذا التخصص في نهاية الأسبوع بعد الاقتناع التام ، والسبب في اختياري هذا التخصص ، كان يتمثل في الأتي :
(1) يمثل البترول عصب الاقتصاد السعودي ، ويلزم أن يدار ويشرف عليه من قبل مهندسين سعوديين.
( 2) سوف يتيح لي الفرصة للعمل في شركة أرامكو السعودية ، والذي كان يمثل حلماً لي منذ أن زرتُ منشآت أرامكو ، وأنا في المرحلة الثانوية ، والتي كانت تستقطب المهندسين السعوديين وخاصة هندسة البترول لندرته في ذلك الزمان .
( 3 ) وجود شركة أرامكو السعودية في المنطقة الشرقية حيث توجد حقول وآبار الغاز والزيت وكذلك المعامل الخاصة بها ، وهذا يمثل فرصة تحفيزية للعمل في تلك الحقول و المعامل.
وأذكر إنني واجهتُ بعض التعليقات من قبل بعض الزملاء في الجامعة عند اختياري هذا التخصص ومنها : أن البترول سينتهي قريباً ، ولن تجد لك عملاً ، وهذا الكلام بعيد جداً عن الواقع وغير علمي ، لأن البترول كما تعلمون لا يزال يتدفق إلى الآن وبعد أكثر من 35 سنة من اختياري التخصص ، والشيء الآخر أنك ستعمل طول الوقت في الصحراء بعيداً عن الأهل ، وهذا أيضاً غير صحيح لأن تخصصي يحتوي على عمل ميداني وهندسي مكتبي أسوة ببقية التخصصات ، ولأنني كنتُ مقتنعاً بذلك فلم التفتُ لتلك التعليقات ، وأذكر إنني عندما ذهبتُ للدكتور المسؤول عن متابعتي وهو أجنبي ، وأخبرته عن تغيير تخصصي إلى هندسة البترول ، وأخبرتُه بالسبب فوقف وسلم عليّ بحرارة وبارك لي وقال لي اخترت التخصص المناسب لبلدك.
- نصيحة من تجربة :
وهنا لي وقفة مع شبابنا أولاد وبنات : أن يركزوا ويكتشفوا مواهبهم مبكراً ويختاروا التخصص الذي يناسبهم خاصة إن الظروف والإمكانيات أفضل بكثير من زماننا.
ج : دراسة التخصص
هندسة البترول تحتوي على ثلاثة أقسام رئيسية وهي كتالي :
( 1 ) هندسة الحفر وصيانة الآبار ، والتي تعني بالشؤون الهندسية المتعلقة بحفر آبار الزيت والغاز والماء ، وكذلك تكملتها لتكون صالحة للإنتاج وصيانتها مستقبلاً عن طريق منصات الحفر و صيانة الآبار.
( 2 ) هندسة الإنتاج وتعني بالإشراف الكامل على آبار الزيت والغاز والماء والتأكد من سلامتها من الناحية الميكانيكية وكذلك متابعة إنتاجياتها ووضع الحلول لتحسين إنتاجيتها فمهندس الإنتاج كالطبيب للآبار ، فهو يتابع ويشخص المشكلة إن حصلت و يضع الحلول المناسبة.
( 3 )هندسة المكامن وتعني بإدارة مكامن الزيت والغاز بطريقة فعالة ومحاكاتها ، وكذلك وضع الخطط لإنتاجها بالطرق المثلى .
والمميز في هندسة البترول أنك تتعامل مع آبار لها فقط صمامات على السطح وأنابيب ومعدات على أعماق لا ترى تحت الأرض عن طريق تحليل سجلات الآبار .
بدأنا دراسة التخصص مع ثلة من الزملاء والإخوان الأعزاء ، وكانت تلك السنوات مليئة بالجد والاجتهاد وتجمع بين النظري في قاعات المحاضرات ، والعملي في الميدان من زيارات لمنصات الحفر والأعمال البترولية لدى شركة أرامكو السعودية ، وكان من ضمن المنهج عمل لمدة سبعة شهور ، وهو تطبيق عملي لما تم دراسته ، ولصقل المواهب النظرية بالميدانية ، فاخترتُ أن أقضيها في أرامكو السعودية ، وتحديداً في قسم هندسة الإنتاج بالعضيلية ، وفي نهاية الفترة تم تقديم بحث كامل عن الطرق المتبعة هندسياً للتأكد من سلامة آبار الزيت والماء من الناحية الميكانكية ، وقد نال البحث استحسان الدكتور المشرف عليه وكان رئيساً للقسم وهو الدكتور محمد المرهون ، وهو من خيرة الدكاترة الذي تشرفنا بتلقي العلم منهم ، وكذلك الدكتور صالح السيهاتي . وخلال الدراسة تم عمل عدت بحوث جماعية وفردية لتركيز المعلومات ، ولصقل المواهب البحثية ، وأذكر منها : إنه تم عمل بحث جماعي عن استخدام برامج لمحاكاة تحرك المياه في مكامن النفط .
كنا أكبر دفعة من حيث عدد الملتحقين بالتخصص و كان عددهم 15 والزملاء المهندسون هم :
الدكتور عبد الجليل الخليفة
الدكتور عبد العزيز الكعبي
الأستاذ أمين الناصر رئيس أرامكو السعودية حالياً
عماد بوحليقة
يوسف الفريدان
عبد الحميد بورشيد
منصور الحماد
جواد الخويتم
يحيى الشناوي
عبد الرازق المحيش
خليفة الصقر
محمد المبارك
سالم قروان
عبد الله الدعلوج
وقد احتفلت أرامكو بهذه الكوكبة ، وتم التنسيق عن طريق مدير دائرة التوظيف في أرامكو سابقاً الأستاذ محمد العلي لزيارة إدارة ومرافق الشركة مرات عديدة ، واستقبلنا استقبالاً حاراً حافلاً وعند التخرج تم قبولنا جميعاً كمهندسين .
وقد عمل لنا حفل تخرج كبير في الجامعة ، وقد حضر الوالد والوالدة "رحمهما الله" والأهل ، والأصدقاء ، والإخوان ، حفل التخرج ، وكانوا سعيدين جداً.
المرحلة الرابعة: تجربتي في العمل في أرامكو السعودية (1982-2007)
التحقتُ بالشركة عام 1982م في شهر أغسطس ، وعملتُ في قسم هندسة الإنتاج بالعضيلية ، وكانت لي تجربة فريدة في أول يوم عمل في الشركة حيث دعاني رئيسي المباشر لجولة حول حقل الغوار ، وكانت بطائرة هليكوبتر ، والرحلة كانت مخيفة ، لأن الطائرة كانت تنزل وتصعد في نفس الوقت على آبار كثيرة للتأكد من أنها وصلت بالمعمل بعد أعمال الصيانة ، فكانت تجربة مخيفة ولكنها ممتعة ، والطريف أن هذه التجربة لم تتكرر خلال فترة عملي ، وأريد أن أذكر حالياً يمكن التأكد بتوصيل الآبار مع المعامل عن طريق الكمبيوتر بفضل التطور العلمي في عالم الكمبيوتر والاتصالات .
أعطينا من أول يوم المسؤولية الكاملة للإشراف على آبار الزيت والماء ، وعملنا مع مهندسين أجانب ، وأتذكر أننا أعطينا فقط التوجيه البسيط وحملونا كامل المسؤولية عن العمل ، فكان تحدي بالنسبة لي لإثبات الذات ، وفعلاً بدأنا العمل الدؤوب ، وأتذكر أننا كنا نجلس لساعات طويلة بعد ساعات العمل الأساسي لنتعمق في فهم أساسيات العمل ولإثبات وجودنا ، وفعلاً بعد سنة أوكلي لي مسؤولية إلقاء ورقة عمل عن المشاكل الحادثة للتسريبات السائلة بين أنابيب الآبار، وقد استحسن الجميع من رئيس القسم والإخوة الزملاء ذلك الإلقاء .
· الصعوبات في عملنا كمهندسي بترول :
- التعامل مع آبار تحتوي على أنابيب فولاذية ومكامن للزيت على بعد عشرات الكيلومترات تحت سطح الأرض عن طريق تحليل سجلات الآبار، وكنتُ دائماً أعتبر مهندس الإنتاج كطبيب للآبار ، فهو يشخص المشاكل بعد قراءة السجلات ويضع الحلول المناسبة .
- أن الآبار منتشرة على مساحة واسعة وليس لها طرق معبدة ، وإنما فقط طرق مهيئة لسير السيارات وعرضة للتحركات الرملية ، فيجعل الوصول إليها صعب في بعض الأحيان ، ويتطلب مهارات سياقة في الطرق غير المعبدة ، وأيضاً يجب الاستعداد بأخذ سيارات خاصة والتزود بماء وأكل ، والتأكد من أن الراديو الداخلي يعمل جيدا لأنه الوسيلة الوحيدة للاتصال في ذلك الوقت . ولكن ما سهل الأمر أن الشركة عندها خطوات للتأكد من أن الموظف المعني لذلك قد رجع سالماً إلا بعض الموظفين لا يلتزمون بتلك الخطوات ويقعون في إشكال .
وفي الثلاث سنوات الأولى أخذنا دورة تدريبية مفصلة ، فعملنا في قسم هندسة الحفر وصيانة الآبار وإدارة مكامن الزيت والماء وهندسة الإنتاج ثم اخترتُ أن أعمل في قسم هندسة الإنتاج بالعضيلية .
وفي عام 1990م أعطينا دورة مكثفة في عمليات الإنتاج وهندسة معامل الزيت والغاز ، وفي محطة ضخ الماء الكبرى في القرية ، ومضخات المياه المنتشرة في حقل الغوار ، وكذلك المركز الرئيسي لتنظيم استلام الزيت والغاز وتعبئتها في صهاريج ضخمة حتى تكون مهيئة للتصدير ومركزها مبنى البرج بالظهران ، وهي من الإدارات المهمة بالشركة وتسمى (OSPAS)". وقد ساهم ذلك البرنامج التدريبي الطويل في اتساع مداركنا ، وأعطانا صورة شاملة لإنتاج الزيت من الآبار حتى يتم تصديره .
وفي عام 1991م عملتُ لمدة سنة في هندسة إنتاج آبار الغاز في المنطقة الجنوبية ، والتي كانت تتميز بضغوطات عالية 10,000بوصة للإنش المربع ، وقد عملتُ مع الأخ المهندس محمد بن أحمد الخواجة ، صاحب الخبرة الطويلة في عمليات إنتاج آبار الغاز .
وفي العام 1992م عينتُ قائد مهندسين في هندسة الإنتاج بالعضيلية ، وفي عام 1995م عينتُ كرئيس وحدة هندسية في قسم هندسة الإنتاج بالعضيلية .
وخلال الخمس والعشرين سنة التي قضيناها في شركة أرامكو السعودية حصل تطور كبير من ناحية الآبار ، فكانت في البداية آبار عامودية بسيطة طول المكمن 200-300 قدم إلى أن صارت آبار أفقية متشعبة ومتعددة الطبقات وطولها عدة كيلومترات .
وكذلك تطورت تكملة الآبار ليصبح بها صمامات للتحكم بالإنتاج من أي طبقة على بعد عدة كيلو مترات من مفاتيح على السطح ، وتنقل المعلومات إلى المكاتب عن طريق كمبيوترات بسبب تطور أعمال الاتصالات وتكنولوجيا الكمبيوتر . وواكب هذا التطور عمل معدات وآلات معقدة للتعامل مع هذه الآبار ، فأصبح العمل أكثر تحدياً ويتطلب مهارات هندسية عالية .
وكانت تدور في أروقة مكاتبنا الهندسية الكثير من النقاشات والتحليلات الهندسية مع مهندسين أجانب وسعوديين ، وكانت تأخذ طابع المهنية وليس الشخصية ، وأذكر في مخيلتي كثير من النقاشات مع الأخ المهندس عبد الهادي العامر، والأخ المهندس عبد الوافي القنبر ، والمهندس محمد بن أحمد الخواجة ، وغيرهم كثيرين ، وقد ذكرتُ البعض للتوضيح وليس للحصر.
وأيضاً تطورت أساليب التدريب للكوادر السعودية من التلقين البسيط إلى اعتماد أساليب متطورة كاستخدام الإنترنت في البحث على المعلومة والتطوير الشخصي الذاتي .
وأيضاً خلال فترة عملنا واجهنا كثير من التحديات والمشاكل التي عملنا على حلها فردياً أو عن طريق فريق العمل ، وسوف أذكر مثالين للتوضيح وليس للحصر:
1- واجهنا مشكلة معقدة وهي أن بعض الآبار القوية الجديدة قد توقف إنتاجها فجأة وتم وضع فريق عمل لدراسة المشكلة ، وقد عينتُ رئيساً لهذا الفريق ، وكان يضم الفريق ممثلين من هندسة الحفر وإدارة المكامن وإدارة الهندسة الاستشارية والحماية الكاثودكية ، وفعلاً تم تشخيص المشكلة وهي وجود ثقوب في الأنابيب على بعد 7000قدم تحت الأرض مواجهة لطبقة مائية مما يؤدي إلى انسكاب الماء على مكمن الزيت وإضعاف الآبار ثم توقفها عن الإنتاج.
وسبب الثقوب هو الصدأ الخارجي بسب عدم كفاية الحماية الكاثودكية ، وكذلك ضعف الطبقة الإسمنتية خلف الأنابيب ، وقد تم وضع الحلول لمعالجة المشكلة وهي كالتالي :
أ - زيادة الحماية الكاثودكية ، وكذلك تغطية بداية الأنابيب بمادة حامية ، وهذه تساعد على تقوية الحماية على بعد 7000قدم.
ب -الإسراع في إيصال الحماية الكاثودكية للآبار الجديدة.
ج- التأكد من تسميت الأنابيب على بعد 7000قدم بطريقة ممتازة.
وقد تم والحمد الله السيطرة على هذه المشكلة ، وقد أعددنا بحثاً متكاملاً وألقينا عدة محاضرات ، وقد ارتبط اسمي بهذا الفريق على مستوى الشركة .
2- انتدبتُ بالاسم لقيادة فريق عمل لتطوير حرض معمل 2 في عام 2000م ، وهو القسم الأخير من حقل الغوار ، وفعلاً وفقنا مع فريق العمل لاتخاذ الخطوات التالية للتأكد من إنتاج الكمية المطلوبة في زمن قياسي :
( 1 ) دراسة الطبقات الجيولوجية .
( 2 ) عمل دراسة ومحاكاة للمكمن باستخدام الطبقات الجيولوجية والدروس المستفادة من إنتاج حقل الغوار .
( 3) وضع خطة متكاملة لنوعية الآبار وأماكنها .
( 4 ) البدء بحفر الآبار و تقييمها مع نتائج المحاكاة ومن ثم تعديل الخطة إن لزم ذلك .
تم بحمد الله إنتاج الكمية المطلوبة من المعمل وأكثر في فترة زمنية أقل .
وخلال فترة عملي اكتسبتُ الكثير من المعلومات والمهارات ، وكذلك التقيتُ بكثير من الزملاء الذين لازلتُ احتفظ بكثير من الذكريات الجميلة معهم وحتى لا أنسى أحد منهم فضلت عدم ذكر أسمائهم.
وخلال فترة مسيرتي في الشركة تدرجتُ منها إلى أن أصبحت رئيس وحدة هندسية في قسم هندسة الإنتاج ، ورئيس قسم بالإنابة ، وكذلك مستشار في إدارة هندسة الإنتاج في المنطقة الجنوبية ، وسوف أوجز أهم انجازاتي في الشركة :
( 1 ) كنتُ من الرعيل الأول من مهندسي البترول الذي عمل بجد وإخلاص والعمل على نقل خبرته وتجربته إلى المهندسين السعوديين من الجيل الجديد ، فكنتُ ولله الحمد مستشار لكثير من المهندسين ، والذين اثبتوا جدارتهم وواصلو المشوار ، وكثير منهم أصبح فيما بعد في مناصب عالية في الشركة.
( 2 ) تم اختياري ضمن فريق قيادي أرامكو السعودية للعمل لمدة أسبوع في منطقة بعيدة عن جو العمل الاعتيادي بهدف وضع إستراتجية وخطط مستقبلية لشركة أرامكو السعودية ، وتم عقده في منطقة الحوطة.
( 3) مثلتُ أرامكو السعودية في كثير من المحافل الدولية في أمريكا وأوروبا ومنها على سبيل المثال لا للحصر : إلقاء محاضرة في باريس بفرنسا سنة 2001م عن تطوير منطقة حرض معمل2 ، وكانت من أفضل المحاضرات في هذا المؤتمر بحسب تشخيص المشاركين ، وكان من ضمن المشاركين ممثل عن شركة البترول الكويتية وطلب مني إلقاء المحاضرة نفسها في الكويت ، وفعلاً تم ذلك ونالت على استحسان الجميع.
(4 ) تم اختياري من ضمن فريق العمل لتمثيل أرامكو السعودية في المعرض والمؤتمر التقني الدولي للبترول في مدينة هيوستن بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 2000م.
(5) الإشراف والمسؤول عن مدرسة هندسة البترول المحلية والمشاركة بإلقاء المحاضرات وهي تعني بتدريس أساسيات هندسة البترول باستخدام الخبرة المحلية التي اكتسبت في الحقول المحلية .
(6 ) انتدبتُ لرئاسة فريق عمل لتطوير منطقة حرض للمعمل رقم 2 وهو الجزء الأخير من حقل الغوار الكبير وكان سنة 2000م - 2001م .
( 7 ) قيادة فريق عمل لتشخيص مشكلة معقدة على بعد 7000قدم تحت الأرض ، وهي وجود ثقوب في أنابيب الآبار، وتم تشخيص المشكلة وإيجاد الحلول ، وتم إلقاء ورق عمل محلية ودولية وعمل بحث متكامل عن المشكلة وحلولها .
(8) قيادة فريق عمل في وضع مجلد متكامل عن السلامة المطلوب تطبيقها في الحقول والمكاتب الخاصة بهندسة البترول والدوائر المرتبطة بها .
(9 ) عينتُ مستشار في برنامج إعداد الأخصائيين والاستشاريين في هندسة البترول .
(10) عينتُ عضواً في جمعية مهندسي البترول العالمية والمحلية ، وقد أعطتنا الفرصة للمشاركة بكثير من أوراق العمل العالمية والمحلية.
وقد تقاعدتُ من شركة أرامكو السعودية في1/7/2007م ، وقررتُ أن أعمل بعدها في إحدى شركات النفط العالمية لرؤية العمل من زاوية أخرى ، ولنقل تجربتي من شركة عمليات عالمية ، وهي شركة أرامكو السعودية إلى شركة بترول خدمية عالمية ، وفعلاً التحقتُ مباشرة بشركةB.J.Services وهي شركة أمريكية تقدم خدمات بترولية لشركة أرامكو السعودية ، وتم تعيني مدير لتطوير خدمات الأعمال لديهم ، وفعلاً عملتُ مع رئيس الشركة مباشرة ، وقد استقطبتُ كثيراً من المهندسين السعوديين اليافعين ، وعملنا على تطويرهم ، وكذلك عملنا على تطوير كثير من الأعمال الخدمية لشركة أرامكو على سبيل المثال لا الحصر : آلة ميكانيكية لتنظيف مكامن الزيت من تجمعات الرمل في الحقول الشمالية ، وكذلك العمل على تكسير صخور مكامن الغاز للحصول على إنتاجية عالية.
وفي عام 2010م انضمت الشركة لشركة بيكرهيوز الأمريكية وهي متخصصة أكثر في مجال تركيب معدات داخلية للتحكم في إنتاج الغاز والزيت من طبقات معينة خاصة في الآبار الأفقية المتشعبة ، ومتعددة الطبقات للإنتاج ، فأتاح لي الفرصة أكثر للتعامل مع شركة أرامكو خاصة في مجال الحفر وصيانة الآبار. وخلال تلك السنوات عملنا على تطوير الكثير من المهندسين السعوديين والفنيين ، وقد أعطيتُ المسؤولية لتنظيم عدة معارض للشركة لعرض خدماتها وأفضل ما توصلت إليه ، وقد نظمنا معرضاً في معارض الظهران ، وآخر في فندق المريديان ، وكذلك داخل شركة أرامكو ، وقد نال استحسان إدارة شركة أرامكو السعودية .
وقد قدمتُ استقالتي من شركة بيكرهيوز في 2013م بعد خدمة في مجال الزيت و الغاز زادت عن ثلاثين سنة .
- وقفة صادقة :
كان الجيل السابق نموذجاً للجد والاجتهاد وكد العيش ، لأن الحياة كانت أصعب ولكن الناس كانوا أكثر تعاوناً وترابطاً وبيوتهم كانت مفتوحة على بعض كالبيت الواحد ، وكنا نتعلم منهم دروس في الصبر ، وتحمل الصعاب وعدم الملل والكلل من العمل حتى آخر لحظة من الحياة ، وأذكر أن الوالد رحمه الله كان يعمل إلى آخر يوم قبل مرضه الذي توفي فيه .
رسالتي للجيل الصاعد من الشباب هي:
(1) اكتشف مواهبك مبكراً وطورها حتى يساعدك في اختيار التخصص الذي يناسبك مع الأخذ بعين الاعتبار حاجة الوطن لذلك التخصص ، وللوالدين دور كبير في اكتشاف وتنمية المهارات.
(2)تنظيم وإدارة الوقت بشكل فعال.
(3) العمل بجد وإخلاص وإتقان العمل المنوط بك مصداقاً لمضمون قول الرسول (ص) إن الله يحب أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه
(4) أن تضع لنفسك أهدافاً عالية السقف للعمل على تحقيقها بعزم وقوة وأن يكون لديك روح الإبداع والمبادرة .
(5) اعمل بروح فريق العمل لدعم إنتاجيتك وعلاقاتك الشخصية .
(6) شارك بأفكارك وتجاربك للآخرين ونقل معلوماتك للأجيال القادمة لأن ثواب العلم في تعليمه .
(7) اجعل لك بصمة مميزة في عملك من خلال تعاملك وإنتاجيتك المهنية .
والآن والحمد الله أعيش مع عائلتي الكريمة المكونة من زوجتي وهي ابنة خالي الأستاذة أمل سلمان الناصر التي شاطرتني الحياة ، وكانت بحق أم مثالية تراعي حقوق زوجها وأولادها علماً بأنها ظلت تعمل إدارية وتقاعدت عن العمل مؤخراً ، وأولادي محمد وهو مهندس بترول في شركة أرامكو السعودية ، وعلي مهندس تطوير أعمال في شركة هاليبرتون العالمية ، وحسن يدرس الطب في جامعة الملك فيصل في السنة الخامسة ، وابنتي الكبرى هبة وهي دكتورة في السنة الأخيرة تخصص طب أسرة ، وزينب خريجة حاسب آلي ، وتعمل في السلك التعليمي ، وفاطمة تدرس طب جامعة الملك فيصل في السنة الثانية ، ودعاء آخر العنقود تدرس ثانوي ، فأولادي والحمد الله مصدر فخر لي ولأمهم وكذلك أعيش مع أحفادي .
أتمنى إنني وفقتُ في نقل تجربتي للأجيال القادمة ،وأنا على استعداد للمساعدة في أي استشارة ، ولكم مني خالص الدعاء والتوفيق . ومسك الختام : شكراً لك أخي مهندس أحمد على استجابتك لتوثيق كل إنجازاتك ، والتحديات التي اعترضت طريقك ، ودورك في تخطيها بعزم وإرادة وسعي وعدم استلام ، أدعو الله لك السعادة وطول العمر والتوفيق وذريتك ، وأن يرزقكم العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة . كما نأمل من شبابنا الاستفادة من هذه التجربة الثرية والغنية بمعلومات النجاح .
جديد الموقع
- 2024-05-18 إيماءات الأطفال، وماذا تعني
- 2024-05-18 أفراح سادة آل سلمان "الكاظم "و العلي " تهانينا
- 2024-05-18 الشاعران بيلا والحرز في منتجع ماربيا
- 2024-05-18 قاسم العبدالسلام عريسا في الدانة البيضاء بالاحساء
- 2024-05-18 التمار والحسان تحتفل بزواج ابنيها " علي وحيدر "
- 2024-05-18 قطوف دانية من كلام الإمام الرضا (عليه السلام)
- 2024-05-18 مشهد الطروبة "في ذكرى مولد المولى أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام"
- 2024-05-17 (نادي ابن عساكر) يستضيف الباحث (المطلق) في فعالية (الآراء التاريخية الشاذة)
- 2024-05-17 أفراح الجزيري تهانينا
- 2024-05-17 الكتاب الذي ينسيك أنك تقرأ